ابرز ما تناولته الصحف الاسرائيلية 6/1/2017

تابعنا على:   13:15 2017-01-07

اليمين ضغط، ومنسق عمليات الحكومة اوقف المفاوضات مع البدو الفلسطينيين في المنطقة (C)

تكتب صحيفة "هآرتس" ان منسق عمليات الحكومة في المناطق، الجنرال يوآب مردخاي، قرر وقف المفاوضات مع البدو الفلسطينيين في المنطقة (C)، لاخلائهم من المنطقة. وتقرر خلال النقاش الذي عقده مردخاي في 20 تشرين الثاني بأن المفاوضات في صورتها الحالية استنفذت ذاتها، وان العميد احتياط دوف تصادقا، لن يواصل قيادة الموضوع. وبذلك وصلت حوالي سنتين من جهود التفاوض مع البدو الى نهايتها، من دون نتائج.

منذ آذار 2015، اجرى تصادقا "حوارا"، كما يسمونه في الجهاز الامني، مع البدو الذين يقيمون في بلدات صغيرة اقيمت بدون ترخيص وخلافا للقانون في المنطقة (C). وبين الحين والآخر، تقوم الادارة بهدم الاكواخ المهترئة التي يعيش فيها البدو، فيعودون لبناء غيرها. وكان يفترض بالمفاوضات مع البدو ان تقود الى حل دائم للوضع. وقالت جهات مطلعة على التفاصيل بأن تصادقا، الذي شغل في السابق منصب رئيس الادارة المدنية، "اجرى الكثير من اللقاءات" مع شخصيات بارزة في صفوف البدو، في عدة مجمعات، في المناطق (C)، بهدف التوصل الى تسوية.

لكن البدو رفضوا حتى الان مقترحات صادقا التي دعت الى إخلاء بلدانهم الحالية. وقال عايد خميس جهالين من خربة خان الاحمر في منطقة "معاليه ادوميم" لصحيفة "هآرتس": "التقيت به مرتين. قال لي ان المكان في النعيمة (المكان الثابت المعد لنقل البدو) هو مكان افضل. لقد حاول اقناعنا. والمرة الأخيرة التي التقيته فيها كانت قبل ثلاثة أشهر."

ويقول المحامي شلومو لوكر الذي يمثل الكثير من المواطنين البدو في المحكمة: "لقد فاوضته حول تنظيم شروط سكن المجتمعات البدوية المجاورة لمعاليه ادوميم، لكي يتسنى لهم بناء احياء جديدة لليهود، وقد اظهر انفتاحا واهتماما بهذه المجمعات، وهو تعامل لم يكن قائما في حينه ويعتبر الان استثنائيا. لا شك انه كانت لديه نوايا طيبة، لكنه واجه معارضة جارفة من قبل السلطة الفلسطينية. نحن لا نتواجد في فترة ملائمة للتفاوض والحوار من قبل اناس يبحثون عن الخير مثل صادقا".

لقد صدر القرار بوقف عمل صادقا في كل ما يتعلق بالمفاوضات مع البدو، بعد شهر من نشر تقرير في صحيفة "معاريف" تم فيه الادعاء بوجود تضارب للمصالح في كل ما يتعلق بمعالجة صادقا لقضية البدو. واعتمد الادعاء على كون صادقا ينشط في "صندوق التعاون الاقتصادي"، لأن الصندوق يحظى بدعم من الاتحاد الاوروبي الذي يدعم البدو في المنطقة (C)، بل ويقيم المباني لهم. وبعد النشر في "معاريف" طالبت تنظيمات ونواب من اليمين بإقالة صادقا من منصبه.

وردا على التقرير في "معاريف"، قال منسق عمليات الحكومة في المناطق، ان صادقا يؤدي عمله بإخلاص كبير ولا يوجد أي تضارب للمصالح بين خدمته في الاحتياط ومشاغله المدنية". ومع ذلك، بعد شهر واحد من ذلك تقرر وقفه عن متابعة الموضوع. ونفوا في مكتب منسق اعمال الحكومة وجود أي صلة بين الامور. كما نفى صادقا ذلك.

طعن تاجر خردة فلسطيني في اشدود

تكتب "يسرائيل هيوم" انه اصيب فلسطيني (40 عاما) من الضفة الغربية، بجراح بين طفيفة ومتوسطة، يوم الخميس، بعد تعرضه للطعن من قبل يهودي في مدينة اشدود. وتقوم الشرطة بالبحث عن الجاني الذي وصفه الضحية بأنه "متدين". وتدعي الشرطة ان الخلفية هي عمل جنائي، لكنها لا تستبعد الاتجاه القومي.

ويتضح من التحقيق ان الضحية كان يعمل في جمع الخردة، واثناء ذلك اقترب منه شخص يضع قلنسوة المتدينين على رأسه وقام بطعنه بيده وصدره، وهرب من المكان. ونقل طاقم الإسعاف الجريح الى مستشفى برزيلاي في اشكلون. وقالت الشرطة انها بدأت بتمشيط المنطقة فور تلقيها للنبأ، لكنها لم تعتقل احد حتى ليلة الجمعة.

الشرطة توصي بإغلاق ملف تزييف شراء عمارتين في الخليل

تكتب "يسرائيل هيوم" ان الشرطة اوصت النيابة العامة بإغلاق ملف التحقيق في شبهات تزييف وثائق تتعلق بصفقة شراء عمارتين في الخليل (بيت راحيل وبيت ليئة – حسب المستوطنين) تقعان بالقرب من الحرم الابراهيمي. وهذا يعني ان المستوطنين سيتمكنون من دخول العمارتين في حال الحصول على التراخيص المطلوبة.

وكان حوالي 200 مستوطن قد دخلوا في كانون الثاني من العام الماضي الى العمارتين المهجورتين التي تتألف كل منها من ثلاث طبقات. وبعد ذلك ادعت عائلة الزعتري في الخليل بأنها لم تبع العمارتين للمستوطنين، وفي اليوم التالي امر وزير الامن السابق موشيه يعلون بإخلاء المستوطنين لأنهم لم يملكوا الوثائق المطلوبة، علما انه حسب القانون، يجب المصادقة من قبل الادارة المدنية على كل صفقة لشراء بيت من فلسطيني في الضفة الغربية، اضافة الى تصريح بالسكن من قبل وزير الامن. وتم إخلاء المستوطنين ووعدهم بفحص قانونية الصفقة خلال اسبوع.

وبعد اربعة أيام من إخلاء المستوطنين قدم يوسف الزعتري شكوى الى الشرطة اتهم فيها المستوطنين بتزييف وثائق الشراء. وخلال التحقيق معه في الشرطة قال انه كان يملك توكيلا حتى العام 2009، وفي تشرين اول 2011 عقد صفقة مع المستوطنين لبيع العمارتين وحصل على نصف الثمن، مليون شيكل. ولكي تسري الصفقة روى بأنه تم تزوير تاريخ الصفقة، والكتابة بأنها تمت في 2008. وقال انه تم استيطان العمارتين قبل استكمال الصفقة وقبل تسليمه النصف الثاني من الثمن، ميلون شيكل اخر.

وخلال التحقيق صادرت الشرطة الوثائق المرتبطة بالصفقة وحققت مع الضالعين فيها. وبعد التحقيق مع الزعتري اختفى، وحاولت الشرطة العثور عليه وعلى الوثيقة المزورة، دون جدوى. وحسب الشرطة فإنها تعتقد انه قام بتسليم نفسه للسلطة الفلسطينية وتم التحقيق معه بشبهة بيع البيوت لليهود، فقامت السلطة باعتقال اخرين من ابناء عائلته بالشبهة ذاتها. لكن السلطة الفلسطينية نفت هذا الادعاء.

وبعد اختفاء الزعتري تقدم التحقيق ببطء، وبقيت العمارتين مهجورتين، فيما رفضت الادارة المدنية توجهات المستوطنين اليها بالمصادقة على الصفقة. وقبل شهرين طلب الوزير غلعاد اردان دفع التحقيق، فقامت الشرطة قبل اسبوعين بتحويل الملف الى النيابة مع توصية بإغلاقه، وهذا الأمر يسمح للإدارة المدنية بتزويد المستوطنين بترخيص للصفقة ولوزير الامن بالتوقيع على تصريح السكن في البنايتين.

واعرب الوزير اردان عن فرحه بأن التحقيق لم يسفر عن شيء، وعن امله بأن يتم توطين البنايتين قريبا من قبل المستوطنين.

نتنياهو يخضع للتحقيق ثانية، والشبهات: تلقي سيجار وشمبانيا من رجال اعمال

رغم ان قضية ادانة الجندي اليؤور ازاريا لا تزال تطغى على الغالبية الساحقة من التغطية الصحافية، الا ان الصحف ابرزت في نهاية الاسبوع، ايضا، التحقيق الثاني الذي جرى مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مساء الخميس، حول احد ملفين قرر المستشار القانوني للحكومة السماح للشرطة بالتحقيق فيهما جنائيا.

ويستدل من معلومات وصلت الى "هآرتس" ان الشبهات ضد رئيس الحكومة تتضمن تزويده الدائم والمتواصل بالمشروبات الروحية وعلب السيجار، بتكلفة آلاف الشواكل كل مرة، من اصحاب رؤوس الاموال. واحد الشخصيات الرئيسية في قضية الرشاوى هذه، هو رجل الاعمال ارنون ميلتشين.

وتكتب "يديعوت احرونوت" في هذا الصدد انه للمرة الثانية، هذا الأسبوع، وصل محققو وحدة لاهف 433 الى مقر اقامة رئيس الحكومة الرسمي، في شارع بلفور في القدس. وعلى مدار خمس ساعات، عرضوا امام رئيس الحكومة نتنياهو افادات وأدلة على تلقيه رشاوى. كما تم استجوابه حول القضية الثانية التي يشتبه فيها والتي تعتبر اشد خطورة. واكدت الشرطة، امس، انها حققت خلال اليومين الأخيرين مع مشبوه آخر في القضية الثانية.

وقد وصل المحققون الى منزل رئيس الحكومة بعد ظهر الخميس، وقبل وصولهم اجتمع نتنياهو مع محامييه يعقوب فاينروط ويوسي كوهين، واستعد للأسئلة المتعلقة بقضية الهدايا: علب سيجار ومشروبات كحولية باهظة الثمن، خاصة من رجل الاعمال ارنون ميلتشين الذي يعتبر احد كبار المنتجين في هوليود، وصاحب اسهم في القناة العاشرة في اسرائيل.

