
في يوم الوفاء للشعب الإيراني وثورته الإسلامية
رامز مصطفى
في 11 شباط من كل عام، يحتفل الشعب الإيراني الشقيق بذكرى انتصار ثورته الإسلامية بقيادة الراحل الإمام الخميني، على أعتى نظام استبدادي وبوليسي وقمعي عرفته المنطقة في القرن العشرين بقيادة الشاه، إذ تعتبر الاحتفالات السنوية التي يحييها الشعب الإيراني بمنزلة تجديد للاستفتاء على التمسك بنهج الثورة وأهدافها والمبادئ التي انطلقت من أجلها وانتصرت في العام 1979، لتصبح النموذج الثوري لكل المستضعفين في العالم من أجل التحرر من نير الظلم والطغيان، وقد مثلت الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الراحل الإمام الخميني رسالة الخلاص لمستضعفي العالم، وسلاح القضاء على المستكبرين.
تكتسب الذكرى 35 لانتصار الثورة الإسلامية هذا العام أهمية استثنائية، في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث تهدف إلى إخضاع دولها لتسير وفق مشيئة المشروع الصهيو - أميركي، من خلال إلحاق الهزيمة بمعسكر المقاومة والممانعة الممتد من فلسطين إلى لبنان وسورية والعراق وصولاً إلى إيران، وبالتالي ما تواجهه من تحديات داخلية تتمثل في التصدي للقوى المضادة للثورة.
وقد تمكنت الثورة الإسلامية بفضل رسوخ مواقف قياداتها وصمودهم وفي مقدمهم قائد الثورة الإمام الخامنئي من إرغام قوى الاستكبار الغربي وعلى رأسهم أميركا، وبعد سلوكهم كل السبل والطرق وممارسة أعلى الضغوط، وفرض شتى العقوبات عليها وعلى شعبها لسنوات طويلة، اضطرت هذه الدول أخيراً إلى الحضور صاغرة إلى مربع لا اشتراطات فيها تُفرض على إيران بخصوص ملفها النووي، فوقع بين إيران ودول 5 + 1 ولمدة ستة أشهر الاتفاق المرحلي حول الملف النووي.
وحظيت القضية الفلسطينية في سلم أولويات الثورة الإسلامية الشغل الشاغل، فقال قائدها الإمام الراحل الخميني من خلفية عقائدية حاسماً في توجه الثورة: "يجب علينا أن ننهض جميعاً للقضاء على إسرائيل، وتحرير الشعب الفلسطيني البطل"، وهو الذي أكد وبعد ثمانية أيام على انتصار الثورة في استقبال الراحل عرفات قائلاً: "لو كانت الأقطار العربية، التي تتميز بعدد سكانها الكبير وجموعها العظيمة، متحدة ومتفقة مع بعضها البعض، لما حلت هذه المصائب على فلسطين والقدس"، فأغلقت سفارة الكيان الصهيوني، الذي قال فيه الإمام الراحل: "سوف نطرد إسرائيل، ولن نقيم معها علاقة، فهي دولة غاصبة وعدوة لنا"، لتصبح هذه السفارة بعد أيام سفارة لفلسطين التي أطلق الإمام الراحل من أجل عاصمتها القدس نداء لاعتبار الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوماً عالمياً للقدس فقال: "إنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل من شهر رمضان المبارك ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين"، ولم يتوقف وقوف الثورة الإسلامية في دعم القضية الفلسطينية وشعبها ومقاومتها مع رحيل الإمام الخميني، بل استمر هذا التأييد والدعم والاحتضان بوتيرة عالية مع قائد الثورة الإمام الخامنئي في الوقت التي تخلت فيه معظم الأنظمة العربية عن مسؤولياتها اتجاه القضية المركزية، وكان لهذه الإحاطة والاحتضان الأثر البالغ والهام في تمكن المقاومة الفلسطينية واللبنانية من تحقيق الانتصارات على العدو الصهيوني وكيانه الغاصب.
الأمر الذي يجعل من واجبنا كشعب فلسطيني أن نلاقي إيران وثورتها الإسلامية بمزيد من الوفاء والعرفان بالجميل لأياديها البيضاء في مساندة ودعم شعبنا ومقاومته بأسباب القوة والمنعة، وأن نرفض بشكل قاطع كل من يحاول الإساءة للعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين الفلسطيني المقاوم والإيراني المسلم وثورته المجيدة.
رامز مصطفى