نساء برسم القتل !

تابعنا على:   19:00 2014-02-24

علي محمود الكاتب

نُصر في مجتمعاتنا العربية كذباً وبهتاناً أننا شعوب إسلامية بالفطرة وأننا نؤمن بالله والرسول ونرفع في بلادنا الآذان لخمس مرات يومياً ولكننا في واقع الأمر بعيدين كل البعد عن سمات هذا الدين العدل ، فلازلنا نعيش ونمارس عادات وتقاليد تعود لزمن الجاهلية الأولى ، ذلك الزمن الذي كانت تتبع فيه طقوس وأد البنات للخوف من القادم المجهول المسمى بالعار….

ورغم اختلاف الزمان والتطور الحضاري والفكري والذي عصف بشعوبنا على مر التاريخ وتلك الثورات الهائلة ، لم نتخلص من هذه الاحتفالية البغيضة وان اختلفت طقوسها وسبل الوأد فمازال القتل على قضايا ما يسمى بالشرف وإطلاق الزغاريد بعدها وصرف مكأفاة للقاتل ، سمة أصيلة في عادات وتقاليد شعوبنا ، لم تستطع كل الحضارات النجاح في محوها من عقولنا البليدة الرافضة لأي تطور أو سلوك حضاري متقدم !

وعلى الرغم من الحقبة الزمنية البعيدة بين العصر الجاهلي وعصرنا هذا عصر العولمة لم يحققن النسوة على مستوى المجتمعات العربية الا ما نسبته عشرون بالمائة من حقوقهن خاصة في مسألة الحرية ، فكثير من مجتمعاتنا الفقيرة محرم فيها ، على الفتاة أو المرأة ارتياد مناطق النزهة العامة وبدل عن ذلك يسمح لها ذويها في المجتمع الذكوري بزيارة المقابر في كل عيد واعتبار هذا نوع راقي ومبدع من أنواع الترفيه عن النفس وإذا تنازل المجتمع وأراد أن يغدق عليها ببعض من الحرية ، ترك لها المجال للذهاب للعمل ولكن بشروط شتى وبعيون متسعة الأحداق ورقابة دقيقة في الذهاب والإياب وربما أمعنوا في إسعادها أحيانا وعن استحياء ، فسمحوا لها بالذهاب الى النزهة مع ذويها ولكن شريطة أن تسير وهي مرتديه خيمة سوداء أشبه بتلك التي ينصبونها بالصحراء أو الراية التي ترفع فجراً بالسجون إيذانا بإعدام احدى المحكومين بالإعدام !

صحيح أن الأهل لم يعودوا يستخدمون أسلوب الدفن للفتاة أو المرأة وهي حية ولكنهم يقتلونها بأسلوب أكثر بشاعة مما تتوقعون ، فاليوم يزوجونها طفلة ، ويبيعون جسدها لثري خرف عبارة عن كومة من الحطام ويصرفون النظر في منهاج التربية والتعليم عن تفاصيل جسد المرأة والرجل وكيفية التعامل معهما ، بحيث يصبح الأمر مبهماً محرماً حتى يأتي الفارس ويمتطي الجواد وكأنه المنتصر الوحيد بالعالم على فتاة أرادوا لها ان توصف دائما بالجناح المكسور والأنثى الضعيفة !

حتى المطلقات لم يسلمن من هذا الفكر وأعتبرهن مجرمات بحق الزوج والأبناء ولا يحق لهن ممارسة الحياة من جديد وان يقابلن شريك يقدر قيمة الحياة الزوجية وتلك نظرة سوداوية مفادها وكأن الرجل لا يخطئ ولا يستحق العقاب !

والأرامل لم يكن بأفضل حال من المطلقات ،ويعاملن بمجتمعاتنا العربية بشكل مزري ومطلوب منهن ارتداء السواد ما بقي لها من عمر وأن تحيى أشبه بالخادمة ، وهي راقدة كالدجاجة فوق أطفالها ترعاهم وتربيهم ، وكأن وفاة أزواجهن تعني وفاتهن ونهاية الطريق ،وليتهم يحرقونهن مع أزوجهن عند الموت كما تفعل بعض الطوائف الهندية !

ختاماً نستطيع القول أننا في المجتمع العربي لم نعد نقتل المطلقة أو الأرملة ولكننا نفعل ما هو أسوء بكثير حين نسلبها حقها في المشاعر وحقها في حياة جديدة وأمل تناضل من أجله بما يتماشى مع الأعراف والقوانين الإنسانية والدينية ، وصحيح أيضاً أن مسألة وأد البنات وهي حية تحت الثرى قد ولت ولكنها عملياً مازالت موجودة بأشكال أخرى ، فقررت مجتمعاتنا ان تغير الطريقة فتصبح عوضاً عنها ، سجن المرأة في بيت أبيها ثم في بيت الزوجية ثم في العيش على الأطلال بعد وفاة الزوج أو عدم جواز ارتباطها من جديد بعد الطلاق بحجة تربية الأطفال !

فالعار الذي تقتل على أساسه النساء بات في مجتمعنا العربي واسع النطاق وكثير الأسباب ، لا حدود أو قانون يحكمه ، وجاهل من قال ان هناك قانون وضعي يحافظ على كرامة المرأة حتى وهي ميتة أو مقتولة غدراً ، فكلمة أحيانا أو إشاعة قد تؤدي بمجنون مختل من ذويها الى قتلها وعقابه بالأخير لا يتساوى وفعلته الشنعاء !

أن الوقت قد حان لنغير المفاهيم وان ننظر للمرأة على أنها قبل أن تكون جسداً يفتن القوم ، فهي بشر لها ذات الحقوق التي يحظى بها الرجل وكفاناً كذبا وترديد لمقولة ، ان المرأة قد أخذت كل حقوقها !

 

 

اخر الأخبار