وقالت جهات في محيط نتنياهو ان هذه الهدايا لا تعتبر مخالفة جنائية وانما هدايا من اصدقاء لم ينتظروا أي مقابل. ولا حاجة للتبليغ عن الهدايا التي يتم الحصول عليها من اصدقاء. كما اضافت هذه الجهات انه في أسوأ الحالات، ربما تم خرق دستور قانون خدمات الدولة، بسبب عدم التبليغ، لكنهم ايضا ينفون هذا الادعاء بسبب كون العلاقة بين نتنياهو وميلتشين تمتد لسنوات. وحاول المحققون فهم ما هو عمق الصداقة بين الاثنين، فقال نتنياهو ان الصداقة تعود الى سنوات طويلة ومن الشرعي الحصول على هدايا منه.

ونشر الصحفي امنون ابراموفيتش في القناة الثانية، امس، انه يستدل من التحقيق بأن ميلتشين زود نتنياهو خلال 7-8 سنوات بكميات من السيجار وصلت تكلفتها الى مئات الاف الشواكل.

ومن بين انواع السيجار التي وصلت بناء على طلب من نتنياهو "كوهيبا سيغلو 5"، "ترينيداد" و"مونتا كريستو"، وهي انواع يتراوح ثمن السيجار منها بين 100 و200 شيكل، ومن هنا يشتبه حصوله على سيجار بحجم شامل يصل الى الاف الشواكل شهريا. كما تم الادعاء بأن ميلتشين زود عقيلة نتنياهو، سارة، بكميات كبيرة من مشروب يسمى "شمبانيا وردية" التي يتراوح سعر الزجاجة منها بين 300-400 شيكل".

وادعوا من قبل نتنياهو ردا على ذلك ان "الحقيقة هي عدم التحقيق مع سارة حول هذا الموضوع". اما بالنسبة لميلتشين فقالوا ان "نتنياهو حاول بالذات اغلاق القناة العاشرة" التي يملك ميلتشين اسهما فيها.

يشار الى ان قضية الرشوة تعتبر القضية الثانوية التي يجري التحقيق فيها مع نتنياهو. اما القضية الثانية التي تعتبر اكثر اهمية فيلفها الغموض حتى الان. وقال مقربون من نتنياهو للقناة الثانية، امس، ان نتنياهو "سيقنع المحققين بسهولة بوقوع خطأ. انه لم يحصل على اموال، ولكن اذا حصل على اموال فسيقنع المحققين بأنه حصل على قرض".

الى جانب ذلك، تم يوم الخميس تقديم التماس الى العليا يطالب بالتحقيق مع نتنياهو في قضية الغواصات، ومطالبة المستشار القانوني للحكومة بكشف ماهية الشبهات التي يجري التحقيق مع نتنياهو حولها. وقال النائب اريئيل مرجليت (المعسكر الصهيوني) احد مقدمي الالتماس: "لا يمكن مواصلة سياسة "الفحص المسبق" في وقت بات فيه حتى الجمهور يعرف الادلة التي تجاوزت الاشتباه المعقول وتحتم اجراء تحقيق. حقيقة انتقال فحص واحد الى التحقيق الجنائي واستدعاء نتنياهو فورا الى التحقيق تحت طائلة الانذار، تشير الى وضع ارتدى فيه التحقيق غطاء الفحص".

وتشير "هآرتس" في تغطيتها للحدث الى ان ميلتشين هو شريك وصديق الملياردير الاسترالي جيمس فاكر، الذي يرتبط اسمه بقضية الرشوة ايضا. وحسب تقرير للقناة العاشرة، فقد مول فاكر رحلة نجل رئيس الحكومة، يئير، الى نيويورك، بما في ذلك اجرة الفندق الذي نزل فيه. كما انه سمح له باستخدام منزل يملكه.

وباستثناء ميلتشين، تمت الاشارة خلال التحقيق الى اسماء عدد من اصحاب رؤوس الأموال الذين يشتبه قيامهم بارسال هدايا باهظة الثمن لنتنياهو والمساعدة في تمويل مصروفاته. وحسب الشبهات فقد تم تحويل التمويل بطلب مباشر من نتنياهو، او زوجته سارة. وتحدث احد المقربين من اولئك المتمولين عن طابع ثابت – فقد طلب من المتمول في احيان متقاربة شراء هدايا ثمينة لنتنياهو، خاصة صناديق السيجار والشمبانيا، التي تكلف مبالغ كبيرة. ولم يتم تسليم الهدايا خلال لقاءات مباشرة بين نتنياهو والمتمولين بشكل دائم، وانما كان يتم تحويلها، ايضا، بواسطة مبعوثين. وحسب الشبهات يصل المجموع الكلي للهدايا الى مئات آلاف الشواكل.

وفي آب 2015، نشرت "هآرتس" انه خلال عدة اسابيع زار نتنياهو بيت ميلتشين في هرتسليا اربع مرات. وخلال احد اللقاءات تواجد رئيس المعسكر الصهيوني النائب يتسحاق هرتسوغ. وفي حينه ادعوا في مكتب هرتسوغ، انه شارك في مناسبة حضرها الكثير من الاشخاص، لكن كاميرات الحراسة في المكان لم توثق حضور ضيوف اخرين. وتمت الاشارة في حينه الى ان ميلتشين يتوسط بين نتنياهو وهرتسوغ من اجل تشكيل حكومة وحدة.

تقديم لائحة اتهام ضد النائب باسل غطاس

تكتب "يسرائيل هيوم" انه تم يوم الخميس، تقديم لائحة اتهام خطيرة ضد النائب باسل غطاس (القائمة المشتركة) الى المحكمة المركزية في بئر السبع، بعد قيام المستشار القانوني للحكومة، ابيحاي مندلبليت، بتبليغ طاقم المحامين بأنه قرر بعد فحص الأدلة محاكمة غطاس. وكتبت "هآرتس" ان مندلبليت صادق على تقديم لائحة اتهام ضد غطاس، بتهمة مخالفة قانون منع استخدام الاملاك لأهداف الارهاب، والخداع وخرق الثقة من قبل موظف جمهور، والحصول على غرض بالخداع في ظروف خطيرة.

وقبل صدور القرار، ابلغ مندلبليت المحامين المترافعين عن غطاس استعداده للاستماع اليه خلال اسبوع، قبل اتخاذ القرار النهائي، بشأن موافقته على تمديد القيود المفروضة عليه، ومن بينها الاعتقال المنزلي. لكن المحامين ابلغوه رفضهم للاقتراح فاعلن مصادقته على تقديم لائحة اتهام، وابلغ الأمر لرئيس الكنيست يولي ادلشتين.

ويشتبه غطاس بالاتصال مع الأسير الأمني وليد دقة في سجن كتسيعوت، لتهريب هواتف خليوية الى السجن. ولهذا الغرض التقى بشقيق دقة، اسعد، في محطة الوقود على شارع 6، حيث سلمه اسعد مغلفات تحوي 12 هاتفا خليويا و16 بطاقة ذاكرة ووسائل اتصال اخرى، كي ينقلها الى السجن.

وفي اليوم نفسه وصل غطاس الى السجن وهو يحمل الهواتف داخل معطفه مع وثائق اخرى، وخلال دخوله الى السجن، اطلق جهاز الكشف عن المعادن تحذيرا، فقال غطاس للسجان بأن السبب هو حزامه، ورفض خلعه والمرور مرة اخرى، وقال انه بسبب عضويته في الكنيست يملك حصانة تمنع اجراء تفتيش على جسده.

وحسب الشبهات فقد دخل غطاس الى السجن وهو يحمل الاجهزة، والتقى الأسير وسلمه الوثائق، ومن ثم التقى بأسير اخر، باسل بيزرا وسلمه الهواتف. وحسب بيان وزارة القضاء فقد "كان المتهم يعرف بأنه يحمل اجهزة اتصال وسيتم تحويلها الى الاسرى الامنيين، ومن شبه المؤكد ان استخدامها سيمس بأمن الدولة". ونشرت الشرطة في نهاية الاسبوع مجموعة من الصور التي تم التقاطها داخل السجن، اثناء قيام غطاس بتسليم مغلف الهواتف للأسير بيزرا.

وفي حينه، سمح مندلبليت برفع حصانة غطاس واعتقاله وتفتيش مكتبه ومنزله. وتم تمديد اعتقاله مرتين، تم بعدها إطلاق سراحه وفرض الحبس المنزلي عليه.

وقال طاقم الدفاع عن غطاس لصحيفة "هآرتس" ردا على بيان المستشار ان "هذه خطوة غير قانونية وليست بنوايا حسنة، وهدفها منع غطاس من حق الاستماع الى اقواله وتمديد الاعتقال المنزلي. المستشار توجه الينا امس الأول بطلب الموافقة على تمديد الاعتقال المنزلي لغطاس، شريطة تسليم المواد ونيل حق الاستماع الى اقواله، وهي مسألة مستهجنة وغير مقبولة في حد ذاتها، تدل على نية القيام بإجراء نتيجته معروفة مسبقا، وهي الابقاء على غطاس قيد الاعتقال المنزلي دون أي مبرر".

واصر طاقم الدفاع على منح غطاس حق الاستماع الى اقواله قبل القرار النهائي بشأن تقديم لائحة اتهام، وقال انه لن يتنازل عن هذا الحق، ولن يوافق على تمديد الاعتقال المنزلي.

وفي اليوم الذي تم فيه تقديم لائحة الاتهام، الخميس، قرر قاضي محكمة الصلح في رحوبوت، مناحيم مزراحي، اطلاق سراح غطاس من الحبس المنزلي الذي استغرق عشرة ايام. وحدد القاضي بأنه يمكن الاكتفاء بمنعه من زيارة السجون ومنعه من مغادرة البلاد. كما حدد بأنه يجب ان يرافق غطاس احد الكفلاء الثلاثة طوال 30 يوما.

ورفض القاضي طلب المدعي في اللواء الجنوبي تمديد القيود المفروضة على غطاس لمدة شهر، بما في ذلك الاعتقال المنزلي، باستثناء المشاركة في التصويت في الكنيست.

ويمكن لغطاس خلال فترة 30 يوما التوجه الى الكنيست والادعاء بأن حصانته تمنع تقديمه لمحاكمة جنائية. وبعد مضي الوقت او اذا قررت الكنيست بأنه لا يملك هذه الحصانة يمكن تقديم لائحة اتهام ضده.

وتشير "يسرائيل هيوم" الى ان قانون اساس الكنيست يحدد انه يمكن فصل نائب من الكنيست فقط اذا تمت ادانته بمخالفة جنائية، وتحديد المحكمة بأن المخالفة تعتبر وصمة عار.

كما ان قرار لجنة الاخلاق البرلمانية اقصاء النائب غطاس عن جلسات الكنيست لمدة ستة اشهر لا يمكنه منع وصوله للتصويت. فالقرار يمنعه فقط من القاء خطابات في الهيئة العامة ولجان الكنيست، ومن حق تقديم مقترحات لجدول الاعمال واستجوابات ومشاريع قوانين.

لكن الكنيست تملك صلاحية اقصاء النائب غطاس بواسطة قانون الاقصاء الذي صودق عليه قبل نصف سنة. الا ان تحريك هذه الخطوة يحتم توقيع 70 نائبا، من بينهم عشرة من نواب المعارضة، على طلب الاقصاء، وبالتالي تمريره بغالبية 90 نائبا.

