"مفاجأة السيسي" هل تصبح "مبادرة سياسية شاملة"!

تابعنا على:   10:18 2016-05-18

كتب حسن عصفور/ نعم هي "مفاجأة" بكل ما للتعبير من معان بأوجه مختلفة، تلك التي قالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الثلاثاء 17 مايو 2016 في مدينة أسيوط بصعيد مصر، حيث كان العالم يتابع مسلسل افتتاح "المشاريع القومية الكبرى"، التي لا تجد طريقها لوسائل إعلام الغرب التحريضي مع بعض إعلام حاقد وكريه، يبرز حريق هنا وتفجير هناك بديلا لتغطية إعادة "بناء مصر" التي أصابها "هلاكا" طوال سنوات طوال..

فاجئ السيسي، ويبدو أنه بات محبا لها، عالم السياسة باطلاقه ملامح مشروع سياسي جديد، نحو "حل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي"، وبالتوازي المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، وهي المرة الإولى التي يمنح الرئيس المصري لجدول أعماله تلك المساحة نحو القضية المركزية بمختلف جوابنها، العلاقة مع دولة الاحتلال والعلاقة الفلسطينية الداخلية الداخلية..

وتبدأ قيمة تصريحات السيسي، انها تقدمت بعناصر مشروع سياسي، بلا تفاصيل كاملة لدولة الكيان، ودون أي مظهر بروتوكولي، خطاب ذهب مباشرة الى الكيان، أن السلام معها سيبقى باردا ما لم يتم حل القضية الفلسطينية، واقامة الدولة باعتبارها المفتاح لبناء سلام شامل مستقر..

رسالة هي الإولى من اي رئيس مصري، بكل ثقلها الإقليمي منذ زمن بعيد، وتزداد بريقا وأهمية  وسط ترويج دولة الكيان، أن علاقتها مع العرب ومصر باتت أقوى من اي زمن، وانهم لا يبالون كثيرا للقضية الفلسطينية، والحق أن تلك "المكذبة" كادت أن تصبح حقيقة سياسية، ولذا كانت "اقوال السيسي" قيمة نصا ومضموما وزمنا..

ولأن دولة الكيان، تدرك تماما الوزن السياسي لمصر ورئيسها، وتنامي مكانتها عربيا ودوليا، بل أنها على يقين مطلق أن ما قاله الرئيس المصري "ليس نطقا عن الهوى الخاص"، بل هو نتاج تصور مشترك لثقل عربي بدأ يتبلور منذ ثورة 30 يونيو، وتحديدا اللقاء الرباعي العربي الآخذ بالحضور الكبير، مصر، السعودية، الأردن والامارات، وبشكل أو بآخر المغرب وقناة مصرية جزائرية خاصة، ليس محورا بالمعني السلبي، لكنه منهج عربي جديد لبلورة "الضرورة المشتركة" للواقع المتحرك..

وكي لا نبقى في سياق "الفرح والتهليل" للتصريح السيساوي، بات من "الضرورة القول أن تلك التصريحات" تحتاج الى بلورتها من جديد، وعلى ضوء رد الفعل الأولي، لتصبح "مبادرة سلام عربية جديدة"، تعيد المتتج الذي كان في ضوء تطور سياسي جوهري خاص، وهو قرار الأمم المتحدة رقم 19/ 67 الخاص بالإعتراف بدولة فلسطين..

"مبادرة سلام عربية جديدة"، منطلقة من أقوال الرئيس السيسي، تصبح انعطافة سياسية تاريخية، ليس لـ"تسجيل موقف" أو "عرض موقف" بل لإعادة الاعتبار الدولي للدور العربي الذي ظن من ظن انه بات "هامشيا"، وان الثقل العربي بات وزنا هشا خفيفا، مع كل ما يملك من مقومات اقتصادية وجغرافية وسياسية..

تصريحات السيسي واجبها الذهاب قدما لإعادة صياغة "المنتج العربي للسلام" في المنطقة، ضمن حسابات الواقع والحق السياسي، وعلها بذلك تعيد تصويب مسار الحراك المهتز دوليا، خاصة بعد أن كشف الرئيس الفرنسي، ان "مقترحه للمؤتمر الدولي" ليس سوى محاولة لترتيبات تتواءم والرؤية الامريكية للسلام، وأنها لن تكون "حلا للصراع" بل تدويرا له على حساب فلسطين القضية والقرار..

إن القيمة الحقيقية لأقوال الرئيس السيسي بأن يتم إعادة انتاجها لتصبح "مبادرة عربية شاملة" تقدم كمشروع متفق عليه وسيكون أكثر أهمية لو تم إقراره في "قمة عربية إستثنائية" تعيد رسم حضور فلسطين عبرها، بعد أن اصابها هلاك نتيجة هزالة الموقف للقيادة الرسمية الفلسطينيةوإتكالها على أمريكا بشكل مطلق، واستمرار "النكبة الثالثة" - الانقسام -..

وكي تصبح للمبادرة المنتظرة قوة "الردع السياسي" أمام غطرسة الرفض الاسرائيلي، يصبح واجبا العمل على "انهاء النكبة الثالثة"، وأن ترعى مصر كما سبق، مع فعالية اوسع ودور أنشط لقاءات مصالحة فلسطينية فلسطينية في القاهرة، تبدا من حيث تم الاتفاق عليه وهو كثير جدا، بل أنها لا حاجة لنصوص جديدة، ويمكن لمصر أن تشكل "مظلة رعاية عربية" للمصلحة، بحيث يكون معها دولا ذات اثر، كالسعودية والأردن مثالا، ليدرك الكل الفلسطيني أن المصالحة باتت واجبا وفرض عين لا يجوز استمراره، فدونها لا قيمة لأي "مبادرة عربية لحل الصراع في المنطقة"..

إن رعاية مصر ومظلة عربية للمصالحة الوطنية الفلسطينية ضرورة لا غنى عنها، تمنح "وقتا محدودا ومحددا، لإنجاز آليات الاتفاق وليس مضمونه، ومن يتهرب سيكون مسوؤلا امام النظام العربي، وعندها وجب محاربته وعزله..فلسطين فوق الجميع فصائل ومسميات..

تلك ملامح الرؤية المصرية الجديدة التي نريدها أن تكون "مبادرة شاملة"، وأن لا نكتفي بأقوال الرئيس السيسي يرحب بها هذا الطرف أو ذاك وينتهي ريحها ما لم تأخذ مكانتها السياسية  كـ"مبادرة سياسية عربية شاملة"..وهذا ما ننتظر ونأمل..!

ملاحظة: مع تصريحات القيادي الحمساوي البارز في غزة أن "الإعدام قصاصا قادما"، قال البعض ساخرا وهل قطاع غزة ينقصه مزيدا من مشاهد الدم..يا ابو العبد ليس بالإعدام وحده تنتهي الجريمة..!

تنويه خاص: تصريحات وزير العدل في حكومة رامي بحاجة لأن يعيد هو ذاته قراءتها، ويعلن للشعب الفلسطيني اي  قانون ودستور يتحدث ورئيس المحكمة ذاته إعتبره باطل.. يا علي بلاش كلام والسلام!

اخر الأخبار