المناوي يكشف عن تفاصيل ليلة تنحي مبارك

تابعنا على:   01:17 2017-02-12

أمد/ القاهرة – سي أن أن : مع مرور ست سنوات على تنحي الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، يتحدث الإعلامي عبداللطيف المناوي، لـCNN بالعربية، عن كواليس الساعات الأخيرة في حكم مبارك وصولا إلى خطاب التنحي الذي ألقاه نائبه الراحل عمر سليمان في 11 فبراير عام 2011، بعد 18 يوما من الثورة التي اندلعت في 25 يناير.

وقال المناوي، الذي كان يشغل منصب رئيس قطاع الأخبار بالتلفزيون المصري الرسمي آنذاك، إن مبارك اتخذ قرار التنحي بنفسي، وأوضح أسباب قراءة عمر سليمان لبيان التنحي. كما تحدث عن تفاصيل إذاعته لبيان القوات المسلحة دون علم مبارك والرئاسة قبل يوم من التنحي.

وكان هذا نص الحوار:

ماذا عن يوم تنحي مبارك؟

الأحداث الأكثر سخونة كانت يوم 10 فبراير/ شباط، اليوم السابق لخطاب التنحي، حيث تلقيت اتصالا تليفونيا من أحد المسؤولين بالجيش، أبلغني فيه أن هناك بيانا هاما من المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيصل للتليفزيون لإذاعته، وطلب مني عدم إطلاع أحد عليه وتحديدا القصر الرئاسي، وعلمت أن الاجتماع الذي خرج عنه البيان كان قبل يومين وعقد دون حضور رئيس الجمهورية الذي هو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.  عندما وصلني البيان كان قراري فوريا بإذاعته، فلم يكن هناك فرصة للتفكير أو اتخاذ قرار مبني على الحسابات، بل على الإدراك بكافة الظروف المحيطة بالحالة المصرية جميعها، كان إدراكا بما شاهدته في صباح اليوم نفسه.

ماذا حدث بعد إذاعة بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟

بعد دقيقتين من إذاعة البيان تلقيت اتصالا من وزير الإعلام وقتها، أنس الفقي، ثم اتصالا من رئيس ديوان رئيس الجمهورية، الدكتور زكريا عزمي. سألني أنس الفقي: ما هذا الذي أذيع؟ فأجبته بأنه بيان الجيش. فعاد وسألني، من أتى به؟ فقلت ببساطة أنه جاء من القوات المسلحة. ثم سألني مجددا: لماذا لم تبلغنا بهذا البيان قبل إذاعته؟ فكانت إجابتي بأن هذا هو عملي الذي أقوم به وفقا لتقديري بشكل مستمر، ولم أظن أنه كان يجب إبلاغكم بما يحوي البيان. وكان يجلس بجانبه الدكتور زكريا عزمي، ثم قال لي، إذا تلقيت بيانات أخرى من الجيش فاتصل بنا، وأضاف: "دكتور زكريا يؤكد عليك ألا تذيع أي بيانات للجيش قبل إبلاغنا، ثم اتصل بي زكريا عزمي مباشرة ليطلب مني نفس الطلب، فأعدت له نفس الرد، وبدا واضحا على نبرة الدكتور زكريا الغضب من الموقف.

من أقنع مبارك بخطاب التنحي؟

مبارك هو من أقنع نفسه بالقرار، ولو عدنا لهذا الزمن نجد إنه اتخذ القرار دون وجود أحد من المساعدين أو المستشارين، وأبلغ قراره لوزير الدفاع وقتها، المشير محمد حسين طنطاوي.

أين كان مبارك عندما أذيع خطاب التنحي؟

كان قد وصل إلى شرم الشيخ.

متى وصلك خبر أن هناك قرارا بالتنحي؟

الساعة الثانية عشر ظهرا يوم إذاعة بيان التنحي، وعلمت أنه يجهز نفسه للسفر إلى شرم الشيخ، كان هناك حديث عن أنه سيلقي خطاب التنحي بنفسه، وانتظرنا حوالي 4 ساعات بعد تسجيل كلمة التنحي لإذاعتها.

هل كانت لدى مبارك الرغبة لإلقاء خطاب التنحي بنفسه؟

لم تكن هناك رغبة منه، ولكنه كان الترتيب لذلك، ووجد أن ذلك سيحتاج لمزيدا من الوقت فاتفق أن يقوم نائبه عمر سليمان بإلقاء الخطاب بدلا منه بعد أن راجع نص الكلمة مع عمر سليمان ووزير الدفاع حسين طنطاوي هاتفيا، وطلب مبارك منهما التأكد من دستورية وقانونية هذا الانتقال للسلطة، فلم يكن يريد التسبب في أي مشكلات لاحقا، واختاروا عمر سليمان لقراءة البيان بدلا من فرد من الجيش، حتى لا يعطوا انطباعا بأن الرئيس تم عزله بانقلاب عسكري.

كيف وصلك بيان التنحي؟

وصلني عن طريق المتحدث باسم الجيش، اللواء إسماعيل عتمان، كان يرتدي معطفا قصيرا، بسرعه فتحه وأخرج من جيبه الداخلي شيئا ما وهو يقول "معي البيان"، وأبلغني أنه سينتظر حتى تصله أوامر بإذاعته، إذ كانوا في انتظار مغادرة جمال وعلاء وأسرتيهما.

