انتهى عصر الدولة الفلسطينيه قي الضفة والقطاع

تابعنا على:   14:06 2014-01-28

منيف عبدالله الحوراني

انتهى عصر الدوله الفلسطينيه قي الضفه والقطاع أو في حدود الأراضي التي احتُلَّت عام 1967.

صحيح أن ذاك العصر لم يبدأ بعد، لكنه مات لنقص الترويه بالأوكسجين خلال المخاض الطويل. كما لم تفلح معه العمليات القيصريه التي حاول الأمريكان جاهدين إنجاحها لإنقاذ حياة المولود الموعود، رغم قبولهم التضحية ببعض أطرافه إضافةً إلى بعض أعضائه الحيويه، لكنَّ المقدَّر كان محتَّماً والتف حبل الوريد على عنق الوليد.

لقد مات طرح الدولة الفلسطينيه في الضفة والقطاع سريرياً ودماغياً وبكل الحالات الموَصَّفه طبياً وسياسياً، إلى درجةٍ لن يضيف إليها شيئاً إعلان وفاته رسمياً كي ينصرف أهل المتوفى إلى شؤون حياتهم. هذا لبقية أهل هذا الطرح التي لم تتبرأ منه بعد، بما وصل إليه أو بالأحرى بما لم يصل إليه بعد انقضاء أربعين عاماً منذ بدء التداول به منتصف السبعينيات.

الآن، بعد أربعين عاماً، لن يخفض القلسطينيون سقف طموحهم الى دولةٍ في حدود ما يتَّجه إليه المزاج التصالحي لكلٍّ من فتح وحماس أو في حدود ما تسفر عنه المفاوضات بين السلطه وإسرائيل فيما ترعاه الولايات المتحده الأميريكيه، أو ربما، وفي أحيانٍ كثيره، في حدود ما تسفر عنه جهود عقد تلك المفاوضات.

ولماذا أساساً تكون الدوله هي جوهر الحديث وإطاره ومرجعيته؟ ولماذا الدولة الآن؟ فالشعب لايعيش في دوله.

الحكومه تعيش في دوله.

الشعب يعيش في وطن.

والفلسطينيون لايكترثون لدولةٍ بلا وطن.

والدوله قياساً الى معنى الوطن ليست إلّا مسألةً إجرائيه.

حق كل الفلسطينيين في العيش فوق أرض وطنهم، أسبق وأهم من تمكين الفلسطنيين من إقامة دوله، بغض النظر عن مسألتي الحجم والسياده، اللتين تسيطران على مشهد التعاطي السياسي حالياً، اختزالاً وتجاهلاً وتعدّياً على أهم وأكثر حقوق الفلسطينيين أصالةً. وهكذا يفقد طرح الدولة الفلسطينيه في الضفة والقطاع مشروعيته، لا لأنَّه يَسقُطُ سياسياً وغير قابل للتحقيق عملياً فحسب، لكنَّ ذلك يضاف إلى كونه بالأساس باطلٌ تاريخياً.

أخطأت إسرائيل استراتيجياً بحق ذاتها، حين فرَّطت بحلِّ الدولة الفلسطينيه في حدود أراضي عام سبعةٍ وستين، ثقةً منها بأن الفلسطينيين مستعدُّون للقبول بما هو اقلُّ من ذلك. ... وقد أصابت. لكنَّها حين حصل فعلاً، أخطأت مرَّةً أخرى، عندما فرَّطت باتفاق أوسلو جرياً منها على عادة الثقه بأن الفلسطينيين مستعدُّون مجدداً للقبول بما هو أقل من ذاك القليل.

متَّسمةً بصلافة وعنجهية الإمبراطوريات الموشكه على الإنهيار، تؤمن إسرائيل بأن واقع ضعف الفلسطينيين سيدفعهم دوماً نحو خفض، ومزيدٍ من الخفض لسقف مطالبهم. وإن كان هذا يبدو استنتاجاً سليماً في الظاهر، إلّا أن ذات الواقع، بالمقابل، هو مايدفع الفلسطينيين إلى استنفار وتحدّي الحدود القصوى للقوّه. قوّة الفرصة الأخيره. فإذ يجد الفلسطينيون أنفسهم محاصرين في ذاك المربَّع، وبينما لم يتبق لديهم ما يخسروه أكثر مما خسروا، وحيث اللاشيء هي أحد طرفي ال"إمّا .. أو .."، فإن الفلسطينيين سيطالبون بكلِّ شيء.

فلسطين التاريخيه هي الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني وليس له من وطنٍ سواه، ومن حقه ومن واجبه وليس أمامه من بديل سوى العيش فوق تراب أرض وطنه التاريخي. وإزاء هذه الحقيقه المطلقه، فإن واقع التواريخ الشائعه على شاكلة 1967 و 1948 لايعني ولاتعني شيئاً بالنسبة للفلسطينيين. فالوطن لايسقط بتقادم الزمن.

الوطن خارج الزمن.

فلسطين التاريخيه هي وطن الفلسطينيين، ليس لغاية عام 1948 فحسب، بل مابعد ذلك وإلى يومنا هذا وإلى مابعد يومنا هذا.

الموضوع لايحتاج ولايحتمل كلاماً في السياسه.

الوطن خارج السياسه.

وطن الفلسطينيين ليس خارطته المعلَّقه على الحائط. وليس مسجَّياً على طاولة المفاوضات عرضةً لنهش الأقلام والخطوط الحمراء، بما فيها تلك الخضراء.

اخر الأخبار