الدين أم الهوية الوطنية ؟!

تابعنا على:   22:24 2014-02-18

علي محمود الكاتب

أثار قرار السيد الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ،بشأن شطب نوع الديانة في بطاقة الهوية الفلسطينية جدلاً واسع في أوساط السياسيين والحزبيين داخل الوطن وخارجه وراح البعض يصفه بالقرار الخياني والتفريطي بالقضية الفلسطينية ، ومقدمة لبيع القدس وقضية اللاجئين والبعض الأخر وصفه بالرضوخ الطوعي لتعليمات الوزير جون كيري وزير الخارجية الأمريكي ….

وبعض الموحلين في الجهل ، من مدعيين السياسة قالوا ان القرار ، جريمة كبيرة بحق أبناء شعبنا مسلميه ومسيحيه, وأنه تجاوز خطير يمهد لإلغاء البلدة الأصلية ومن ثم إلغاء حق العودة عن الفلسطينيين المهجرين ولا ندري كيف ربطوا هذا بذاك ، أم انه الرغبة لدى البعض في المعارضة لمجرد المعارضة ؟!

وآخرين ادعوا أن هذا القرار انحراف عقائديّ وعلمنة للدولة ودليل على انهزامية المسلم وانحياده عن دينه، وتأكيد على علمانية الدولة المرتقبة ، وانحراف عن عقيدة وفكر الأمة ،

 وأخيرا خرج علينا بعض أعضاء ما يسمى بالمجلس التشريعي ليخبرونا بالاكتشاف العظيم ،ان قرار مثل هذا و المتخذ من قبل عباس يشكل تعدّيا خطيراً على سلطة المجلس التشريعي ولا ادري أين هو هذا المجلس المزعوم أبو القرارات، إلا إذا قصدنا حجارة المبنى القائم بساحة الجندي المجهول بغزة ؟! .

وكلمة حق يجب ان تقال فمثل هذا القرار يتماشى مع الحضارة والقوانين الفلسطينية والدولية لأنه يحترم الإنسان على أساس الهوية الوطنية دون الالتفات إلى الديانة أو الطائفة أو المذهب ، ولو قرأ أصحاب الفكر السوداوي والهامشي ، القانون الفلسطيني بشكل محايد بعيداً عن الحزبية والشعارات الرنانة ، لوجدوا انه ينص صراحة على عدم ضرورة وجود بند الديانة في بطاقات الهوية وجوازات السفر ، فكلنا فلسطينيون ونتمتع بحقوق متساوية في العبادة وهذا حق لا مساس به وكثيراً من جوامعنا مبنية بجوار الكنائس حالنا في هذا حال العديد من الدول الإسلامية والغربية .

وإذا فرضنا جدلاً صحة ما قاله البعض من المتحذلقين أصحاب النوايا السيئة ، من ان هذا القرار جاء لإرضاء إسرائيل تمهيدا لدولة علمانية على حدود عام67 وشطب كاملاً للهوية الفلسطينية ، فليعلموا ان القرار ليس وليد اليوم وانه ومنذ العام 1995م أرادت السلطة تنفيذه وحال دون الأمر تعنت الجانب الإسرائيلي ذاته !

فلما الاعتراض والصراخ والشجب والتخوين ، فهل ما يثبت دياناتنا هو وجودها نصاً بهوية وطنية تصدر تحت امرة الاحتلال وبموافقته ؟!

وإذا فرضنا ان ذكر الديانة في الهوية من المسلمات التي لا يجب تجاوزها ، فكيف الحال لو خرج علينا كل مسلمي فلسطين وطالبوا بالمزيد من الدقة في التصنيف ، كإضافة مذاهبهم الأربعة " الشافعي والحنبلي والمالكي والحنفي والشيعي والسلفي " بجوار نوع الديانة وكذلك الحال عند الإخوة المسيحيين بطوائفهم " الأرثوذكس و الكاثوليك والبروتستانت و الأدفنتست و شهود يَهْوَ" ؟!

ختاماً نقول لمن أراد الفهم ، ان عدم أظهار نوع الديانة في الهوية ليس بالكفر ، بل على العكس تماما ربما إدراجها كان من الأمور التي تساهم في نشر الطائفية والشروخ الاجتماعية وربما كان رعاية رسمية من الدولة للطائفية وزرع التفرقة بين الشعب الواحد والدليل على ما نقول تعدد حالات القتل التي تحدث في بعض الدول الإسلامية بين الشيعة والسنة والسلفيين بناء على المذهب المدرج بالهوية !

اخر الأخبار