قانون نقابة المهندسين الفلسطينيين..كلام حق لا يراد به حق

تابعنا على:   12:14 2014-01-27

م.صالح الرابي

 نقيب المهندسين السابق

 يجري الحديث في بعض اوساط نقابة المهندسين \ مركز القدس، واوساط وزارة الاشغال العامة عن اصدار قانون نقابة المهندسين بمرسوم رئاسي يتم على أثره انشاء نقابة المهندسين الفلسطينيين، كجسم هندسي يضم المهنسين الفلسطينيين في كافة اماكن تواجدهم سواء في اراضي الدولة الفلسطينية أو في الشتات. وبالتالي يصبح هذا الجسم الهندسي الجديد هو الجسم الرسمي والوحيد للمهندسين الفلسطينيين بصرف النظر عن مكان اقامتهم، ولمن لا يعرف فان الاجسام الهندسية الفلسطينية الان هي ثلاثة: نقابة المهندسين \ مركز القدس العاملة في الضفة الغربي وجمعية المهندسين في قطاع غزة والاتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين احد اذرع منظمة التحرير الفلسطينية.

ان اصدار مرسوم رئاسي بقانون في ظل شلل المجلس التشريعي حاليا هو امر ضروري في مسائل ملحة مصيرية غير قابلة للتأجيل تفرض هذا الاجراء، وهو الامر غير الموجود في حالة نقابة المهنسين الفلسطينيين. كما ان العمل على اصدار هذا القانون، من قبل جهة واحدة، أو لنقل من قبل كتلة هندسية دون غيرها تحظى على اغلبية مجلس النقابة دون موافقة الكتل الاخرى في نقابة المهندسين \ مركز القدس ودون ادنى مستوى من التشاور مع جمعية المهندسن في قطاع غزة او نقابة المهندسين الاردنيين \ مركز عمان، وفي ظل الانقسام السياسي والجغرافي، سيفهم على انه تكريس للانقسام الهندسي وفرض الامر الواقع من جانب كتلة هندسية واحدة، مما يزيد الامر تعقيدا.

وفي الايام والاسابيع الاخيرة اخذنا نسمع عن بعض المبادرات بين غزة ورام الله من رسائل متبادلة واجراءات حسن نية وعودة لعدد من كوادر فتح لقطاع غزة، كلها زادت من شحنات التفاؤل بامكانية انهاء الانقسام واجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية مما يعيد اللحمة للوطن، ويمكن بالتالي اصدار المزيد من القوانين عن المجلس التشريعي الجديد بما فيها قانون نقابة المهندسين. وهنا فان اي نشاط للحث على اصدار قانون نقابة المهندسين سينظر اليه على انه خطوة في غير اتجاه المصالحة.

وللتذكير فان مجلس نقابة المهندسين \ مركز القدس كان تقدم للمجلس التشريعي الاول (الفتحاوي) بمسودة قانون نقابة المهندسين، وبعد جولات من الاخذ والرد والاقتراحات والمناقشات للمسودة، لم يتم اقرار القانون بصورته النهائية، وكان جوهر الاختلاف يتمحور على ما اذكر حول مدى استقلالية النقابة. وهذا ما تابعته شخصيا حينما كنت نقيبا للمهندسين مع نفس المجلس، ولم نصل ايضا الى نتيجة. لكن تلك الخطوات سبقتها نقاشات معمقة مع جمعية المهندسين في قطاع غزة ومع الاجسام والكتل الاخرى، وهذا هو الغائب الان.

ان بناء نقابة للمهندسين للفلسطينيين يتطلب حوارا حقيقيا بين الكتل النقابية المختلفة وبين الاجسام الهندسية الثلاثة من اجل الاتفاق على بنود القانون بما في ذلك شروط العضوية التي ستمثل العقبة الكاداء في طريق هذه الوحدة، والحقوق المكتسبة لكل مهندس، ودور النقابة المهني وحماية المكاتب الهندسية وتوحيد اجراءات العمل في جناحي الوطن وبناء علاقة احترام متبادل بين النقابة الموحدة واجهزة الدولة بما فيها وزارة الاشغال والمجلس التشريعي والحكومة وغير ذلك من المسائل.

وللحق والانصاف لا بد من النظر بكل تقدير الى نقابة المهندسين الاردنيين بصفتها الجسم الذي منح المهندسين الفلسطينيين في الضفة المحتلة غطاء الشرعية للعمل والتنظيم في اطار النقابة الام بعد الاحتلال عام 1967م، حيث بادر المهندسون الفلسطينيون الى بناء نقابتهم وتنظيم انفسهم فيها وتنشيط مجمع النقابات المهنية مع زملائهم في نقابة الاطباء، وكانت اولى جرعات الانتخابات الديمقراطية بعد الاحتلال هي انتخابات نقابة المهندسين \ مركز القدس عام 1972م.

