
وخير المصير مصير سيد الشهداء : عرفات
* د. تحسين الاسطل
تشتد في الآونة الأخيرة التهديدات الإسرائيلية بحق الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قائد الشعب الفلسطيني إلى الحرية والاستقلال ، وتعتمد التهديدات الإسرائيلية والأمريكية لسيادة الرئيس ، بتهديده بشكل واضح أن مصيره سيكون مثل مصير الرئيس الشهيد ياسر عرفات ، وعلى الرئيس عباس الذي يمثل الشعب الفلسطيني وشرعيته وحقوقه، أن يقبل بالاملاءات الإسرائيلية والأمريكية إن أراد النجاة .
ويبدو أن الإسرائيليين ومعهم الأمريكان قد فهموا خطأً سعي الرئيس محمود عباس للسلام العادل والشامل في المنطقة ، ضمن الحقوق والثوابت الفلسطينية التي تمثل الحد الأدنى للحقوق الفلسطينية ، والتي لا يمكن التنازل عنها ، وأوهمهم شيطانهم المتآمر أن الرئيس ربما يخضع لتهديداتهم سواء الاقتصادية أو التلميحات بمصير الرئيس الشهيد ياسر عرفات ، وهم لا يعلمون أن الرئيس أبو مازن هو "خير خلف لخير سلف" فمن مضى وصار مع أبي عمار خطوة خطوة منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية ، ووضع أهدافها مع الرجال الأوائل لحركة فتح ، والذين سبقوا إلى حياة الخلد شهداء ، ولم يتنازلوا أو يفرطوا في ثوابت شعبنا ، ومازالوا نبراس ينير الطريق في معركة الحرية والاستقلال ، وقدوة لمن يأتي من بعدهم ، وخاض معهم الرئيس أبو مازن كل معارك الصمود والتحدي منذ فجر الثورة ، ولم يستسلم ولم يغير مواقفه ، فمن صمد تحت القصف والتدمير والاغتيالات لن تخيفه التهديدات والمؤامرات من هنا وهناك.
اليوم التهديدات الإسرائيلية والأمريكية للرئيس محمود عباس باتت حقيقة واقعة ، وما أشبه الأيام الحالية التي نمر بها الآن بتلك الأيام التي سبقت مفاوضات "كامب ديفيد" في بداية العام 2000م ، والتي شكل فشلها واستفزازات شارون وتحالف حزب العمل معه لتدمير عملية السلام وتخريبها ، والتي أعقبها انتفاضة الأقصى المباركة ، التي جاءت ردا طبيعيا للصلف الإسرائيلي والانحياز الأمريكي لها ، وعند ساعة الحقيقية لن يجد الأمريكان والإسرائيليين أي فرق بين الرئيس الشهيد ياسر عرفات ، ومن صار على دربه الرئيس محمود عباس ، فما رفضه الرئيس أبو عمار لن يجد الإسرائيليون والأمريكان أي فلسطيني يقبل به ، فما بالنا برفيق دربه ، ومن تحمل معه الصعاب والمؤامرات والتهديدات منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية.
فإسرائيل ومعها أمريكا تهدد الرئيس بمصير ياسر عرفات الذي حوصر ثلاث سنوات وواجه الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية الذي حشد 20000 جندي معهم 500 دبابة ، و 50 طائرة مقاتلة، و 80 جرافة D9.، ولم يتراجع خطوة واحدة عن حقوق شعبنا ، الذي ضحى خلال فترة الحصار الطويلة ومعركة الصمود الفلسطينية التي قادها الرئيس ياسر عرفات بـ : 148 شهيدا و 400 جريح، على رأسهم الرئيس الشهيد أبو عمار نفسه ،وخلال هذه المعركة لم يكن سيادة الرئيس بعيدا عن رفيق دربه، وكان مع وإخوانه في القيادة الفلسطينية يخوضون هذه المعركة مع الرئيس الشهيد .
فتلك المعركة لم تكن معركة الرئيس الشهيد وحده ، بل معركة كل الشعب الفلسطيني ، كما أن هذه التهديدات التي تستهدف سيادة الرئيس أبو مازن لا تستهدفه وحده ، بل تستهدف كل الشعب الفلسطيني بكل فئاته وفصائله وطاقاته ومقومات وجوده ستكون في دائرة الاستهداف الإسرائيلي المجرم، ما يستدعي منا جميعا أن نكون موحدين ، ونصطف خلف سيادة الرئيس لإحباط كل التهديدات التي تستهدف النيل منه ، مستغلين الخلافات الداخلية وحالة الانقسام الأليم ، والكل الفلسطيني بمطالب بالعمل فورا على طيها وإنهائها بكل ما فيها من الم من اجل مواجهة التحديات والمؤامرات التي تستهدفنا جميعا.
ونحن اليوم مطالبين بتوفير الدعم المطلق لصلابة مواقف الرئيس الثابتة والمتحدية للإملاءات الإسرائيلية والضغوط الأمريكية، التي تحاول إذلال الشعب الفلسطيني من خلال المؤامرات المزعومة للحل النهائي والتي لا تستند إلى قرارات الشرعية الدولية ، فضلا عن أنها لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
واستطاع سيادة الرئيس من خلال جديته في التوجه نحو السلام بالأفعال وليس الأقوال ، أن يثبت للعالم اجمع تهرب الاحتلال الإسرائيلي وتنكره لكل للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، ورفضها وتهربها من خيار السلام ، وكشف كذلك الانحياز الأمريكي المطلق لإسرائيل وعجزها عن ممارسة دورها كراعي نزيه في عملية السلام ، وبالتالي كان التهديد الإسرائيلي الأمريكي للرئيس هو المخرج لهما للهروب من استحقاقات عملية السلام ، فهما يريدان سلام على الطريقة الإسرائيلية تبقي الاحتلال للأرض الفلسطينية ، وتبقي الاستيطان وتتنكر للحقوق اللاجئين في العودة ، وهو ما رفض فلسطينيا ، من الرئيس الشهيد ياسر عرفات وواجه الحصار والتهديد والقصف، ولم يتنازل عن الحقوق التي كفلتها كل المواثيق الدولية ، والشعب الفلسطيني وفي مقدمته سيادة الرئيس لن يقبل ما رفضه الشهداء ، وما يهدد به الاحتلال وأعوانه هو خير المصير لكل الشعب الفلسطيني ، وبعدها تتحمل الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولية دائرة العنف التي ستدخل بها المنطقة ، فسيادة الرئيس هو المؤمن الأول بالسلام في المنطقة ، واستطاع أن يقنع الكل الفلسطيني به ، وليعلم كل العالم أن هذه المرحلة هي الفرصة الأخيرة لإحلال السلام بالمنطقة ، على أساس الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، وبعدها لن يكون السلام خيارا للفلسطينيين وستصبح كل الخيارات مفتوحة أمامه لنيل حريته ، وعندها سيكون خير المصير مصير سيد الشهداء، ياسر عرفات.
والله من وراء القصد
*نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين