سراج الأقصى

تابعنا على:   03:41 2016-05-17

سفيان الشنباري

تعتبر قضية الأسرى قضية جوهرية ولها أهمية كبيرة لدى الشعب الفلسطيني, وهي من الثوابت الوطنية والمركزية, فالأسرى ضحوا ومازالوا يضحون بزهرات شبابهم ويقدموا أغلى ما يملكون من أجل تراب الوطن المنهوب والمسلوب من قبل العدو الصهيوني الغاشم, والذي يمارس أبشع أساليب التعذيب ويمعن في التمثيل في أجساد الأسرى, ليسرق منهم حريتهم, محاولاً خطف الأمل من عيونهم, ليثنيهم عن هدفهم, إلا أنهم رسموا الشموخ والكبرياء, واضعين نصب أعينهم أن تحرير الأرض والوطن هي أسمى أمانيهم.

يمر علينا يوم الأسير17/4, ومازالت فلسطين تحت قبضة الاحتلال الصهيوني, تشهد كل يوم سقوط الشهداء والجرحى, وما كان من الموجه الشعبية الأخيرة والتي حدثت بداية 1/10/2015, والتي ما زال صداها حتى هذه اللحظة, ما هي إلا رسالة للعدو الصهيوني أن الشعب الفلسطيني متشبث في أرضه متجذر كشجر الزيتون في ساحات القدس العتيقة, ومصمم على إنهاء الاحتلال الجاثم على فلسطين الأبية العريقة.

فقضية الأسرى تسطر كل يوم معاني للتضحية والإباء والممزوجة بالآهات والعذابات, في ظل الصمت العربي والدولي, وصمت المنادين بحقوق القانون الدولي الإنساني في العالم, الذين دائما يتشدقون بحقوق الإنسان, ويطالبون بالحريات, ورسم المواثيق الدولية, بحماية الأشخاص الذين يعانون من ويلات الحرب, أين تلك الأصوات من معاناة الأسرى البواسل داخل سجون الاحتلال, والتي تكتظ بالآلاف من الأسرى, منهم من هو محكوم بعدة مؤبدات ومنهم من يعاني من الأمراض ومنهم من الأطفال دون سن 18 عام, ومنهم من النساء الحرائر اللاتي يعانن ويقاسين القهر والظلم, والإجراءات التعسفية, والحرمان, رغم ذلك استمر الأسرى وهم يتعالون على القيد والجراح ويثبتون للعالم أنهم أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة, رافضين كل التعسف والظلم بأمعائهم الخاوية, وخوضهم الإضراب عن الطعام والذي بات السلاح القوي لمجابهة المحتل الصهيوني, فسطر أسرانا البواسل تاريخ وشموخ يدرس على مر الأزمان, والمراحل.

يمر علينا يوم الأسير لعام 2016 ونحن أمام مرحلة مريرة وعصيبة, حيث أنهم يعانون الأمرين مرار السجان في الداخل ومرار الانقسام في الخارج, فالأسرى داخل السجون رغم ظلم وقهر السجان إلا أنهم على قلب رجل واحد, يعانون ويذوقون كأس العذاب بالألوان بمختلف مشاربهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية والتنظيمية, ولسان حالهم نموت نموت وتحيى فلسطين.

أما في خارج السجون فقد أحدث الانقسام شرخ غائر بين ربوع الوطن, فالأسرى يتطلعون إلى الوحدة الوطنية, التي غابت ومازالت منذ 10 سنوات, والتي اعتبرها الأسرى والشعب الفلسطيني نكسة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية, إلا أن الأسرى كانوا السباقين لمحاولة إتمام المصالحة من البداية وهم في داخل السجون ليخرجوا إلينا بوثيقة الوفاق الوطني لعام 2006, والتي طالبت بالوحدة الوطنية ورص الصفوف والعمل على تعزيز وصمود المقاومة في وجه العدوان الصهيوني, ونبذ كافه مظاهر الفرقة والانقسام, والعمل بكل قوة على تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس مشاركة كافة الكتل البرلمانية, وإعداد برنامج سياسي مشترك للنهوض بالوضع الفلسطيني محليا وعربيا وإقليميا ودوليا، لمواجهة كافة التحديات, إلا أن تلك الوثيقة قوبلت بالصمت والتهميش, وبات الانقسام سيد الموقف.

والسؤال الذي يطرح نفسه , ألا يحق لهؤلاء الأسرى أن يتنفسوا نسيم الوحدة الوطنية التي ستكون بداية وتمهيد لنسيم الحرية, وكسر الإحباط الذي صنعه الانقسام البغيض وخاصة أنهم يتابعون وينتظرون خبر تتويج الوحدة الوطنية منذ عقد من الزمان, فكيف للفرقاء أن يدافعوا عن الأسرى, وأن يدعوا أنهم دعاة الدفاع عن قضية الأسرى, وهم لم يتموا بعد قضية أساسية في نسيج القضية الفلسطينية آلا وهي الوحدة الوطنية.

لذلك على من يتحاور اليوم من أجل إتمام المصالحة أن يتذكر بأن هناك أسرى لديهم حلم بالوحدة والحرية, وكلاهما مكملين لبعض.

وعلى أثر تلك المراحل أضحت قضية الأسرى تشهد تقصيراً واضحاً, والتي لا تذكر إلا حين وقوع إضراب عن الطعام أو قمع إدارة السجون لسجن ما, أو أصابه أحد الأسرى بمرض, فيخرج ويعتصم على إثرها العشرات من المعنيين وذوي وأهل الأسرى البواسل, في المقابل عندما يأتي موعد ميلاد تنظيم أو حزب ما, تبدأ الاحتفالات والمهرجانات والانطلاقات, وتصدح الميكرفونات عالية في كل شوارع البلاد, وتبدأ التجهيزات والتكاليف الغالية, والتحشيدات المتتالية.

فإقامة فعاليات ووقفات وإعتصامات لأجل الأسرى لا تكفي وإنما تحتاج هذه القضية الوطنية إلى جهد كبير من قبل الأحزاب والتنظيمات وكافة المجتمع الفلسطيني, والسلطة الوطنية الفلسطينية, بالوصول إلى المحافل الدولية, من أجل كشف وفضح ممارسات العدو الصهيوني بحق الأسرى, والعمل بشكل مستمر والتنويه لهذه القضية في كل الميادين, لتكون منهج يدرس للأجيال القادمة, وضوءاً مشرقاً وحافزاً للمقاومة لتحرير فلسطين.

إلى الأسود الشامخة خلف القضبان إلى من أذاقوا الاحتلال كأس المرار بصمودكم وقوتكم علمتم العالم أنكم أصحاب قرار

وان الاحتلال الصهيوني تحت أقدامكم سينهار

وراية الانتصار حتما أسرانا سترفعونها بافتخار

اخر الأخبار