عصفورلـ"الدستور": المفاوضات الراهنة هدفها "انهاك السلطة" ولا حل للقضية الفلسطينية دون تفاهم فلسطيني أردني مصري

تابعنا على:   20:06 2014-01-07

أمد/ عمان: قال الوزير الفلسطيني والمفاوض السابق حسن عصفور انه لا يوجد حل للقضية الفلسطينية دون تفاهم أردني فلسطيني مصري في كل القضايا، مشيرا الى ان اسرائيل لا يوجد عليها أي ضاغط على الأقل من الآن إلى ثلاث سنوات.
واضاف عصفور، خلال حوار مع "أسرة تحرير الدستور" الاردنية، من يعرف نتنياهو لا يتوقع إطلاقاً أن يصل إلى اتفاق لا عادل ولا شبه عادل ولا يمكن أن يكون به رائحة العدل من حيث المبدأ، لأكثر من اعتبار سياسي، ولكن الظروف السياسية الراهنة بدون إسقاطات بمعرفتي بنتنياهو أو تاريخ نتنياهو السياسي أو من هو نتنياهو وماذا يجسد، أقول أن الظرف السياسي الراهن لا يوجد به أي إطلالة ممكنة لحل سياسي، حتى ولو كان حلاً انتقالياً للضفة الغربية وحدها.
واشار ان المفاوضات الحالية غير جادة، وهي لتكريس إنهاك السلطة، والغاء الفائدة الأبرز التي حدثت خلال العام الماضي، وهي الحصول على دولة فلسطينية عضو مراقب في الأمم المتحدة بما يتبع ذلك من امتيازات ومكاسب تاريخية للشعب الفلسطيني باستكمال أن تحصل على دولة كاملة.. وتاليا نص الحوار:

** عصفور: أشكر الدستور ممثلة بالأستاذ محمد حسن التل رئيس التحرير المسؤول، وأشكر هيئة التحرير وأشكر الدستور التي استضافتني سابقاً ككاتب.
من يعرف نتنياهو لا يتوقع إطلاقاً أن يصل إلى اتفاق لا عادل ولا شبه عادل ولا يمكن أن يكون به رائحة العدل من حيث المبدأ، لأكثر من اعتبار سياسي، ولكن الظروف السياسية الراهنة بدون إسقاطات بمعرفتي بنتنياهو أو تاريخ نتنياهو السياسي أو من هو نتنياهو وماذا يجسد، أقول أن الظرف السياسي الراهن لا يوجد به أي إطلالة ممكنة لحل سياسي، حتى ولو كان حلاً انتقالياً للضفة الغربية وحدها، لكن مشروط أن تكون الضفة، وليس أي حل انتقالي لجزء من الضفة، لأن هذا مشروع طرحه شارون على أبو مازن في عام 1995، ففي أول لقاء بعد عودة الرئيس محمود عباس إلى قطاع غزة، التقى بشارون في مزرعته، وطرح عليه خطته للانسحاب من غزة، ثم لرؤية شارون لدولة فلسطينية في الضفة الغربية، بما يضمن اتفاقا  دون الأغوار ودون المعابر الدولية ودون القدس، إلا بعض ضواحي القدس التي لها وضع خاص، وتقريباً هذا ما تبناه بشكل أو بآخر باراك أوباما في تصريحه غير الواضح، بأنهم الآن يريدون حلاً للضفة الغربية يتم إحداث دولة مزدهرة بها، ثم تصبح هذه الدولة نموذجا لكوريا الشمالية، والتي هي غزة، وبعد ذلك تثور كوريا الشمالية لتلتحق بكوريا الجنوبية، بالتالي الجو العام ليس جو حل سياسي عادل للضفة الغربية، فما بالكم بأن قطاع غزة من حيث المبدأ خارج السيطرة السياسية، وبالتالي لا يستطيع أبو مازن أن يتعامل مع هذا الموضوع في هذا الظرف، ثانياً إسرائيل من حيث الجو العام لا يوجد عليها أي ضاغط عام الآن على الأقل من الآن إلى ثلاث سنوات، الآن تحسم شكل الوضع الإقليمي العربي بنهضة مصر ثم تشكيل تكامل عربي جديد من مصر والسعودية والأردن والإمارات وبعض الدول العربية الناهضة بتشكيل محور عربي مختلف في هذا الإطار، بالتالي من الآن إلى ثلاث سنوات من الصعب جداً الحديث عن أي إمكانية لأن يكون هناك قوة ضغط على إسرائيل قادرة أن تجبرها على ذلك، فما بالكم بالوضع الداخلي في فلسطين، الانقسام وما قدمه من هدية ذهبية لإسرائيل، الوضع الداخلي في الضفة الغربية من حيث الصدام هناك، فهناك إدراك بأن حالة الإحباط العام لمواجهة الاحتلال ليس لأن هناك نقصا في الروح الكفاحية، إنما هناك نقص في تحقيق أمل أن يثور الفلسطيني ويدفع ثمنا مقابل وهم لا يعرفه، فبوجود زعامة أبو عمار كان دائماً هناك أمل لدى الفلسطينيين، فدائماً أبو عمار كان يعطيهم الأمل والروح فالفلسطيني كان على استعداد وقتها للاستشهاد، الآن هذه الروح غير موجودة، والفلسطيني ليس لديه استعداد لأن يستشهد، ولأجل ماذا يستشهد الآن، فعلى سبيل المثال غزة، فـ75 بالمائة من غزة ضد حماس شعبياً، فهل من الممكن أن يخرج 300 ألف فلسطيني في مظاهرة لإسقاط حكم حماس؟! لا أعتقد ذلك، فالقيادة تخلت عن غزة قبل الانقلاب وبعده، فهي جزء من الانقلاب، قيادة يومياً تعاير غزة بأنها تدفع لها رواتب، لذلك كنت أعيب عليهم في ذلك الأمر..
