دواوين غزة.. فرقة فنية تقدم الفن الملتزم بمشاركة المرأة

تابعنا على:   12:53 2016-04-30

أمد /غزة - اسلام الاسطل : على غرار ساقية الصاوى فى مصر أنشأ عادل عبدالرحمن، رئيس الجالية المصرية، كيانا مشابها فى غزة المنغلقة على نفسها بفعل الحصار والألوان الحزبية التى أتت على كل جميل، يعيد من خلاله الروح إلى الأغانى التراثية الفلسطينية، التى اندثرت ولم يعد يذكرها أحد، فكانت دواوين.

يقول عبدالرحمن لـ«المصرى اليوم»: بجهود ذاتية بدأنا نؤسس فرقة دواوين لإحياء الأغانى التراثية الفلسطيني، نغنى لكل الفلسطينيين، دون أن نجرح مشاعر أحد، أو نكون طرفاً فى أى سجال سياسى، ويضيف عبدالرحمن: «بدأنا بمطرب، وشيئا فشيئا أخذ أفراد الفرقة يزداد حتى اكتمل فريقنا بشكله الحالى، إذ يجمع 11 شخصاً موزعين ما بين مطربين وعازف عود، ورق، وناى، طبلة، وموزع موسيقى.

ويستقبل المركز الثقافى التابع للجالية المصرية يومياً شبانا وفتيات يريدون الانضمام للفرقة التى جاءت فى وقت تتعطش فيه غزة للحياة، وأجمل ما يربطنا بالحياة هو الفن العريق.

يضيف عبدالرحمن: الحفلة الأولى كانت مفاجئة للفرقة وللمركز من كم الحضور والتفاعل مع الأغانى الوطنية الفلسطينية، إذ اشتعل المكان حماسة وعنفواناً مع صوت الألحان المنبعثة من جوقة العازفين.

دواوين التى تضم، لأول مرة، فى غزة مطربة قدمت نفسها كفرقة للفن الملتزم، ويرى عبدالرحمن أن هذا الأمر لا علاقة له بحكم حماس فى غزة، وإنما جاء لخصوصية الوضع الفلسطينى الذى يقدم كل يوم فى مدن الضفة والقدس- الشهداء والجرحى، ويتعرض مواطنوه للتنكيل والتعذيب، ويتابع: لا يمكننا فى ظل هذه الظروف أن نقدم فناً طربياً، فأردنا أن نكون مقبولين مجتمعياً، وأن نكون حريصين على ألا نجرح أى مواطن فلسطينى، وأن نعلن من خلال نشاطنا الثقافى هذا تضامننا مع أهالينا فى الضفة.

ويؤكد عبدالرحمن أن العنصر النسائى فى الفرقة كان إضافة نوعية ولم يكن له أى مردود سلبى، وجميع العروض لاقت إقبالا جماهيريا وقبولا مجتمعيا، لافتاً إلى أن الفرقة تسعى لتقديم أصوات نسائية جديدة فى كل عرض، نظراً لحالة التعطش الموجودة، موضحا أن الكثير من الفتيات اللاتى يملكن الموهبة يتقدمن للاشتراك بالفرقة، معللاً ذلك بكون الفرقة تغنى للوطن والأرض، دون أن تمس المشاعر الدينية أو المجتمعي

وتطمح دواوين، وفق عبدالرحمن، للوصول إلى كل فلسطينى داخل وخارج القطاع، فى الضفة والقدس والشتات، لتعيد للفن الفلسطينى الأصيل رونقه، وللقضية الفلسطينية روحها من خلال تجديد الأغانى الوطنية القديمة

وتقيم الفرقة التى بدأت الخروج للنور منذ ما يقارب الـ5 أشهر حفلا واحد شهرياً، تقدم من خلاله فى كل مرة أغانىَ قديمة بشكل جديد، كما تغنى الفرقة فى كل حفل أغنية مصرية فى إشارة للاعتراف بدور مصر ومكتب الجالية المصرية فى غزة بإحياء التراث الفلسطينى ودعم المواهب الفلسطينية الشابة.

كأسرة واحدة يبدو أفراد الفرقة خلال التدريبات المستمرة خاصة قبل العروض، كل منهم يعرف مهمته، فيتجه نحو آلته ومكانه، يجمعهم حب الفن كما التقارب العمرى، فجميعهم أقل من 25 عاماً، طامحون، يحدوهم الأمل بأن يكون الغد أفضل، وأن تكون للفن كلمته وقيمته.