كما ان مجمع النقابات المهنية لم يكن ليبقى خارج سيطرة بلدية القدس الاحتلالية لولا الغطاء القانوني للنقابات المهنية الاردنية بما فيها نقابة المهندسين. واخيرا وليس اخرا فان الجاحد فقط هو من ينكر دور نقابة المهندسين الاردنيين واعضائها فردا فردا، سواء من اصول اردنية او فلسطينية، في دعم المهندس الفلسطيني في صموده على ارضه، وبالذات الشهداء والجرحى والمعتقلين من المهندسين، من خلال العديد من الصناديق التي صارت بمثابة الموئل الامن في حال الشيخوخة لمعظم المهندسين الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وبعد هذا، الا يستحق المهندسون الاردنيون ونقابتهم ان نتشاور معهم في مشروعنا هذا - اذا ما اجمعنا فلسطينيا عليه- ودراسته معهم بعمق، بما في ذلك الحقوق الفردية المكتسبة ومستقبل مجمع النقابات في القدس والاختيارية في العضوية وغير ذلك من المواضيع الطويلة والشائكة، وهم الذين اهتموا بمهندسينا منذ الاحتلال ولا يزالون.

ثم ماذا عن المهندسين الفسطينيين المقيمين في الاردن وخارجه من اعضاء النقابة الاردنية، وخاصة حملة الهوية الفلسطينية، هل سنطلب من النقابة الاردنية نزع عضويتهم منها ودفعهم للعضوية في النقابة الجديدة؟؟؟؟ وهل ستستطيع النقابة الجديدة منحهم كافة الامتيازات التي يمتلكونها بحكم عضويتهم الطويلة في النقابة الاردنية؟؟؟ وماذا عن البعد السياسي لهكذا خطوة على الساحة الاردنية ذات التعقيد الشديد فيما يتعلق بالهوية الفلسطينية. مع الاشارة الى ان الفصائل الفلسطينية حينما اتفقت على عقد انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني استثنت الساحة الاردنية لحساسية الموضوع ودقته. ومن هنا فان طرق موضوع نقابة المهندسين الفلسطينيين كأمر يتعلق بالساحة الاردنية يجب ان يتم في اطار وطني عام و يجب تناوله بمنتهى المسؤولية والحرص.

ثم ماذا عن جمعية المهندسين في قطاع غزة واعضائها، هل سنضعهم امام خيار واحد لا غير: اما الانضمام الى النقابة الجديدة او الابقاء على جمعيتهم؟؟؟ ام ان هناك من سينضمون من مهندسي قطاع غزة لعضوية النقابة واخرون سيبقون اعضاء في الجمعية؟؟؟؟ وماذا ايضا عن اعضاء الاتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين، احد اذرع منظمة التحرير الفلسطينية، هل سيدخل اعضاؤه في النقابة الوليدة وبالتالي ينتفي دور الاتحاد ويصبح وجوده وكأنه غير ضروري!!!! ام انه سيبقى، ويجب ان لا ننسى اننا نتحدث عن منظمة التحرير البيت المعنوي لكل الفلسطينيين واحد اذرعها. كل هذه التساؤلات والمواضيع وغيرها الكثير بحاجة الى مناقشات كثيفة بين الاجسام والكتل الهندسية.

لقد سبق وان بادرت شخصية فتحاوية بارزة ووزير زراعة سابق الى تاسيس نقابة المهندسين الزراعيين وتم اختيار اول هيئة ادارية مكونة من مهندسين ينتمون الى فتح وواحد ينتمي لحزب الشعب الفلسطيني، الا ان الاخير عاد وانسحب من هذه التشكيلة لرفض الحزب مبدئيا تشكيل هذه النقابة لاسباب تتعلق بعدم دراسة الموضوع بشكل متاني وشامل.ومنذ ذلك الحين لم يسمع احد باي نشاط لهذه النقابة ويبدو انها ماتت. وهذا مثال واضح لمستقبل التحركات غير المدروسة بكل عناية وشمولية ومع كافة الاطراف، خاصة اذا ما تعلق الامر بنقابة وطنية شديدة الحساسية والتعقيد كنقابة المهندسين.

احد الزملاء المهنسين همس باذني بينما كنا في حلقة نقاش حول القانون المقترح لنقابة المهندسين قائلا: الرئيس لا يمكن ان يوقع هكذا قانون. أجبته: حتى لو كان هذا صحيحا فان فكرة فرض رؤية طرف معين او كتلة معينة على بقية الاطراف هو امر غير مقبول.

اخر الأخبار