بالنسبة للضفة الغربية، الذين يعيشون هناك يعيشون في وضع أعتقد أنه الأسوأ بالنسبة لهم، من الناحية المعنوية والسياسية، لأنه لا يوجد حالة سياسية واضحة، ولا وحدة سياسية واضحة، ولا روح كفاحية ممكنة، فحتى الإبداعية الشعبية لا تجد صدى.. إسرائيل في المقابل تدرك ذلك، فإسرائيل لم تدخل بحياتها في مفاوضات وهي في وضع مرتاح.
عندما جاء أولمرت مع أبو مازن، اعتقد أولمرت بأن الظرف مناسب لاصطياد أبو مازن، فجماعتنا الآن يتغنون بمشروع أولمرت، لكن هذا المشروع هو مشروع مخجل، حيث سيحصل الاسرائيلي على 8 بالمائة من الضفة الغربية تقريبا والتي هي من أهم مناطق الضفة الغربية دون أن يعطيك خطا رابطا لك، سيادة، لجناحي الوطن، بين غزة والضفة، حتى أولمرت نفسه لم يكن مقدما على حل، وهو عملياً كان يغطي على مفاوضاته مع سورية، والتي كانت تقوم بها تركيا، والأسد لأول مرة يتحدث مع أولمرت من خلال أردوغان.
حرب غزة 2008 ما سببها؟! أنا شخصياً أعتقد وأؤمن بأنها جاءت لإيقاف مفاوضات سورية مع إسرائيل، لأن أميركا لم تكن تريد تلك المفاوضات، فحرب غزة في 2008 كانت لإسقاط أولمرت وليس لإيقاف مفاوضاته مع أبو مازن، بل لإيقاف مفاوضاته مع الأسد، حيث كانت على وشك النهاية، نجاح مفاوضات الأسد أولمرت يعني إسقاط جزء من الفيتو الأميركي على بعض القضايا التي هي بالأصل مرتبة بطريق آخر، وهذا جزء من إشكالية سنتحدث بها لاحقاً بين أردوغان والإسرائيليين بشكل أو بآخر، فليس جميعها لغزة.
المفاوضات هي مفاوضات غير جادة، مفاوضات لتكريس إنهاك السلطة، مفاوضات لتلغي موضوعياً الفائدة الأبرز التي حدثت خلال العام الماضي، وهي الحصول على دولة فلسطينية عضو مراقب في الأمم المتحدة بما يتبع ذلك من امتيازات ومكاسب تاريخية للشعب الفلسطيني باستكمال أن تحصل على دولة كاملة، وأقول دولة كاملة في كل المنظمات الفرعية التابعة للأمم المتحدة، والأهم محكمة جنائية دولية التي تفتح الملف لاعتقال دولة إسرائيل، الفلسطيني أصبح لديه بعد تشرين الثاني 2012 مجال أن يعتقل دولة إسرائيل دون جهد، فلذلك نجحت أميركا بأن تمتص كل مفرزات المكسب التاريخي للشعب الفلسطيني وأنهته الآن بأن أبو مازن يلملم أوراقه ولا يعلم أين يذهب.
حتى صائب عريقات في مقابلته قبل أيام في إحدى الصحف العربية يكفي لوحدها أن تكون دليل إدانة لمن يجري المفاوضات، بالتالي نحن لسنا أمام أي حالة تفاوضية إطلاقاً، نحن أمام حالة امتصاص لمكاسب سياسية، وعزل الموضوع الفلسطيني عن التحرك العربي العام..
- الدستور: بماذا تفسر جولات كيري المكوكية، وهل سنصحو على أوسلو جديد؟.
** عصفور: تحدثت عن ذلك في البداية، لكن أقول بأنه لا يوجد أوسلو جديد، ولا يجوز أن نقول عن أي شيء لاحق أوسلو، أوسلو مكسب تاريخي للشعب الفلسطيني، عكس كل ما يقال عنه، وأتحدث عن وثيقة تحديد إعلان المبادئ عام 1993 تحديداً، تلك الوثيقة التي نصت لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ومع حركة صهيونية، أن تعترف أن الضفة الغربية وقطاع غزة أرض فلسطينية والولاية الفلسطينية عليها، ووحدة جغرافية واحدة، فهذا نص صريح، لأنه لأول مرة في تاريخ الفكر الصهيوني يتعامل مع الضفة الغربية أنها أرض فلسطينية، وهذه ولاية فلسطينية عليها، ثم لأول مرة تعترف إسرائيل أن القدس جزء من هذه الولاية بشكل أو بآخر عندما اعترفت بانتخابات القدس للمجلس التشريعي، وهذا عملياً كسر لقرار 1968.
