لعم ...... لتنفيذ الاعدام

تابعنا على:   04:22 2016-05-26

حنفي ابو سعدة

ليس غريبا ان تثير مسألة تنفيذ احكام الإعدام بحق عدد من المدانين بارتكاب جرائم جنائية والمستوفين لشروط وإجراءات تنفيذ الحكم باستثناء توقيع الرئيس كل هذا الجدل والجلبة السياسية والاجتماعية ,بل وليس غريبا ان تجد كل ذي لب محتار في تأييد او رفض ما يبدو ان حماس ماضية قدما باتجاهه ,وهو تنفيذ حكم الإعدام علانية وقبل شهر رمضان كما اشارت عدد من المصادر الصحفية , بغض النظر عن استكمال الإجراءات القانونية المتمثلة بالحصول على توقيع من الرئيس لتنفيذ الحكم .

وإزاء هذه القضية فقد انقسمت الآراء , فالبعض يرى بضرورة الإسراع بل ويطالب بان تسرع حماس وقواها الأمنية في غزة بتنفيذ احكام الإعدام بحق المدانين , والبعض الاخر يرى بضرورة عدم الاقبال على مثل هذا الاجراء (خاصة القانونيين) لما فيه من تعد على القانون , فيما اخرون يرون بان تأجيل تنفيذ الاحكام قد يبدوا اجراءا مناسبا في هذا الوقت ,وحقيقة فان الامر مثير وينطوي على استدلالات خطيرة خاصة مع إصرار حماس على تنفيذ العقوبة بل وهجومها الإعلامي العنيف على الرئيس على خلفية رفضه للتوقيع وبين الرئيس نفسه الذي يبدوا فعلا انه لن يوقع على مثل هذا الاجراء لما ينطوي عليه التوقيع من اعترافا ضمنيا بشرعية ما يراه الرئيس وحركة فتح انقلابا على الشرعية السياسية .

المسألة جدلية , سياسيا وقانونيا واعلاميا , وتحوى الكثير من الآراء والمبررات والمواقف التي يمكن تفهمها او قبولها او رفضها , يمكن تفهم موقف طرفي المعادلة حماس من جهة والرئيس عباس من جهة ثانية , فالاخير (الرئيس عباس) يمكن تفهم موقفه انطلاقا من ان النيابة العامة والقضاة في المحاكم في غزة تم تعيينهم بعد سيطرة حماس العسكرية على قطاع غزة دون أيا مسوغات قانونية تتمثل بحدها الأدنى على تعيين الرئيس لهم كما ينص القانون او على الأقل موافقة الرئيس على تعيينهم في هذه المراكز الحساسة كما ينص القانون الفلسطيني ,وكذلك دساتير وقوانين معظم دول العالم ان لم يكن كلها , لهذا السبب فالرئيس ومعه حركة فتح والسلطة ومنظمة التحرير يرون في النيابة العامة بغزة والقضاة جهات غير مخولة قانونا بممارسة هذه المهام, ولان النيابة العامة والقضاة في غزة وجدوا انفسهم موجودين طبقا لظروف سياسية استثانية سياسيا وقانونيا فان توقيع الرئيس على تنفيذ احكام الإعدام الصادرة من هذا القضاء يعني بالضرورة اعتراف الرئيس والسلطة ضمنيا بشرعية النيابة العامة التي احالت وعالجت القضايا واحالتها للقضاء للبت فيها واعترافه الضمني أيضا بالقضاء المترتب على السيطرة العسكرية لحماس ومن هنا يصبح توقيع الرئيس على تنفيذ حكم الإعدام قضية في غاية الحساسية والاهمية من الناحيتين السياسية والقانونية ,ومن هنا أيضا تصبح عملية الإعدام العلنية التي تنوي حماس تنفيذها في حال نفذتها عملية اعدام مستحقة عدلا لأشخاص يستحقون القتل والقصاص لكنها تبقى من وجهة نظر القانون جريمة ,وهي بالمناسبة الجريمة الوحيدة التي يمكن وصفها ب (الجريمة الشرعية ).

