وزن دحلان يستحق ذلك..

تابعنا على:   17:42 2014-02-10

سميح خلف

المفاصل التاريخية تعرف الرجال ، وبين تلك المفاصل تتحدد سمات الرجل معرفة من هم مناهضيه والمختلفين معه ومن أعداءه ومن هم من فرضوا أنفسهم أعداء لواقع يحمل في طياته معالم التغيير لشعب يعاني من ويلات الإحتلال والنرجسيات الحاكمة هنا وهناك وتتحكم في أقداره.

وعندما يكون الفشل وأصحابه سمات المرحلة ، منها ما مضى ومنها ما هو حاضر، فهنا يكون الصراع ما بين التجديد والإصلاح من جهة و واقع نسجه أباطرة المراحل من جهة أخرى ، ومن سقوط إلى سقوط إلى تهديد قائم بذوبان الملامح والأسس التاريخية لقضية حملها الشعب الفلسطيني على كتفيه وسواعده بكامل التضحية .

كان هذا الشعب يستحق قيادة تفهم وتقدر تضحياته وطاقاته و إمكانياته وتسخيرها في اتجاه اختاره الشهداء منذ عقود وسار على دربهم المناضلين لتحقيق الحلم الفلسطيني في الحرية والانعتاق والتحرير لأرضه ، ولأن من تضرر وبشكل رئيسي هم أبناء اللجوء النازحين عن أرضهم.

ومن هنا كانت ترتسم المعادلة وملامح الصراع في مربعاته المختلفة، وما يميز الرجال في المواقف التاريخية من صلابة وعناد على الحق أمام قوى ارتضت لنفسها أن تعيش وتحتكر وتبغي على مقدرات شعب يرزح تحت الاحتلال.

ومن هؤلاء المناضلين رجال يعرفهم التاريخ وتعرف عليهم من دروب المعاناة للمخيم والشارع والحارة الفلسطينية ومعاني النكبة، هم رجال المفاصل التاريخية والتحولات عندما تكون الشعوب على مشارف هاوية السقوط، من ممارسات متاجرين ومتساوقين واستثماريين لمرحلة أتت بتهتك ثورة و انحلال قيم وطنية واضمحلال لمسؤوليات تجاه شعب أعطى لهم ما يمكن اعطاءه ليصلوا به إلى بر الأمان، كان لابد لهؤلاء الرجال أن يقفوا وقفة عزة وكرامة وكبرياء أمام جيوش الكذب والدجل وأمام تسويق بضاعتهم النرجسية الفئوية والجغرافية على حساب وحدة الشعب ووحدة المطلب الوطني وعماده قضية اللاجئين التي هي أساس الصراع والمشكل في المنطقة.

ومن هنا كان ثقل ووزن القائد الفتحاوي محمد دحلان في كفة والمتاجرين بالقضية والذين استنفعوا على حسابها بقدر ما تنازلوا عنه من قيم وطنية وأخلاقية و أدبيات انحرفوا بها في شراع تقسيم المصالح والاستثمارات في واقع الإحتلال بكل ما يشمل هذا المصطلح من سقوط سياسي وأمني يتحمل اعباءه أبناء الشعب على الجانبين في الوطن المحتل.

إذا وبقدر كبر الحملة على محمد دحلان من هؤلاء يزداد ثقله وبحاضنة شعبية أصبح ليس من السهل كسرها أو اختراقها بكل ما اوتوا من قوة واقع اللاشرعية وواقع الاحتلال ، الذي لا يصنف إلا في إطار القراصنة وبكل ما يمتلكون من أدوات إعلامية و أمنية لشيطنة هذا الرجل العاقل بكاريزمية القائد الواثق الصبور الهاديء و أمام شبه انهيار عصبي لمناوئيه أينما كانوا والذي جعلهم يتخبطون ويتمحورون ويأتلفون مع بعضهم لمواجهة هذا الرجل الذي اعتبره ذو الشخصية "" السهل الممتنع" وهي صفة القادة ورجال المرحلة الذي انتقاهم التاريخ ليعبروا ويرفعوا رايات مناهضة الظلم لأبناء شعبه الذي يعاني من الاحتلال والقهر والبطالة والفقر وعرضه في سوق التنازلات ليبقى هذا الحزب أو ذاك الفصيل على رأس المقاولين والاستثماريين لهذا الشعب.