هل كان هناك فارق زمني بين تسجيل الكلمة وإذاعتها؟

حوالي من ساعتين لثلاث ساعات، حتى يتأكد سفر بقية العائلة لشرم الشيخ.   

كيف استقبلت خبر تنحي مبارك؟

شعرت بنوع من الراحة، لأن الجميع كان تحت ضغط غير طبيعي.    

ما صحة أنك من الذين أقنعوا مبارك بالتنحي؟

لست من الذين يدعون الحكمة بأثر رجعي، لكن هل كانت هناك محاولات للضغط لتحريك الموقف؟ أعتقد أنه كان موجودا، وكان لي مساحة في هذه المنطقة.

هل ترى أن قرار تنحي مبارك كان ضرورة لابد منها؟

كنا قد وصلنا إلى مرحلة أنه القرار الوحيد لنزع فتيل انفجار لم يكن أحد يعلم حدوده. ولكن يبقى السؤال: هل كان هو القرار الصحيح؟ تقديري وأظن وتأكد بعد ذلك أنه لم يكن القرار الصحيح على الإطلاق، بدليل أننا لا نزال حتى الآن ندفع ثمن عدم استغلال الفرصة في استخدام التغير الذي حدث للوصول إلى عملية الانتقال السلمي للسلطة في إطار وجود دولة، ما حدث إننا أطحنا بمؤسسات الدولة، ودخلنا في مرحلة من الفوضى التي نرى نتائجها حتى الآن.

ما حقيقة أنك كنت تراجع صياغة خطابات مبارك الأخيرة قبل التنحي؟

لم أراجعه شخصيا، ولكن كنت أراجعها وأبدى بعض الملاحظات عليها، وكان هناك استجابة محدودة في الخطاب الأول، وفي الخطاب الثاني كان فيه مساحة من الاستجابة أكبر، والخطاب الثالث كان كلاما مختلفا تماما عما تحدثنا فيه.

متى توقعت أن التنحي عن السلطة قادم لا محاله؟

بعدما أنهى الكلمة الأخيرة، فقد وصلنا إلى مرحلة لم يكن يصلح معها سوى قرار كبير، فقد كان تأثير هذه الكلمة سلبيا على الشارع، وحدث غضب كبير بسببها.

ما حقيقة أنك تلقيت اسطوانة مدمجة (سي دي) من الرئاسة ولم تذع في التليفزيون؟

تقصد الاسطوانة التي قيل وقتها إنها تخص المشير حسين طنطاوي، غير صحيح ما قيل وقتها على الإطلاق، هذه رواية الناس تحب أن تعيش معها فقط.

كيف تعامل مبارك وأسرته مع المظاهرات التي وصلت إلى القصر قبل يوم واحد من التنحي؟

كان يشعر بالحزن المشوب بخيبة الأمل، ففي آخر اتصال تم معه كان يشعر بذلك، فلم يتخيل أن الناس لا ترى ولم تعرف ما فعله ولا تدرك حقيقة الأمر، وكان يشعر بحالة من حالات التجني، لكن في نفس الوقت لم يكن هناك إدراك بحجم المخاطر الموجودة.   

من كان أكثر عصبية.. مبارك أم زوجته.. أم جمال وعلاء؟

اليوم الذي سبق التنحي كان أكثر تماسكا من جمال مبارك، كان لديه شجاعة ورباطة جأش واضحة، لأنه في يوم التنحي لم يكن موجودا بالقاهرة.

كيف كانت تصلك خطابات مبارك قبل بيان التنحي؟

الخطاب الأول راجعت نصه واطلعت عليه عن طريق وزير الإعلام أنس الفقي، الخطاب الثاني اقترحت جزء من النصوص وأوصلتها بطريقة أو بأخرى وكانت أشاهده من مكتبي بالتليفزيون أثناء تسجيله، الثالث كان لدي اقتراح تم صياغته ولم يتم الالتفات له.

لماذا لم يأت الخطاب الثاني بنتيجة رغم أن مبارك أعلن عدم ترشحه وسيتخلى عن السلطة بعد 6 شهور؟

لأن الإخوان المسلمين حركوا الموقف بشكل واضح ورئيسي لإشعال الموقف، وكان مطلوب تسخين الوضع ولا يجب أن يتوقف ذلك.

بعد 6 سنوات، لماذا سقط نظام مبارك؟

لأنه كان في حالة من حالات رفض الواقع لبعض الأوضاع والأحوال، وكان هناك ثقة زائدة أنه لن يحدث شيء، كان هناك غياب نسبي للبعد الاجتماعي، بالإضافة إلى الأداء الغبي من بعض الجهات داخل الدولة في تعاملها مع بعض المواقف والقضايا.

هل كنت تخشى من اقتحام مبنى التليفزيون؟

ما هو القرار الخطأ الذي اتخذته وأنت رئيس قطاع الأخبار بالتليفزيون في هذا التوقيت؟

لو عاد الزمن سأتخذ كل ما قررته وقتها، وفكرة الحكمة بأثر رجعي لا أحبذها، ومرة أخرى أقول لست من الذين يدعون البطولات الزائفة، وأنا ضد الأحكام على أنظمة في حقب تاريخية تالية.

اخر الأخبار