يدندن رؤوف البلبيسى 22 عاماً على العود الذى يعشقه منذ الطفولة، ويقول: أخيرا وجدت ضالتى بالانضمام لفرقة دواوين التى أتوقع أن أقدم من خلالها نفسى بشكل مختلف

البلبيسى الذى تم قبوله عامين متتالين للمشاركة فى برنامج محبوب العرب ولم يتمكن من الالتحاق به نظراً لإغلاق المعابر، لا يبدو محبطاً، بل يتملكه التفاؤل، ويضيف: رغم أنه كان حلماً لى أن أخرج من غزة، وأشارك فى برنامج محبوب العرب، فاليوم أنظر للأمر بشكل مختلف، فربما أتمكن من خلال دواوين أن أحقق النجاح الذى أتمناه

رؤوف الذى كان يغنى فى المقاهى والفنادق تعلم العزف على العود من خلال الممارسة، ويطور ذاته من خلالها، فى غزة التى لا يوجد بها سوى مدرسة موسيقى واحدة للأطفال، ومعهد لا يمكن لرؤوف أن يتحمل تكاليف الدراسة فيه.

ويطمح رؤوف مثل باقى أفراد الفرقة إلى إن يصل صوت القضية الفلسطينية من خلال إعادة توزيع وتلحين الأغانى الوطنية القديمة بأصوات شاب

ويرى البلبيسى أن الحصار لا يعنى قمع الذات والرغبة بالحياة، بل من الممكن مواجهة الحصار والعدوان من خلال الفن الذى يجتاز كل الحواجز ويصل للعالم أجمع.

أحمد عكاشة، 23 سنة، وهو مطرب اساسى فى الفرقة، لم تكن له تجربة سابقة فى الغناء الوطنى، يقول: نشأت فى أسرة فنية بامتياز، فوالدى موسيقى معروف وإخوتى يعملون فى إحياء الحفلات فى الفنادق والمطاعم، ومنذ طفولتى تشربت حب الموسيقى والغناء، وكنت أشارك فى حفلات طربية ودواوين هى التجربة الأولى فى الغناء الوطنى، ويتابع عكاشة: دواوين جعلتنى أعيد اكتشاف نفسى وأرى فيها أشياء لم أعرفها من قبل، اليوم أنا أغنى وأشعر بكل كلمة أصدح بها أمام الجمهور، موضحاً أن الأغانى التى تختارها الفرقة تمس إحساس كل فلسطينى لأنها تحاكى حب الوطن والتراث، وتعلى كلمة فلسطين فوق كل الرايات.

ويتمنى الشاب عكاشة أن تتاح الفرصة للفرقة بإحياء حفلات وطنية خارج فلسطين لإعادة الحياة للأغنية الوطنية التى قاربت على الاندثار.

ويحدو الأمل أعضاء فرقة دواوين بالاستمرارية نحو تحقيق هدفهم، وأن يمثلوا نواة للفن الملتزم فى قطاع غزة.

فيما تحاول رحمة بكر، 16 عاماً، أن تبدو قوية وهى تؤدى أول تدريباتها فى فرقة دواوين، التى تتمنى أن تصبح عضوة دائمة فيها، تقول: تدربت على الأغنيات المطلوب منى أداؤها فى الحفل القادم.

وتجتهد رحمة فى تدريباتها معبرة عن سعادتها لإنشاء فرقة دواوين التى تحيى الفن التراثى الأصيل. رحمة التى لم تغنِّ فى حفلات سابقة كانت لديها الفرصة للمشاركة فى برنامج ذا فويس كيدز، وتأخرت بسبب إغلاق المعابر، لكنها تطمح أن تحقق نجاحا من خلال انضمامها لفرقة دواوين، معبرة عن شكرها للجالية المصرية التى احتضنت هذا المشروع الذى يخلق الأمل لدى الشباب الموهوب فنياً، ويبعث فى الروح ما يعينها على تقبل الظروف الصعبة.

وتلتزم رحمة بارتداء الحجاب،رغم صغر سنها، مؤكدة أنها تشعر أحيانا بصراع داخلى بين حبها للفن والتزامها الدينى، إلا أنها تعاود، وتقول: سألتزم بالغناء الوطنى الذى لا يتناقض مع الحجاب، مؤكدة أن أسرتها تشجعها على تحقيق طموحها فى ممارسة الغناء، والمشاركة فى المسابقات المحلية والدولية.

ورغم أن مجتمع غزة يحد من طموح الفتاة التى تتجه للغناء، فرحمة تؤكد أن لديها قناعة تامة بما يمكنها أن تقدمه، وأنها لن تخضع لإملاءات المجتمع، ما وجدت تشجيعا من أسرتها التى تعتبر الداعم الأول لها فى مشوارها الغنائى.

على مدار ساعتين كاملتين، صدحت الأصوات الشابة بالأغانى الوطنية والتراثية وسط تفاعل الجمهور المتعطش للغناء لفلسطين التى كان الثائر فيها يثور من أجل الوطن والوطن وحده قبل أن تقسمنا الرايات والألوان.

 

 

رحمة ورؤوف وإسلام وإبراهيم وآخرون من فرقة دواوين.. شباب مختلفو المشارب.. جمعهم حبّ الفنّ والوطن، واحتضنتهم الجالية المصرية فى قطاع غزة، لتؤكد مجدداً أن مصر وفلسطين شعبين بروح واحدة.

اخر الأخبار