نزع الاعتراف باسرائيل..تصحيح لخطأ سياسي وتاريخي

تابعنا على:   11:05 2016-05-10

محمد جبر الريفي

في مواجهة انسداد آفق التسوية بسبب تعنت الكيان الصهيوني وعدم استعداده لتقديم استحقاقات السلام كنتيجة طبيعية لتأسيسه القائم على الفكر الصهيوني العنصري الذي يستمد أصوله من الميثولوجيا الدينية اليهودية الخرافية ..وفي مواجهة ضعف الراعي الأمريكي الذي يحتكر مساعي العملية السلمية التي بدأت بمؤتمر مدريد ثم بتوقيع اتفاق أوسلو الذي مضى عليه أكثر من عشرين عاما تخللتها مفاوضات طابعها المراوغة والمماطلة بين السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وكلها لم تحقق الهدف المرجو منها لتحقيق مشروع حل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي وهناك الان اهتمام أكبر من الإدارة الأمريكية وبحكومات الدول الكبرى الغربية وروسيا بالصراعات التي تجتاح المنطقة يفوق الانشغال بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي أصبح ايضا صراعا ثانويا في المنطقة العربية وحتى على مستوى اهتمام المجتمع الدولي الذي يرعب حكوماته خاصة الغربية منها موضوع الإرهاب العابر للحدود على يد التنظيمات التكفيرية .. الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي طال امده لم يعد ايضا الان يحظى باهتمام بعض أطراف النظام العربي الرسمي التي بدأت تطبع علاقاتها مع الكيان الصهيوني تباعا خاصة دول الخليج العربي السنية التي أصبحت ترى في إيران الدولة المسلمة هي العدو الرئيسي للأمة العربية وليس الكيان الصهيوني اليهودي الغاصب الذي اغتصب الأرض وشرد الشعب ويقوم بتهديد الأقصى وهو ما يعد انحراف خطير في بوصلة الصراع تم فيه تغليب الخلاف المذهبي السني الشيعى على التناقض الرئيسي الذي يحكم الصراع العربي الصهيوني ..في مواجهة كل هذه التطورات المتلاحقة في المنطقة والشرق الأوسط عموما و التي تخدم الكيان الصهيوني وتحقق له مكاسب سياسية على صعيد القبول بوجوده في المنطقة ككيان طبيعي يمكن التحالف معه والاستنجاد بقدرته العسكرية في مواجهة الأعداء الجدد وفي وقت هذا الكيان لم يتقدم خطوة سياسية واحدة باتجاه السلام بل ويقوم بتدمير كامل لأي بادرة أمل في تحقيق التسوية من خلال حملة الأستيطان المكثفة التي يمارسها كل يوم لتغيير الواقع الديموغرافي تمهيدا لتمرير قانون في الكنيست لضم الضفة الغربية وهو ما تم الإعلان عنه مؤخرا . . .في مواجهة كل ذلك على الطرف الفلسطيني صاحب القضية الفلسطينية الأول أن يكون له موقفا سياسيا نوعيا مؤثرا في صناعة الحدث السياسي في المنطقة والا يبقى في دائرة الإنتظار ومراقبة الأحداث والركض وراء أوهام السلام الذي يرفضها الكيان نفسه كالمبادرة الفرنسية والمؤتمر الدولي و ... واذا كانت الإجراءات السياسية والأمنية والاقتصادية التي اتخذها المجلس المركزي سابقا بخصوص فك العلاقة مع الجانب الإسرائيلي و التي قررت اللجنة التنفيذية باجتماعها مؤخرا على تنفيذها هي خطوة بالاتجاه الصحيح طال انتظارها لانها ضرورية وهامة وتحظى بقبول وارتياح شعبي وفصائلي لفك عرى العلاقة التي تربط السلطة الوطنية بإسرائيل وأهمها وقف التنسيق الأمني إلا أن أولى الخطوات الصحيحة الأهم التي يجب الأقدام عليها والاستعداد الكافي في تحمل تبعاتها و التي وحدها تتناسب مع حجم التحدي والاخطار و تعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية في الشرق الأوسط وتجعلها في محل الاهتمام الدولي بعد أن ضعف الضغط العربي عن التوصل إلى حلها ...هذه الخطوة هي إلا قدام على نزع الاعتراف بإسرائيل وتسويق هذا المطلب عربيا وإقليميا ودوليا والكف عن توجيه الخطاب السياسي الناعم للمجتمع الإسرائيلي الذي لا أمل في تغيير طبيعته السياسية والثقافية لأنه مجتمع يميني عنصري فاشي يرفض التعايش مع الآخر والأقدام على نزع الاعتراف هو مطلب مشروع ما دامت إسرائيل قد تخلت عن اتفاق أوسلو وعرقلت تحقيق ما نص عليه وقد كان في الأساس اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بهذا الكيان الغاصب هو خطأ سياسي كبير وفادح فتح الباب في وقت غير مناسب لأعتراف الأردن بعد ذلك كأهم دولة جوار جغرافيا وديموغرافيا تربطها بفلسطين بعمق استراتيجي كذلك ما سببه هذا الاعتراف من وقف حركة المقاطعة العربية وسهل الطريق لخطوات تطبيع تجارية وإعلامية مع كثير من الدول العربية وكان يجب أن ينص اتفاق أوسلو على اعتراف متبادل بين دولتين دولة إسرائيل ودولة فلسطين تحقيقا لمشروع حل الدولتين وليس الاكتفاء باعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية التي مهما كان دورها في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني كحركة تحرر وطني ضد الاحتلال وكممثل شرعي وحيد لشعبنا إلا أنها تبقى في نظر المجتمع الدولي كيانا معنويا وليس وجوديا .. نزع الاعتراف بإسرائيل هو تصحيح لخطأ سياسي تاريخي وقع فيه المفاوض الفلسطيني عند التوقيع على اتفاق أوسلو الذي يحتاج كل بند من بنوده إلى عملية مفاوضات جديدة لا تنتهي بسبب سياسة المراوغة التي تنتهجها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة بصرف النظر عن طبيعة برامج الأحزاب السياسية التي تتشكل منها لأنها في النهاية احزاب صهيونية عنصرية تعمل بكل الوسائل على تحقيق المشروع الصهيوني لذلك فإن العودة إلى تبني الحل الاستراتيجي للقضية الفلسطينية هو الخيار الوحيد المتبقي امام شعبنا بعد أن ثبت فشل مشروع حل الدولتين والاخطر من هذا الفشل لهذا المشروع هو ما يروج الآن في بعض الدوائر الإقليمية والدولية من مشاريع تصفوية بديلا لكيان الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقيه على حدود 67 ..

