حماس والخيار الصعب

تابعنا على:   10:51 2014-02-08

سامح عسكر

بعد قدوم ما يُسمى.."بالربيع العربي"..وقعت حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة بين نارين ، الأول هو الانخراط في هذه الثورات ودعمها، ولكن نتائج هذا الخيار كانت محفوفة بالمخاطر.. نظراً لطبيعة الحركة الجهادية ضد إسرائيل، فلن يسمح معارضو هذه الثورات لحماس بالتدخل في شئونهم، وسيُعلنون ندمهم على دعمهم للحركة في الماضي، وهنا سيكون رهان الحركة الوحيد هو على نجاح تلك "الثورات" لضمان البقاء، وقد تسبب فشل الحركة في المصالحة الوطنية مع فتح طيلة السنين الماضية في إحداث أزمة سياسية ومجتمعية خطيرة تعاني منها الحركة في القطاع.
فقد لعبت حركة فتح دوراً مهماً في فضح حركة حماس وصنع تيار معادي لها خاصةً في مصر، لأن الدور الفتحاوي في مصر أقوى من حماس بعد ثورة 30 يونيو، علاوة على تشدد تيار المقاومة والممانعة في الشرق الأوسط تجاه حماس بعد دعمها للمسلحين والإرهابيين في سوريا، أدلة ومؤشرات كثيرة تظهر بأن حركة حماس ارتكبت أخطاء تصل إلى حد الجرائم السياسية منذ إعلان تورطها في النزاع السوري، بل ولا زالت مواقع الحركة تتبنى خطاب المعارضة السورية والإرهابيين رغم ما تعاني منه الحركة من عزلة سياسية شبه تامة في المنطقة.
الخيار الثاني هو الوقوف على الحياد يما يعني خروج الكيان الحمساوي من الشرنقة الإخوانية، لأن ما يُسمى.."بالربيع العربي"..هو في حقيقته ربيع إخواني أصولي وهّابي، وهذا يتسق مع مبادئ الحركة ورؤيتها الدينية والسياسية، فقد أعلنت الحركة مراراً أنها تتبع الإخوان ومرشدها العام في مصر، وقد حصلت من جراء هذا الإعلان عن كمّ رهيب من الكراهية بين الشعب المصري، وبالتالي سيكون الشعب الأردني فضلاً عن السوري لن يقل كراهيةً للحركة نظير هذا الإعلان ، هو خطأ جسيم فعلته الحركة، وكان أولى بها أن تظل في مضمار المقاومة للمحتل، وأن تسعى للمصالحة الوطنية بإخلاص كي لا يقع شعب غزة في أزمة..وقد حدثت.
فقطاع غزة أصبح شبه معزول عن العالَم الخارجي بعد تدمير الأنفاق، وقد أعياه الحِصار وكثرت الأزمات المعيشية والاقتصادية، وأحوال الناس في غزة شبه متوقفة، ورغم ذلك لا زالت الحركة تعاني من الضمور الفكري والسياسي، بعد أن شاهد الشعب المصري مسيرات القسام المؤيدة لاعتصام الإخوان في رابعة، وتهديدهم للجيش المصري، فضلاً عن سقوط شبكة التجسس الإسرائيلية الأخيرة المعروفة بشبكة.."عوفاديا"..والتحقيقات التي كشفت علاقة هذه الشبكة بتهريب السلاح للقطاع وللإرهابيين في سيناء،وكذلك أزمة الحركة مع القضاء المصري إثر مطالبته بتسليم أعضاء حماس الهاربين من السجون المصرية.
أصبحت حماس بين خيارين أحلاهما مر بالنسبة لها، فإما أن تعلن مراجعاتها الفكرية والتخلي عن حُلم الخلافة والغزوات، ووقتها ستُصبح الحركة ذات طبيعة نضالية وطنية وليست أيدلوجية فكرية، وإما ستستمر في إعلان مواقفها الإخوانية تجاه الشعوب العربية، وهذا يعني أن فتح ستستفيد من تلك الحماقة السياسية التي كلفت حماس كراهية أغلب شعوب المنطقة، وتعود فتح إلى الصدارة الفلسطينية بعد عقد من الزمان فشلت فيه حماس في إحداث أي تغيير جوهري حقيقي سوى الانقسامات ودعمها للإرهاب.
عن "الحوار المتمدن"

اخر الأخبار