الاقصى قنبلة موقوتة

تابعنا على:   17:44 2013-10-13

عادل عبد الرحمن

تشير المعطيات التي كشفتها "مؤسسة الاقصى للوقف والتراث" قبل يومين، عن وجود مسودة مشروع مخطط لبناء كنيس يهودي  تصل مساحته إلى خمس مساحة المسجد الاقصى. تمتد مساحة الكنيس في الجهة الشرقية داخل المسجد من مدخل المصلى المرواني مرورا بمنطقة باب الرحمة وإنتهاءعند باب الاسباط.

التدحرج في المخطط الصهيوني لتهويد الحوض المقدس، يكشف بشكل جلي، أن القيادة الاسرائيلية ماضية في مخططها التخريبي لعملية السلام. فلم تكن الاقتحامات المبرمجة والمتواصلة لقطعان المستوطيني وجنود وضباط الجيش الاسرائيلي ونواب الكنيست والوزراء من حكومة الإئتلاف الحاكم سوى خطوة تمهيدية لفرض وقائع في الوعي المجتمعي الفلسطيني والاسرائيلي والعربي والاسلامي والعالمي. وخلق صورة نمطية في وسائل ومنابر الاعلام، توحي وكأن ما يجري على ارض الواقع، هو عملية "طبيعية"، لاسيما وان حجم الاحتكاكات دون المستوى المطلوب، لان قوات الجيش وحرس الحدود والشرطة الاسرائيلية، تستخدم ادواتها القمعية الارهابية ضد المواطنين الفلسطينيين للحؤول دون تمكنهم من التواجد المكثف وبالتالي الدفاع عن اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وكي تشعر المراقب على المستويات المختلفة، بان اقتحامات وانتهاكات الاسرائيليين لا تثير اي تهديد لعملية السلام.

وسبق ذلك الحفريات تحت الحرم القدسي الشريف، التي هددت، ومازالت تهدد بقائه على حاله. فضلا عن إقامة العديد من الكنس المحيطة بالمسجد الاقصى ، وعمليات الهدم والبناء المحيطة ، والتغييرات العمرانية المتواصلة، كانت جميعها، خطوات تمهيدية ايضا لما يطرح راهنا.

 الكشف عن المخطط الجديد باقامة كنس يهودي على خمس مساحة المسجد الاقصى، خطوة خطيرة جدا، كونها اولا تهدد واحد من صروح ومقدسات العالم العربي والاسلامي، المسجد الاقصى، ذات الاهمية المركزية في الوعي الاسلامي؛ ثانيا يكشف بما لا يدع مجالا للشك، على ان القيادة الاسرائيلية، تعمل على تهويد ونسف عملية السلام برمتها؛ ثالثا وفي السياق تهدف لمواصلة سياسة الضم والتهويد والمصادرة لكل القدس الشرقية، وفصلها عن باقي اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967، ووضع الحوض المقدس تحت الامر الواقع، كجزء خاضع للسيطرة الاسرائيلية بمستوياتها كلها؛ رابعا إسقاط خيار حل الدولتين نهائيا مرة وإلى الابد. خامسا سيتبع ذلك عملية تطهير ديمغرافية واسعة لابناء القدس من الفلسطينيين؛ وسادسا مواصلة تغيير معالم المدينة الحضارية والتاريخية والدينية والثقافية.

الجريمة او المذبحة الاسرائيلية المنوي تنفيذها على ارض المسجد الاقصى تحمل اخطارا لا تتوقف عند حدود ما ذكر أعلاه، انما كونها ستملي وقائع وورؤى واليات عمل مغايرة عما هو قائم في الواقع الراهن من حيث ، اولا النسف الكامل لفكرة السلام من حيث المبدأ مع الاسرائيليين في اوساط الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والاسلامية؛ ثانيا فتح الحروب القادمة على فضاء البعد الديني بين اتباع الديانتين اليهودية والاسلامية، ولهذا تداعيات خطيرة على السلم العالمي ، وليس فقط عند حدود الصراع الدائر الان؛ثالثا  إسقاط شكل المقاومة الشعبية السلمية، كشكل اساس للنضال  الوطني، وصعود شكل الكفاح المسلح مجددا للواجهة؛ رابعا إنتفاء دور القيادة السياسية الفلسطينية الحالية، كونها حملت راية المشروع السياسي الحالي، المعتمد لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛ وبالتالي صعود التيارات السياسية الاقصوية في الساحة الفلسطينية والعربية، المنادية بتحرير فلسطين كلها من البحر إلى النهر.

القراءة الواردة اعلاه للتطورات والتداعيات الخطيرة الناجمة عن خطوة الجماعات المتنفذة في القرار الاسرائيلي، ليست إنفعالية ولا متطيرة او واهمة، بل هي قراءة واقعية جدا لسياق التطورات، لاسيما وان الساحة الوطنية تشهد حراكا مدفوعا من قبل قادة إسرائيل نتاج حجم الانتهاكات غير المسبوق ضد المواطنين الفلسطينيين ومصالحهم وممتلكاتهم الخاصة والعامة، فضلا عن ان الشارع الوطني كفر بخيار التسوية السياسية، التي مضى عن دخولها عقدين من الزمن البائس. الامر الذي يفرض على الولايات المتحدة الاميركية، إن كانت فعلا لا قولا جادة بدعم خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67، ان تندفع بقوة للجم النزعات الاسرائيلية المجنونة، التي لن تكون في مطلق الاحوال لا في مصلحة إسرائيل ولا مصلحة أميركا ولا الغرب عموما، والزام إسرائيل اولا بالكف فورا عن اية مخططات تهويدية للمسجد الاقصى، وكل عمليات التهويد والمصادرة للاراضي والبيوت وهدمها في القدس والاغوار وحيثما كان في الاراضي الفلسطينية ، والشروع الفعلي بازالة كافة المستوطنات المقامة على اراضي دولة فلسطين، وعليها ان تمارس نفوذها بفرض العقوباتالاقتصادية والسياسية والديبلوماسية والامنية كما تفعل مع باق الدول.

وعلى الفلسطينيين توحيد ادواتهم في المدينة المقدسة ، ووضع السيناريوهات المختلفة لمواجهة التحديات الخطيرة التي تفرضها إسرائيل، وذات الشيء شن حملة عربية واسلامية ودولية ضد التوجهات الاسرائيلية، لاثارة الرأي العام العالمي ضدها، لان قادة إسرائيل، لم يعودوا قادرين على وقف شجعهم ونزعاتهم الاستعمارية، كونهم يعتبرون انفسهم فوق القانون الدولي. وهذا ناتج عن الدعم الاميركي غير المحدود للعصابة الاسرائيلية الحاكمة. وعلى الاتحاد الاوروبي إتخاذ خطوات جديدة لتوسيع نطاق العقوبات، التي ستفرض مع بداية العام 2014 ضد منتجات المستعمرات، كي تشعر حكومة نتنياهو وبنت ولبيد وليبرمان، ان العصا الاممية ستضرب الرأس الاسرائيلية÷ إن لم تعد إلى جادة السلام.

اخر الأخبار