خليفة الرئيس رجل أمن

تابعنا على:   17:16 2016-05-16

سعيد زيد

أمد/ رام الله: تولي وسائل الإعلام المختلفة ومنها الإسرائيلية اهتماماً كبيرًا وملحوظاً لموضوع خليفة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" في حال شغور منصبه، رغم أن عملية انتقال السلطة منظمة وفقًا للقانون الأساسي بصورة واضحة وبشكل لا يقبل التأويل، فقد تم انتقال منظم وسلس للسلطة بعد وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات حيث تولى رئيس المجلس التشريعي المنصب لمدة 60 يوماً وجرت انتخابات رئاسية حرة وديمقراطية اختير فيها الرئيس الحالي للسلطة محمود عباس.

وضوح طريق الوصول لمنصب الرئيس لم يمنع وسائل الإعلام وبعض الجهات من الحديث عن إمكانية وفرص تولي احد قادة الأجهزة الأمنية منصب الرئيس بالحديث عن مؤهلاته وعلاقاته واللغات التي يتقنها دون الاشارة إلى شعبيته وامكانية الفوز في الانتخابات. ونشر في هذا السياق تقرير بعنوان أجهزة الأمن الفلسطينية بعيون إسرائيلية على صفحة وكالة معا الاخبارية بتاريخ 24-4-2016 نقلا عن جريدة يديعوت احرونوت العبرية، أشار إلى أن أجهزة الأمن الفلسطينية هي مصدر قوة وأحد قادتها قد يكون الأوفر حظاً لخلافة الرئيس.

هناك العديد من الأسباب التي تجعل البعض يعتقد بأن خليفة الرئيس محمود عباس سيكون قائداً أمنياً وأهمها: (1)كون فلسطين جزءاً من العالم الثالث،(2) وضعف المؤسسات السياسية الفلسطينية كاللجنة التنفيذية وغيرها من مؤسسات صناعة القرار التي تعاني من الترهل والغياب، (3) يظن البعض ان استمرار القادة في مناصبهم لمدة طويلة تزيد عما هو متعارف عليه في البلدان الديمقراطية يتأتى من قوتهم ونفوذهم لدى صناع القرار وليس نتيجة ادائهم وانضباطهم وخضوعهم للقرار السياسي. (4) تراجع ثقافة الانتخابات في المجتمع الفلسطيني واحلال ثقافة التوافق والمحاصصة والتعيين نتيجة عدم إجراء الانتخابات رغم استحقاقها. (5)والانقسام السياسي بين الضفة وغزة وشغور منصب رئيس المجلس التشريعي من وجهة نظر بعض القوى السياسية قد يؤدي إلى حالة من الفوضى السياسية في حال شغور كرسي الرئيس لأي سبب،ما يعيق انتقال منظم للسلطة، ويفسح المجال لتولي قائد أمني منصب الرئيس بالاعتماد على الأمن الفلسطيني. وهناك اعتقاد بأن الأجهزة الأمنية لن تسمح بسيطرة حماس على الضفة كي لا يحدث لأفرادها ما حدث في غزة من أعمال بشعة ترقى إلى مستوى الجريمة أثناء استيلاء حماس عليها عام 2007. (6) الاعتقاد بوجود رغبة إقليمية ودولية بتولي قائد أمني الرئاسة في السلطة لضمان استتباب الأمن واستمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل، رغم أن فرض الأمن واستمرارية عملية التنسيق تأتي في سياق تنفيذ للقرار السياسي.

أن الإمكانيات والسيناريوهات التي تتيح لأحد رؤساء الأجهزة الأمنية الوصول إلى كرسي الرئاسة ثلاث وتتمثل بما يلي:

(1): خوض الانتخابات الرئاسية

وصول قائد أمني فلسطيني إلى منصب الرئاسة وارد عبر الترشح للانتخابات والفوز فيها، فمن حق قادة الأجهزة الأمنية الترشح لمنصب الرئيس أو لعضوية المجلس التشريعي كأي مواطن عادي في حال الاستقالة من مناصبهم قبل انتهاء موعد تقديم القوائم الانتخابية وأسماء المرشحين للجنة الانتخابات المركزية، خاصة وأن قانون الانتخابات العامة لم يحدد مدة تفصل ما بين الترشح والاستقالة (تبريد أو انتقالية).

(2) قرار من مؤسسات منظمة التحرير

قد تقوم منظمة التحرير الفلسطينية بتكليف أحد قادة الأجهزة الأمنية بتسيير الامور وتولي منصب رئاسة السلطة في حالة الحيلولة دون إجراء انتخابات أو فوضى أو غيرها تؤدي الى حدوث فراغ سياسي كبير، الا ان ذلك يحتاج إلى توافق الفصائل الفلسطينية جميعاً، وهذا مستبعد وهو السيناريو الأضعف.

(3) الاستقواء بالأمن

قيام أحد قادة الأجهزة الأمنية بالاستيلاء على كرسي الرئاسة بعد رحيل السيد الرئيس بالاستقواء بجهاز أمني، إلا أنه لن يستطيع البقاء في منصبه دون شرعية شعبية أو نضالية أو وطنية، وسيكون أمام خيارين الأول طلب المساعدة والإسناد من جهات خارجية لتثبيت سلطاته وإسرائيل ستطالبه بشكل دائم إثبات حسن سلوكه بمحاربة الجماعات والجهات الفلسطينية المعادية لها وقد يتحول إلى نموذج لحد أو فيشي وسيعمل الشعب الفلسطيني على إسقاطه وفي ظني لا يوجد فلسطيني مستعد أن يلعب هذا الدور، أما الخيار الثاني فقد يعمل على التشدد في مواقفه اتجاه الاحتلال الإسرائيلي للحصول على شرعية وطنية أو نضالية وهذا سيغضب إسرائيل وسيدفعها إلى الطعن في شرعية تمثيله للفلسطينين وقد تقوم بوقف الحوالات المالية وأعمال عدوانية مختلفة بهدف إسقاطه.

إنّ كافة التقارير والأحاديث حول وصول رجل أمن لمنصب الرئيس دون الترشح للانتخابات والمرور بالإجراءات القانونية لا يتعدى بالونات اختبار ومحاولة لإثارة المنافسة والصراع بين الأجهزة الأمنية ليعمل كل منها على إضعاف الأخر والاستقواء بجهات خارجية والعودة إلى حالة الفوضى والفلتان.

اخر الأخبار