نريد قانون يضمن حق الاطلاع ..لا يقيده

تابعنا على:   21:22 2014-02-11

فضل سليمان

كانت هيئة مكافحة الفساد قد سلمت مؤخرا رئيس الوزراء رامي الحمد الله ، مسودة مشروع قانون حق الحصول على المعلومات، من أجل إقراره واعتماده، وقد بدات منذ حوالي اكثر اسبوع كلا من هيئة مكافحة الفساد ومجلس الوزراء بدعوة كل من له وجهة نظر تتعلق ببنود مشروع القانون، ان يدلي بدلوه، مبررة الدعوة بالتالي " في إطار عمل الحكومة على مسودة مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات، ولضمان حرية العمل الصحفي في فلسطين، ولأهمية إصدار هذا القانون في بث روح الشفافية والمساءلة في المؤسسات العامة الفلسطينية.

ولتوحيد الجهود بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني في متابعة ممارسة الحريات الإعلامية، والابتعاد عن استخدام الإعلام في تصفية الحسابات الشخصية، أو فئوية، ولذلك فان الحكومة وهيئة مكافحة الفساد تنشران المسودة الاولى للمشروع، للحصول على اي مقترحات لتطوير هذا القانون ليلبي تطلعات جميع شرائح المجتمع."

ولمزيد من المعلومات كانت منظمات المجتمع المدني قدمت بقيادة ائتلاف امان مشروع قانون حق الحصول على المعلومات، منذ عام 2005 ، قدمته للمجلس التشريعي الذي طرحه للنقاش وتداوله بالقراءة الاولى والثانية، وتوقفت الامور عند هذا الحد لسبب الانقسام وتعطل التشريعي الفلسطيني.

عند مراجعة بنود المسودة المطروحة الان للنقاش، تبين ان هناك مجموعة من الملاحظات التي ربما سيكون مفيدا الاشارة اليها، والاهتمام بها، علها تساعد على تطوير ما نعتقد انه سيكون مشروعا لصيانة حق المواطن والاعلامي في الاطلاع على ما يدور في اروقة المؤسسات المختلفة، التي تدير شأنا عامة، وتتصرف بالاموال العامة.

فنجد ان المشروع المتداول حاليا للنقاش قد الغى المادة (6) التي تنص(على المؤسسات العامة تنظيم دورات تدريبية لموظفيها تتعلق بأهمية حق الإطلاع وتمكين المواطن من ممارسته، وكيفية حفظ المعلومات و السبل الأفضل والأسرع لاستخراجها). وليس مفهوما دواعي الغاءها.

كما ان في الفصل الثاني، في مبادئ الحق في الإطلاع، ووجوب النشر، تقول المادة(6) ان على المؤسسة نشر تقارير سنوية تتضمن الاتي.. وكان هناك بندان ينصان على (2. الإجراءات التي يستطيع الأفراد على أساسها التعرف على السياسة العامة والمشاريع الخاصة بالمؤسسة العامة. 4. مضمون أي قرار أو سياسة قد يؤثران في الشعب، وأسباب اتخاذ القرار و الأهداف المرجوة منه.) هذا البندان اسقطا من مشروع القانون المطروح حاليا، رغم اهميتهما في اطلاع المواطن على ما يساعده على مشاركة اكثر تنورا بما يجري، وتحفظ حقوقه وتلبي احتياجاته.

وفي المادة( 9) حول حماية الموظف المبلغ، كانت المادة تنص على (لا يجوز إيقاع أية عقوبة على الموظف الذي يفشي بمعلومات حول مخالفات أو انتهاكات ترتكب ضد القانون.) وتم تحويلها الى ( يجب حماية الموظف الذي يبلغ المفوض العام بمعلومات حول مخالفات او انتهاكات ترتكب) هذا يعني ان هناك في المشروع المطروح حاليا اشتراط بان يكون التبليغ فقط للمفوض العام، واذا كان غير ذلك فلا حماية للموظف، ربما ليس هناك من مبرر لتعديل المادة، الا اذا رغبنا في وضع حدود على حرية التعامل مع المعلومات حول الانتهاكات والمخالفات.

في مشروع القانون القديم، كان هناك مادة تشير الى (ان التعليمات الصادرة عن المفوض العام للمعلومات هي التي تحدد كيفية حصول الطالب على نسخ من المعلومات المطلوبة). هذه المادة، تم استبدالها بالبند الثاني في المادة (16) التي تنص على ( يصدر مجلس الوزراء نظاما يحدد كيفية حصول مقدم الطلب على المعلومات)، هذا يشير الى نية في تقليص صلاحيات مفوض المعلومات العام، لا سيما اذا، تابعنا مراجعة البنود اللاحقة، لنجد تقليصا في الصلاحيات في المادة (40)، وانه يعين من قبل مجلس الوزراء، وهذه مادة اضيفت حديثا، والتي تؤدي ربما الى تقييد يديه الى حد ما، اذا كانت مرجعيته مجلس الوزراء، فالاسلم ان يتمتع باستقلالية تطلق يديه، وان تكون مرجعيته وتعيينه من قبل المجلس التشريعي او الرئاسة في حال تعطله.

