دعوة السيسى وسلام إسرائيل

تابعنا على:   11:19 2016-05-23

نشوى الحوفى

أثارت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة بين الفلسطينيين من جانب، وإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جانب آخر، الكثير من الجدل والتساؤلات، ليس فقط فيما يتعلق بتوقيت طرح المبادرة، ولكن أيضاً فى جدواها بينما أطراف القضية الفلسطينية متنازعون منذ وصول حماس، الذراع العسكرية للإخوان المسلمين، للسلطة فى العام 2007، وبينما إسرائيل تنعم بحالة الفوضى العربية وتستغلها لصالح تحقيق أهدافها إلى حد إعلان الجولان إسرائيلية مدى الحياة مؤخراً.

من وجهة نظرى المتيقنة فقد جاءت هذه التصريحات لتعبّر عن ثوابت مصر تجاه القضية الفلسطينية التى تعتبرها بلادى قضية مصرية مصيرية منذ سنوات بعيدة. فرغم كل الظروف، ورغم محاولات لاعبى الاستراتيجية فى المنطقة امتلاك الملف الفلسطينى وتصدره، فإن مصر هى الراعية الأكبر والأصدق للقضية الفلسطينية بكل أبعادها، سواء ما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، أو ما يتعلق بحماية ثوابت الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل يونيو 1967. وهو ما تعلمه كافة الفصائل الفلسطينية رغم علاقات المصالح مع قوى مختلفة، ورغم تبنى بعضهم للعنف ضد مصر ذاتها. ولذا دعونا ننظر للتصريحات المصرية فى إطار ما تشهده المنطقة من أحداث ومواقف، إذ لا يمكننا النظر لتصريحات الرئيس السيسى بعيداً عن مبادرة الرئيس الفرنسى الأخيرة لإحلال السلام الفلسطينى الإسرائيلى وتحديد باريس 3 يونيو المقبل كبداية لانطلاق المحادثات بينهما. وكذلك اقتراب انتهاء فترة حكم أوباما بعد ثمانى سنوات فشلت فيها الإدارة الأمريكية فى إقناع إسرائيل بقبول الحل، بالإضافة إلى خطوات التطبيع التركى الإسرائيلى الهادف للتعمق فى غزة بدعوى إعادة بناء البنية التحتية، كما لا يمكن تناولها بعيداً عن النفوذ الإيرانى المتمدد فى المنطقة سعياً وراء نشر ما يسمى بالثورة الإسلامية فى ظل علاقة إيران بالإخوان وحماس. كذلك لا يمكن النظر لها بعيداً عن الموقف المصرى فى سيناء سواء فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وإعادة نشر وتوزيع القوات المسلحة المصرية فى مناطق غير متفق عليها فى معاهدة السلام مع إسرائيل، أو فيما يتعلق بخطوات الاستثمار المصرية الجادة فى تلك البقعة من بلادى، وأخيراً لا يمكن دراستها بعيداً عن الاستراتيجية العسكرية لإسرائيل والتى تم إعلانها منذ نحو العام معلنة عن أن إسرائيل ستلجأ لحماية أمنها بمواجهة ميليشيات مسلحة انتشرت فى كافة المنطقة المحيطة بها فلم يعد الأمر يتعلق بجيوش منظمة. نعم علينا وضع كل تلك الأمور فى إطار توضيح تصريحات الرئيس السيسى بغضّ النظر عن رد الفعل الإسرائيلى بقبول المبادرة أو رفضها أو المماطلة فى التعامل معها كما هى العادة.

فإسرائيل لم ولن ترغب فى تحقيق أى تقدم للوصول لحل لتلك القضية ولكنها تتعامل مع تطورات الأوضاع فى المنطقة وفقاً لمصالحها، خاصة مع ما تم إعلانه فى تل أبيب يوم الأربعاء الماضى عن مفاوضات انضمام «أفيجدور ليبرمان» رئيس حزب «يسرائيل بيتينو» أو إسرائيل بيتنا اليمينى المتطرف للائتلاف الحكومى وتقلده منصب وزير الدفاع وهو ما اعتبره البعض دليلاً جديداً على غياب رغبة حقيقية لدى إسرائيل فى إقرار السلام فى المنطقة، فليبرمان شخصية غير مقبولة فى الداخل الإسرائيلى قبل أن تكون موضع شك على المستوى الدولى. ولعل من أبرز ما كُتب فى الصحافة الإسرائيلية تعبيراً عن هذا الموقف مقال المحلل العسكرى عاموس هارئيل فى صحيفة هآرتس الإسرائيلية وقال فيه: «إن جنرالات الجيش لم يتوقعوا قراراً سياسياً سخيفاً كهذا». فى إشارة لما يردده الكثيرون بأن مجرد الاقتراح على ليبرمان بأن يكون وزير الدفاع هو رفع علم أسود لم يسبق أن رُفع مثله، وتجاوز لخط أحمر لم يسبق أن تم تجاوزه. كما أن المجتمع الدولى يعلم فكر ليبرمان عبر التعامل معه كوزير للخارجية الإسرائيلية لمرتين فى الفترة من 2012- 2015 ويعلم تصريحاته المتطرفة الفجة، ومن أشهرها دعوته لإغراق مصر وتدمير السد العالى، أو قطع رأس أى فلسطينى لا يُظهر الولاء لإسرائيل! ولذا يا سادة أتيقن من موقف بلادى ورجال يعلمون موضع خطواتهم فى قضية لا تزال تحمل رائحة دم المصريين وتحتمى بقسمهم فى الدفاع عن عروبتها.

اخر الأخبار