صدقة لـ وزارة المالية : لماذا كل هذه المكابرة؟

تابعنا على:   22:14 2014-02-17

أمد/ رام الله : كتب الخبير الاقتصادي جعفر صدقة رداً على وزارة المالية الفلسطينية بخصوص المديونية :

أخيرا، وبعد محاولات متكررة لطمس الحقيقة فيما يتعلق بادعاء الحكومة الزائف بأنها نجحت بتخفيض الدين العام من 4.8 مليار دولار إلى 4.4 مليار دولار، وبما يشمل الضغوط على وسائل الإعلام التي نشرت تقريرا كتبته حول هذا الموضوع، طالعنا وزير المالية برد على التقرير المذكور، ولكن، كما يقال بالعامية "يا ريته ما نطق".

بقراءة سريعة لرد الوزير، لا يمكن الا الاستنتاج بأن هذا الرد يقر بشكل واضح صحة ما ورد في التقرير لجهة أن مديونية الحكومة ازدادت بحوالي خمسمائة مليون دولار في عهد الحكومة الحالية، خلافا للادعاء المتكرر على لسان رئيس الحكومة ووزير ماليته بانخفاض هذه المديونية بأربعمائة مليون دولار، ذلك أن الوزير اقتصر في رده على التعليق على المديونية للبنوك، والتي تشكل جزءا صغيرا نسبيا من إجمالي المديونية، والتي تشكل المتأخرات للقطاع الخاص وصندوق التقاعد الجزء الأكبر منها، وفي ذلك إقرار واضح بأنه لا مجال إطلاقا للادعاء بأن متأخرات القطاع الخاص قد انخفضت، ومن هنا كان التجاهل المقصود لها في تعقيب الوزير.

لم تتوقف "خفة يد" الوزير عند هذا الحد، بل تجاوزته بشكل خطير بتعمده الخداع والتضليل، إذ حتى الجزء المتعلق بالمديونية للبنوك، فإن القليل من التمعن في نفس مصدر البيانات الذي اعتمد عليه الوزير في رده يكشف عن ذهنية قائمة على المكابرة والتضليل والاستخفاف بعقول العباد، فالوزير يقول إنه من واقع البيانات التي عاد لنشرها بعد حجبها "لأسباب تقنية"، بأن المديونية للبنوك انخفضت من 1.38 مليار دولار في نهاية عام 2012 إلى 1.27 مليار دولار في نهاية عام 2013، وهذا صحيح ولا يحتاج تثبيته للاستشهاد بما قاله صندوق النقد الدولي في هذا المجال، ولكن، ما "فشّق" عنه الوزير بخفة يد، وبما لا يمكن أن يكون إلا بقصد الإمعان في التضليل، هو حقيقة أن الانخفاض في المديونية للبنوك في عام 2013 تحقق بشكل كامل خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام نفسه، أي قبل تسلم الحكومة الحالية لمهامها في بداية حزيران، إذ إن نفس البيانات التي استند إليها الوزير في رده، تبين أن المديونية للبنوك انخفضت من 1.38 مليار دولار في نهاية عام 2012 إلى 1.19 مليار دولار في نهاية أيار من نفس العام، وما حصل بعد ذلك، أي في عهد الحكومة الحالية، وخلال الفترة من حزيران – كانون الأول 2013، هو ازدياد في المديونية للبنوك من 1.19 مليار دولار إلى 1.27 مليار دولار، أي بزيادة تقارب 75 مليون دولار، ناهيك عن زيادة بحوالي 400 مليون دولار في متأخرات القطاع الخاص حسب ما ورد في آخر طبعة من بيانات وزارة المالية.

إزاء هذا كله، لماذا كل هذه المكابرة والإمعان في التضليل؟ ألم يحن الوقت لطي هذه الصفحة المخزية والتوقف عن الترويج لنجاح مزعوم؟ والالتفات عوضا عن ذلك للهموم الحقيقية للمواطن؟

وأخيرا، همسة عابرة في أذن وزير المالية: ليس التساؤل الموضوعي والإخفاق ولا حتى الفشل هو ما ينال من مصداقية الحكومة، ما ينال من مصداقيتها هو التضليل، وقبل أن تطلب من الآخرين توخي الدقة فيما يقولون، حري بك أن تكف عن توخي التضليل وعدم الدقة.

أما شرف الانتماء لهذه الحكومة، فيتطلب في المقام الأول أن تصدقها القول، لا أن تعمد إلى تضليلها ومن ثم تطلب منها ومن كل من يعمل في الدولة الدفاع "بكل طاقة مهنية وأدبية" عن مواقف باطلة.

ختاما، ألم يحن الوقت لرئيس الحكومة، الذي روّج بمثابرة عالية لمزاعم وزير ماليته بتخفيض المديونية؟ ليعلم، إن لم يكن على علم مسبق، ببطلان هذه المزاعم، والتي كانت الحكومة بكامل قوامها الضحية الأولى لها؟ أليس من المعيب وضع الوزراء في موقف المهلل للتضليل أو حتى الساكت عنه؟

يكفي...

اخر الأخبار