حتى لا يصبح السيسي مرشحاً وحيداً وللأبد

تابعنا على:   10:42 2014-02-10

صالح القلاب

ضروري جداً أنْ يترشح لإنتخابات «الرئاسة» في مصر حمدين صباحي وأحمد شفيق وعبد المنعم أبو الفتوح.. وأيضاً عمرو موسى ،إن هو أراد والأغلب أنه لن يرشح نفسه، فأسوأ فوز حتى لجواد أصيل مطهم هو أنْ يكون في الميدان وحده والمثل يقول :»لا قيمة لأنْ يعتبر سبَّاقاً فرسٌ يسابق نفسه» وهذا ينطبق على المشير عبد الفتاح السيسي الذي من الأفضل أنْ يكون فوزه المضمون بالتأكيد بأكثـر من خمسين في المائة بقليل وليس برقم فلكي كالأرقام الذي بقي يجترحها «القادة الملهمون» الذين بالنتيجة سلموا أوطانهم إلى كل هذه المآسي التي نراها الآن في العراق وفي سوريا وفي اليمن وفي ليبيا.. والله أعلم من سيأتيه هذا الدور فـ»الحبل لا يزال على الجرار»!!.
سيتعزز الإدعاء بأنَّ ما قامت به القوات المسلحة المصرية في الثلاثين من يونيو (حزيران) الماضي هو إنقلاب عسكري ،كما يقول الإخوان المسلمون، إذا كان المشير السيسي هو الجواد الوحيد الذي سيدخل ميدان سباق إنتخابات رئاسة الجمهورية فالمصريون وغيرهم الذين يعرفون أنه لا منافس إطلاقاً لهذا الرجل الذي تجاوزت شعبيته حتى شعبية جمال عبد الناصر عندما كان في ذروة شعبيته سيشعرون لاحقاً أنَّه فرض نفسه فرضاً وبالطبع فإن حتى بعض الأوساط الغربية ،الأميركية على وجه التحديد، لا يمكن إلاَّ أن تشكك في هذه الإنتخابات ولا يمكن إلاَّ أنْ تقول أنَّ التعليمات والتهديدات السرية هي التي حالت دون أن يكون هناك مرشح ومنافس آخر.
ولهذا فإنه ضروري جداً أن يرشح حمدين صباحي نفسه لخوض هذه المعركة وكذلك الأمر بالنسبة لعبد المنعم أبو الفتوح وأحمد شفيق ويقيناً أنه كان من الأفضل للإخوان المسلمين ،بدل أنْ يسمعوا لوشوشات شياطين الإنس والجن ويركبوا رؤوسهم ويغرقوا بلدهم بكل هذا الإرهاب الدموي الأرعن، أن يتماشوا مع الثلاثين من يونيو (حزيران) ومستجداته وأن يتحلوا بالقيم السياسية المفترضة في مثل هذه الأمور وأن يباشروا وعلى الفور الإستعداد للجولة الجديدة حفاظاً على «جماهيرهم» على الأقل إذا كانوا يستبعدون تحقيق فوزٍ كالفوز الذي حققوه في الإنتخابات السابقة.
إنَّ عدم ترك المشير عبد الفتاح السيسي يدخل ميدان السباق وحده هو مهمة وطنية وهو دلالة على أن ما حصل في الثلاثين من يونيو (حزيران) ليس إنقلاباً عسكرياً وإنما حركة شعبية آزرتها القوات المسلحة في اللحظة المناسبة وهو أيضاً تأكيد على أنَّ هذا الرجل حتى وإنْ أغرته شعبيته الكاسحة ووسوست له نفسه ،و»النفس أمَّارة بالسوء»، ليكرر ما فعله جمال عبد الناصر وما فعله أنور السادات وحسني مبارك فإنه لا يستطيع تجاوز ما نصَّ عليه الدستور بمنع الترشح لرئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين متلاحقتين وهو لا يستطيع أنْ يواجه شعباً أفرز قيادات وطنية تؤمن بالديموقراطية وتمارسها وتتقدم لخوض المعارك الإنتخابية حتى وهي تعرف سلفاً أنَّ الفوز لن يكون حليفها.
لقد إرتكب الإخوان المسلمون أخطاءً فادحة كثيرة أولها :أنهم هددوا بإحراق مصر إن فاز أحمد شفيق على مرشحهم محمد مرسي ،الذي كان خلال العام الذي أمضاه في قصر الإتحادية مجرد أداة في يد المرشد العام محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر وأيضاً في يد «آية الله العظمـى» الشيخ يوسف القرضاوي، وثانيها :أنهم بمجرد وصولهم إلى رئاسة الجمهورية بدأوا يعملون على إقصاء غيرهم والإنفراد في الحكم كما إنفرد به حزب البعث في العراق وسوريا وكما ينفرد به الآن الجنرال عمر البشير في السودان وثالثها :أنهم بعد سقوطهم لم يراعوا أوضاع مصر ولم يستقبلوا الهزيمة بـ»روحية» الحزب السياسي الواقعي وأنهم بدل الإستفادة من هزيمتهم وتجربتهم البائسة المرة بادروا إلى العنف والإرهاب والتوتير ورفعوا ولازالوا يرفعون شعار :»إسقاط النظام الجديد» الذي اعتبروه نتيجة إنقلاب عسكري وهو في حقيقة الأمر ليس كذلك إذا أخذنا بالإعتبار الثلاثين مليون الذين خرجوا إلى الشوارع يطالبون بالإطاحة بنظامهم الذي لو أنهم يتحلون بفضيلة النقد الذاتي البناء لأعترفوا ومنذ الأيام الأولى أنهم لا زالوا «أغراراً» وأنهم غير مؤهلين لدولة أوضاعها شديدة التداخل مثل مصر.
والآن فإنه من أجل مصر ومستقبل مصر يجب أن يكون هناك تزاحم فعلي في الإنتخابات الرئاسية المقبلة وفي الإنتخابات النيابية التشريعية اللاحقة فهذا سيحبط سلفاً نوايا الذين سيحاولون حتماً من رموز البطانة السيئة إغراء المشير السيسي بألاَّ ينضبط ويلتزم بما نصَّ عليه الدستور وألاَّ يكتفي بولايتين متلاحقتين وأن يفعل ما فعله عبد الناصر وما فعله السادات وحسني مبارك وهذا ،أي التزاحم الفعلي في الإنتخابات المقبلة، سيعزز مبدأ التداول على السلطة وسيعزز أنَّ الإحتكام يجب أن يكون لصناديق الإقتراع وللإنتخابات الحرة والديموقراطية وليس لا لجنازير الدبابات ولا للأجهزة الإستخبارية التي كان عنوانها صلاح نصر.
عن الرأي الاردنية

اخر الأخبار