الاستفتاء هو قرار فلسطيني شجاع وخيار واجب في عام 2017

تابعنا على:   22:00 2017-02-14

د. أشرف المبيض

لم تعد الساحة الدولية والإقليمية والعربية تحتمل أوجاع الفلسطينيين نتيجة تأزم المنطقة بأوجاع جديدة، فمن جهة تؤجل وتنقطع المساعدات الدولية تدريجيا، ومن جهة أخرى ازدحمت المنابر المؤيدة للحق الفلسطيني، لصالح قضايا أخرى؛ لذلك هناك خطورة على الجبهة الداخلية إذا ما استمرت على ايقاع الخلافات الدابة والمتجذرة منذ عام 2006 ما بين برنامج يدعو إلى تسوية مع إسرائيل يفضي إلى حل الدولتين لم ولن يرى النور، وما بين برنامج مقاومة يخدم أجندة دول بعينها لم ولن يفلح في فتح ثغرة من حصار اشتد عقد من الزمان.

إزاء ذلك تمعن إسرائيل في رفض أي تسوية وتواصل مسيرها بالاستيطان وقضم الأرض وتهويدها حتى وصل الأمر مؤخرا إلى سن قانون باستباحة منطقة "ج" بالضفة الغربية التي تبلغ 62 بالمائة من مساحتها، وصولا إلى ما يروج له ساسة اليمين الإسرائيلي من فرض إقامة دويلة صغيرة خالية من الأسلحة بالضفة، وتمعن أيضا في تعزيز أسوار حصار غزة لٌإقامة كانتون منفصل ليكون نواة دويلة، للقضاء على فرص أي تسوية شاملة للفلسطينيين، فلا داعي للحرب الكلامية إزاء ما تمعن به إسرائيل من عدوان، فالمطلوب سرعة التحرك على الأرض لتصليب الجبهة الداخلية من ثم مواجهة هذا العدوان، فلا رادع لها إلا من أهلها.

وللقفز على ملفات الخلافات السياسية والفساد والترهل في المؤسسات، بحاجة إلى حل فوري يوقف مسلسل الهزل ومرحلة تتطلب فعلا وقفة جادة بتعزيز الجبهة الداخلية باستفتاء وطني شامل يخرج الحالة الفلسطينية من عنق زجاجة مهما كانت تعقيداتها قبل الانجرار نحو التفتت أكثر فأكثر، والمسؤولية على الجميع، فالاستفتاء ليس مهم بأنه رأي شعبي بقدر ما هو متطلب ضروري جدا وفوري لمواجهة عملية الطمس للإنسان الفلسطيني.

إن موضوع الاستفتاء يرتكز على ضرورة تحديد هدف وطني ثابت بالمفاضلة ما بين إقامة دولة في حدود الرابع من حزيران عام سبعة وستين أو دولة واحدة يعيش فيها الفلسطينيين والإسرائيليين تحت مظلة الحرية والمساواة والعدالة، كذلك يشمل الاستفتاء استراتيجية تحقيق الهدف برسم مساره وطريقة الوصول إليه سواء بالمقاومة الشعبية أو المدنية.

  إن نجاح الاستفتاء يؤسس لعلاقات وطنية ناجحة بين كافة القوى والفصائل السياسية ويؤسس لمعركة نضال محددة عناوينها مثل جنوب أفريقيا التي تحررت بوضع هدفها من أجل القضاء العبودية والاحتلال والعنصرية وعلى كامل أرض جنوب أفريقيا، عندما اجتمعت كافة القوى السياسية والاجتماعية تحت مظلة المؤتمر الوطني الأفريقي على هذا الهدف، وحددت مسار الوصول إليه نجحت بالفعل ونالت الشعب المظلوم حريته.

  إن متطلب العملية الديمقراطية والانتخابية تكون خطوة في مسار تحقيق الهدف الذي يتوافق عليه الشعب بالاستفتاء، وبالتالي فإن إجراء الانتخابات من دون استفتاء في ظل الوضع الحالي نتيجة فاشلة يبنى عليها الفشل ، فلا يعقل أن لا يكون هناك برنامج وطني ولا استراتيجية وطنية "مشروع وطني فلسطيني" وإلا ماذا سيكون شعار الانتخابات ؟!، البناء والاصلاح في حدود سبعة وستين أم أن كل فصيل وحزب سياسي سيدخل المعركة الانتخابية من أجل بناء دولته الخاصة به؟!؛ وبالتالي نصبح في دوامة وفي حالة من التيه، فالنمل لا يبحث عن المداخل والممرات بل يصنعها .

للتذكير فإن مفهوم حل الدولتين حل منقوص لأنه لا يشمل عودة اللاجئين، أما مفهوم الدولة الواحدة يضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين ويعطي الحرية ويساوي في الحقوق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ثم تجرى انتخابات عامة للطرفين رئيس واحد ومجلس تشريعي واحد وهيئة قضاء واحدة، وهو ما تخشاه الحركة الصهيونية وتعتبره قضاء على مستقبلها العنصري التمييزي.

اخر الأخبار