بالمقابل أيضا يمكن تفهم وجهة نظر حماس وأجهزتها ومؤسساتها الأمنية والعسكرية الحاكمة في غزة إزاء أهمية وضرورة وضع حد رادع للجريمة ولمرتكبيها , خاصة في ضوء ما شهده القطاع مؤخرا من جرائم قتل ذات طابع جنائي يندى لها الجبين , حيث باتت هذه الجرائم تعطي مؤشرات واضحة على صعوبة ما يعانيه المواطن في حياته المعيشية وتحصيل قوت يومه وارتفاع منسوب الأسعار في ظل استمرار فظ وغليظ لحصار قارب عامه الاثني عشر دون وجود افق او دلالات لنهاية قريبة له , فحماس تريد من خلال تنفيذ احكام الإعدام إيصال رسالة قوية وواضحة بانها لن تتهاون إزاء الجريمة ومرتكبيها , وان سوء الحياة وصعوبتها لا يمكن ان يشكل مبررا لقبول الجريمة او تجاوزها , خاصة مع ادراك حماس الجيد ان استمرار الحوادث يمكن ان يشعل فتيل المواجهة بين حماس من جهة والمواطنين من جهة ثانية او على اقل تقدير قد تشكل هذه الحوادث دافعا للكثيرين لتحريض المواطنين على حماس وقواها الأمنية في غزة حتى بات البعض يكتب (متى ينتفض الناس في غزة ) .

لهذه الأسباب ولأسباب أخرى كثيرة أهمها أيضا رغبة حماس في تحقيق العدالة والقصاص وتهدئة أهالي الضحايا , فان حماس ماضية قدما في تنفيذ هذه الاحكام بهدف إعادة ضبط الامن وفرض هيبة قواتها الأمنية والشرطية , وتوفير مناخ امني ملائم ومناسب للناس ليعيشوا مطمئنين على انفسهم واموالهم بغض النظر عن توقيع الرئيس من عدمه , وبغض النظر ان كان الاجراء قانونيا ام لا , فهو على الأقل يلامس روح القانون المتمثلة في احقاق العدالة أيا كان الثمن .

ولان العدالة غاية وقيمة ,وغيابها يشكل كارثة معيشية ,ولان تنفيذ احكام الإعدام يعني العدالة فنعم والف نعم لتنفيذ الحكم بل والإسراع فيه , ولان تجاوز القانون والالتفاف عليه أيا كانت المبررات قد يشكل مرجعا لتجاوزات أخرى مستقبلية فلا والف لتجاوز القانون الذي ينص على توقيع الرئيس على تنفيذ حكم الإعدام ,لذا فلا لتنفيذ الحكم المزمع تنفيذه

هنا مكمن وجوهر تعقيد المسألة المعقدة أصلا بين طرفي الانقسام الذي ارخى ذيوله على كل مفردات وتفاصيل حياتنا اليومية وكل مناحي حياتنا , فالمعابر بانتظار المصالحة وعلاج المرضى ورواتب الموظفين والمغتربين والاعمار وغيرها الكثير من الملفات العالقة تنتظر منذ سنوات ان يتم حلها , ويبدوا ان تنفيذ حكم الإعدام اصبح ملفا جديدا مضافا الى قضايا الخلاف بين طرفي الانقسام .

السطر الأخي........ رغم أهمية تنفيذ احكام الإعدام كأجراء رادع للجريمة , فانه لا يكفى , يعرف ذلك معظم العاملين والدارسين في شتى مجالات العلوم المجتمعية والدينية, فالفقر والحاجة هم أرضية خصبة للجريمة بشتى اصنافها , ومن هنا تبدو الحاجة ملحة وضرورية للبحث عن سبل توفير مقومات الحياة الادمية التي تكفل الصمود في وجه الحصار بعدالة مجتمعية قائمة بالقسط بين كل شرائح المجتمع

وبين نعم للعدالة ولا للالتفاف على القانون حتى وان كان بهدف تحقيق العدالة , نقول كما يقول السياسي المبدع في التهرب من ضغط المواقف بين الموافقة من عدمها سيكون ردي على سؤال ما اذا كنت أؤيد او لا تنفيذ حكم الإعدام ( لعم سيدي )

اخر الأخبار