وقال الوزير زئيف الكين انه تمكن من جمع تواقيع 60 نائبا من الائتلاف لكن كتل المعارضة لم توافق حتى اليوم على التوقيع. وكان رئيس "يوجد مستقبل" النائب يئير لبيد قد اعلن قبل عدة أيام ان كتلته ستنضم الى الطلب في حال تقديم لائحة اتهام ضد غطاس. واعلن الناطق بلسان الحزب، الخميس، ان كتلته ملتزمة بهذا الوعد، لكنه يجب على نواب الكتلة التوقيع شخصيا على الطلب.

يشار الى ان تمرير قرار كهذا في الكنيست يجب ان يحظى بتأييد 90 نائبا، ما يعني انه يجب ان يؤيده 20 نائبا على الاقل من كتلة المعسكر الصهيوني التي تضم 24 نائبا.

وقال غطاس تعقيبا على قرار مندلبليت تقديم لائحة اتهام ضده ان "الاعلان كان متوقعا. هذا جزء من الضجة التي حدثت في 18 الشهر الماضي. يحاكمونني من دون أي منطق. المستشار منعني بشكل غير مسبوق من حق الاستماع الى اقوالي حسب القانون. لقد اثبت عدم وجود اجراء متساوي وعدم وجود منطق حين يكون المقصود عضو كنيست عربي، وانه يتآمر مع كل المحرضين ضدي".

رئيسة المحكمة العليا تحذر من ابعاد التحريض على القضاة الذين حاكموا ازاريا

واصلت الصحف الاسرائيلية في نهاية الأسبوع متابعة ابعاد العاصفة التي احدثها قرار ادانة الجندي القاتل اليؤور ازاريا في المحكمة العسكرية، وما رافق ذلك من حملة تحريض على قضاة المحكمة وقادة الجيش، من قبل مجموعات الغوغاء المتطرفة، ومساعي بعض السياسيين الى امتطاء هذه القضية لتحقيق مكاسب من خلال المسارعة الى المطالبة بالعفو عنه، خلافا لكل الاجراءات المتعارف عليها.

وفي هذا الصدد تكتب "هآرتس" عن تحذير رئيسة المحكمة العليا، مريام ناؤور، مساء الخميس، من التهجم على قضاة المحكمة العسكرية الذين ادانوا الجندي اليؤور ازاريا، واعتبارها بأنه يهدد سلطة القانون والديموقراطية. وتضيف الصحيفة انه بعد فترة وجيزة من صدور بيان ناؤور، امر المستشار القانوني للحكومة، ابيحاي مندلبليت بالتحقيق ضد المتظاهرين الذين احتجوا على قرار الحكم، بشبهة التحريض على العنف.

وجاء في بيان ناؤور ان المحكمة العليا وقضاتها لا يستطيعون الوقوف على الحياد امام "الهجوم الجامح والتهديدات الموجهة الى قضاة المحكمة العسكرية". وحسب نؤور فان "الانتقاد الموضوعي لقرار الحكم شرعي طبعا، ولكن الهجوم على القضاة اجتاز حدود الحوار ويشكل خطرا على سلطة القانون والديموقراطية".

وتم خلال اليومين الاخيرين التحقيق مع شخصين بشبهة التحريض على قضاة المحكمة العسكرية، في اعقاب ادانة ازاريا. فقد تم اعتقال مواطن من القدس بعد قيامه بنشر "انتقاد متطرف" على الفيسبوك، ومواطنة من كريات جات، بعد قيامها بنشر تهديد والدعوة الى العنف.

وقرر الجيش خلال اليومين الاخيرين تعزيز الحراسة حول قضاة المحكمة العسكرية العقيد مايا هيلر، والعقيد كرمل وهبي، والرائد يارون سيطبون، بالإضافة الى المدعي العسكري الرائد نداف فايسمان.

ويأتي قرار مندلبليت فتح التحقيق في اعقاب الشعارات والهتافات التي تم رفعها خلال المظاهرة التي جرت في تل ابيب امام مقر وزارة الامن، والتي تضمنت تهديدات لرئيس الاركان غادي ايزنكوت، من بينها "غادي، احذر، رابين يبحث عن صديق". واكد مندلبليت حسب بيان صدر عن وزارة القضاء، "عدم وجود مكان للتسليم بالتعابير المحرضة، لا ضد القضاة ولا ضباط الجيش ولا أي جهة في جهاز تطبيق القانون، او بشكل عام." وقال ان جهاز تطبيق القانون سيتعامل بإصرار وبدون مساومة مع التحريض على العنف والعنصرية".

تحريض على بعض النواب المؤيدين للإدانة

وتكتب "يسرائيل هيوم" ان ضابط الكنيست الاسرائيلي، يوسيف غريف، أبلغ رئيس الكنيست يولي ادلشتين، انه طرأ خلال اليومين الاخيرين، تصعيد في التحريض على النواب الذي دعموا ادانة الجندي اليؤور ازاريا. وعلمت الصحيفة ان النواب توجهوا الى غريف وقدموا شكاوى اثر تلقيهم تهديدات، فقام بتحويل مواد التحريض التي توفرت لديه، وهي في غالبيتها منشورات على الشبكة الاجتماعية، الى الشرطة وطالبها التحقيق فيها.

وقال رئيس الكنيست ادلشتين، ان "من حق كل مواطن الاعراب عن رأيه في كل موضوع، لكن يجب على كل واحد احترام رأي الآخر. الدعوات التي تنطوي على تحريض ومس بالنواب خطيرة ويمكن ان تقود الى الاعتداء الجسدي".

من جانبه يجد الجيش صعوبة في الوصول الى الجنود الذين نشروا على الشبكة صور احتجاج على ادانة ازاريا، وتمكن فقط من الوصول الى عدد من جنود كتيبة "نحشون" في لواء "كفير" الذين نشروا صورة لأسلحة وقبعات عسكرية والى جانبها شعار "اليؤور دخل الى السجن؟ سندخل جميعا الى السجن!" وتم توبيخ الجنود لكنه لم يتم تقديمهم للمحاكمة. وقال الجيش ان الجنود لم يرفضوا اوامر عسكرية او القيام بأي عمل باستثناء نشر الصورة على الشبكة ولذلك لم تجر محاكمتهم. واوضح الجيش ان "المشاركة في الاحتجاج على الشبكة تتناقض مع المتوقع من الجنود".

وجرت في الكثير من وحدات الجيش، ومن بينها لواء "كفير" محادثات بين القادة والجنود حول قرار ادانة ازاريا. وفي هذا الاطار تم التوضيح للجنود ما هو المتوقع منهم. وجاء من الناطق العسكري ان الجنود "يشجبون كل مقولة وكل تحريض من أي نوع ضد قضاة المحكمة العسكرية والجهاز القضائي العسكري وكل جندي مهما كان. هذا الهجوم الخطير يستحق الشجب والرد عليه بشكل واضح. الجيش الاسرائيلي هو جيش الشعب ويجب ان يبقى خارج الجدل السياسي. لا يمكن السماح بالتحريض او المنشورات التي تمس بمن يخدمون في الجيش، ويجب شجبهم بشكل صارم. قادة الجيش سيواصلون العمل دفاعا عن الدولة ولضمان امن مواطني اسرائيل".

مواجهة لفظية بين ليبرمان وبينت

وفي السياق نفسه، تنشر "يسرائيل هيوم" ان عاصفة الدعوة الى العفو عن الجندي اليؤور ازاريا، تحولت الى مواجهة بين وزير الامن افيغدور ليبرمان، الذي دعا الى تخفيض اللهجة وانتظار استنفاذ الاجراءات القضائية، ووزير التعليم نفتالي بينت، الذي طالب ليبرمان بالعفو عن ازاريا بالسرعة الممكنة.

ويوم امس (الخميس) هاجم ليبرمان الوزير بينت شخصيا، والمح الى انه يعمل بدوافع سياسية وليس من خلال القلق الصادق على الجندي ازاريا. وقال: "اعتقد انه من المناسب ان يعرف وزير التعليم كيف يقرأ القانون على الأقل، والقانون واضح جدا. كل الشعارات التي نسمعها الان هي شعارات من اجل الشعارات فقط وليست من اجل ازاريا". واضاف ليبرمان في حديث لإذاعة الجيش ان "كل واحد منا يحمل رأيا في موضوع المحكمة ولا احد يريد الهرب من الواقع، لكننا نلتزم جميعا بتقبل القرار".

وسارع بينت الى الرد قائلا: "لست متأكدا من انني كنت سأحصل على دروس من ليبرمان في موضوع الحرب في ساحة القتال. سمعت بأنه يرسلني للدراسة والقراءة – انا اقترح عليه تعلم العد، مثلا حتى 48 ساعة"، وكما يبدو قصد بذلك التلميح الى قول ليبرمان في السابق "لو كنت وزير الامن لكنت امهل السيد هنية 48 ساعة".

ونشر موقع nrg امس (الخميس) ان وزير الامن السابق موشيه يعلون قال في السابق خلال اجتماع لنشطاء الليكود بأنه يدعم العفو عن ازاريا في حال ادانته – خلافا للخط المتشدد الذي انتهجه يعلون ضد ما فعله الجندي منذ اليوم الاول للحادث".

رائد جريح يدعو الى التظاهر ضد التحريض على الجيش

نشر الرائد (احتياط) زيف شيلون، الضابط الذي اصيب بجراح بالغة في حرب غزة الاخيرة، وفقد يده، دعوة مفتوحة على الشبكة الاجتماعية، يدعو فيها كل "شعب اسرائيل، اليمين واليسار والمتدينين والعلمانيين وغير اليهود والسياسيين والفنانين، وكل مواطني اسرائيل"، الى مشاركته في التظاهرة التي ينوي تنظيمها مساء السبت في ساحة رابين في تل ابيب، "لاحتضان الدولة النازفة" جراء حملة التحريض على قادة الجيش في اعقاب قرار الحكم على الجندي اليؤور ازاريا.

