سيناء لن تكون «وزيرستان»

تابعنا على:   10:38 2014-01-12

عبد اللطيف المناوي

إعلان جماعة أنصار بيت المقدس عن اختطاف قيادات عمالية فى سيناء كانوا فى طريقهم لإقامة مؤتمر لدعم الدستور، يعيد إلى الذاكرة مرة أخرى تهديد القيادى الإخوانى المحبوس حالياً محمد البلتاجى، عقب سقوط نظام جماعته، بأنه إذا عاد مرسى سيتوقف ما يحدث فى سيناء.

ويبدو أن الإخوان ماضون فى تهديدهم، وانتقلوا من مرحلة استهداف الجنود، وزرع الألغام والعبوات المفخخة فى طريق المدرعات، إلى بث الرعب فى نفوس سكان سيناء وزوارها، مع ما تشهده هذه البقعة من اهتمام سياحى، وما تمثله فى المقابل من أهمية استراتيجية لدى الجماعات التكفيرية، التى اتخذت منها مرفأ بعد أن فتح لها المعزول محمد مرسى الأبواب لتحقق ما تريده فيها.

الأكيد أن الخطر ما زال يحوم حول سيناء، وأذكر هنا بحوار أجرته وكالة «الأناضول» التركية للأنباء قبل أشهر مع قيادى سلفى وصفته بأنه وثيق الصلة بالتنظيمات الإسلامية المسلحة فى سيناء ويدعى حازم المصرى، لم يزعجنى تلويحه باستهداف الجيش المصرى ولا تحذيره الجيش من التمادى فى الخوض بالمستنقع السيناوى والاشتباك مع الجهاديين، لكن ما أزعجنى هو تلويحه بأن تتكرر تجربة «وزيرستان»، فى إشارة إلى المنطقة القبلية على الحدود الأفغانية الباكستانية.

عندما تشعر كل الحركات الإسلامية والجهادية والإرهابية بأن مصر باتت ملاذا آمنا لهم ولأعضائهم، أو هكذا هى الإشارات التى وصلتهم إبان حكم الإخوان، عند هذا فإننا يجب أن نتوقف أمام رغبة الجهاديين فى تحويل سيناء إلى «وزيرستان» أخرى، بعد أن منحهم الإخوان الفرصة الذهبية لتحقيق ذلك.

«وزيرستان» الأصلية منطقة جبلية فى شمال غرب باكستان على حدودها مع أفغانستان، وهى ذات طبيعة جبلية وعرة.

سيطرت حركة طالبان على أفغانستان بعد هزيمة السوفيت وبداية ظهور تنظيم القاعدة. تأثرت منطقة وزيرستان، وتعاطف الكثير من أبناء القبائل بشكل خاص مع حركة طالبان، ومع ضعف السيطرة الحكومية أو انعدامها أصلا تكونت بيئة صالحة لتخريج متطرفين مستقبلا. مع انهيار نظام حركة طالبان فى أفغانستان فى أكتوبر 2001 على يد قوات التحالف بقيادة أمريكا كانت كهوف وجبال وزيرستان الأماكن الأكثر أمانا لبقايا حركة طالبان وتنظيم القاعدة.

شهدت المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان هجمات ضارية من جانب الجيش الباكستانى تدعمه القوات الأمريكية فى الفترة بين مارس 2004 وسبتمبر 2006 فى محاولة للسيطرة على المنطقة، واستئصال الحركات المتطرفة منها، إلا أن معظم هذه الهجمات المتعاقبة فشلت فى تحقيق أهدافها، وذلك للطبيعة الجغرافية القاسية للمنطقة التى حالت دون اختراقها، وظل هذا الصراع مستمرا بين الجيش الباكستانى وقبائل المنطقة الموالية لحركة طالبان وتنظيم القاعدة، حتى الآن.

هذه البؤرة التى لم تعد مجرد ملاذ آمن لمتطرفى حركة طالبان وتنظيم القاعدة، بل تحولت إلى «مركز تدريبى دولى» معتمد لدى الجماعات الإرهابية ينطلقون منه إلى أهدافهم، لا نريد مركزا آخر فى مصر يكون المتسبب فيه تكرار أخطاء الماضى، ووضع مصلحة «التنظيم» فوق مصلحة الوطن.

أثق فى الجهود التى يبذلها الجيش المصرى لتطهير سيناء من عنف الجهاديين، والأذرع الحركية للجماعات التى تتمسح فى الإسلام، وأثق فى حماية الجيش الحدود المصرية، وأنه لن يسمح بتكرار تجربة وزيرستان على أرض سيناء، وما حدث خلال الفترة الماضية من توقيف عشرات ومقتل مئات الجهاديين هو الخطوة الأولى فى اتجاه تحرير سيناء للمرة الثانية.

عن المصري اليوم

اخر الأخبار