ولقد استشعرنا لوبي يعمل بتعاون مع الاحتلال منذ شهور ضد عباس في حال فشل المفاوضات بخيار صهيوني لإيجاد قيادة بديلة شكل لها المتجنحين من حركة فتح في الضفة الغربية لجنة لاختيار نائب للرئيس هرعا وخوفا، أما الرجوب ( عضو مركز بيرز للسلام ) فهو أحد التيارات الجهوية التي تميل لإسرائيل وللشرق ويرتبط عشائريا ومعنويا بهذا التيار ، أما مروان البرغوثي فهو أسير ولا يمكن أن يوضع في موقع الترشح إلا بأجندة سياسية يوافق عليها الاحتلال لإخراجه من السجن .

ويبقى دحلان الذي أعتقد أن القاعدة الشعبية له في الضفة الغربية كبيرة وكمثيلتها في غزة ولبنان والشتات هو الأمثل لقيادة مرحلة التغيير.

ولماذا دحلان؟

 دحلان له علاقات اقليمية ودولية ممتازة ، إضافة إلى القاعدة الشعبية العريضة في الداخل والخارج ولا أعتقد أن المال الذي يمتلكه دحلان يمكن أن يشتري نصف مليون أو مليون أو مليونين من الشعب الفلسطيني كما يدعي المناوئين سارقي أحلام الشعب وأمواله والشحادين على عتبات الحكام بإسم معناة الشعب الفلسطيني وبما اختلسوه من أموال نتج عنها عجز ب 2 مليار دولار في موازنة السلطة ولم تعرف أين ذهبت هذه الأموال حتى الآن بناء على تقرير من الدول المانحة .

الشعب له حاسية خاصة فيمن يحقق مصالحه وآماله الوطنية، ولقد طرحت منذ عدة شهور مع إخوة في حماس بوجوب تقارب بين نهج دحلان الاصلاحي و نهج حماس على قاعدة المحافظة على مشروع المقاومة ، وفي غياب مشروع (التحرير).

الآن يجب التفرغ لبناء المجتمع و الكادر الفلسطيني وفتح أبواب المعامل والمصانع والأبحاث والمشاريع الكبيرة والصغيرة ، وإذا كانت حماس جادة بإيقاف تنازلات عباس كما تشيع في إعلامها فإن وجود أي ائتلاف وطني في غزة سيجعل منها طليعة المشروع الوطني مع امتداد في الضفة والشتات ، وحينها سيسقط نهج عباس وتشكل حكومة من الشعب الفلسطيني ووفد شعبي يضاف لحصيلة دحلان الاقليمية والدولية ، و مع الإعتراف صراحة بأن الضفة الغربية محتلة بشكل كامل وتنطبق عليها جميع البرامج النضالية كما هي حيفا ويافا واللد والرملة وصفد والقدس ، و لفك الحصار عن غزة ، ويبدأ بناء المجتمع الفلسطيني على قواعد سليمة غير حزبية متشرذمة ، ولكن يبدو أن الإخوة في حماس الآن ومع نبيل شعث والوفد القادم من متاجري القضية الفلسطينية انحازوا لخيارات عباس وتنازلاته ، وهذا يؤدي لتقوية عصب نهج عباس وكذلك تقوية حماس للخروج الآني وليس الدائم من واقع الحصار ، و أعتقد أن حساباتها خاطئة في هذا الاتجاه وعلى طريق اخطاء متكررة منذ بزوغ ربيع برنارد ليفي، إجمالا عباس له أربعة أو خمسة شهور على أكثر تقدير ويمكن أن يفاجئكم الاحتلال بخيار آخر بأن يصعد أحد قادة الاجهزة الامنية في الضفة، ويقلب حسابات غزة والضفة.

