رفقا بغزة

تابعنا على:   08:16 2016-05-30

باسم الخالدي

و كأن غزة لا يكفيها ما بها من حصار و فقر و دمار للإنسان و الأرض و البيئة و الحاضر و المستقبل بفعل غريب يحاول تركيعها و يفرض حصارا و يعيث فيها قتلا و تدميرا و اقليم يحاول شيطنتها بحكم أجندات محلية أو دولية و ممارسات صبيانية للبعض من أبناء جلدتها و بعض من أخوة أعداء يأخذونها رهينة الأهواء السياسية و وهم الحكم و أوهام التمكين العابر للحدود و سوء إدارة و تقدير ساذج للموقف محليا و اقليميا و دوليا و ممارسة السياسة و الحكم على طريقة الهواة أحيانا و على أمل التغيير في المحيط، عَل الاخر الخارجي بسياسته ، و ليس بأدائنا" يفتح بابا لتغيير ينقذنا مما نحن فيه، دون أن نقدم نحن استحقاقات التغيير المطلوب

و كأن غزة لا يكفيها تهم جاهزة بالارهاب و التطرّف و عشق الموت المجاني و كره الحياة و مشاكل الكهرباء و الماء و السفر و اعادة الإعمار و الحياة الطبيعية

و كأنها، غزة، قطعة من زمن آخر و من كوكب آخر و ليست بشرا من دم و لحم و وجع و أمل و حلم و خيبات و اصرار على الحياة و عزيمة البقاء و النهوض من الكبوات

و كأن غزة قدرها أن تدفع ثمن البطولة و الصمود و الحفاظ على الهوية و الرجولة و الشهامة، كما ثمن الخسة و الظلم و الحصار و عجز الأمة و نفاق المجتمع الدولي و تجبر المحتل و فشل الساسة و انتهازية رأس المال و سطوة النزعات المريضة للشهرة و لو على حساب المقدس و الوطن و القيم و الأخلاق

و كأن غزة على موعد مع العهر الفكري و هوس الوصول لجنة الممولين و الصعود فوق عذابات غزة و المتاجرة بشرفها و قيمها في سبيل المزيد من الأخضر و في سبيل تلميع الطامح الذي لا مكان لها في بيئة طبيعية بل في بيئة شاذة يجب توفرها أو اختراعها لتوفر لهذه الطحالب فرص الظهور و الانضمام لنادي النخب المريضة المسكونة بهاجس الظهور الإعلامي و عقدة الخواجا بعد أن صمت و بسذاجة من يفترض بهم أنهم المسؤولون عن غزة، عَل هذه الطحالب تساعد في تقديم أوراق الاعتماد لدى الخواجا بأن غزة تأهلت لنيل رضاهم و ها هي مساحة الحريات و النقد للمجتمع أمست بلا ضوابط

غزة يا سادة هي تاريخ مكلل بالغار و الفخر و الرفعة و وسام على جبين كل وطني غيور مُذ أن اندحرت على بواباتها جيوش الطغاة و الغزاة و تحطمت على صخرة صمودها أحلام أباطرة بالسيطرة على العالم القديم و أبقت شعلة القضية متقدة و حفظتها من الانطفاء مع كل المخلصين من أبناء فلسطين في كل أماكن تواجدهم

غزة من احتضنت و وفرت البيئة الصحية لكل طلائع و حركات التحرر الوطني و الاسلامي الفلسطيني و أفشلت مخططات توطين اللاجئين و أشعلت جذوة النضال و قادت انتفاضات للحفاظ على القرار المستقل و رفض ذوبان القضية و الهوية و احتضنت أول سلطة وطنية

نحن لسنا كالنعام ندفن رؤوسنا في الرمال و نكشف العورة و ننام و نعي جيدا أن غزة ليست منزهة عن الأخطاء و حتى الخطايا أحيانا و بها ما في أي مجتمع آخر من عيوب و من شواذ الفكر و المنهج و فيها ما ينتجه ثالوث الفقر و الجهل و البطالة و لكن:

بكل المعايير فان نسبة الجريمة و الانحراف، حتى و هي تتزايد حاليا بحكم الأوضاع و سوء الادارة و استمرار الانقسام و تخلي القريب و البعيد عنها، قياسا بمجتمعات أخرى لا و لم تعاني ما عانته و تعانيه غزة، هي نسبة ضئيلة و لكم أن تنظروا الى الجوار و كيف تفككت المجتمعات و استشرت فيها عوامل الانهيار القيمي لنتيجة للحروب و الدمار المفروض عليها

غزة، أيها اللاهثون خلف كلمة شكر من أسيادكم تالله لن تنالوها، هي مجتمع محافظ و صغير و كل فرد فيها يكاد أن يعرف كل أسماء و مناطق سكن كل شاذ و مجرم و ساقط و لهذا فان القصة الواحدة و القضية ذاتها يتم تداولها عشرات المرات و كأنها عشرات القصص

و نساء غزة الماجدات يخر لهن المجد راكعا، كما كل نساء فلسطين، فهن لسن فقط أمهات الشهداء و زوجات الأسرى و أخوات الجرحى و بنات الفخر و المعاناة، بل هن الشهيدات و الأسيرات و الرائدات و من تحملن عبء الحياة، ليس فقط كعون للرجال و شركاء متساويين لهم قمن و ما زلن بما هو أكثر من نضال و تربية و شكلن البديل للرجل في أحيان كثيرة و في ظل أزمات سياسية و اقتصادية و اجتماعية مر و يمر بها المجتمع و خلقن فرص عمل و عيش قد يعجز عنها الرجال. و هكذا نساء لا يقبلن الصمت على الظلم و من يقاومن المحتل و شظف العيش لا يعيهن التعامل الحاسم مع ذئاب بشرية تجردت من قيم الأخلاق و المروءة و الرجولة

فرسان القبيلة، أيها الساعون للشهرة الزائفة، هم من يذودون عن حمى الديار حين تتعرض للسبي و الغزو الفعلي أو الفكري و يبذلون الغالي و الرخيص كي لا تداس كرامتهم بامتهان كرامة نسائهم

من يعري و يكشف ستر الديار بدلا من حمايتها و علاج أسبابها و مداواة جروحها و يذهب للمتاجرة بأهله و مجتمعه و تعهيره أملا بحظوة لدى مستشرق أو مزيدا من الدولار و لتبرير التنكر مستقبلا لغزة و فلسطين و قضيتها المقدسة لا مكان له بين فرسان القبيلة و لا يستحق شرف الانتماء لها

رفقا بغزة، فهي بيتكم و عرضكم و مستقبل أولادكم

اخر الأخبار