اما المادة (18) ( حول رفض طلب الحصول على المعلومات ) كانت تنص على( إذا تم رفض الطلب فعلى الموظف المختص أن يبين في رد مكتوب يسلمه للطالب السبب في رفض الطلب،...في الحالات التالية)، واصبحت ( يرفض الموظف المختص طلب الحصول على المعلومات في الحالات التالية) بمعنى ان المادة لم تشر الى ان على موظف المعلومات المختص، ان يسلم الطالب ردا مكتوبا يوضح مبررات الرفض؛ ان من حق المواطن او الاعلامي ان يعرف حين يرفض طلبه معلومات ما، لماذا تم الرفض.

قضايا الأمن الاقتصادي

ان هناك عمومية في المادة (24)، التي تاتي في سياق الاستثناءات، التي على اساسها يرفض الافصاح عن المعلومات، وهنا تشير المادة (على الموظف المختص رفض الكشف عن المعلومات ذات الطبيعة التجارية او المالية او الاقتصادية او الابحاث العلمية او التقنية التي يؤدي الكشف عنها الى الاخلال بحق المؤلف والملكية ...لاي شخص او شركة) والمادة في المشروع السابق كان فيها تحديد اكبر يبين بشكل واضح ما هي المعلومات التي يجب ان تعرف بانها استثناء، ويجب الابقاء على سريتها، بالتالي:

1.       أسرار مهنية أو تجارية تخص المؤسسة.

2.       أسرار يؤدي كشفها إلى إلحاق أضرار مادية بالمصالح الاقتصادية للدولة، أو بقدرتها على إدارة كفة الاقتصاد الوطني، أو ينتج عنها مكاسب خاصة لشخص أو لهيئة، ويشمل ذلك:

‌أ.        أسعار العملة المتداولة في فلسطين.

‌ب.      التغييرات المتوقعة في رسوم التعرفة الجمركية والضرائب والرسوم وأية مصادر أخرى للإيرادات.

‌ج.       التغييرات المتوقعة في أسعار الفائدة المتعلقة بالقروض الحكومية.

‌د.       التغييرات المتوقعة في أسعار الممتلكات الحكومية من أسهم وأموال منقولة وعقارات.

‌ه.       صفقات تنوي المؤسسة العامة عقدها بخصوص سلعة، قد يؤدي الكشف عنها إلى التأثير على أسعار هذه السلعة في السوق.

ان ابقاء عبارات المواد القانونية غير محددة وعامة، يجعل من السهل على الطرف الاقوى التحكم في التفسير لصالحة وهنا يعتبر الطرف الاضعف هو طالب المعلومة، وربما تعمل المادة المذكورة على تقييد الافراج عن المعلومات المفيدة في الابحاث او التحقيقات الاستقصائية او جهود كشف الاعمال المستورة التي فيها تجاوزا للقوانين.

المادة (26) اسقطت مفردة( معلومة تخص طرف ثالث) وكانت سابقا كالتالي: (يحضر على الموظف المختص الكشف عن أية معلومة تخص طرف ثالث، وتتعلق بحياته الخاصة إلا في الحالات التالية:...، وهذه ربما تفسر بان ليس من حق المواطن ان يطلب من المؤسسة معلومات حوله هو شخصيا.

وفي المادة (29) حول الطعون، (تنظر المفوضية بالطعون المقدمة لها لاي من الاسباب الاتية:... )وكان احد الاسباب في مشروع القانون السابق ( اذا تمت إحالة ملف مقدم طلب المعلومة، إلى أكثر من مؤسسة دون موافقته على ذلك)، وهذا ربما يشكل مدخلا ملتويا للمؤسسات التي تريد حجب المعلومات، بان تحول الطلب من مؤسسة الى اخرى بحجج مختلفة، هدفها التهرب من اعطاء المعلومة المطلوبة.

واخيرا بشان العقوبات، فمن جهة اقتصرت العقوبات على غرامات مالية، وخلت من عقوبة السجن، فلا يعقل ان نرد على ( من قام بالاتلاف، عمدا، سجلات او دفاتر مدون بها معلومات – من المادة 39 عقوبات)، الذي ربما ليتهرب من قضية فساد، ان تكون عقوبته غرامة مالية، ومن جهة ثانية كان من المفترض ان يحدد مقدار الغرامات في بنود العقوبات التي تضمنها مشروع القانون، لكي يتاح المجال لتقييمها او تعديلها او الاخذ باقتراحات حولها.

في كل الاحوال لا بد من شكر مؤسسة مجلس الوزراء وهيئة مكافحة الفساد على طرحهما المشروع للنقاش العام، واخذ المقترحات والملاحظات، املين بان لا يكون هذا تطبيقا للمثل القائل ( شاوروهن وخالفوهن).

اخر الأخبار