؛؛نزع الاعتراف بإسرائيل الذي ما انفك نتنياهو يطالب الاعتراف بها كدولة يهودية امعانا في تكريس السياسة العنصرية تجاه عرب الداخل هو في حقيقته إعادة الاعتبار إلى هدف الثورة الفلسطينية المعاصرة بإقامة الدولة الديمقراطية على كامل أرض الوطن وهو أهم ما تحتاجه القضية الفلسطينية الآن كرد سياسي استراتيجي هام من الحركة الوطنية الفلسطينية على مشهد الهرولة العربية الرسمية نحو الاعتراف المجاني بهذا الكيان الصهيوني الغاصب ولنا في التجربة الكفاحية لشعب جنوب افريقيا الذي احتفل قبل أيام بذكرى انتصاره على نظام التمييز العنصري نموذجا نضاليا يجب أن يحتذى ليس فقط بالاحتفاء بوضع تمثال للمناضل الافريقي الكبير نيلسون مانديلا في أحد ميادين رام الله بل باستلهام التجربة الثورية الكفاحية لهذا القائد التاريخي العالمي والأقتداء بها حيث استمر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي كان يقوده في الكفاح العنيد ضد المستوطنين البيض الغزاة حتى تم هزيمة واندحار نظام الابرتهايد العنصري وانهياره. ..

اخر الأخبار