المفاوضات الجارية الآن هي ليست مفاوضات من أجل الوصول إلى حل بمعنى الحل السياسي، هي مفاوضات الجانب الإسرائيلي يريد كسر هيبة القيادة الفلسطينية، وكسر هيبة وحدة القضية الفلسطينية ثم تكريس الانشقاق السياسي العمودي الذي حدث عملياً من 2007، وموضوعياً من 1987 عندما انطلقت حركة حماس في توقيت غريب بانطلاقتها الموازية لمنظمة التحرير، بالتالي هي لم تنطلق كجزء من الحركة الوطنية، وإنما جاءت كجزء موازٍ للحركة الوطنية، هذا تاريخ حماس منذ أن انطلقت حتى تاريخه، لم تكن يوماً من الأيام في أي شكل من أشكال العمل الفلسطيني الموحد، حتى في الانتفاضة الكبرى كانت كل إضراباتها وانتفاضاتها ومواعيدها مستقلة، لها بيانات خاصة لم تكن جزءا من القيادة الوطنية الموحدة، لم تكن جزءا من قيادة العمل الوطني الفلسطيني، فانطلقت حماس من أجل أن تكون موازية، حتى الآن هي موازية، كادت أن تصبح بديلا في ظل حكم صعود الإخوان في مصر وفي المنطقة بشكل أو بآخر، ومن يعود إلى تصريحات الإخوان المسلمين وحركة حماس وخالد مشعل عن التمثيل الخارجي والدبلوماسي ما قبل سقوط الإخوان فقط بثلاثة أشهر، كان يدرك أن هناك مخططا تركيا قطريا لاعتبار حماس  ممثلا رديفا إلى أن يصبح ممثلا بديلا، لذلك المفاوضات الآن هي لتكريس هذا الموضوع وهي لخطف المكاسب السياسية للشعب الفلسطيني الذي تحققت خاصة نهاية تشرين الثاني 2012، والأهم من ذلك إنهاء أي أمل لدى الشعب الفلسطيني أن لديه قيادة وطنية لسنوات قادرة أن تقوده إلى تحقيق حلمه السياسي، وخاصة أنه كان لديه أمل أن يتحول القرار الأممي في 2012 إلى أن تعلن القيادة الفلسطينية والرئيس عباس، كما وعدنا شخصياً على الأقل، أن يعلن دولة فلسطين دولة تحت الاحتلال، ويلغي كل مظاهر السلطة، وتنتهي المرحلة الانتقالية، ويطالب العالم لاحقاً بتحرير فلسطين من الاحتلال وفقاً لميثاق الأمم المتحدة الخاص بالفصل السابع وهذا حق له، هذا كان التقدير، جاءت أميركا وإسرائيل وأنهت هذا الأمر، فحتى من باب التذكير الإعلامي لم يعد مطروحا، لا هو ولا المحكمة الجنائية الدولية وهي مطاردة جرائم الحرب ومحكمة لاهاي، فما زال تقرير جلدستون حياً، بالتالي هم نجحوا بشكل أو بآخر، الآن لا يوجد أحد مع المنظمة ولا مع السلطة، كنت أتوقع أن يقدم أبو مازن على إعلان سياسي يعتبر أن الأردن ومصر على الأقل جزء من الحالة التفاوضية الأردنية وأنه لن يقدم على أي عمل تفاوضي إلا بالاتفاق المسبق مع هذه الدول حتى يستطيع المواجهة، لكنهم سحبوه وأخذوه، بالتالي كسروا وحدة العلاقة الفلسطينية مع الدول العربية، وأعتقد أن هذا بالنسبة لأميركا وإسرائيل مكسب تاريخي خاصة في ظل حالة التمرد العربي والحراك العربي والذي هو عملياً سيؤدي خلال فترة وجيزة إلى كسر المشروع الأميركي الذي بدأ عملياً ينكسر بشوكة الثورة المصرية في 25 يونيو و30 يونيو.
- الدستور: ما المخرج أمام الشعب الفلسطيني خلال السنوات القادمة؟ وهل مشروع الدولتين ممكن أن يقوم على الأرض واقعياً بعد مصادرات الأراضي، فماذا بإمكان الشعب الفلسطيني أن يفعل في هذا التوقيت؟.
** عصفور: أكثر ما يستطيع الشعب الفلسطيني أن يفعله، وهو أسهل مما تتوقعون، فقط أن يعود أبو مازن إلى قرار الأمم المتحدة، يعلن معه ما صدر، بأن دولة فلسطين حق الفلسطينيين، حددت حدودها وعاصمتها ولا تعترف إطلاقاً بأي مظهر من مظاهر الاستيطان من عام 1967 حتى تاريخه، كله بالنسبة للأمم المتحدة باطل، فيستطيع أن يصدر مجموعة مراسيم، المرسوم الأول إعلان دولة فلسطين دولة تحت الاحتلال، المرسوم الثاني إنهاء المرحلة الانتقالية وكل أشكال العلاقة مع إسرائيل الناتجة عن اتفاق أوسلو ما لم تلتزم إسرائيل بالاعتراف بالرسائل المتبادلة بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية وما ينتج عنها، لأن منظمة التحرير وفقاً لاتفاق أوسلو هي الممثل الشرعي، المنظمة الممثل الشرعي أخذت حق دولة فلسطين، بالتالي إسرائيل ملزمة بالاعتراف بدولة فلسطين وفقاً لاتفاق الاعتراف المتبادل، هذا قانوني وسياسي.
