وصلني عبر البريد الالكتروني مقطع فهمته كرسالة توضيح تؤكد أن تقدم هذه الأمة! الحضاري لم يصل بعد مرحلة الأحلام. كما نقول بالعامية (ولا في الأحلام). مقطع لحفل مهيب في دولة عربية يقوده أحد الدجالين. حلقة من البشر المتراصة نساء ورجالاً ينتصب في وسطها هذا الدجال. أمامه مياكروفون. يحف به أزلامه وبين يديه ورقة مرة يقرأ منها ومرة يصرخ بدونها نفس الأدعية التي تقال في كل محفل سحر (أبطله إن كان منثورا أو مدفونا أو في البحر أو في مهب الريح إن الله سيبطله وقع الحق) إلى آخر ما ستجدها في شبكة الإنترنت في مواقع الدجالين.

أصيب معظم المحتفلين بهستيريا وتهيج وأخذوا يتدافعون داخل الساحة تباعا متأثرين ببعضهم أو حسب الاتفاق مع الدجال حتى بلغ الأمر ببعضهم أن أخذ يتمرغ كما تتمرغ الحمير أعزكم الله.

كان معظم المتأثرين والصارخين والمتمرغين من النساء، ملأن سماء الحفل بالصراخ والعويل والتعبير عن آلام كأنما انزلها الله مصممة لأجسادهن، لا يختلف ما شاهدته في هذا المقطع عما يمكن أن تشاهده في اليوتيوب من دجالي العالم العربي، نفس الخرافة في الأراضي الفلسطينية وفي الدول العربية الأخرى، من الصعب اقتلاع خرافة إذا توفر لها من يتعهد نماءها ولا تجد من يحاربها بجدية أو يساهم بتوعية الناس بمحتواها الباطل وخاصة إذا كانت المؤسسات التي تدعي أنها تحاربها هي في الواقع تكرسها وتنشرها وتأصلها في نفوس الناس وتستثمرها لاستمرار سلطتها.

انتباهي لم ينصب على السحر بل على النساء، لماذا معظم المتأثرات بهؤلاء الدجالين من النساء، عندما تتابع قنوات تفسير الأحلام أو قنوات إخراج وإدخال الجن أو حتى بيوت الدجالين الذي يفكون السحر أو يقرأون على الناس ويفسرون كوابيسهم ستجد أن جل رواد هذه القنوات وهؤلاء الدجالين من النساء.

ما الذي يميز الإنسان عن الحيوان؟، كثير من الأشياء ولكن من بينها ومن أهمها أن الإنسان (رجلا أو امرأة) ينضج بالتجربة، تقييم الرجل الأربعيني للأمور أفضل من تقييم الرجل المراهق.

السبب الذي ندركه جميعا أن الأربعيني يكون قد مر بعدة تجارب وتعلم واحتك بالآخرين كثيرا وربما سافر وأتيحت له فرصة اتخاذ القرارات المنفردة الخ. المسافة بين الرجل الكبير والمراهق تحسب بالتجربة، ماذا لو قارنا بين حق المرأة وحق الرجل في اكتساب التجربة، خذ امرأة تعرفها شخصيا في الأربعين وقارنها برجل من معارفك في الأربعين أيضا، قيس على مجموعة من العوامل، كم مرة خرجت وحدها وكم مرة سافرت وحدها وما هي الأعمال التي قامت بها وكم مرة دخلت محكمة وكم مرة قادت سيارة وكم مشروع نفذته إلى إلـخ، صنف الحياة اليومية التي ترفع مدارك الإنسان وتغنيه بالتجربة وقارن هذه الإحصائية بالرجل، يمكن أن أدعي أن تجربة المرأة الفلسطينية أو العربية في الحياة أقرب إلى الصفر إذا قارناها بتجربة الرجل الفلسطيني، بل يمكن القول أن المراهق ما أن يبلغ الثامنة عشرة حتى تصبح تجربته في الحياة أكثر من تجربة المرأة الأربعينية وأغنى، المرأة إنسان فرضت عليه الانصياعات المختلفة القاهرة أن يبقى غرا، ليس غريبا إذا أن تصبح المرأة فريسة للدجالين، ولكي نفهم هذه النقطة لاحظ أن المراهق هو الذي يقع فريسة لدجالي السحر والشعوذة وحبوب الاترومال والمخذرات، وهذا ما يجعل دجالي السحر والخرافات الأخرى يحومون حول المرأة بشكل خاص والمراهقين بشكل عام، محاصرة المرأة وتضييق مجالات حركتها يبقيها تحت سيطرة من يتولى حياتها، فهنيئا للدجالين بفرائسهم.