فتح ثورة وياسمين ..

تابعنا على:   11:11 2014-02-27

د.مازن صافي

فتح بكل تفاصيلها تزهر بالأزمات .. وتعرف أن طريقها الأصعب .. وتعاملت في تاريخها مع كل الزنادقة وما هانت وما وهنت .. وتركتهم صرعى أنانيتهم وارتباطاتهم في مزابل التاريخ .. فتح الزهرة الفلسطينية تترعرع في كل المناخات .. ولا تأبه أن تخرج برأسها تفوح ثورة وياسمين وبقاء وانتصار حتى في مستنقع مليء بالمياه الأسنة، وتنمو وتكبر رغم االعوسج والشوك والصخر والطحالب وكل الطفيليات وكل المنشقين وعبيد المال القذر .

فتح تحمل قلب رحب وحب وتسامح وتحتضن الجميع وتحنو عليهم ، لكنه لا تسامح من يتنكر لها، ويؤلمها في قلبها النابض ..

ولقد عرف تاريخ فتح نماذج من الخارجين عن أعرافها ومسلكياتها وأهدافها ومبادئها وخطها التحرري وإجماعها وبنيانها الهيكلي، وحملوا شعارات كبيرة، ولكن التاريخ نفسه كشف أن هذه النماذج ورقية، ومجرد وسائل تكتيكية في أيدي الغرباء عن فلسطين وعن فتح وعن هدفنا الثوري الاستراتيجي، فحاولوا دوما الوصول إلى قلب الحركة لهدم المعبد على ما فيه و للوصول إلى مبتغاهم لتدمير الحركة الوطنية حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، والتاريخ يذكر أن حركة فتح تعرضت لكثير من المنعطفات الخطيرة، لكنها صمدت واستمرت وبقيت، والغرباء انهزموا أمامها والمنشقين بكل تفصيلاتهم اندحروا أمام إرادة فتح .

فتح تتمتع بأنها حركة الديمقراطية وحركة فيها من المرونة ما يكفي، وبهذا عُرِف قادتها العظام وانتقلت الفكرة جيل وراء جيل، ولذا ففي هذه الحركة العملاقة بإمكان كل عضو أن يمارس مهامه وواجباته ويتسلح بحقوقه وبالنظام الأساسي.

حين يكون هذا العضو في موقع القيادة عليه أن يلتزم بكل ما في النظام من بنود وأحكام، فالنص الواحد لا يحتاج للقفز عنه والبحث عن روحه، وتفسير النص بأكثر مما فيه من حقائق ووضوح يعتبر إباحة للهوامش ومساحة للفوضى، وهنا تكمن المشكلة

نفهم جميعا أن القائد أو المسؤول في مكانه ليس رسول مرسل أو منزه عن الأخطاء، هو إنسان أولا وأخيرا، جاء إلى موقعه بحكم النظام الأساسي للحركة، وبالتالي يصبح الالتزام بهذا النظام مفروغ منه ولا مجال للتعالي عليه أو القفز عنه أو إهماله، وكما لا يحق لهذا القائد مهما كان تاريخه والمدة العمرية التي قضاها في الحركة ان يتكئ على ذلك ويدمر أسس العمل وينقل تجربة مشوهة للأجيال، ونعم الاحترام للقائد واجبة، ولكن الاحترام لفتح ولنظامها الجامع يتوجب أن هو السائد وهو الفيصل، وحين يعتقد القائد أن ما يملكه من سنوات عمله في الحركة كفيل بأن تكون "صك غفران" فهو واهم، لأن التاريخ لا يمنح صكوك غفران لمن يتعمدوا هدم المعبد ليظهروا أبطالا بطلاً بثوب القداسة .. إن المسئول الذي يعتقد أن الحركة والنظام تتمثل فيه قلباً وقالبا يقع في التناقض ذاته، لأنه يعرض سلامتها ونظامها للخطر، ويبدو غريباً أمام الأعضاء.

التنظيم ليس شرنقة مغلقة، ولا يمكن أن يكون انغلاق، ولكي يكون التنظيم تنظيم يجب أن تتوفر له البيئة السليمة والمناخ المطلوب، وحين تدخل قيادات التنظيم في الشرنقة فإنهم بحاجة إلى من يخرجهم من هذا الانغلاق وبالتالي نقول هنا " التنظيم يحتاج تنظيم " .

فتح لا تنهزم أمام المنعطفات ، و فتح برغم كل ما نسمعه ونقرؤه ستبقى عصية على أن تِهرم أو تسلم الراية للخراب .. ومن يعتقدون أنها سفينة يركبونها لكي يصلوا بأنانية إلى أهدافهم الرخيصة ، مخطئون تماما، لأن سفينة حركة فتح عمرها يقترب من الــ 50 عاما من لحظة البيان الأول1965، وهي أبعد عمرا من الانطلاقة، لأنها انطلقت بإيمان قادة شباب آمنوا بحقه شعبهم في الحياة وان فلسطين هوية وحرية ورفضوا التبعية أو الارتهان في أحضان الغرباء .

فتح حين يمتد بها العمر، فهي تزهر أكثر، ولا تصاب بالزهايمر، ولا تأبه للصغار.. فتح دوما في قراءة وفي تجدد وفي تحدي مع ذاتها وبيئتها للعمل والبناء والتقدم الى الأمام .. فلا كرامة لمن يريد أن يمس فتح بسوء، أو يدخل فيها فيروس الأنانية والاحتكار والانشقاق، ولا احترام لمن يهين تاريخ فتح، ولا طاعة لمن يعتقدون أن فتح "حاكورة" لهم أو "عزبة ومنتجع " .. سفينة فتح ليست بعيدة عن شاطئ الوصول، هناك بعد 1982 حين تم سؤال القائد الشهيد الرمز أبو عمار "لوين رايحين يا أبو عمار" .. نظر بعمق وقال " إلى القدس"، لذا فمن يتعمد خرق السفينة لا مكان له فوقها، لأن إنقاذ فتح أهم بكثير من حاملي أدوات التخريب لهدف إغراقها قبل الوصول، وها هو فخامة رئيس دولة فلسطين الأخ محمود عباس "أبو مازن " عنوان قضيتنا، قوي كالبحر، يزهر بالأزمات، ولا يهاب أن يقول (لا) ويرحب بالشهادة ان كان الثمن فلسطين الحرية والدولة والكرامة وفتح الحركة والديمومة والاستنهاض والعمل، طريقه صعب كما كان طريق الشهيد الخالد ياسر عرفات "أبوعمار"، ولهذا تنمو الطحالب في الطرقات ظنا من زارعيها أنها ستعيق المسيرة الى القدس، من هنا نقولها على أبناء فتح حماية حركتهم العملاقة وألا ينتظروا المدد أو قوافل النجدة أو يتكاسلوا في لحظة إحباط أو حسابات ضيقة .. عليهم انقاذها من الزنادقة وان يرفعوا رؤوسهم بكبرياء وقوة .. فأبناء فتح الأوفياء الصادقين الأتقياء الأنقياء والوطنيون يعرفون أن فتح هي ثورة حتى النصر وستستمر، ولا ينهزمون أمام الذين انبطحوا وباعوا الغالي بالرخيص، ويا حيف .

 

والله الموفق

اخر الأخبار