بالتالي إلغاء السلطة بكل أشكالها، وإلغاء الفترة الانتقالية مع الاحتلال، وإعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال تعطي طريقا لإعادة المكاسب، وتعطينا طريقا لإجبار العرب بأن يتعاملوا مع المسألة بمنطق آخر، وأبو مازن يستطيع أن يذهب إلى الأمم المتحدة ويطالب بحقه بالبند السابع.
- الدستور: تحدثت عن أوسلو أنه إنجاز، وقلت بأنه لأول مرة في الفكر الصهيوني تعترف بأرض وبفلسطين وبالقدس، لكن بالمقابل الأمر عكسي، فالشعب الفلسطيني هو صاحب الأرض وصاحب القضية وصاحب الولاية هو الذي تنازل واعترف بإسرائيل بأنها تملك الأرض وغير ذلك، فنعتقد أن الصورة معكوسة.. ثانياً ماذا يمكن أن يتحقق من خلال جولات كيري، فهذه ليست أول جولة لكيري؟.
** عصفور: عادة في الصراع دائماً عندما يكون هناك قوى، غالبية العالم باتجاه وأنت باتجاه، فيكون أمامك خياران، إما أن تتكيف مع هذا الموضوع أو أن تترك المسألة للأجيال، وبالتالي تندثر، إلى أن يأتي شخص في يوم من الايام بالصدفة ويحيي هذه القضية، القضية الفلسطينية لم تكن يوماً قضية فقط بيننا وبين إسرائيل، عندما فرض قرار التقسيم، كان من الممكن أن نقيم دولة على 44 بالمائة، فهذا احتمال، الآن إذا سألنا أي فلسطيني فكان سيقول بأنه كان من الأفضل لو قبلنا بقرار التقسيم، فلو كان في حينه لدينا قيادة سياسية قرأت التطورات الدولية لم ترتهن بقرار بأن هتلر ممكن أن ينتصر فحتماً لم تكن لتصل إلى هذه النتيجة، في السياسة هناك حسابات دولية، بالتالي كنا أمام واقع إما أن نقبل التقسيم أو نقبل نتائج الكارثة السياسية، فأخذنا الطريق الآخر وهو الكارثة السياسية.
دعوة مدريد جاءت مستغلة حصار منظمة التحرير في حينه، المفروض عليها ما بعد الانتفاضة، بدأ الحصار على المنظمة في 1989 عربيا ودوليا، لأن الأميركان كانوا غير معنيين تماماً بأن تأخذ الانتفاضة أبعادها، لذلك أقول بأنه حتى انطلاقة حماس لا آخذها عفوية إطلاقاً، ولكن عندما هزم العراق في عام 1991 وأدى إلى التدخل الذي حدث، اعتقدت أميركا بأنها يجب أن تعاقب كل من وقف معه، فاليمن دولة مستقلة وذات سيادة، ولديها كل شيء، أعطت للأميركان حقوقا لانتهاك السيادة اليمنية ما لم تحلم به أميركا، كان الدور على الفلسطينيين حيث اعتبرونا من بقايا صدام ويجب أن ندفع الثمن، فصمموا «مدريد»، وفقاً لرؤية دينس روس في عام 1988 في رؤية قدموها لجورج بوش عندما فاز، فأسموه بناء من أجل السلام، طرح فيها رؤيته وهي تطوير لرؤية ريغن في 1982 بعد هزيمة المنظمة في بيروت وإخراجنا، ريغن طرح الكونفدرالية على إطار حكم ذاتي، وأول مرة يطرح الكونفدرالية مع الأردن، لكن في إطار حكم ذاتي، دينس روس طور هذا المفهوم عام 1988 أن يكون لدينا قيادة مسؤولة عن إقامة حكم ذاتي فلسطيني كامل في الضفة الغربية وقطاع غزة مرتبطا كونفدرالياً بالأردن، بالتالي كان تصميم وشطب المنظمة وشطب أي فكرة لاستقلال الوطن الفلسطيني في حينه، ومع ذلك ذهب ياسر عرفات، فكان بإمكانه أن لا يذهب، فالتنازلات كانت كارثية، ويسلّم القضية لشخص آخر، مثلما حصل معنا في الـ48، سلمنا القضية للآخرين، فلم تعد قضيتنا، فمن عام 1948 إلى 1965 خرجت القضية من يد شعبنا وذهبت للآخرين، كان ياسر عرفات يستطيع أن يفعل ذلك، لكنه اختار طريقا آخر، فدخل مدريد وبدأ من داخل مدريد يعطي مؤشرات مختلفة عن مصممي الرؤية والهدف.
عندما كانت الانتفاضة الكبرى بهذا الوضع وحصلت انتخابات في إسرائيل، جاء حزب العمل، عمل الأميركان كل ما يمكن ليلغوا ياسر عرفات، وسألت بعدها لماذا أتوا إلى أوسلو، فأميركا لا تريد أوسلو، لأن تصميمهم هو شطب منظمة التحرير، شطب ياسر عرفات، المنظمة بهدفها وبميثاقها وبدورها وبمكانتها وبتاريخها وبهويتها وبكل ما تفعل، مشكلتنا مع إسرائيل أن العالم كله معترف بها كدولة، لكننا لغاية اليوم لسنا دولة، في عام 2012 حصلنا على لقب دولة مراقب رغم كل ما قمنا به بما فيه أوسلو، وأقول أننا قدمنا تنازلات تاريخية في أوسلو، تنازلنا عن 78% من أرض فلسطين، مقابل أن يبقى جزء من أرض فلسطين، هويته الفلسطينية، وهذا ما نص عليه.
