فتيات الزنازين

تابعنا على:   15:13 2016-05-09

د. خالد معالي

ترى هل يعلم 400 مليون عربي، ومليار ونصف المليار مسلم في العالم؛ انه يوجد عشرات الفتيات الفلسطينيات المسلمات في زنازين الاحتلال؛ يقوم الاحتلال على مدار الساعة بتعذيبهن بكل أصناف العذاب، مما خطر على البال، وما لم يخطر؛ وكل جريمتهن أنهن يرفضن حياة الذل والعار تحت حراب الاحتلال؟!

ماذا لو اقتحم جنود الاحتلال منزلك أخي القارئ، في الليل واقتاد أختك أو ابنتك بقميص النوم أو لباس الصلاة إلى الاعتقال؛ دون أن يسمح لها حتى بتغيير ملابسها والاحتشام، وسط جنود مدججين بمختلف أنواع الأسلحة، ووسط الشتائم والتهديد والوعيد والويل والثبور لكل من يعترض على عملية الاعتقال وظلم وإجرام وهمجية الاحتلال.

قوات الاحتلال تقوم كل يوم مع ساعات الفجر الأولى بحملة اعتقالات مسعورة؛ تطال كل مناطق الضفة الغربية؛ وتطال أطفال وطفلات صغيرات السن، وفتيات لا يلوين على شيء، وفجر اليوم الاثنين 9\5\2016 اعتقل الجنود الناشطة الطلابية في جامعة بيرزيت آلاء عساف  من رام الله.

لا يرغب أي فلسطيني في أن يكون هناك فتيات في الأسر، ولا أن يشاركن في علميات الطعن والحالة النضالية الفلسطينية، لكن الحالة الفلسطينية المعقدة والضاغطة والغير مسبوقة؛ وعدم توفر السلاح في أيدي الفلسطينيين، وعدم توفر خيارات أخرى، وقلة الوعي، تدفع فتيات للتفكير في كيفية التخلص من الظلم، وبالتالي يشاركن في عمليات الطعن دون تنظيم وتخطيط وبشكل فردي؛ غالبا ما تكون نتيجتها غبر مرغوبة.

يهدف الاحتلال من اعتقال الفتيات صغيرات السن، وطالبات جامعيات؛ إلى إضعاف وكسر منظومة القيم والأخلاق الفلسطينية وتحطيمها، وتمزيقها شر ممزق، فشعب ضعيف أخلاقيا يكون مواصلة احتلاله أسهل بكثير؛ من شعب قوي ومنظم أخلاقيا.

تعسا لأمة تدعي أنها أفضل الأمم وخير امة أخرجت للناس؛ ولا تقدر  وتقف عاجزة، ولا تستطيع إخراج فتيات بعمر الزهور من زنازين الاحتلال وتخليصهن من الأسر والعذاب، وتعسا لكل من زعم انه حر وشريف دون أن يفكر في تخليصهن من قيود الأسر وقضبان السجن؛ أو بأضعف الإيمان؛ يدعو لهن وللأسرى بالفرج القريب.

هناك من يتصور أن السجن لدى الاحتلال هو نزهة مقارنة بسجون حكام العرب الدكتاتوريين، وهذا فهم مغلوط، ومن جرب السجن يعرف حقيقة السجون والمعتقلات وأقبية التحقيق التي يتمنى فيه الموت ولا يجده، والزنازين النتنة التي لا تدخلها الشمس، فلا فرق بين سجون حكام العرب الظلمة وسلطات الاحتلال، إلا في الأساليب وطرق التعذيب المتطورة لدى الاحتلال، بهدف نزع المعلومة الحقيقية وليس كما العرب؛ اعترف - ولو كذب - وخلاص.

لو عكسنا الصورة؛ وافترضنا انه يوجد عشرات الأطفال والفتيات "الاسرائيليات " في الأسر والزنازين؛ لرأينا عندها  كيف تقوم قيامة الغرب وتسيير الجيوش الجرارة لتحريرهن، وهو ما يرينا إلى أي مدى وصلت إليه الحالة العربية والفلسطينية والإسلامية من الانهيار، والضعف والعجز أمام احتلال هو نقطة صغيرة تكاد لا ترى في العين المجردة في بحر العرب والمسلمين الهادر.

في كل الأحوال لن تطول عذابات الفتيات الأسيرات في زنازين وسجون الاحتلال؛ لان هناك من يفكر في خلاصهن صباح مساء ولا يدخر جهدا في ذلك، ونقاط ضعف الاحتلال كثيرة ويمكن من خلالها النفاذ واستغلالها لمن أراد ذلك وليست بحاجة لطول تفكير، كم أن نقاط القوة لدى الشعب الفلسطيني كثيرة أيضا لمن أراد تفعيلها؛ ومن يطلق الطاقات الخلاقة ويفعلها بالشكل الصحيح والمناسب؛ سيذكره التاريخ بالخير وبأحرف مدادها من الذهب الخالص؛ بعكس من لا يريد ذلك.

اخر الأخبار