
لئلا نسكر على زبيبة!
نبيل بومنصف
لم تستهلك حكومة الرئيس تمام سلام الشهور العشرة والعشرة ايام فقط لولادتها بل استنفدت القدرة فينا على التهييص لما يفترض انه انفراج في عز التدحرج الى الهاوية. كادت لتكون ولادة باهتة منهكة بعد غرق غير مسبوق في التقلبات المتعاقبة للنزول الى ارض التسوية الالزامية التي جمعت الشركاء الاعداء اسوة بصورة لبنان الموضوع على خطوط التماس اللاهبة للحرب السورية.
تبعاً لذلك بدا لافتاً ان تتمركز الاهتمامات العامة على مفاصل محددة من الحدث الحكومي وليس على دلالات اختراق كبير عنوانه ان حكومة تشكلت في لبنان فيما الارض الاقليمية تتزلزل من حوله. الامر يستدعي الكثير من التدقيق لانه يعكس نظرة لبنانية ساحقة الى الحكومة كأنها بديل من ضائع الانتخابات النيابية التي حرم اللبنانيون الاحتكام اليها. شكل اللواء الوزير اشرف ريفي مثلاً النجم غير المنازع عليه بين جمهور انفجر مهللاً "للثأر" لاخراجه من المعادلة الامنية وآخر انفجر سخطا اكثر مما عنى للمهللين والساخطين المعنى الآخر المتصل بعودة ١٤ آذار الى السلطة الى جانب خصمها "حزب الله".
هذه العودة حمالة اوجه بوجهيها الايجابي والسلبي الآن. حظيت قوى ١٤ آذار خصوصا بحقائب الداخلية والعدل والاتصالات بما يؤهلها الامساك الى حد واسع بالناصية الامنية فيما لا ضمان في الحد الادنى حيال وقف تداعيات الحرب السورية على لبنان وتورط "حزب الله" فيها.
كسب الحزب هنا غطاء يستدعي معركة ضارية حول البيان الوزاري واعلان بعبدا لوضع ضوابط لغطاء المشاركة والا صار سمير جعجع المنتصر الاكبر في حال الاخفاق. سقطت آحادية السلطة التي حكمت ثلاث سنوات منفردة لكن العبور الى الاستحقاق الرئاسي وتأمين اجراء الانتخابات في موعدها سيرتب على العماد عون الخارج بحصته الوازنة و١٤ آذار معا في الدرجة الاولى المسؤولية الساحقة في عصر شراكتهما الطالعة.
افاد الوسطيون من اثبات الحاجة الى الطرف الثالث في المعادلة ولكنه دور سيكون على محك اختبار اشد صعوبة وتعقيداً حين تتجاوز مستلزماته غدا اطار بيضة القبان لحسم خلاف عمودي على تحييد لبنان ومعادلة " الجيش والشعب والمقاومة".
ثمة حقيقة موضوعية في الكلام عن اعادة التوازن الى معادلة السلطة مع حكومة الرئيس سلام ولكنها لا تستدعي السكر المبكر على زبيبة هذا الانفراج. ثمة احتقان مخيف يختبئ وراء الحوربة مثلما هو الشارع تماماً الذي توجه اليه الرئيس سعد الحريري بواحد من اهم خطبه واطلالاته السياسية منذ بداية محنة لبنان تحت وطأة الحرب السورية. لكأن خطاب الحريري اكثر اهمية بكثير في أبعاد توجهه الى كل تطرف سني او شيعي من الحدث الحكومي لولا تزامن الحدثين. فهل تكون الحكومة على مستوى خطاب بهذا التجرؤ والاستشراف؟
عن النهار اللبنانية