شمعون... عارية!

تابعنا على:   10:23 2014-02-12

ميشيل تويني

تناولت وسائل اعلام الخبر الخاص بجاكي شمعون بوصفه "فضيحة" دفعت بوزير الشباب والرياضة فيصل كرامي الى التدخل "فوراً"، والطلب الى رئيس اللجنة الأولمبية في لبنان فتح تحقيق، لأن البطلة تصوّرت عارية قبل ثلاث سنوات، من أجل رزنامة نمسوية هدفها الترويج لهذه الرياضة.

اللافت في القضية أولاً التوقيت وتعليقات اللبنانيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ففي اليومين المنصرمين، لم يكن ممكناً عدم مشاهدة هذه الصور وتسقط أخبار "الفضيحة" الكبرى، والاهتمام الكبير الذي شغل الرأي العام، وهو اهتمام ومتابعة لم يحظ بمثلهما واقعنا، في ظل التفجيرات الأمنية وحروب تجّار الطوائف وأمراء السياسة ومعطِّلي مسار التأليف الحكومي. أفليس تعطيل عملية تأليف الحكومة بعد مرور عشرة أشهر على تكليف الرئيس تمام سلام، يشكل عملاً استفزازياً للرأي العام بأكثر مما فعلت "فضيحة" جاكي شمعون العارية؟ أم لعل مصير لبنان ومستقبل أجياله وأمنه واستحقاقاته لا تستحق مثل هذا الاهتمام ولا تشكل استفزازاً وتحفيزاً كافيين لتحرك شعبي يضع حدّاً للهو والمماحكة ولعبة الحقائب؟
وقد تعمّد البعض نشر هذه الصور التي تعود الى أكثر من ثلاث سنوات في وقت تمثل جاكي لبنان في الخارج بإحدى أهم المباريات الرياضية، بدل الاضاءة على مسيرتها الرياضية. ففي أقل من 24 ساعة، نالت صاحبة فضيحة الصور شهرة واسعة لم تعرفها خلال مسيرة ناجحة في الرياضة استغرقت أعواماً. فيا ليتهم تكلموا وروّجوا لها عندما وصلت الى هذه المهنية العالية، التي ترفع اسم لبنان.
لكن يبدو اننا ما زلنا على غرار الشعوب البدائية الغرائزية التي لا يثيرها سوى العري الأنثوي الرخيص الذي يحرّك الغرائز الجنسية، بكلمة أو بصورة، ولو بالأبيض والأسود. هل كان اللبنانيون ليتعرفوا جميعاً الى بطلتهم لو أنها لم تظهر عارية؟ طبعاً لا، فنحن مجتمع الفضائح ولا شيء يحركنا بهذه الطريقة إلاّ المواضيع الرخيصة. وثمة ما يتخطى العجب والاستغراب الى الاستنكار والادانة، فلماذا كلما نجح لبناني، في لبنان أو في الخارج، وحقّق انجازاً يشرّف بلده يسارع البعض الى تحطيم صورة نجاحه وتفوقه؟
أما تحرك وزير الشباب والرياضة فكان لافتاً وسريعاً، ومسؤولاً جداً، على أمل أن تواكبه الجهات المعنية بفتح تحقيق عاجل يحاسب المخربين والعابثين بأمن بلده، وخصوصاً مدينته.
أما تذرع بعضهم بأن صورة شمعون العارية تضرب صورة لبنان، فهو التعامي عن حقيقة صورة لبنان التي تشظت بفعل السيارات المفخخة والتفجيرات والانتحاريين وكذلك السياسيين الذين يتبادلون كل انواع الشتائم، لكنهم لا يتحركون عندما يضرب رجل زوجته ضرباً مبرحاً حتى الموت، من رلى الى منال، مروراً بالكثيرات.
ان مجتمعاً لا يعرف متى يتحرك ومتى يتمرّد ومتى يثور، هو مجتمع في حال موت سريري، وكوما اجتماعية وسياسية، ولا مكان له في سباق الدول الحضارية... ولا حتى في سباق رياضي!

عن النهار اللبنانية

اخر الأخبار