غوتيريس ينتهك الشرعية الدولية

تابعنا على:   08:17 2017-01-31

افتتاحية الخليج الاماراتية

هناك من يتولّون وظيفة سياسية على أساس أنها فرصة لإظهار قدرتهم على إنجاز ما لم يتمكّن غيرهم إنجازها، من خلال اجتراح حلول لقضايا صعبة تستند إلى الواقع والقيم والقانون. وهناك من يتولّون الوظيفة نفسها، لكنهم يقعون في أخطاء غيرهم ويضيّعون فرصاً متاحة ويسقطون في الامتحان في أول الطريق، ويحكمون على أنفسهم بالفشل المسبق نتيجة ضيق الأفق وانعدام الخبرة وعدم تقدير تداعيات أفعالهم.
لا يمكن تحقيق أي إنجاز أو القيام بأي عمل ناجح إذا لم تكن العدالة هي المعيار، والحق هو الأساس والقانون هو الميزان.
هذا الكلام يقودنا إلى التصريح الغريب الذي أدلى به أمين عام الأمم المتحدة الجديد أنطونيو غوتيريس الذي زعم فيه أن المسجد الأقصى «هيكل يهودي وملك لليهود»، أضاف: «إنه واضح كوضوح الشمس بأن الأقصى في القدس الذي قام الرومان بهدمه كان هيكلاً يهودياً».
إذاً، الأمر واضح «وضوح الشمس» بالنسبة لغوتيريس، أي لا لبس في ذلك ولا نقاش! وهو بذلك يقدّم الأقصى مع «صك ملكية» للاحتلال الصهيوني، متناسياً أنه يحتل وظيفة دولية بمسمى الأمين العام للأمم المتحدة، وهي وظيفة تفرض عليه الالتزام بالشرعية الدولية وقراراتها، وبكل الاتفاقات الدولية ذات الصلة بالاحتلال وبمضامينها ومندرجاتها السياسية والقانونية والإنسانية. لذا فكلامه عن المسجد الأقصى يتعارض بالمطلق مع دوره ووظيفته اللذين يفرضان عليه حماية القانون الدولي والدفاع عن قرارات الشرعية الدولية، لا أن يتحوّل إلى «شاهد زور» يحوّر التاريخ ويتلاعب بحقوق الأمتين العربية والإسلامية، ويجعل من قناعاته الشخصية موقفاً رسمياً بصفته «أميناً» عاماً للأمم المتحدة.
لعله من المفيد تذكير الأمين العام الجديد بالقرارات الدولية التي تدين احتلال «إسرائيل» لمدينة القدس ورفض ضمّها، ودعوتها للانسحاب من كل الأراضي التي احتلتها في عدوان العام 1967، ومن بينها قرار منظمة «اليونيسكو» الأخير الذي صدر يوم 18 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي الذي أكد عدم وجود أي ارتباط ديني لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق، وقرارا الأمم المتحدة 2253 و 2851، وقرارات مجلس الأمن 242 و 252 و 267 و 271 و298 و452، وكلها تعتبر إجراءات «إسرائيل» بشأن القدس باطلة.
هذه القرارات من المفترض أن تشكّل لكل أمين عام للأمم المتحدة «خريطة طريق» يعمل بموجبها ويسعى لتطبيقها ولا تسقط بالتقادم، لأن مهمته تقتضي «الحياد وتنفيذ ما يوكل إليه من قرارات، وأن يلتزم النزاهة والاستقلالية، ويسعى لتجنب ظهور نزاعات أو تفاقمها وتوسّعها».
إلا أن غوتيريس وهو في بداية عمله أراد أن يسجّل سابقة في الانحياز للاحتلال «الإسرائيلي»، وممالأة للنهج الصهيوني العنصري في ضم المدينة المقدسة، انطلاقاً من أساطير وبدع عفا عليها الزمن، ويكذّبها التاريخ والواقع.
بداية سيئة وغير موفّقة ونقطة سوداء تسجّل للأمين العام الجديد الذي بادر إلى انتهاك قرارات الشرعية الدولية بدل أن تكون أمانة في رقبته.

اخر الأخبار