اغتيال رابين، هل قامت الحركة الصهيونية باغتيال أهم رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل بعد بن غوريون، اغتالوه في وضح النهار بحراسة الشين بيت، وأميركا لم تجد غضباً عدا  أنها استنكرت ما قاموا به، وقاتل رابين الآن يتمتع بامتيازات لا يتمتع بها أي سياسي إسرائيلي حر، هل الاغتيال جاء فقط هواية؟! تم اغتيال رابين والغريب أنه اغتال رابين عندما بدأ يطبق أوسلو في الضفة الغربية وليس في غزة او أريحا، لأنه اعتبر أن هذه بداية التنازل عن أرض إسرائيل في ثقافتهم، قتلوه عندما اعتبروه أنه بدأ يتنازل عن أرض إسرائيل الكبرى، فكان لا بد من قتله، برأيي أنا عند اغتياله انتهت أوسلو، في عام 1996 جاء نتنياهو، لكن منطقياً كان يجب أن يأتي بيريز، لكن كيف جاء نتنياهو؟ باغتيال يحيى عياش ثم عمليات حماس، ثم رفض الأردن استقبال بيريز ونتنياهو، جاء نتنياهو، أنا في يونيو عام 1996 في وكالة رويترز في حينها أطلقت أول تعبير قلت بأنه لم يعد لدينا شريك إسرائيلي في عملية السلام، فإذا كان نتنياهو في عام 1996 لم يكن شريكا، فهل من المعقول أن يكون شريكا في 2013!.
- الدستور: مع احترامنا الشديد لدفاعك عن «أوسلو»، لكن برأينا أنها كانت كارثة للشعب الفلسطيني بعد الـ48 للأسباب التالية، كل ما تفضلت به والأوضاع التي تحدثت بها أمامنا الآن هي أوضاع جميعها سيئة، ولا يوجد شيء إيجابي فيها، من ناحية الرسالة «أوسلو» أفرغت القضية الفلسطينية من بعدها العربي الإسلامي، فهذا العتب على من قام بأوسلو..
ثانياً أنت تهاجم حماس أكثر مما تهاجم إسرائيل، من المسؤول عن الوضع الحالي الذي صار به الشعب الفلسطيني في أرض ليست دولة، ولأول مرة من تاريخ القضية الفلسطينية لم نرَ أن الفلسطيني يقتل الفلسطيني، كما حدث بين فتح وحماس، فهذه أول مرة نرى ذلك.
ثالثاً تحدثت عن أوسلو، قال جيمس بيكر في تصريح له ستحصلوا على أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة.. أوسلو كانت مصيدة وضعها العقل الصهيوني اليهودي والذي بعد ثلاث آلاف سنة عادوا وحققوا ما يريدون.. فأخطر أمر كان هو إفراغ القضية الفلسطينية من بعدها العربي، الآن رؤيتك للوضع الحالي، والقضية الفلسطينية إلى أين تذهب؟.


** عصفور: أنا لم أهاجم حماس، فمعظم كلامي ضد إسرائيل، لكن أنا قلت بان علينا أن نقف أمام انطلاقة حماس وتاريخ الانطلاقة وبقاء الانقسام، فهذا ليس هجوما.. لكن أيضاً حماس لم تكن جزءا من العمل المشترك، فحماس من عام 1987 ولغاية الآن لم تدخل في عمل مشترك. فحماس عندما انطلقت في عام 1987 انطلقت كحركة فلسطينية، وكان هناك قيادة وطنية موحدة من كل القوى الوطنية والشخصيات والمؤسسات إلا حركة حماس، حتى الجهاد الإسلامي كانت جزءا من هذا العمل. فإذا اعتبرتم ذلك هجوما فأنا أفتخر بهذا الهجوم، إنني أهاجم حركة ليست جزءا من العمل الفلسطيني الموحد، وأنها تعمل بشكل خاص ولجماعة خاصة، بالتالي الجماعة فوق الوطن، وأنا ضد الجماعة فوق الوطن، نحن حاربنا وقاتلنا وغضبنا عندما غنت فتح «أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها».. ماجد أبو شرار عضو قيادة فتح وقف وقال «أنا ابن فتح وهتفت لغيرها»..
 في 1987 عام الانتفاضة الكبرى كان الجميع يعتقد أن المنظمة انتهت، وفي نفس العام كانت المفاجأة الكبرى بانطلاق الانتفاضة الكبرى في شهر كانون الاول، فبعد محاولة شطب المنظمة جاءت الانتفاضة، في نفس العام، وبنفس العام انطلقت حماس، بالتالي من أراد أن يتخلى عن فلسطين ليس فلسطين ولم نعزل أنفسنا، أوسلو لم يكن عزلا للقضية الفلسطينية، بل كان تصحيحا لقرار لشطب القضية الفلسطينية.
أقول أيضاً أن تصفية عرفات وتصفية رابين لأنهما وقعا أوسلو ليس مصادفة، ياسر عرفات واجه إسرائيل في أول انتفاضة مسلحة ضد إسرائيل أوقعت 15 جنديا إسرائيليا قتيلا في هبة الأقصى عام 1996، ياسر عرفات حرّك كل الضفة الغربية من أقصاها إلى أقصاها في عام 2000 بعد كامب ديفيد، وياسر عرفات واجه الاحتلال منفرداً إلى أن استشهد، كيف عزل القضية الفلسطينية؟!.
