انتصارات النفط الزائفة!!

تابعنا على:   10:25 2017-01-25

د. محمد صلاح البدرى

فى فبراير من العام الماضى.. كان الموعد مع الخلاف السعودى - اللبنانى الأول والأقوى فى تاريخ الدولتين حديثتى التكوين بمقاييس التاريخ.. الخلاف كان على خلفية تحفظ لبنان على بيان لجامعة الدول العربية أرادت المملكة تمريره لإدانة التدخل الإيرانى فى الشئون العربية..!

لم يكن الخلاف السياسى كبيراً.. لكن كعادة المملكة فى الفترة الأخيرة.. أدى الخلاف إلى حرمان لبنان من معونة عسكرية بثلاثة مليارات دولار.. ومنع السياحة الخليجية إليها، بل وسحب السفير أيضاً!!

مجرد «تحفظ» على قرار يحمل إرادة سعودية أدى لتفجر أزمة بهذا الحجم..!

لقد تعودت المملكة مؤخراً أن تفجر فى الخصومة بصبيانية شديدة.. لمجرد تبنى البعض وجهة نظر مختلفة!!

٢

تعانى لبنان منذ فترة ليست بالقصيرة.. فالأوضاع الاقتصادية متردية.. والفراغ الرئاسى الذى استمر فترة ليست بالقصيرة جعل الوضع السياسى يتحرك من سيئ لأسوأ.. خاصة فى ظل وجود أطراف سياسية إيرانية التمويل مثل «حزب الله»..!

لقد نجحت أخيراً فى تخطى أزمتها السياسية بانتخاب ميشيل عون رئيساً.. الأمر الذى اعترفت خلاله الحكومة اللبنانية نفسها بفضل الدبلوماسية المصرية فيه..

لقد كان المفترض أن يصل «عون» إلى مصر فى مستهل زياراته الخارجية.. ولكن الأمر لم يتم!

تدرك المملكة أن التقارب المصرى اللبنانى سيلعب دوراً محورياً فى الأزمة السورية.. وأنه سيضفى قوة للدور المصرى الذى يغضبها مؤخراً.. لذا فقد كان الهدف أن تنهى الأزمة ولو احتاج الأمر إلى تنازلات سياسية سريعة.. ومخجلة فى الوقت نفسه!!

فزيارة من وفد رفيع المستوى إلى «عون»، عقب توليه الرئاسة، حملت الكثير من الوعود بإنهاء الأزمة.. الأمر الذى أدى إلى تغيير فى وجهة الرحلة الأولى للرئيس المنتخب.. فذهب إلى الرياض أولاً.. ثم إلى الدوحة!!

٣

محاولات المملكة كسب حلفائها القدامى فى المنطقة على حساب القاهرة تؤكد ضعف موقفها المقبل.. ورعبها من وجود إيرانى من حولها.. حتى إنها قبلت بتصريح الحكومة اللبنانية بأن «حزب الله» هو أحد أطياف الحركة الوطنية فى لبنان وأنه يشارك فى الحكومة.

تحاول المملكة تكوين تحالفات جديدة فى المنطقة بعد أن قررت التخلى عن حليفها الأقوى على ضفاف النيل.. وبعد أن فشلت محاولاتها للضغط على القاهرة بالنفط تحديداً إثر دخول اتفاقية النفط العراقى حيز التنفيذ.. وبتحركاتها الأفريقية المستحدثة حول سد النهضة الإثيوبى.

٤

لا تتعامل القاهرة فى سياستها الخارجية بالقطعة كما تفعل المملكة.. ولا تظهر غضبها الطفولى كما يفعل الأمير المتطلع للحكم بعد أبيه فى الرياض.. التقارب السعودى اللبنانى الذى أتى على حساب القاهرة لم يسفر عن أزمة بينها وبين لبنان.. فالأكثر مهارة فى لعبة السياسة هو من سيربح فى النهاية!

لقد اختار الرئيس اللبنانى أن يعيد العلاقات مع السعودية لإنقاذ اقتصاد بلاده المتردى.. ولكنه يدرك أن القاهرة ترصد ما يفعل.. وتتفهمه أيضاً فى نفس الوقت.. وأنه لن يمكنه الاستغناء عنها أبداً..

يظل الكبير كبيراً.. حتى وإن ظن البعض أنه فقد هيبته!!

٥

المشهد المقبل لن يكون فى صالح المملكة بأى حال.. فالوجود المصرى فى لبنان قد بات واقعاً رغم أنفها.. والفضل المصرى فى نجاح «عون».. بل فى إتمام الانتخابات من الأساس، لن ينساه اللبنانيون أنفسهم.. وتظل الساحة اللبنانية تدين بالفضل لمصر فى استقرار أراضيها.

ستظل أموال النفط السعودى، التى نجحت فى تغيير وجهة الرئيس اللبنانى، قصيرة التأثير.. وتظل الدبلوماسية المصرية أقوى بكثير.. وأطول أمداً.. ولو كرهت العائلة السعودية!!

عن الوطن المصرية

اخر الأخبار