قانون تشريع المستوطنات، لماذا كل هذا الانتظار

تابعنا على:   11:32 2017-02-09

د. جمال خالد الفاضي

لم يفاجئنا أي فعل أو موقف تمارسه حكومة يمين متطرف كغيرها من حكومات دولة الاحتلال المتوالية، ضد أرضنا الفلسطينية، فطالما هددت وتوعدت وتبنت مواقف عنصرية استعمارية ذات بعد ثوراتي.

إسرائيل، ومنذ عام 1967، وهي تمارس هوايتها كدولة احتلال قائمة على النهب والتشريد والقتل وسرقة الأرض، وقانون تشريع الاستيطان ليس استثناءً وهو يشكل خطوة إضافية لا سابق لها في قاموس احتلال لا يجد رادع لما يقوم به من ممارسات متنافية والقوانين الدولية، سوف تقود إلى مزيد من استباحة الأرض الفلسطينية بأكملها، وتغيير للهوية العربية الفلسطينية، كأرضٍ فلسطينيةٍ عربية محتلة. وفي ظروف إقليمية ودولية خطيرة، تمثلت في حالة عربية مفتتة ومتأزمة، وفي وجود إدارة أمريكية يمينية تتماهى مع دولة الاحتلال ومشروعها الاستيطاني، فأن دولة الاحتلال تجيد استثمار هذه الظروف من اجل تنفيذ مشروع تهويد الضفة الغربية، وفرض امر واقع جديد.

فالقانون المسمى "قانون تبيض المستوطنات"، يشكل حالة من حالات التمرد الصريحة و المتواصلة من قبل دولة الاحتلال على القانون الدولي ومواثيقه بدء من اتفاقية جنيف لعام 1949 ومروراً باتفاق روما للمحكمة الجنائية للعام 2002، وانتهاء بقرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن، لكن السؤال لماذا هذا الانتظار الفلسطيني الرسمي، وحالة الترقب هذه، ونحن نعلم نوايا الاحتلال التي تسعى للسيطرة على الضفة الغربية منذ سنوات طويلة، ونعلم أن الإدارة الأمريكية الحالية لديها توجهات مختلفة تماماً عن الإدارات الأمريكية السابقة، ولم تحاول قط إجراء أي نوع من الاتصال بالقيادة الفلسطينية، بل وتتجنب بمؤتمراتها الصحفية التعليق على أي ذات علاقة بالفلسطينيين، وأن كل ما تسعى إليه وتعمل جاهدة مع حكومة نتنياهو، هو عودة الفلسطينيين إلى المفاوضات وفق الشروط التي تضعها إسرائيل. لذلك، وفي ضوء ما أصبح معروفاً من توجهات الإدارة الامريكية لكيفية التعاطي مع عملية السلام وتجاهل الفلسطينيين، المطلوب ألا يبقى الوضع الفلسطيني قائم على ردود الأفعال، وإنما المطلوب أخد زمام المبادرة، فلم يعد هناك ما نخسره، ففي الدبلوماسية ومتطلبات المرونة السياسية قدمنا كل ما يمكن ان يقدم على طاولة المفاوضات، وذلك من خلال تحويل أقوالنا وتهديداتنا إلى أفعال حقيقية عبر:

الإعلان وبشكل رسمي وخلال مؤتمر صحفي عالمي أن الإدارة الأمريكية الراعية الوحيدة لعملية السلام، تقوم بتجاهل الفلسطينيين عن سابق اصرار وتتبنى وجهة النظر الإسرائيلية، وان هذا التوجه الأمريكي سيشكك في حيادية الإدارة الامريكية وهو ما يعني أن الولايات المتحدة لم تعد راع محايد لعملية السلام؛

والتأكيد أن الطرف الفلسطيني هو أساس معادلة الصراع في الشرق الأوسط، وأن لا سلام ولا استقرار في هذه المنطقة الحيوية للإدارة الامريكية ولمصلحة إسرائيل دون إنهاء الاحتلال؛ والعمل على إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير ولدورها السياسي والخدماتي كهيئة تمثيلية وقيادية وحيدة للشعب الفلسطيني، والبدء بتفعيل مؤسساتها ومكاتبها الخارجية بالتنسيق مع الدول العربية ذات العلاقة، بما يتناسب ومرحلة قيام الاحتلال بإفشال مشروع حل الدولتين وتفكيك السلطة التي لم تتجاوز الدور الخدماتي كما يريد الاحتلال؛ الإعلان بشكل رسمي سحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني والبدء بتسليم ملفات الحياة اليومية لدولة الاحتلال حتى تتحمل تكلفة احتلالها للأراضي الفلسطينية؛ والتوجه إلى الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية المتخصصة، وإحالة قضية الاستيطان والجدار العازل على محكمة الجنايات الدولية للنظر في الموضوع باعتباره جريمة حرب وفقاً للقانون الدولي. العمل على إنجاز المصالحة الفلسطينية بأسرع ما يمكن ضمن رؤية أن الكل الفلسطيني واحد وأن لا اختلاف في البرامج وعلى رأسها تحرير فلسطين، واننا ككل تحت دائرة استهداف الاحتلال، والعمل على أن تكون مدينة غزة بحكم جغرافيتها وموقعها الاستراتيجي، بؤرة للعمل الدبلوماسي الفلسطيني، وتعزيز مؤسسات منظمة التحرير فيها، ضمن اتفاق المصالحة، وتحييدها من أي مواجهة عسكرية مع الاحتلال، والتأكيد أن أرض المعركة الحقيقية للفلسطينيين هي الضفة الغربية التي تسعى إسرائيل اعتبارها جزء من كيانها اللاشرعي.

لم نعد نملك من طرف الوقت كثيراً، ولم يعد للانتظار مبرراً، فالفعل الفلسطيني قادر على دق الخزان والإعلان إننا باقون على هذه الأرض، واننا نحن أساس في إي معادلة إقليمية يعاد تشكيلها.

اخر الأخبار