وتنشر صحيفة "يديعوت احرونوت" المنشور الذي نشره زيف، والذي يكتب فيه: "انا الذي لم ابك في اللحظات القاسية التي لا اتمناها لأحد، جلست وبكيت، بكيت على شعب اسرائيل الذي يمزق نفسه الى شظايا بكراهية غير مسبوقة، بكيت على يدي التي تركتها في غزة، وسألت نفسي، ربما للمرة الأولى في حياتي: هل كان من الجدير المحاربة من اجل شعب يكره نفسه؟"

"بكيت على ابنتي شيرا التي كنت سأقوم في واقع اخر بتعليمها كيف تربط حذاءها، ولا يمكنني عمل ذلك اليوم، بكيت على الواقع الذي نشأت فيه، على رفاقها في الصف الذين "لن يرسلهم اهلهم الى الجيش"، الن يذهبوا الى الجيش الذي احبه جدا؟ الن يذهبوا الى الجيش الذي فقدت فيه الكثير من الاصدقاء خلال حراسة الوطن؟ الجيش الذي ساد حوله الاجماع حتى الان، واعتبر منارة لكل جيوش العالم، واليوم يدعو جزء من الشعب الذي يحميه هذا الجيش الى قتل رئيسه؟ الن يذهبوا الى هذا الجيش، الجيش الوحيد الذي يضمن وجود هذا الشعب. كم يؤلمني سماع هذه المقولات اليوم، من دون أي علاقة باجندة سياسية، كل شيء مليء بالكراهية. ما الذي حدث لنا يا شعب اسرائيل؟"

 

مقالات وتقارير

اكثر من 20 تحقيقا في اطلاق النار على فلسطينيين، وادانة جندي واحد

تكتب غيلي كوهين، في "هآرتس" انه منذ بدء موجة الارهاب في تشرين اول 2015، فتح الجيش الاسرائيلي تحقيقات في اكثر من 20 حالة اطلاق للنيران على فلسطينيين. وتم في اطار هذه التحقيقات جباية افادات من الجنود وجمع افلام ووسائل توثيق اخرى، وفي عدة حالات توجه الجيش الى تنظيمات لحقوق الإنسان، من بينها مركز "بتسيلم" لتسليط اضواء اضافية على الاحداث، لكنه لم يتم حتى اليوم تقديم أي لائحة اتهام، باستثناء حالة اليؤور ازاريا. ولم يتم في أي حالة اعتقال الجندي المشبوه ولا تصويره وهو مقيد ومقاد الى المحكمة.

اذن، ما الذي جعل ملف التحقيق مع اليؤور ازاريا بالغ الاهمية الى هذا الحد؟ اولا، توثيق الحادث. الشريط الذي التقطته كاميرا عماد ابو شمسية، المتطوع في "بتسيلم"، الذي يوثق كل ثانية من سلوكيات الجيش والمستوطنين، ووثق حادث ازاريا طبعا. وكما يبدو فان الشريط الذي صوره هو افضل دليل يمكن ان يطرح امام المحققين او القضاة. توثيق بالفيديو، من دون أي تحرير، بل حتى مع صوت، يمكن لمن يصغي اليه جيدا ان يسمع صراخ احد المستوطنين في المكان "انه يحمل عبوة" – تلك الصرخة التي يدعي ازاريا بأنها رسخت لديه الاشتباه بالمخرب عبد الفتاح الشريف.

لدى أودي بن اليعيزر، العقيد (احتياط) في النيابة العسكرية، والذي شغل منصب المحامي العسكري الرئيسي، ومن ثم المدعي العسكري الرئيس حتى العام 2015، جواب آخر. "كل هذا السيرك، الذي قاده شارون غال، سبب له الضرر فقط، وسيواصل الحاق الضرر به – وفي هذا الجانب، آسف عليه وعلى العائلة. اذا تم ارساله الى السجن لفترة اعتقال طويلة، فان الابوين البيولوجيين وحدهما سيزورانه في السجن وليس الآباء الافتراضيون لـ “ابننا جميعا"، يقول، ويضيف: "الحقائق لا تعني أحد. لقد قررت المحكمة بانه أطلق النار بدافع الانتقام. ألا تفهمون بانه يجب أن يعاقب لأنه اطلق النار على المخرب بدافع الانتقام؟ الكثير ممن شاهدوا الشريط يعتبرون ما فعله هو  اعدام. هذا اشتباه قائم ويبرر التحقيق – والاعتقال".

قادة أزاريا أبلغوا مندوبي النيابة العسكرية، فور وقوع الحادث الشاذ، فاتصل هؤلاء بشرطة التحقيق العسكرية. ويحدد قرار الحكم بان التحقيق في قضية ازاريا بدأ قبل نشر الشريط الذي يوثق الحدث. عمليا، في الساعة 13:30 تلقى محقق قديم من الشرطة العسكرية في قيادة المنطقة الجنوبية- الرائد ران كينان – تقريرا عن الحدث من قائده، بعد اطلاعه على فتح التحقيق. وبعد ذلك أُرسل اليه الشريط أيضا. لكن الناطقة بلسان “بتسيلم” ارسلت شريط الفيديو الى وسائل الاعلام في الساعة 13:50. وحدد القضاة في قرارهم ان الشريط يشكل “دليلا موضوعيا ومستقلا يسمح للمحكمة بالعودة الى ساحة الحدث وفحص تسلسل الامور كما تم توثيقها 'اثناء وقوع الحادث مباشرة'."

وبسبب  فتح التحقيق عاجلا، قام محققو الشرطة بجمع إفادات من أزاريا ومن جنود آخرين، وحتى من قائد السرية، الرائد توم نعمان، في يوم الحدث أو في غداته. وهكذا توفر دليل آخر كان له وزنا ثقيلا في إدانة أزاريا – قوله بعد اطلاق النار “طعنوا رفيقي، ارادوا قتله، وهو أيضا (المخرب) يستحق الموت". في قسم لا بأس به من تحقيق الشرطة العسكرية، كان السلوك مغايرا: القادة يطلبون من الشرطة العسكرية تأخير جمع الافادات حتى انتهاء التحقيق العملياتي. وهذا يؤدي في كثير من المرات الى إطالة التحقيقات، وجعل النيابة تطلب من محققي الشرطة العسكرية العودة لاستيضاح المزيد من المعطيات. توصية لجنة تشاحنوفر، التي عنيت بهذه المواضيع، بحصر مدة التحقيقات التي تعنى بمسائل انتهاك القانون الدولي، بتسعة اشهر، لم تطبق بعد في الجيش الاسرائيلي، فالموضوع لا يزال قيد الدراسة.

في حالة أزاريا، تداخل وقت جمع الافادات مع اجراء التحقيق. بل ان طاقم الدفاع عن أزاريا يدعي أكثر من ذلك: انهم يدعون أن التحقيق من قبل الشرطة العسكرية سبق التحقيق العملياتي، وبما أن أزاريا لم يشارك في التحقيق العملياتي – فانه لم يتم سماع ادعاءاته بشـأن الخوف من العبوة. لكن القضاة اعتقدوا خلاف ذلك، لأنه تم نقل أزاريا الى مقر القيادة اللوائية في عصيون للمشاركة في التحقيق العسكري. ويقول بن اليعيزر: “هناك صراع دائم بين القادة الذين يريدون استكمال التحقيق العملياتي وبين الشرطة العسكرية التي تريد الدخول بسرعة أكبر. هذا توتر قائم منذ سنوات. هنا جرى تحقيق عملياتي وتم نقل نتائجه الى الشرطة العسكرية المحققة، لأنهم فهموا بأن ما حدث لم يكن صائبا. هناك حالات غير قليلة يتم فيها التحقيق مع الجنود فورا، ولكني اوافق على أن حقيقة اعتقاله هي أمر ليس شائعا. ولكننا هنا نواجه وضعية يعتبرها الكثير من الناس عملية اعدام – فكيف لا يتم اعتقاله؟

فحص الملفات يطول

أحيانا، وعلى الرغم من توفر اشرطة الفيديو التي توثق للحادث، يطول فحص ملفات التحقيق لدرجة أن الضالعين فيها يكونوا قد خرجوا من نطاق قانون القضاء العسكري. هكذا حصل في حالة موت الفتى سمير عواد في قرية بدرس في كانون الثاني 2013. شريط الفيديو الذي وثق الحادث – والذي التقطته كاميرات الرصد العسكري – وثق جزءا مما حدث فقط. وبعد انتهاء التحقيق الذي اجرته الشرطة العسكرية تم ارسال المحققين لاستكمال التحقيق، مرة تلو الاخرى، الى أن تم تسريح الجنديين الضالعين في اطلاق النار من الخدمة. وبعد ثلاث سنوات من بدء التحقيق تم اتهامهما في محكمة مدنية بانهما ارتكبا "عملا متهورا ومهملا”. وقرر قضاة المحكمة العليا، في أعقاب التماس قدمه والد سمير و “بتسيلم”، أمر النيابة العسكرية والنيابة العامة للدولة باتخاذ قرار في ملف التحقيق.

حسب لائحة الاتهام ضد الاثنين، فقد وصل عواد، اثناء فترة الكمين، الى منطقة الجدار عبر ثغرة قائمة. وقام الجنديان بمطاردته  واطلقا النار في الهواء، وبعد ذلك اطلقا النار عليه خلافا لنظم فتح النار. ولم ينجح تحقيق الشرطة العسكرية عمليا في تحديد مَن هو الجندي المسؤول عن اطلاق النار التي قتلت عواد. وجاء في لائحة الاتهام: "نتيجة لإطلاق النار من قبل المتهم الاول او الثاني، اصيب المرحوم وسقط على الأرض ينزف دما، وتم نقله الى مستشفى رام الله، لكنه توفي في اليوم نفسه". وفي ايلول الماضي، فقط، بدأت محاكمة الجنديين.

في حالة اخرى، قتل خلالها مصطفى التميمي في العام 2011، في قرية النبي صالح، تم توثيق الحدث: تم فتح باب الجيب، ومن خلفه كان فلسطينيان يحملان حجارة. وتم اطلاق قنبلة غاز خارج السيارة– فأصابت التميمي. في البداية ادعى الجنود بانهم تعرضوا للحجارة حين كان باب الجيب مفتوحا، ولذلك فتحوا النار. غير أن توثيق الفيديو اظهر صورة مختلفة. فالتعليمات العسكرية تمنع اطلاق قنابل الغاز بتصويب مباشر، لكن الجندي الذي اطلق القنبلة، أبيرام، غير روايته فقط بعد مشاهدته للتوثيق، واعترف بانه اطلقها هكذا مباشرة– لكنه قال بأنه لم يشاهد احدا في المنطقة. ورغم التوثيق، تم في العام 2013 اغلاق الملف. واستأنف مركز “بتسيلم” على القرار، لكنه تم رد استئنافه. وكانت الحجة هي أنه نشأ “شك معقول” بشأن مسألة ما اذا كان الجندي مطلق القنبلة قد رأى التميمي. وفي رد الناطق العسكري على تقرير نشر في “هآرتس″ حول هذا الملف في تموز، جاء انه “حسب مادة الادلة تم اطلاق النار وفقا للقواعد والتعليمات وملف التحقيق اغلق دون اتخاذ اجراءات بحق الجندي".

هناك شريط آخر صوره مركز “بتسيلم” وقاد الى فتح تحقيق لدى الشرطة العسكرية في تموز 2008. في حينه، تم توثيق الجندي، ليوناردو كوريا، يطلق عيار مطاط على أشرف أبو رحمة، المعتقل الفلسطيني الذي كان مقيدا ومعصوب العينين. وتم اطلاق الرصاصة عندما كان قائد كتيبة المدرعات، المقدم عُمري بوربرغ، يمسك بذراع ابو رحمة. وبعد نشر الشريط فقط، تم فتح التحقيق، في حينه ايضا، كما في حالة أزاريا، اعتقل الجندي مطلق النار.