عرفات في عام 1996 أعاد الانتخابات مباشرة، حيث حصلت الانتخابات للمجلس التشريعي وانتخابات رئيس سلطة في كانون الثاني 1996، أول انتفاضة مسلحة وشعبية ضد إسرائيل في عام 1996، والذي كان يقاتل إسرائيل هو ياسر عرفات، حماس ماذا كانت تفعل يومها؟! فحماس كانت تتآمر مع بعض الدول لإسقاط أوسلو، ياسر عرفات قاد كفاح أمة إلى أن اغتيل، أبو عمار تم اغتياله لأنه قام بتوقيع أوسلو، فمن اغتال أبو عمار ليس اليهود بل أميركا، ياسر عرفات تم القرار باغتياله رسمياً عندما غادرنا كامب ديفيد في تموز عام 2000، وعندما خرجنا من منتجع كامب ديفيد، وصلنا إلى فندق ريدس كارلتون خرج باراك في مؤتمر صحفي في كامب ديفيد يعلن فيه أن ياسر عرفات لم يعد شريكاً في عملية السلام، كان ذلك في شهر 7 من عام 2000.
في عام 1993 عندما أعاد ياسر عرفات كل من أعاد، أول حالة كيانية فلسطينية في التاريخ تشكّل باسم فلسطين هي السلطة الوطنية الفلسطينية، أول رئيس منتخب للشعب الفلسطيني هو ياسر عرفات، لم تعد القضية الفلسطينية أهواء بين هذه الدولة أو تلك، أصبح القرار الفلسطيني في داخل فلسطين وعلى أرض فلسطين، تصويبا لوضع تاريخي نشأ بالصدفة، فياسر عرفات أعاد الاعتبار، فكان لديه رهان تاريخي بأنه لا يريد أن يكرر ما حصل في عام 1947 بل أراد أن يخوض نضالا وطنيا فوق أرضه فلسطين، وكان مؤمنا ولن يتنازل إلا عن ما يستطيع أن يحتمله الشعب الفلسطيني، لذلك خاض أول معارك له في عام 1993 بتوقيع الاتفاق وما نتج عنه من تشكيل حالة كيانية وإعادة مئات الآلاف من الفلسطينيين من الخارج إلى الداخل.. أريد أن تعطوني إنجازا واحد حققته حماس للشعب الفلسطيني، مقابل كل ما حققه ياسر عرفات من إنجازات وتنازلات.
- الدستور: ذكرت أن المفاوضات عامل الضغط ممكن ان يتشكل على الأقل بعد ثلاث سنوات، عندما يتأسس ويتشكل محور عربي إقليمي قوي، لكن من يضمن نجاح تشكيل هذا المحور العربي؟.. ثانياً، ما الخيار أمام السلطة الفلسطينية، هل مثلاً تسليم مفاتيح الاحتلال، بأن يتحمل المحتل مسؤوليته وهل محسوبة نتائجها؟ هناك ربع مليون فلسطيني دخلوا مع أبو عمار ومع السلطة في عام 1993 الآن هؤلاء جميعهم موجودون على قوائم إسرائيلية وفي أية لحظة تعيدهم من حيث أتوا، فهل تعتقد أن الدول الكبرى المؤثرة على سياسة الشرق الاوسط ستسمح بتشكيل هذا المحور العربي القوي بحيث يكون فاعلا وضاغطا على إسرائيل، وهل من الإيجابية بمكان أن تسلم السلطة الفلسطينية أو تحل نفسها أمام هذا التعنت الإسرائيلي؟.
** عصفور: بالنسبة للدول الكبرى الوضع الآن اختلف، فعلى الأقل خلال عشرين سنة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أو تسليم غورباتشوف مفاتيح البلد للأميركان والغرب فالآن المعادلة اختلفت على الصعيد الدولي، فهناك تغير هائل قد لا نلمسه بشكل مباشر في الشرق تحديداً، لكن كل دول العالم تلمسه بأن هناك تغيرا حقيقيا في ميزان القوى على الصعيد الدولي، وأن هناك مكانة دولة تهبط مقابل مكانة دول تنمو، فهذه الدول تتكاتف وتتعاون فيما بينها، روسيا والصين والهند والأرجنتين والبرازيل، مجموعة الدول التي تتشكّل، معهم جزء من أوروبا، مقابل وضع أميركي أعتقد أنه في لحظات الكل يشعر بأن أميركا لم تعد ذات الأسنان الحادة، حتى بردة فعلها على خسائرها السياسية لا تزال مرتبكة أو لا يوجد لديها قوة، سواء على الصعيد الداخلي، الأزمة الاقتصادية الطاحنة، والأزمة السياسية التي رافقت الأزمة الاقتصادية، وما حدث في الكونغرس شيء لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، قصة الموازنة، فكل من له علاقة بالقرار الأميركي يدرك تماماً ما معنى هذه الأزمة التي تحصل، ما حدث في المنطقة من ضربات متوالية لإيقاف المشروع الاميركي الذي كانت تتصرف أميركا فيه وكأنه أصبح بكامل يديها، حيث بدأت عملياً بتطبيقه من احتلال العراق، كان بداية لتنفيذ المخطط الاميركي لتقسيم المنطقة. فمصر والسعودية وسورية كدول أساسية كان لا بد أن يتم تفكيكها بشكل أو بآخر، وبالتالي السماح لقوى إقليمية غير عربية، إيران وتركيا وإسرائيل، ثلاث دول كل دولة لها طائفة وهويتها الطائفية التي تبدأ بنشر الطائفية في المنطقة. موضوع نشر الطائفية ليس موضوعا جديدا، عام 1957-1958 الأميركان واليهود، بن غوريون هو الذي اقترح بأنه ليس بالاستطاعة هزيمة المشروع القومي التحرري لعبد الناصر إلا بالطائفية، هذا ما بنت كوندليزا رايس وكل مجموعتها عليه، فالفوضى الخلاقة هي نفسها الطائفية.
