سبب الإلزام بالتعهد

تابعنا على:   22:41 2017-02-27

عمر حلمي الغول

زيارة نتنياهو لواشنطن الأولى في عهد إدارة ترامب في بحر شهر فبراير الحالي حملت الكثير من التأويلات والإجتهادات في قراءة مواقف القيادتين الأميركية والإسرائيلية. لاسيما وان حملة صاخبة دعاوية إعلامية إسرائيلية من قبل أركان الإئتلاف الحاكم سبقت زيارة رئيس الوزراء إلإسرائيلي، ومنوا النفس الإسرائيلية الإستعمارية بفتوحات غير مسبوقة في العلاقات الثنائية المشتركة الأميركية الإسرائيلية، ولهذا القيت الوعود والبيانات والتعهدات الإستعمارية يمينا وشمالا للمستعمرين في اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967.

مما لا شك فيه، ان الإدارة الأميركية الجديدة، أعلنت على الملأ وقوفها إلى جانب إٍسرائيل ودعمها لضمان أمنها وتفوقها على العرب، وأكدت على التصدي لكل دولة او منظمة اممية او أقليمية تحاول التضييق على دولة الإحتلال والعدوان الإسرائيلية ... إلخ من المواقف، التي تعتبر ثابت من ثوابت السياسة الأميركية الناظمة لعلاقاتها مع حليفتها الإستراتيجية، بدءا من التسليح إلى التنسيق الإستخباراتي إلى المشاريع والخطط العدوانية تجاه شعوب المنطقة وخاصة العالم العربي وأيضا تجاه إيران ... وهي مواقف ليست جديدة. الجديد الوحيد، هو عدم تمسك إدارة الرئيس ترامب بحل الدولتين، رغم أنه يفضله على أي حل آخر. كما اشار قبل يومين. ويشأن الإستيطان الإستعماري، كان الساكن الجديد للبيت الأبيض حريصا على الإشارة لنتنياهو في مؤتمرهما الصحفي المشترك، بأن يتوقف ويتريث قليلا.

وإذا حَّكم المرء العقل، وحرص على قراءة خطاب الإدارة الجمهورية الجديدة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، رغم حالة التشوش العام في السياسة الأميركية تجاه القضايا الداخلية والعالمية المختلفة، فإنه يلحظ إنها بقيت متمسكة بإيجاد حل سياسي للصراع، رغم عدم الوضوح في شكل واليات هذا الحل. فضلا عن عدم فتحها الباب واسعا للعلاقات الثنائية مع القيادة الفلسطينية، وإتخاذها موقف غير إيجابي بشأن تحويل إدارة أوباما السابقة ل220 مليون دولار للسلطة. لكنها لم تغلق الباب امام العلاقات الثنائية مع القيادة بدليل انها ارسلت رئيس السي آي إيه للقاء الرئيس ابو مازن عشية لقاء نتنياهو، لطمأنته، وللتأكيد له بعدم الإستماع عنها، بل الإستماع منها لمواقفها، وايضا قام ويقوم أكثر من مسؤول فلسطيني بزيارات متواصلة لإميركا للقاء مع اركان الإدارة الجديدة لإعادة المياة لمجاريها

 وفي حال دقق المراقب في تصريحات نتنياهو  بعد عودته من واشنطن، فإنه لاحظ دعوته لإقرانه في الإئتلاف الحاكم، بعدم إطلاق تصريحات حول عطاءات جديدة للبناء في المستعمرات، وايضا التراجع عن ما تعهد به ببناء مستعمرة جديدة لمستعمري بؤرة "عمونة"، التي تم إزالتها مؤخرا، رغم مواصلة بينت، رئيس حزب "البيت اليهودي" بالعمل على بناء تلك المستعمرة. وهو ما يعني، ان ما كان يلمع في ذهن ورؤية أركان الإئتلاف ليس ذهبا إستعماريا صافيا، انما كان أقرب للإوهام وتمني النفس بأكثر مما عبرت عنه مواقف الرئاسة الأميركية، وهو ما يعكس تراجعا نسبيا للإعتقاد السائد في اوساط الحكومة الإسرائيلية لجهة إنفلات العملية الإستعمارية وتصفية خيار حل الدولتين نهائيا. بالتالي بقراءة موضوعية للموقف، حكومة نتنياهو لم تحصل على كل ما تريد.

من هنا يمكن قراءة إلزام نتنياهو أقرانه في المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت) بالتعهد بعدم إعلان أية مواقف عن لقائه بالرئيس ترامب يوم الأحد الماضي، يهدف لإبقاء حالة الغموض والإلتباس قائما في اوساط الرأي العام الفلسطيني والعربي والعالمي تجاه مواقف الإدارة الأميركية، لإستثمار تلك الحالة، اولا لتشويش الرؤية الفلسطينية أكثر بشأن مواقف أميركا من عملية السلام؛ ثانيا لعدم السماح لحلفائه بالإئتلاف بفتح النار على الإدارة الجديدة ومواقفها المكبلة نسبيا لسياستهم الإستعمارية؛ ثالثا لإعطاء مهلة لحكومة نتنياهو وحلفائها في الإدارة  الترامبية لتجسير الهوة بين طموحهم وأحلامهم وبين الواقع القائم، الذي لا يعكس رغباتهم العدوانية. وبالتالي الإلزام بتعهد اعضاء الكابينيت لا يعود لإنه حمل جديدا يتوافق مع رؤيتهم الإستعمارية، انما كونه عاد بوفاض مشوش، وعكس ما راهن عشية ذهابه للقاء الرئيس صاحب الشعر الأصفر. ولعل قادم الأيام يحمل الجواب، لإن حلفاء زعيم الليكود، لن يصمدوا كثيرا بالتزامهم له.

اخر الأخبار