قائد الكتيبة بوربرغ، ايضا، خضع للتحقيق في الشرطة العسكرية، وقدم هو والجندي روايتين متضاربتين: فقد ادعى كوريا ان قائده أمره بإطلاق النار على ابو رحمة ثلاث مرات. بينما شرح قائد الكتيبة بانه قال للجندي فقط ان يخيف الفلسطيني. وتم اتهام الاثنين بالسلوك غير المناسب. لكن الالتماس الذي تم تقديمه الى المحكمة العليا قاد، بشكل استثنائي، الى جعل النيابة تغير التهمة. في البداية، اعتقد النائب العسكري الرئيسي، في حينه افيحاي مندلبليت، ان لا مكان لتغيير لائحة الاتهام، ولكن في أعقاب قرار العليا، تم تغيير البنود. وفي العام 2009 اتهم المقدم بوربرغ بمخالفات التهديد والسلوك غير المناسب، بينما اتهم كوريا باستخدام غير قانوني للسلاح، والسلوك غير المناسب، وادينا في عام 2010.

ويؤكد بن اليعيزر وجود اختلاف بين حدث وحدث. وبالفعل، فان الاحداث غير متشابهة، وفي كل ملف توجد قاعدة ادلة مختلفة، بند اتهام مختلف وشبهات مختلفة. لكن هناك شيء واحد يبرز قضية أزاريا: التأييد الجماهيري. ويضيف: “في قضية قائد الكتيبة في حادث نعلين كان هناك، ايضا، شريط  صوره مركز “بتسيلم” ورافقه الكثير من الضجيج الاعلامي، لكنه لم يتم تجنيد الجمهور في صالح أي منهما (الجندي او قائد الكتيبة). اشك بأن هناك من يتذكر اسم قائد الكتيبة حتى اليوم. أما أزاريا فسيتذكرونه دوما بأنه أطلق النار على المخرب”.

محاكمة أزاريا: جيش الشعب امام ممثلي الشعب

يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" ان ما حدث خارج قاعة المحكمة العسكرية في "الكرياه"، اثناء قراءة قرار الحكم على العريف اليؤور ازاريا، كان كما يبدو غير مسبوق. جمهور تم تحريضه، وقف على مرمى حجر من مقر القيادة العامة ودعا الى قتل رئيس الاركان غادي ايزنكوت، وهدد بالاهتمام بأن يكون مصيره مثل مصير رئيس الحكومة (ورئيس الاركان سابقا) يتسحاق رابين. لم يسبق لنا رؤية مثل هذا المشهد هنا، حتى بعد الفشل العسكري الكبير في حرب يوم الغفران. في حينه، والى حد ما بعد حرب لبنان الثانية في 2006، قامت عائلات ثاكلة وطالبت بفصل رئيس الاركان. لكنه لم يهدد احد بتصفيته على رؤوس الأشهاد. لقد كمن خطأ ايزنكوت في كونه تجرأ على التذكير بأن الجيش ليس عصابة وانما تنظيم هيكلي يجب ان يعمل حسب منظومة من القيم والأوامر، وهذا كان كافيا بالنسبة للمتظاهرين كي يصفونه بالخائن الذي يستحق الموت.

يوم امس قال ضباط في محيط رئيس الأركان انه محمي جدا، ويجب عدم التخوف اكثر من اللزوم على سلامته لأن مستوى الحماية من حوله مرتفع في كل الاحوال، بسبب المخاطر الآتية من حزب الله، وليس من اليمين المتطرف في اسرائيل. ما يجب ان يثير الجيش الان، ورئيسة المحكمة العليا، هو سلامة القضاة العسكريين الثلاثة الذين ادانوا أزاريا، والمدعي العسكري في المحكمة.

في الشبكات الاجتماعية يهددون حياة هؤلاء علنا، وقامت وحدة الحراسة في القيادة العامة بفرض حراسة عليهم. محاولة المس بهم ستشكل تجاوزا للخط الأحمر – ومع ذلك، من المشكوك فيه ان يفاجئ ذلك احد في الاجواء العامة الحالية. الرعاع الذين سيطروا على تظاهرة التأييد لأزاريا لم يحضروا للتماثل مع الجندي، وانما للمشاغبة وفرض الرعب. في حالات كثيرة، هؤلاء هم ذات الوجوه والاسماء المعروفة للشرطة وللجناح اليهودي في الشاباك، من احداث سابقة، من تظاهرات التنظيم اليميني المتطرف "لهباه"، ومن اعمال الشغب التي يقوم بها نشطاء "لا فاميليا"، النواة القاسية بين انصار بيتار القدس. في شهر آذار الماضي، قام هؤلاء بشتم الجنود والصحفيين على مدخل معسكر "كستينا"، والبصاق عليهم، اثناء انعقاد احدى جلسات النظر في ملف ازاريا، وشكلوا في حينه خلفية للدخول الدراماتيكي الى قاعة المحكمة للنائب في المعارضة آنذاك، افيغدور ليبرمان.

قبل عامين ونصف، في حزيران 2014، تحولت تظاهرة احتجاج جرت في اعقاب العثور على جثث الفتية الاسرائيليين الثلاثة الذين قتلوا في غوش عتصيون، الى حملة صيد للعمال العرب الذين وصلوا الى مركز مدينة القدس. تلك كانت احداث ليلة الرعب التي انتهت في اليوم التالي بقتل الفتى الفلسطيني محمد ابو خضير من شعفاط. باستثناء قضية ابو خضير، تواصل السلطات معالجة هذه المجموعات بقفازات من حرير. لا يوجد أي سبب للافتراض بأنه سيتغير شيء في سلوكها الان، فقط لأن البلطجيين هددوا هذه المرة رئيس الاركان.

بدل ان يكبح الجهاز السياسي هذه الصرخات، انضم الى الاحتفال. الوزراء واعضاء الكنيست من احزاب اليمين والوسط التي نصحت الجنود وقوات الشرطة، خلال موجة العمليات قبل سنة، بإطلاق النار اولا وطرح الاسئلة لاحقا، سارعوا الى المطالبة بالعفو عن الجندي المدان. في لقاء مع اذاعة الجيش الاسرائيلي سارعت الوزيرة ميري ريغف الى مطالبة وزير الامن ليبرمان بترتيب العفو لأزاريا، حتى قبل انتهاء القاضية العقيد مايا هيلر من قراءة قرار الحكم في المحكمة، ومن دون علاقة بحقيقة كون ليبرمان لا يتمتع بأي مكانة قانونية في هذه المرحلة من الاجراءات.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي حرص منذ بداية القضية، على الصعود على كل لغم ممكن، انضم الى الوزير نفتالي بينت واعرب عن دعمه للعفو. وتطرق نتنياهو باقتضاب وبلسان واهنة الى الهجمات على ايزنكوت والجهاز القضائي العسكري. لكنه في حالته، يبدو ان الدعم العلني للجندي المدان هو جزء من خطوة اكبر. نتنياهو يحتاج الان الى اكبر نسبة دعم من اليمين في معركة الكبح التي يقودها ضد النيابة والشرطة في موضوع التحقيقات ضده بشبهات الفساد. بالنسبة لنتنياهو فان عمق العفو كعمق التحقيق.

البالغ الوحيد في السيرك

كما حدث في قضية استقالة رئيس قسم القوى البشرية الجنرال حجاي طوبولنسكي، بعد سرقة حاسوب عسكري من منزله في الشهر الماضي، يصعب هذه المرة، ايضا، عدم الانتباه الى الفارق في التوجه والمعايير بين الجيش والجهاز السياسي. لقد برزت الفجوات في خطاب ايزنكوت، عشية صدور قرار الحكم. في مراسم ذكرى رئيس الأركان السابق امنون ليفكين شاحك، تحدث ايزنكوت عن الرسمية وعن عالم قيم دافيد بن غوريون، بينما انشغلت العقيد (احتياط) ميري ريغف، ونائبة الوزير تسيبي حوطوفيلي، بمحاولة تكهن مزاج الشعب.

في هذه الظروف، لا يملك وزير الامن مفرا الا التصرف كالبالغ المسؤول نسبيا بين القادمين الى السيرك. قبل عدة ايام دعا ليبرمان رفاقه في اليمين الى الحذر من رؤى الضم، على خلفية قرار مجلس الامن ضد المستوطنات وتوقعات اسرائيل من انتخاب دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة. ومنذ امس الاول (الاربعاء) يدير وزير الامن حملة تهدئة في الاستوديوهات، يخرج فيها ضد الهجوم على الجيش. عندما نقرأ التصريحات الداعمة لايزنكوت التي ينشرها ليبرمان، يمكن الارتباك للحظة بأن الموقع عليها هو سابقه في المنصب، موشيه يعلون، الذي سرعت قضية ازاريا استقالته.

ليبرمان الذي لا يخفي دعمه للجندي، يطمح هو أيضا، بالتأكيد، الى العفو عنه او تخفيف عقوبته. ولكن خلافا لرفاقه، يبدو انه تعمق في تفاصيل الاجراءات ويفهم انه ستمر شهور كثيرة قبل ان يصبح بالإمكان استكمال الخطوة. سيكون امام أزاريا ثلاثة مسارات: طلب العفو من الرئيس، تخفيف الحكم عليه من قبل قائده، قائد المنطقة الوسطى روني نوما، او تقديم استئناف الى محكمة الاستئناف العسكرية. الرئيس وقائد المنطقة يمكنهما التعامل مع هذه القضية فقط بعد استكمال الاجراءات في المحكمة وفرض العقوبة على الجندي، لكن الاجراء لدى القائد اقصر واسهل. اما لدى الرئيس فيمكن ان يستغرق سنة، وعندها، ايضا، سيكون الأمر منوطا بوجهة نظر النائب العسكري الرئيسي، ورئيس القوى البشرية، ورئيس الاركان ووزير الامن، والتي يمكن ان تكون احداها سلبية. يبدو ان دعوة ليبرمان الى الهدوء حاليا والسماح للجهاز القضائي العسكري بمواصلة العمل، توجه نحو اجراء لتخفيف العقوبة من قبل نوما. قيادة الجيش حساسة لفكرة العفو. خلافا لقرار يصدر عن قائد المنطقة الوسطى، فان القيادة العسكرية ستتعامل مع قرار بالعفو من قبل الرئيس، بمثابة تدخل خارجي يلغي معنى قرار المحكمة، والدروس الاخلاقية والعملية الناجمة عنه.