السادات عام 1971 أدخل بندا في الدستور المصري، المادة الثانية، لم يكن موجودا في تاريخ مصر، الإسلام دين الدولة ولكن المصدر الرئيسي للتشريع، أدخله لأنه كان هناك شيء قادم للمنطقة، وأدخل هذه المادة خدمة، فنلاحظ مصر دخلت عليها الفتنة الطائفية عندما جاء السادات واعادها مرة أخرى حتى يواجه القوميين، فسلاح السادات كان قوته، فهذه القوة ضد مشروع القوى التحررية القومية أو اليسار أو القوى الاشتراكية أو الناصرية. بالتالي هناك إمكانية لأن يحدث هناك قوى، وأقول بأن هناك تمردا على التبعية، فلا أقول عنه أنه مشروع تحرري تقدمي ديمقراطي، ولكن هناك تمرد على التبعية والهيمنة الأميركية، فدولة مثل السعودية لديها ما لديها من الموازنة، قادرة على أن تعيش بشكل محترم، أميركا أرادت أن تقسمها، بيان الملك عبدالله بعد ثورة مصر ليس بيانا من أجل مصر فقط، هو بيان من أجل السعودية أولاً، ولو قرأنا نص البيان فنجد أنه أول تمرد علني سعودي على موقف سياسي أميركي، يختلف حتى عن موقف الملك الراحل فيصل في عام 1973، فالملك فيصل لم يخرج بيانا، بل أخذ موقفا، دعم مصر والبترول، لكن الملك عبدالله أخرج موقفا سياسيا بأن السعودية قالت لأميركا لن نسمح.. والملك عبدالله الثاني قام بزيارة للسيسي وقدم موقفا، أيضاً الإمارات اصدرت موقفا علنيا في هذا الموضوع، وروسيا قامت بعمل إحياء لحالة التمرد الرسمي العربي مثلما قامت تونس بعمل حالة تمرد للشعب العربي، نحن أصبح لدينا تمرد شعبي وروسيا قامت بعمل تمرد للدول العربية، فهناك حالة تمرد.
أما أن الفلسطينيين لا يوجد لديهم خيار، فهذا غير صحيح، فلم تكن هذه الحالة جزءا من بأنه فقط خيار واحد، أنا لم أطرح حل السلطة، بل طرحت بأن السلطة تصبح دولة فلسطين، ولكن دولة محتلة، فهذا حق والأمم المتحدة أعطت هذا الحق، فهل إسرائيل تستطيع أن تقوم بترحيل ربع مليون شخص؟!.
الاتفاقيات ألغتها إسرائيل رسمياً عندما قالت بان السلطة ليست شريكا، كل الاتفاقيات المستخدمة لم تحترم منها إسرائيل بندا واحدا، ما هو الالتزام؟! التنسيق الأمني؟ التنسيق الأمني هو مقابل له وهو إعادة الانتشار، كل ستة أشهر تنسحب إسرائيل.
- الدستور: هل العرب بالنسبة لكم معضلة؟ فأولاً يكون هناك مفاوضات سرية كأوسلو، وبعد ذلك تعتبون على العرب أنهم عزلوا القضية عن محيطها، وبنفس الوقت قلت بأنه من 1948 إلى 1965 كان هناك فراغ ولذلك بدأ الفلسطينيون بالعمل ولم يريدوا أن يتركوا القضية لغيرهم، فماذا تريدون من العرب، وما موقفكم من العرب، ومن الأنظمة الرسمية العربية حتى تضغط الشعوب على هذه الأنظمة؟.. ثانيا: ألا تعتقد أن جميع المفاوضات التي قامت بها السلطة أعطت شرعنة لإسرائيل، ففي كل مفاوضات تأتي بتنازلات جديدة.. وهل تعتقد أن أبو مازن يملك الجرأة لإعلان دولة فلسطين دولة تحت الاحتلال؟.
