ما الذي يحدث في ليبيا ؟

تابعنا على:   11:30 2013-10-11

إيمان موسى النمس

شاهد الجميع الموجة الضارية من الاحتجاجات التي انطلقت في ليبيا تأثرا بما حدث على حدودها الشرقية والغربية ،والتي انطلقت من المناطق الشرقية معاقل المعارضة الرئيسية للقذافي ثم تحول هذه المعارضة -التي انتشرت جغرافيا - الى حمل السلاح في مقابل استعمال القوات الليبية للقوة المفرطة واستعانتها بمرتزقة من دول افريقية ليسقط بعد ذلك القذافي في ايد الثوار بعد تدخل قوات الناتو ،لتحصل هذه الانتفاضة الشعبية على خاتمة سيئة باغتيال مشين وخرق لاتفاقيات جنيف الخاصة بحماية الاسرى .

المتابع للحال الليبي يعلم جيدا انه لم يكن هناك نظام ليسقط فالقذافي لم يعمل على بناء دولة قوية معقدة ذات مؤسسات بل عمل على توظيف اموال النفط في الحصول على دعم القبائل وإقصاء المعارضين الذين تمركزوا في بنغازي والمناطق شرقية ، وأجهزة الامن والجيش كانت تعمل في فلك الزعيم المطاح به من قبل القوى الثورية ، تم حلها في وقت لاحق من خلال تطبيق سيناريو سيء مشابه لما حدث في العراق بعد الاحتلال الامريكي ،كما تم اقرار قانون عزل سياسي من قبل المؤتمر الوطني العام ، مفاده اقصاء كل القيادات السياسية والحكومية والإدارية التي عملت على خدمة القذافي من مناصبهم حتى وان شاركوا في عملية الاطاحة به على ان يطبق هذا القانون لمدة عشر سنوات ،وهو ما اثار مشكلة الشغور لمناصب قيادية ادارية وحكومية اضافة الى مشكلة الفراغ الامني في غياب أي بديل جيد .وهو الامر الذي ادى الى استمرار الحاجة الى التنظيمات المسلحة التي بقيت محتفظة بسلاحها ونفوذها بهدف الحفاظ على الامن والقيام بوظائف الدولة الاساسية التي اصبحت عاجزة عن تقديمها وتشير التقارير الى ان التنظيمات المسلحة منتشرة عبر الاراضي الليبية وتحتفظ بما يزيد عن 75 إلى 85 في المائة من المقاتلين المتمرسين ومخزونات السلاح دون ادنى سيطرة حكومية .

وقد بدأت تبرز مظاهر الفوضى والانفلات الامني وتتفاقم في ظل عجز الحكومة عن تأهيل اجهزة الداخلية ونشرها في كل المناطق رغم استقطابها عدد من مقاتلي هذه الجماعات لإدماجهم داخل هياكل الجيش والشرطة ،إلا ان الأجهزة المستحدثة تفتقد للكثير لتحقق الامن وقد كان من التداعيات المباشرة لذلك اعلان مناطق داخل ليبيا كفيدرالية " كمنطقة فزان " في محاولة لفصلها عن الحكومة المركزية نظرا لعدم جدوى سياساتها الامنية وهو ما يهدد ببدء حالة من الازدواجية الامنية والفوضى و الميل نحو حلول انفصالية ،في الوقت الذي يستمر فيه عمليات تفجير السفارات الاجنبية ، وأخبار عن محاولة تنظيمات مسلحة السيطرة على النفط ،كل هذا ينبئ عن حالة انتقال فوضوي نتيجة تحلل مفاصل الدولة التي كانت مرتبطة بشخص القائد ،والسؤال المثار هنا ما لذي فعلته الحكومة للتعامل مع هذا الواقع ؟ هل هناك مبادرات حوار مع الجماعات المسلحة ؟ هل هناك خطة لبناء اجهزة بيروقراطية وأمنية تقدم على الاقل الوظائف التقليدية للدولة ؟ ...اظن ان الاجابة تكمن في اخر خبر انتشر منذ يومين عن اعتقال رئيس الوزراء علي زيدان...يبدو ان الحكومة مغلولة الايدي ولا تستطيع القيام بالكثير لأنها ببساطة لا تتوفر على سلطة ولا قوة رمزية او فعلية لفرض قراراتها فالسلطة الفعلية موزعة بشكل فوضوي بين تنظيمات تحسب نفسها دولا .

اخر الأخبار