كثرت الأقلام التي تشيطن محمد دحلان آخذة موجة تلو الأخرى تبدأ من المقاطعة في رام الله وتمتد إلى غزة، وكل يبحث عن ذاته في معادلة يمكن أن يكتسح فيها محمد دحلان وينتصر على كل الأقاويل والمهاترات والكذب والدجل والتلفيق الذي مارسوه ضده وتزداد هذه الحملة وتآلف الأعداء في شطري الوطن المحتل على هذا الرجل عندما حمل برنامجاً اجتماعيا إصلاحياً تبويبا لصحة المجتمع في غزة والشتات ولرفع الحصار الخانق على غزة الذي استهدف أبناء شعبه عندما تقطعت كل السبل.

هذا الحصار الذي فرضه رأس حربة الفساد في رام الله محمود عباس وبتآلف مع بعض المتشرذمين في غزة ولا ننكر هنا أن في غزة من هم يتفهمون المرحلة ويتفهمون وجوب تآلف بين أبناء حركة فتح في غزة الذين رفضوا كل أدوات الهيمنة الفئوية والجغرافية والتي تبعها قطع الرواتب والفصل من حركة فتح، كل ذلك تمهيداً وتبويباً للإعداد لمرحلة ما بعد محمود عباس الذي يتخوف الجميع منها من تقلد القائد الفتحاوي القوي محمد دحلان قيادة المرحلة وبالتالي تخيب آمالهم التي رسموها منذ سنين وعملوا عليها ليسرقوا القرار الوطني ولينحرفوا به في إتجاه أهداف قزمية لا ترمي إلا إرضاء لأفكارهم المعوقة والمريضة، هم يتاجرون بوحدة هذا الشعب من أجل قليل من القيادة هنا أو هناك لكي يسود هذا الواقع من الاستنفاع والمنفعة بين الأطراف العدوة لمرحلة التحول الإصلاحي في الشعب الفلسطيني وفي حركة فتح.

من هنا يبرز ثقل القائد محمد دحلان من المربعات العريضة لعداوته والتي يقابلها حاضنة شعبية كبيرة مؤيدة لهذا الرجل المتواضع الذكي الذي يمتاز بالحنكة ومعرفة ماذا يريد وماذا يريد شعبه.

وفي هذا الجانب وفي هذا المقام وعندما أيقنت حماس بأنها تعاني من مأزق كبير نتيجة سوء حسابات ومواقف تجاه ما يسمى الربيع العربي نسيت أن محمود عباس قد تآمر على الشعب الفلسطيني في غزة، ومازالت تهم في إيجاد واقع من تقاسم المصالح والمنفعة أمام ضرورات ملحة للخروج من هذه المرحلة بواقع تغييري إصلاحي، تناست أن أبناء قطاع غزة يرفضون محمود عباس ونهجه، وكما هو الحال للقائد الفتحاوي الذي تمرد على واقع التفاوض الهزيل، وتمرد على التنسيق الأمني المذل، وتمرد على واقع سلطة يسودها الجهوية والعشائرية والتكتلات التي لا تمت بصلة لأي عمل منطقي وطني ومازال هناك الباب مفتوحاً لتعيد حماس ذاكرتها من جديد إذا كانت فعلاً تمثل الخط المقاوم وخط البناء المجتمعي والوطني في قطاع غزة وباقي الوطن، فلا يمكن أن تكون تلك الأهداف تتوافق مع رغبات رئيس المقاطعة إلا إذا كان جميعهم يلعب في مربعات اللاشرعية ويركبون على أحصنة ما يسمى الإنتخابات والمط في الوقت لكل منهما إما يخدع الآخر أو يتآلفان ضد القائد الشجاع ذو القاعدة العريضة من الشعب محمد دحلان، وهذا كان دور الوفد الذي أتى متجنحاً من الضفة الغربية ليرسموا صورة هزلية لمعادلة مضطربة بينهما عندما استقبلته وفود الحكومة الفلسطينية في غزة، حكومتين تلعبان بنرجسية فائقة وضد من ضد الإصلاح وضد التغيير الذي يطالب به الشعب الفلسطيني ولكن حتماً هذا التغيير سيفرض نفسه شاء من شاء وأبى من أبى.

 

اخر الأخبار