في هذه الأثناء، وعشية تقديم الاستئناف، سينضم الى طاقم المحامين المحامي يورام شفطل، وهي خطوة تشبه محاولة اخماد الحريق بواسطة متفجرات ديناميت. منذ لحظة انفجار القضية رافق العائلة كمستشار اعلامي وكدماغ من وراء الكواليس، النائب السابق شارون غال، المقرب من ليبرمان، والذي اختفى مؤخرا عن الانظار لأسابيع طويلة، على خلفية شائعات عن ملاحقته من قبل جهات يدين لها بالمال. في المحكمة مثلت الجندي بطارية من المحامين الذين اختاروا عرضه كبطل عمل بدون اي شائبة في الوقت الذي فشلت فيه كل سلسلة القيادة (وقد رفضت المحكمة كل ادعاءات الدفاع). الان ينضم الى الاضطراب محامي اشتهر في السنوات الاخيرة فقط بفعل تهجمه الهستيري على اليسار والمخربين والخونة الاخرين.

في كل الاحوال لا تبدو فرص الاستئناف عالية. محاكم الاستئناف لا تميل عادة الى التدخل في مسائل الحقائق، التي وقفت هنا في قلب الادانة وعولجت بالتفصيل في قرار الحكم. قضاة محكمة قيادة المنطقة الوسطى لن يظهروا ولو ذرة ثقة بروايات ازاريا المختلفة، وادعاءاته المتأخرة بأنه شعر بالخطر على حياته عندما قرر اطلاق النار على المخرب الجريح والنائم على الأرض. وفي مسألة مصداقية المتهم، الذي لن يشهد ابدا امام محكمة الاستئناف، يصبح التدخل نادر بشكل اكبر.

لقد منيت القاضية هيلر بالكثير من الغضب عليها في تويتر لأنها تجرأت على انهاك شعب اسرائيل في اصرارها على قراءة 97 صفحة كتب عليها قرار الحكم. لكنه يدو انه كان هناك هدف وراء ذلك. لقد نقضت هيلر بذلك كل ادعاءات الدفاع الواحد تلو الآخر. يجب حدوث امر استثنائي جدا، كي يحظى ازاريا بالبراءة في المرحلة القادمة، الا اذا كان شفطل يخفي ورقة ما في كم قميصه.

الصورة المُدينة

في قرار الحكم المفصل، رفضت القاضية العقيد هيلر كل الادعاءات التي عرضها ازاريا ومحاميه لتبرير او لتخفيف قراره إطلاق النار على المخرب الجريح. وبدلا من ذلك اختارت هيئة المحكمة تصديق ما قاله الجندي لرفاقه في الوحدة، فور الحادث، وهو انه اطلق النار على المخرب انتقاما لجرح صديقه. وتؤكد هيلر بذلك نتائج التحقيق العملياتي الذي اجراه قادة الجيش بعد ساعات من وقوع الحادث. وهي تتبنى عمليا استنتاجات ست ساعات من التحقيق العملياتي، وترفض كل ما ادعاه الدفاع بعد ذلك، خلال تسعة اشهر من المحاكمة.

هذه نقطة جوهرية، ايضا لأنها تتعلق، بشكل غير مباشر، بمسألة كانت معلقة في الهواء طوال القضية، ولكن بطبيعة الامور لم تناقش خلال قرار الحكم: الى أي حد يعتبر حادث ازاريا استثنائيا في سماته. يصعب الاختلاف مع حقيقة انه لو لم يتم تصوير الحادث من قبل متطوع فلسطيني من مركز "بتسيلم" لما كانت قد قامت عاصفة شعبية واعلامية، ومن المشكوك فيه انه كان سيتم استنفاذ الحكم بحق مطلق النار. على مدار السنة ونصف السنة الاخيرتين – وفي الواقع على مدار حوالي 50 سنة مرت منذ حرب الايام الستة – وقعت الكثير من الحالات التي قام خلالها الجنود والشرطة بتفعيل القوة الزائدة من اجل احباط تهديد، سواء كان المقصود مخربا جريحا ام فتى رشق الحجارة. ولقد تمت معالجة ذرات من هذه الحالات على المستوى القضائي.

معالجة قضية ازاريا بالذات، التي تم تسريعها بسبب الشريط المصور وتوزيعه على وسائل الاعلام سمحت للجيش بالتوصل بسرعة نسبية الى وصف الحقيقة بشكل شبه مؤكد. احد قادة قوات الجيش في المناطق خلال ايام الانتفاضتين كان يروي بأنه يخصص لنفسه ثلاث ساعات فقط للوصول الى موقع قتل فيه فلسطيني بنيران الجنود. بعد هذا الوقت، كانت يتم اغلاق كل شيء. اخوة الجنود تعزز رابط الصمت والتغطية المتبادل، والقادة يجدون صعوبة في فحص ما حدث فعلا على الأرض. هذه الظواهر تعمقت في العقد الأخير مع ميل المجتمع الاسرائيلي نحو اليمين والدعم الجارف للجنود في المناطق. ولذلك فان محاكمة ازاريا تعتبر استثنائية. لبالغ الحظ، هناك انخفاض حاد في حجم الاحداث الارهابية، وبما يتفق مع ذلك، انخفاض ايضا في عدد القتلى الفلسطينيين بنيران الجيش. لكن النيابة ستحتاج الى دلائل قاطعة جدا كي تقرر اعادة تقديم جندي الى المحاكمة في ظروف مشابهة.

لقد استثمر الجيش في الأشهر الأخيرة الكثير من الجهود من اجل اعداد الوحدات القتالية لنهاية محاكمة ازاريا. رغم التهديد برفض الخدمة الذي يعلو بين الحين والآخر، ورغم الأصوات غير المحتملة حول تحريض الجنود من الخارج في عهد الشبكات الاجتماعية، لم يندلع أي تمرد بين المسلحين احتجاجا على الادانة. ومع ذلك، يفهم رئيس الأركان ان القضية لم تصبح من خلفه بعد. خلال الأشهر القادمة ستكون هناك حاجة الى تعزيز غير متوقف للرسالة، ولتوجيهات فتح النيران، من اجل منع تزحلق اخر عل المنحدر.

الادارة المدنية بدأت 2017 بهدم عشرات المباني الفلسطينية وخلفت 151 فلسطينيا بدون مأوى

تنشر عميرة هس في "هآرتس" تقريرا جاء فيه ان الوعد الذي قطعه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لمستوطني بؤرة عمونة بتفعيل قانون الهدم على العرب الاسرائيليين "بشكل متساو"، اجتاز الخط الأخضر، هذا الأسبوع. فعدد المباني الفلسطينية التي تم هدمها خلال الأسبوع الأول من كانون الثاني 2017، يضاعف قرابة اربع مرات متوسط عمليات الهدم الاسبوعي في عام 2016، حيث تم آنذاك هدم 20 بناية كل اسبوع. وحسب تسجيلات مكتب الامم المتحدة لتنسيق العمل الانساني، فقد بلغ متوسط الهدم في 2015، عشرة مباني اسبوعيا. لكن الادارة المدنية والجيش الاسرائيلي هدموا خلال الأسبوع الاول من هذا العام، بين يومي الاثنين والخميس من هذا الاسبوع، 65 بناية في بلدات فلسطينية في المناطق C، بالإضافة الى سبعة آبار لتجميع مياه الامطار، فيما هدمت بلدية القدس منزلين في القدس الشرقية. وبلغ عدد سكان المباني المهدومة 151 مواطنا، من بينهم 90 طفلا.

يوم الاثنين الماضي، في الوقت الذي ناقشت فيه لجنة القانون البرلمانية اقتراحا بضم معاليه ادوميم الى اسرائيل، هدمت قوات الادارة المدنية والجيش 12 كوخا من الصفيح – بينها ثمانية مساكن – في مجمعين للبدو من قبيلة الجهالين، الى الجنوب من مستوطنة معاليه ادوميم. كما هدمت ثلاثة اكواخ في بير المسكوب، وتسعة في وادي سنيسل، وخلفت 84 مواطنا، بينهم 68 طفلا بلا مأوى. وكانت الادارة المدنية قد هدمت في آب 2016 المباني في هذه المجمعات، الا ان السكان عادوا وبنوا اكواخ جديدة. وسبق ان تم في سنوات التسعينيات طرد عشرات العائلات من قبيلة الجهالين من المنطقة، من اجل توسيع معاليه ادوميم.

ويوم الثلاثاء هدمت الادارة والجيش 49 بناية في خربة طانا في شمال غرب غور الأردن، من بينها 13 منزلا للسكن، و9 مراحيض متنقلة، والباقي مباني زراعية. وخلفت 28 بالغا و22 طفلا بدون مأوى، فيما تضرر 72 مواطنا جراء هدم المباني الزراعية. وتعيش هناك حوالي 40 عائلة في المغارات القديمة (250 رجل وامرأة)، الى الشرق من قرية بيت فوريك. وكانت الادارة المدنية قد شنت في 2016 اربع حملات للهدم في القرية، تم خلالها هدم 150 كوخ صفيح وحظائر وخيام ومباني صحية مختلفة ومدرسة اقيمت بدعم اوروبي. وخلال الهجوم يوم الثلاثاء الماضي، تم تسليم امر بوقف بناء المدرسة الجديدة التي تقام بتمويل اوروبي، وشطب قضاة المحكمة العليا طلب سكان القرية منع هدمها. ويرفض السكان مغادرة القرية التي يقيمون فيها منذ ما قبل 1948، وقبل اعلان الجيش عنها كمنطقة عسكرية.

وتواصلت اعمال الهدم يوم الاربعاء، حيث داهمت قوات عسكرية كبيرة قرية تقوع، جنوب شرق بيت لحم، وهدمت سبعة ابار تستخدم لتجميع مياه الامطار، وثلاثة مباني زراعية. وقال رئيس المجلس المحلي في القرية لصحيفة "هآرتس" ان احد الآبار التي تم هدمها، حفر قبل 25 سنة، بينما تم حفر البقية في السنوات الأخيرة. ويشار الى ان مصادر معيشة 180 مواطنا من القرية ترتبط بآبار المياه التي تم هدمها. ويوم الخميس صباحا، هدمت الادارة المدنية مبنى زراعي في قرية جينصافوط الى الشرق من قلقيلية.

وحسب تقرير تسلمته "هآرتس" من الادارة المدنية في منتصف كانون الأول، فإنها تحتجز 11 آلية زراعية، غالبيتها تراكتورات، تم مصادرتها من مزارعين فلسطينيين حول الجيش اراضيهم في شمال غور الأردن الى مناطق اطلاق للنيران. وتطالب الادارة اصحاب الآليات بدفع آلاف الشواكل لقاء استرجاع كل آلية، والالتزام بعدم تكرار "المخالفة". وتم في 2016 استرجاع آليتين. وبالإضافة الى استغلالها في العمل الزراعي تساعد هذه التراكتورات السكان على احضار الماء من الينابيع التي تبعد عدة كيلومترات عن مساكنهم. ولا تسمح اسرائيل للفلسطينيين في هذه الاراضي بالارتباط بشبكات المياه. وسبق ان تم في 21 كانون اول الماضي، مصادرة تراكتور آخر من مزارعين في شمال غور الاردن، بعد محاولة اصحابه الوصول الى اراضيهم الواقعة الى الشرق من شارع 90 (الذي اطلق عليه اسم الواعظ على الترانسفير رحبعام زئيفي).

