«لو» لم يترشح المشير!

تابعنا على:   08:44 2014-02-07

سليمان جودة

التصريح الذى صدر، صباح أمس، عن المتحدث العسكرى بأن المشير السيسى لم يحسم ترشحه فى انتخابات الرئاسة بعد يعنى عدة أشياء، لابد من أن ننتبه إليها:

أول هذه الأشياء أن الذين رأوا فى بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قبل أيام، تفويضاً مفتوحاً للرجل، وتأييداً مطلقاً له، إنما قرأوا البيان فيما يبدو بالمقلوب، ورأوا فيه أموراً غير موجودة، وحمَّلوه ما لا يحتمل لأسباب تخصهم أكثر مما تخص المجلس الأعلى، فالبيان كان ينطوى فى مضمونه على فكرتين اثنتين، أولاهما أن المجلس ينظر بكل الإجلال والاحترام إلى رغبة الملايين من المصريين فى ترشح المشير، وأنه يترك هذه المسألة لتقديره هو، وبناء على إحساسه النابع من ضميره، ثم على مدى شعوره بواجبه تجاه وطنه.

أما الشىء الثانى الذى يعنيه نفى المتحدث العسكرى أن يكون المشير قد حسم أمره، فهو أننا يجب أن نهيئ أنفسنا لـ«لا» للترشح، من جانبه، بمثل ما أن علينا أن نتوقع «نعم» منه، سواء بسواء، إذ من الجائز جداً أن يكون للرجل رأى آخر، وأن يكون رأيه هذا مقنعاً إذا ما قاله وشرحه لنا، ولابد أن نحترم ذلك تماماً، وألا نواصل الضغط الذى فاق كل تصور عليه!

وثالث الأشياء أنه ربما يرى فى الملف بإجماله ما لا نراه نحن، بحكم اختلاف الموقع الذى يقف فيه هو عن مواقعنا جميعاً نحن، وإذا كان هذا صحيحاً، وهو فى الغالب صحيح، فالمطلوب منه أن يصارح الناس، وأن يتكلم معهم، وأن يشير إلى ما يراه هو، ولا يراه الآخرون، وأظن أن رصيد الثقة بينه وبين غالبيتنا سوف يمنحه مساحة هائلة من الحركة فى هذا الاتجاه.

أعرف أن كثيرين سوف يغضبهم هذا الكلام، وأعرف أن الملايين بيننا سوف يصيبهم إحباط بلا حد، إذا ما حدث وفاجأهم المشير بأنه يرى المصلحة العامة فى ألا يترشح، أعرف هذا جيداً، ولكن ما أعرفه أكثر أننا يجب أن نكون عمليين، وأن نكون على استعداد لتقبل جميع الاحتمالات، والتعامل معها، والتكيف مع تداعياتها، بما فى ذلك طبعاً احتمال ألا يطرح نفسه فى السباق الرئاسى المقبل، فهذا وارد، ولو بنسبة واحد فى المائة.

وربما يكون الشىء الذى علينا أن نكون على يقين منه أنه لو حدث وقرر، أقول «لو» حدث وقرر ألا يرشح نفسه، فلن يكون ذلك منه هروباً، بأى معنى، أو تهرباً بأى حال، بقدر ما أنه سوف يكون تقديراً للموقف فى عمومه من رجل عسكرى محترف، يعرف كيف يضع تقديراً للموقف أمامه، ويعرف كيف يكون التقدير على قدر الموقف، لا أكثر منه ولا أقل، فتلك من المبادئ التى يدرسها، ثم يعمل بها أى عسكرى جاد وفاهم للأمور من حوله.

امنحوه فرصة للحركة، وثقوا فى أن الرجل الذى انحاز إلى شعبه فى ثورة 30 يونيو، على نحو ما رأينا ورأى العالم، يستحيل أن يخذل الشعب ذاته فى أى موقف.

عن المصري اليوم

اخر الأخبار