** عصفور: نعود بداية للعرب في الأساس ماذا يريدون، نحن بالنسبة لنا معروف ماذا نريد، فمشروعنا عند العرب بالأصل، فلم نقدم يوماً مشروعاً مستقلاً عن العرب، منذ أن تأسست منظمة التحرير في عام 1964 وهي جزء من الحالة العربية، حتى عندما انطلقت فتح ثم الثورة الفلسطينية في عام 1967 كانت جزءا من الحالة العربية، والعرب ارتكنوا عليها، وفي عام 1973 كنا جزءا من العرب، حتى بعد الخلاف مع الأردن في أيلول اتجهت المسألة ليس إلى الصدام بالمعنى العام بل كيف يمكن أن نمنع الانقسام، حتى عندما ذهبنا إلى لبنان ذهبنا باتفاق عبدالناصر في عام 1969، نحن ذهبنا إلى لبنان قبل أيلول، وعندما ذهبنا إلى سورية النظام السوري سمح لنا بالجولان، فحافظ الأسد عرض علينا، وفي عام 1973 كنا جزءا من الحرب، كنا رأس حربة في الجولان، وكنا نقاتل في قوات عين جالوت، عندما طرح مشروع ممثل شرعي ووحيد لم يطرح ضد أحد، فهذا حق لنا كشعب فلسطيني، فهذا علني وليس سريا، لم نعزل عن العرب إطلاقاً، حتى في عام 1982 عندما تآمر بعض العرب علينا لم ننفك عن العرب، عندما قاد حافظ الأسد انقلابه وأول انشقاق رسمي وحصل هناك قتال في عام 1982-1983، في طرابلس والبقاع وفي دمشق، فكان أول انشقاق رسمي في المنظمة وما زلنا لليوم ندفع ثمنه، فهم من بدأ ضدنا، نحن في عام 1987 قمنا بعمل انتفاضة، لكن ماذا كان موقف الدول العربية من هذه الانتفاضة، هل احتضنت بالشكل الحقيقي؟ هل قدم لها ما يجب؟.
نحن لم نقم بعمل مفاوضات سرية وحدنا، العرب بدأوا مفاوضات مع أميركا في عام 1991، وأنا لا زلت مصرا أن هدف مؤتمر مدريد كان تصفية القضية الفلسطينية بوحدتها وبممثلها، والإبقاء على جزء منها، هو بالضبط استكمال لكامب ديفيد السادات،
أوسلو هو الذي كسر مؤتمرا متعدد الأطراف ومؤتمرا لتصفية القضية الفلسطينية، عندما قلب ياسر عرفات الطاولة عليهم، فبدأ كل نظام عربي يتنصل بطريقة أو بأخرى، نحن لم نبدأ مفاوضات سرية، نحن أطلعنا بعض الدول العربية، مصر بالتفصيل وتونس بالتفصيل، لكن لم يتم اطلاع الأردن على ذلك، وأنا لم أكن مع ذلك شخصياً، لاعتبارات كثيرة، فلا يوجد أمل لأي حل كامل دون الأردن، فنحن لم نخرج عن العرب بل هم الذين خرجوا عنا.
نحن لم نتخلَّ يوماً عن مسؤوليتنا، فلي مقالات كثيرة ومنشورة في جريدة الدستور عن العلاقات التكاملية بيننا وبين الأردن، وأقول بأنه لا يوجد حل للقضية الفلسطينية دون تفاهم أردني فلسطيني مصري في كل القضايا، نحن لم نبتعد يوماً عن مسؤوليتنا.
بالنسبة لسؤال هل أبو مازن يملك الجرأة لإعلان دولة فلسطين دولة تحت الاحتلال؟ أقول بأن أبو مازن يجرؤ وقادر ويمتلك كل شيء، وقد أصدر مرسوما وتحدث عنه في مؤتمر صحفي بأن هذه دولة تحت الاحتلال، فهو يجرؤ، لكن هل يستطيع أم لا فهذه قصة أخرى.
- الدستور: نستشف من كلامك، في ظل هذه المعادلة الموضوعية الكاملة المكسية بالفشل وعدم الثقة، نعتقد أننا قد نكون بانتظار انتفاضة كبرى داخل الضفة الغربية والأراضي المحتلة.
** عصفور: أقول قبل ذلك، أعتقد أننا أمام انتفاضة سياسية عربية، الانتفاضة الفلسطينية في الضفة وفي غزة قد تحدث في لحظة، في شهر كانون الاول عام 1987 لم يكن أحد يتوقع أن تحدث هذه الانتفاضة، حتى عندما اندلعت أو انطلقت كانت التمنيات أن تستمر إلى كانون الثاني بداية الثورة الفلسطينية، حتى تشبك الاثنتان مع بعضهما البعض لعل وعسى، فهناك مخزون كفاحي هائل، وكان السبب أن أربعة عمال دهستهم سيارة إسرائيلية في منطقة جباليا، فانطلقت الانتفاضة في غزة ثم اشتعلت في الضفة، واستمرت تقريباً عملياً ثلاث سنوات، آخر ثلاث سنوات بها إشكاليات كبرى، وأتذكر أن حيدر عبدالشافي في احدى زياراته إلى تونس قال بأنه يتمنى أن تتوقف هذه الانتفاضة، وقال مصطلحا أخطر، حيث قال «من يأتِ في الليل ليضرب باب فلسطيني كل واحد يسكن يتمنى أن يكون جنديا إسرائيليا» لأنه في الثلاث سنوات الأخيرة دخلت مجموعة عوامل حرفت مسارها، ولو ان الانتفاضة بقيت كما بدأت هزت العالم وكسرت هيبة إسرائيل، وكسرت أخلاقيات إسرائيل، وهذا جزء مهم حيث أجبر رابين لأن يأتي إلى أوسلو، ما حققته الانتفاضة الأولى في اول ثلاث سنوات كان عملاً تاريخياً، أول مرة شعب أعزل بالمعنى الحقيقي، كانت الانتفاضة قد أخذت بعدا مختلفا، كسرت هيبة إسرائيل أخلاقياً وسياسياً لأول مرة في تاريخهم، وهذا هم الذين قالوه، الاحتلال دخل بيت كل إسرائيلي في عام 1987.

اخر الأخبار