وخلال الأشهر الثلاث الأخيرة من عام 2016، اجرى الجيش تدريبات على اطلاق النار داخل اراضي الفلسطينيين في شمال الغور. وحسب مركز "بتسيلم" فقد تم خلال التدريبات، ولـ19 مرة، إخلاء حوالي 220 فلسطينيا، بينهم حوالي 100 قاصر، من بيوتهم في خربة الرأس الأحمر، وخربة خمسة وخربة بزيك. وفي خربة الفارسية تم منع السكان من رعاية اغنامهم في الأراضي المجاورة لها، واجرى الجيش تدريبات على اراضيهم المزروعة، بل اقام عليها مراحيض متنقلة. كما قامت قوات الجيش بتجريف قسم من الأراضي في المنطقة من اجل تسهيل تحرك المركبات العسكرية، ما تسبب بأضرار اخرى للأراضي الزراعية.

وقال الناطق العسكري لصحيفة "هآرتس" ان "مناطق اطلاق النيران في غور الاردن، وفي منطقة الضفة عامة، تم اعلانها كذلك وفق امر عسكري منذ سنوات السبعينيات، على خلفية الاحتياجات الأمنية. السكان الذين يقيمون هناك يخالفون القانون، وقبل كل تدريب تجري خطوات هدفها منع المس بالأملاك والسكان، كإقامة نقاط رصد وتسيير دوريات وقوات حراسة والتحدث مع السكان بواسطة الادارة المدنية. وخلال التدريبات يطلب من السكان مغادرة المنطقة، والسلوك المشار اليه في التقرير حظي بمصادقة المحكمة العليا في الالتماسات التي تم تقديمها في مسائل مشابهة".

وحسب تقرير اعدته دفنا بناي من منظمة "محسوم ووتش"، في 20 كانون اول 2016، فان "كل الطرق التي تربط غور الأردن بالبلدات الجبلية مغلقة بواسطة حواجز ترابية وخنادق وصخور كبيرة وبوابات من الحديد. حتى تلك الطرق التي كانت مفتوحة في السنوات الأخيرة تم اغلاقها مؤخرا، ولتمكين المركبات العسكرية من المرور، تم في بداية الأسبوع فتح بوابة واحدة، هي بوابة "جوخيا" (مقابل مستوطنة "بكاعوت")، التي تفصل الغور عن نابلس وطوباس. وترابط الى جانب البوابة ثلاث مدرعات وثلاثة جنود. وبسبب التدريبات العسكرية، تم يوم امس، (الخميس) اغلاق الطريق الصاعدة الى بلدة تياسير وشمال غرب الضفة، من الساعة 12:00 وحتى 16:30. ونتيجة لذلك امتدت طوابير طويلة من السيارات الفلسطينية القادمة من "المليح"، حيث اوقف جنديان حركة السير ولم يعرفا متى سيتم فتح الطريق. وشوهد الفلسطينيون العائدون من اعمالهم في المستوطنات وهم يتجولون على الشارع ويدخنون دون ان يستطيعوا عمل شيء. وكان من بينهم من طلبوا بأن نتوجه الى الجيش لكي يسمح لهم بالمرور الى بلدتهم "البرج" الواقعة على مسافة 200 متر من هناك، لكن الجنود ادعوا انهم تلقوا اوامر بعدم السماح بدخول او خروج احد. وخلال محادثة هاتفية مع مهدي، الذي تواجد في الجانب الثاني (الغربي) من الحاجز، روى ان هناك طابور سيارات طويل ايضا، والأسوأ من ذلك ان اطفال المدارس ورياض الاطفال، انتظروا على الشارع طوال اربع ساعات ونصف، وتجولوا بين المدرعات واستغاثوا بالجنود تقديم بعض الطعام لهم، لأنهم لم يأكلوا منذ الصباح.

أضرار هوس ادارة اوباما

يكتب الجنرال (احتياط) يعقوب عميدرور، في "يسرائيل هيوم" ان وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، كان من اولئك الذين آمنوا بأن مفتاح المستقبل الجيد للشرق الاوسط هو الاتفاق بين الفلسطينيين واسرائيل. لكنه في أعقاب التطورات في الشرق الاوسط تقلص عدد الذين يؤمنون بذلك بشكل كبير، الا انه بقي هناك بعض المهووسين بهذا الامر. هل يعقل أن يكون السيد كيري هو أحد هؤلاء؟ حسنا، لا يوجد أي تفسير منطقي آخر للخطاب الطويل وكثير المعطيات والاقتباسات الذي ألقاه قبل اسبوع. حتى لو افترضنا أنه لم يخطئ في أي من المعطيات التي طرحها، وكانت كل الاقتباسات صحيحة، (الواشنطن بوست تعتقد غير ذلك)، فانه لا تزال هناك علامة استفهام كبيرة حول هذا الخطاب.

فوزير الخارجية الامريكي يعرف ما الذي يحدث حاليا في الشرق الاوسط. وهو يعرف بالتأكيد أنه ليس هناك أي دولة عربية تضمن استمرار استقرارها حتى لو لم تتعرض للأحداث الصعبة. كما انه يعرف بأن الكثير من الدماء سفكت في المنطقة وأنه لا توجد طريقة لإعادة الهدوء بين السنة والشيعة في أي مكان. وهو يعرف أن الحركات الاسلامية المتطرفة تهدد نسيج الحياة في الدول السنية من الداخل.

كما يفترض بكيري أن يعرف بأن ايران تتحول الى قوة رائدة في المنطقة، أيضاً، في اعقاب الاتفاق النووي الذي احضره هو الى العالم، وبفضل تحالفها مع روسيا التي اصبحت القوة العظمى الوحيدة في المنطقة. نعم، الولايات المتحدة لم تعد ذات صلة الآن في الحروب الكثيرة التي تجري في المنطقة (باستثناء عمليات قصف داعش).

ورغم ذلك، ومن بين كل هذه القضايا، اهتم وزير الخارجية في خطاب الوداع بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني فقط. وفي هذا اشارة واضحة الى عدم قدرته على الحكم على المنطقة والمشكلة الفلسطينية في السياق الصحيح. وهذا تشويه اكبر مما يمكن اعتباره مجرد خطأ تقني.

في الموضوع نفسه، إن خطأ كيري الكبير، لا يكمن فقط فيما قاله، بل ايضا فيما لم يقله وما يعنيه ذلك. الاهتمام المهووس بالمستوطنات كان يمكن أن يكون مبررا لو تم وضعه في سياقه الصحيح، لو شرح كيف يساهم سلوك الفلسطينيين في عدم تحقيق الاتفاق وغياب الثقة في كل مفاوضات.

انه لم يقل كيف يقود دعم السلطة الفلسطينية لعائلات القتلة والمخربين القابعين في السجون، الى سفك الدماء. وهو لم يطلب من أبو مازن وقف ذلك، رغم أنه بالنسبة للإسرائيليين يصعب رؤية أي شيء يضر أكثر بمصداقية المفاوضات المحتملة. وهو لم يعرب عن تحفظه من التحريض الفلسطيني بنفس قدر تحفظه من استمرار الاستيطان، ولم يطلب وقف التحريض بالإصرار ذاته، رغم أن أبو مازن يمكنه عمل ذلك بشكل سهل، وبالتالي، تقليص العمليات الارهابية. حسب طريقة عرض اقوال كيري يفهم الفلسطينيون والعالم أن هناك مشكلة واحدة فقط هي المستوطنات، ولا شيء غيرها.

وزير الخارجية الامريكي لم يعرض الحقائق حول المستوطنات والمفاوضات، كما لو أن فشل استئناف المفاوضات بدأ وانتهى بالمستوطنات. لم يذكر أنه في العام 2010 وافق رئيس الحكومة الاسرائيلية على تجميد كل البناء في المستوطنات لعشرة اشهر، لأن الولايات المتحدة وعدت بحضور أبو مازن الى المفاوضات، لكنه لم يحضر.

كيري لم يذكر ايضا أنه هو نفسه توصل الى اتفاق على أن تطلق اسرائيل سراح قتلة كبار، مقابل دخول أبو مازن للمفاوضات، لكن أبو مازن لم يصل. ولم يكشف كيري عن السر الكبير، سر رفض أبو مازن للاقتراح الذي قدمه الرئيس الامريكي لعباس خلال محادثة ثنائية بينهما في ربيع 2014، بينما رد رئيس الحكومة الاسرائيلية بالإيجاب على اقتراح الرئيس. لقد كان ذلك هو الاختبار الاهم لـ"نعم"، ام "لا"- حيث نجح فيه رئيس الحكومة بينما فشل أبو مازن.

ولذلك، من الواضح أنه حتى لو كان كل ما جاء في خطاب وزير الخارجية صحيح، فان المقصود في هذه الحالة هو عرض جزئي جدا للحقائق. وكما هو معروف فان نصف الحقيقة اسوأ من الكذب. لا شك أن التشويه الكبير هو الذي دفع دولتان تعتقدان أنه لا يحق لاسرائيل البناء في المستوطنات، الى استنكار خطاب كيري. وفي بريطانيا واستراليا فهموا ما لم يفهمه الوزير: عندما يتم الخروج عن الاطار الصحيح وطرح أنصاف الحقائق، حتى لو كانت دقيقة، فان هذا يتسبب بالضرر.

تصاعد اللاسامية

المشكلة العميقة الناجمة عن اقوال وزير الخارجية، وعن قرار الرئيس السماح بمرور القرار في مجلس الامن، لا تكمن في المغزى الفوري للأمور. قرار مجلس الامن غير ملزم قانونيا، وأقوال وزير الخارجية المغادر لمنصبة ليس لها أي قيمة سياسية، لكن لهذين الأمرين مفعولهما الاخلاقي.

نظرا لأن دولة اسرائيل تدير صراعا صعبا ضد حملة مقاطعتها وحملة سلب شرعيتها، الممولة بشكل جيد، فان هذه القرارات ستصعب عليها جدا. وسيكون من السهل الان الادعاء بأن اسرائيل هي المسؤولة عن عدم وجود المفاوضات. ومن السهل فرض العقوبات على منتوجات المستوطنات كخطوة اولى، وضد دولة اسرائيل كخطوة ثانية.

