زيارة وفد المركزية والمصالحة المستحيلة

تابعنا على:   12:58 2014-02-10

د. خضر محجز

بعد (زيارة) كوادر فتح من محور دحلان إلى غزة ــ التي أستطيع أن أقول، بثقة تامة، أنها لم تحقق المرجو منها لأي من الزائر والمستقبِل ــ تأتي زيارة وفد اللجنة المركزية لفتح، والاستقبال شبه الرسمي من حكومة غزة لها، لهدفين:

1ـ الهدف الأول للجنة المركزية لفتح؛ وغايته المعلنة بحث الأوضاع التنظيمية لفتح في القطاع.

2ـ أما الهدف الآخر فلحكومة غزة وحماس؛ وغايته غير المعلنة، فحص إمكانية فتح حوار جديد حول المصالحة مع رام الله.

من الواضح إذن أن كلا الطرفين يقترب من الآخر، على حذر، ويعلن غير ما يبطن:

فحماس تعرف أن محاولة فتح ثغرة، في الجدار المصمت من حولها في غزة، عن طريق محور دحلان، لم تنجح. وأعضاء اللجنة المركزية، الذين أرسلوا وافديهم إلى غزة، يعلمون ذلك ويستثمرونه. ونحن نقرأ الخبر بالصورة التالية:

فحماس ــ من جهتها ــ تريد أن تقول لحكومة رام الله، بأنها تفضل التعامل مع محور الرئيس عباس، مع أن لديها البديل!.

ولجنة فتح المركزية ــ من جهتها ــ تريد أن تعيد إلى تنظيمها في غزة، بعضاً من بهائه المفقود، خصوصاً بعد تمزقاته المتعددة، التي يحبون أن يلقوا بتبعاتها على محور دحلان.

مرة أخرى يعود الطرفان ــ فتح وحماس ــ ليغني كل منهما نفس الموال، لكن بلحن مختلف.

حماس لم تنجح في فتح ثغرة في جدار مصر، بالاتفاق مع محور دحلان، لذا فهي تريد أن تجرب الوصول إلى نفس الهدف، بالاتفاق مع الرئيس عباس، الذي يمثله وافدو اللجنة المركزية.

لكن يبقى هناك سؤالان يفضي أحدهما إلى الآخر:

هل يستطيع الرئيس عباس أن يتصالح مع حماس بصيغتها الحالية؟

 وهل تستطيع حماس أن تغير من صيغتها المعلنة، لتساعد نفسها، وتساعد الرئيس عباس، في قبول التعامل معها إقليمياً؟

 سنعيد فحص الجواب المحتمل لكلا السؤالين:

هل يستطيع الرئيس محمود عباس أن يتوافق، مع حماس، على سلطة موحدة، الشريك فيها تتهمه مصر بأنه تنظيم إرهابي مطلوب رأسه؟

 أم هل يوافق الرئيس عباس على أن يبتلع هذا الطعم، فيضيف إلى خصومه خصماً إقليمياً هاما وكبيراً كمصر؟ أم هل تظن حماس أن بإمكان الرئيس عباس أن يبتلع هذا الطعم، مغمض العينين؟ وماذا سيكون رد الرئيس عباس على مصر، فيما لو طلبت منه تسليم بعض من ثبت تورطهم ــ من شركائه الجدد في الحكومة ــ لمحاكمتهم أمام القانون المصري؟

 إنه للغمٌ شديد الانفجار، هذا الذي يحاول البعض زراعته تحت طاولة الرئيس!.

ورغم أن الرئيس عباس لا يستطيع أن يكون ساذجاً إلى هذا الحد، إلا أنه لن يستطيع أن يرفض اليد الممدودة (للمصالحة)، حتى لو قيل له إنها مصالحة ملغومة. فماذا سيفعل إذن؟

 سيوافق على مشروع المصالحة، ولكنه سيشترط أن تعلن حماس براءتها من تنظيم الإخوان المسلمين المحظور، فينقل بذلك الكرة إلى ملعب الخصم.

فهل تستطيع حماس أن تناور بهذه الكرة الملتهبة، لتعيد قذفها من جديد، نحو ملعب الرئيس عباس؟

 الجواب قطعاً: لا

 لن تستطيع حماس أن تتخلى عن انتمائها للإخوان. وذلك هو كمين الأيديولوجيا. وذلك أحد تجليات كون الأيديولوجيا مجرد وعي زائف، لا يتعامل مع الواقع إلا بالشعار.

والنتيجة النهائية لكل هذا، أن فتح ستحافظ على تفككها وضعفها، ولن تزيدها الزيارة إلا محاولة جديدة، لترميم ما تقول إن محور دحلان قد خربه، بزيارة أنصاره لغزة.

وستحافظ حماس على وعيها الشقي، وتواصل خداع نفسها، بانتظار فرج قريب من السماء، التي نرى أنها ــ على ما يبدو ــ غير متعاطفة معها.

وسيواصل هذا الشعب المنكوب نكبته المستمرة، إلى حين ظهور رغبة جديدة جادة، لدى الأطراف، للمصالحة المستحيلة.

قلنا، في مقال سابق، بأن مصر تشعر بأن من واجبها مساعدة غزة، لكنها لا تفكر مطلقاً بأن يكون في ذلك ما يمكن أن يخدم أهداف حماس.

إن مصر تريد التعامل مع واحد من العنوانين، أو كليهما: الرئيس عباس ومحمد دحلان.

أما حماس فلا تريد سوى أن تشق ثغرة، في هذا الاستبعاد الإقليمي، الذي لا يبدو أن نهايته قريبة.

كل الأطراف يعرف بعضها نوايا بعض. لكن لا أحد منها مستطيع أن يتنازل لصالح طرف آخر.

الطريف في كل هذا، أن بعض هذه الأطراف يسخر من وعي شعبه، ويظن أنه غير قادر على قراءة ما بين السطور المعلنة.

اخر الأخبار