تصريحات كيري ستخدم من يكرهون اسرائيل، وستساعد بشكل غير مباشر على تعزيز اللاسامية في العالم، لأن هناك مسافة قليلة تفصل بين المستوطنات واسرائيل عامة، ومسافة أقصر بين محاربة اسرائيل وبين كراهية اليهود. واحيانا يشكل جانب واحد غطاء للجانب الآخر. لن يستطيع الرئيس الامريكي ووزير خارجيته غسل ايديهما والقول إنهما لم يقصدا ذلك. وسيكونان المتهمين، لأن هذه مسؤوليتهما كقادة للدولة الأكثر صداقة لاسرائيل.

وفي النهاية، فانه حتى حسب طريقة الرئيس ووزير خارجيته، يعتبر القرار والخطاب عملين غير حكيمين. ولنفرض أنهما أرادا التأثير على استئناف المحادثات بين الاطراف، في يوم ما، فان هذه الاعمال ستمنع تحقق هذا الحلم. لأنه من الواضح ان استنتاجات الطرفين ستضر بالاستعداد للتفاوض.

  لقد نشأت في اسرائيل حاجة لتقديم رد ملائم على قرارات الادارة الامريكية المنتهية ولايتها، من اجل البرهنة على أن اسرائيل هي دولة سيادية لا يمكن لأحد أن يحنيها. والنتيجة ستكون تسريع البناء في المستوطنات أو ضم أجزاء من المناطق C، الامر الذي سيتسبب باشتعال الميدان، وشعور الفلسطينيين بأنه لا يوجد من يمكن التحدث معه.

في الجانب الفلسطيني سيستخلصون من الخطاب ومن قرار الامم المتحدة أنه ليس من الجدير اجراء مفاوضات سيضطرون فيها الى تقديم تنازلات. فبدون المفاوضات وبدون التنازل عن أي شيء، يثبت الواقع أنه بين خطاب وخطاب لوزير الخارجية وبين قرار وقرار لمجلس الامن، يتحسن وضعهم الدولي. وزير الخارجية لم يكن دقيقا عندما قال إن القرار ليس فيه أي جديد في صالح الفلسطينيين، لأن هناك جديد فعلا، وعلى سبيل المثال لم يتحدث أي من القرارات السابقة عن عاصمة فلسطينية في القدس.

هذه الاحداث تثبت مجددا أن الهستيريا والغضب هما خلفية سيئة لاتخاذ قرار. ويبدو أنهما كانا اساس الخطاب والامتناع في الامم المتحدة. ومن المناسب ان لا يقع الرد الاسرائيلي في الخطأ نفسه.

جيش النخبة

يكتب يوعاز هندل في "يديعوت احرونوت": أنا في طريقي لأصبح أقلية، وربما أصبحت كذلك. الارقام تشير الى الواقع وهي المرآة الاكثر وضوحا الآن. 50% فقط من الاسرائيليين يتجندون للجيش. 43% منهم ينهون الخدمة العسكرية الكاملة. اليئور أزاريا، الذي أدين في هذا الاسبوع بالقتل، يتواجد ضمن المجموعة التي تتجند، لقد انخرط في الخدمة القتالية، ويمكن التكهن بأنه لولا حادثة الخليل لكان قد انهى خدمته هناك. يمكن ان نتخيل بأنه سيخدم ذات يوم في الاحتياط. ذلك الجيش الصغير من المتطوعين الذي كان ذات مرة جيش الشعب. غالبية أعضاء "لهافاه" الذين تظاهروا من اجل ازاريا خارج المحكمة، لا يتجندون للجيش، وسيبقون دائما يتظاهرون ويشتمون.

الآن أغمضوا أعينكم وحاولوا تذكر متى رأيتم في المرة الاخيرة جندي احتياط بزي عسكري (ب)، وشعر طويل مُجعد في الشارع أو في المطعم أو في الجامعة؟ الحقيقة الديمغرافية والاجتماعية هي أنه كلما مرت السنين يتقلص العدد في الجيش النظامي وفي الاحتياط. لم يعد هناك جيش للشعب مع الطرائف حول “تلة حلفون”، أو الاحترام لمن يستلقي في الكمائن في الليل، وبشكل خاص من يفهمون ما هي قيم الجيش الاسرائيلي. هذا كله اصبح من نصيب أقلية- نخبة. اما الاغلبية فينسونها وسينسون. هذه هي القصة الاساسية وراء محاكمة أزاريا: نخب وقبائل، وهي قصة أكثر أهمية من عيار ناري وحيد.

أعرف أن مصطلح "نخبة" يبدو متعاليا ومريحا لمن يريد استغلال ذلك سياسيا، إلا أنه خلافا لاماكن اخرى، يوجد للنخبة دور وجودي في اسرائيل. هذه هي المجموعة التي تعرض حياتها للخطر في ساحة المعركة من اجل الآخرين (خلافا للنخب الاخرى في العالم)، وهي التي تدفع ضرائب أكثر من الآخرين، وهي محرك النمو الاكبر في اسرائيل.

هذا الاسبوع التقيت مع شاب من المتدينين المتزمتين في طابور السوبرماركت في بيت شيمش. لقد عرفني وتوجه إلي، تحدثنا قليلا عن الدولة وعن وسائل الاعلام، وفي النهاية وصلنا الى المحاكمة: “أزاريا بطل”، قال لي، “كان يجب علينا أن نرفعه على الأكتاف”. سألته اذا كان يعرف عن قصص بطولة افيغدور كهلاني وقصص مئير هار تسيون أو روعي كلاين. لقد عرف عن الاخير، لكنه لم يعرف ما فعله كهلاني وهار تسيون. وسألته اذا كان قد خدم في الجيش؟ فأجاب بالنفي لكنه يهتم جدا بالوضع الراهن.

النخبة التي تخدم مركبة من ترابط بين الصهيونية الدينية والاستيطان العامل. الشباب المدنيون علمانيون. قادمون من اثيوبيا، أبناء الفقراء وأبناء الاغنياء من سافيون. أزاريا هو جزء من هذه النخبة التي تخدم في الجيش، حتى عندما يرتكب بمخالفة وتجري محاكمته. ولذلك فان القيم التي يجب أن يقاس بناء عليها هي تلك المعروفة في الجيش الاسرائيلي وليس في الفيس بوك، بغض النظر عن حجم التأييد له هناك.

"إكس″ على السلاح

حسب رأيي، حادثة ازاريا هي حادثة بسيطة من الناحية العسكرية. وقد كتبت ذلك منذ اللحظة الاولى. يجب قتل المخرب عند مواجهته، هذا واجب كل جندي قتالي. مهنية. ومن لا ينجح بعمل ذلك في لحظة الحقيقة، يفوت الامر ولا يملك فرصة اخرى.  بعد 11 دقيقة من فتح النار، عندما كان المخرب يحتضر على الارض، لم تعد الحالة ملحة ولم تعد حالة "لا يمكن فهمها من البيت". لا يتم اطلاق النار حتى على قط أو علبة تصادفنا في الطريق، وإلا فإننا سنصبح كتائب، وهناك سنتعرض للاصابة من نيران قواتنا في الأساس. لم أقتنع ايضا بادعاء أنه خشي من وجود عبوة ناسفة. لقد كنت في عدة حلبات كانت فيها عبوات ناسفة، اثناء خدمتي العسكرية، ومن يعتقد أن هناك عبوة بجانبهن لا يقوم بخلع الخوذة واطلاق النار من مسافة قريبة، بل يبتعد ويختبئ، ويهتم بأن يكون المكان خاليا تحسبا لانفجار العبوة. اتركوا الاسئلة الاخلاقية جانبا. ازاريا رغب بـ "إكس″ على السلاح، أنا أعرف هذا الشعور. إنه متهم بإطلاق النار حين لم تعد حاجة لذلك، وقادته متهمون بالفوضى التي حدثت في المكان. مع هذه الاستنتاجات كان يجب أن ينتهي الموضوع بمعالجة هادئة – التحقيق أو المحاكمة بعيدا عن اعين الجمهور – وهذا لم يحدث بسبب الاعتبارات السياسية.

رئيس الحكومة الذي قال إن الجندي فشل، وبعدها شاهد الاستطلاع وندم (هذا الاسبوع لم يكلف نفسه حتى عناء دعم رئيس الاركان)، يعلون ورئيس الاركان وجدا نفسيهما يتعرضان للهجوم. بينت الذي يفهم مثلي ما يكتب هنا، اختار الحديث عن “تلويث” المحاكمة، رغم أنه يفعل ذلك بنفسه (الحق يُقال إنه على الأقل دعم رئيس الاركان هذا الاسبوع). وليبرمان الذي استغل القضية بشكل ساخر عندما لم يكن يتخيل بأنه سيصبح المسؤول عن جهاز الأمن. غالبيتهم تأثروا من الشعب في الاستطلاعات، ونسوا أن دور القادة هو التأثير في الشعب رغم الاستطلاعات.

الحملة التي أدار غالبيتها اشخاص لم يحملوا السلاح في حياتهم، سببت الضرر لأزاريا وعائلته. رجال العلاقات العامة أججوا المحامين، والعكس صحيح. لم يشرح أحدهم لعائلة أزاريا إن ابنها ليس بطلا، بل جندي اخطأ ويجب الآن تقليص الاضرار.

المقارنة مع جلعاد شليط صحيحة، شليط جندي فاشل وقع في الأسر دون أن يقاتل، وتم اطلاق سراحه نتيجة حملة جماهيرية مكثفة. ثمن الصفقة كان اكبر مما يمكن تحمله: ألف مخرب ودماء سفكت منذ ذلك الحين. كان ذلك ظلما قوميا. الحملة من أجل ازاريا، الجندي الفاشل، التي سفك دماء البقرة المقدسة الوحيدة في اسرائيل – الجيش. اكلاهما سميا “أولادنا”. كلمة وصف ضعيفة قلبت الامور في اسرائيل. الجنود يجب عليهم القتال، ولديهم القيم والأوامر. السعي الى الاشتباك وطهارة السلاح. يجب الدفاع عن الاولاد. ولكن اذا كانوا جميعهم اولاد – فمن الذي سيحارب في الحرب القادمة؟.

حاليا، الدعوة التي يطرحها بينت وريغف للعفو عنه، هي نكتة. العفو يصل في نهاية الاجراءات القضائية وليس في منتصفها. آمل أن تكون عقوبة ازاريا مخففة، واذا لم تكن كذلك فإمكانية العفو عنه بعد وقت هي امكانية معقولة. لينسى ويواصل حياته. انه ليس القصة. المهم هو مسؤولية من يقود الدولة. هناك مجموعات تحرر الدخان، وأنا لا أخاف منهم، لكنني قلق من القادة الذين يخافون من ظلهم. يخافون من قول ما كتب هنا بصوت مرتفع. الجيش الاسرائيلي هو جزيرة من العقلانية الاسرائيلية ومحرك النمو الانساني. إنه يتحول الى واجب على الاقلية. ومن دون الحفاظ عليه ستصبح اسرائيل مكانا غير آمن. من الناحيتين الامنية والاجتماعية.

اخر الأخبار