صدور الكتاب الثاني من "سيرة وطن سيرة حياة" للكاتب غازي الخليلي
تاريخ النشر : 2018-12-15 22:37

أمد/ رام الله: صدر قبل أيام عن مكتبة كل شيء-ناشرون، حيفا، الكتاب الثاني من السيرة الذاتية "سيرة وطن سيرة حياة" للباحث والكاتب السياسي غازي الخليلي، حيث يواصل في هذا الكتاب سرد روايته وشهادته عن حياة الثورة الفلسطينية المعاصرة منذ بداياتها الأولى حتى بديات مرحلة أوسلو وعودته إلى الوطن أواسط عام 1994، وكان الكتاب الأول "من أوراق العمر" قد صدر عام 2011 عن دار الشروق، والذي روى فيه جوانب هامة عن طفولته وأيام شبابه الأولى في مدينة نابلس، وعن تجربته وحياته الشخصية والسياسية عما عاشه وشاهده عن سنوات ما بعد نكبة العام 1948 وما تلاها من أحداث وصولا إلى اندلاع حرب حزيران عام 1967، وانطلاق الثورة الفلسطينية المسلحة وما ولدته من تداعيات وتطورات، وانتهاء بأحداث أيلول الدامية في الأردن عام 1970، حتى اعتقاله أواسط العام 1971، حيث مكث في معتقل الجفر الصحراوي في الأردن قرابة ثلاث سنوات، وقد سجل روايته عن تجربته الاعتقالية في كتابه "شهادات على جدران زنزانة" الذي صدر عام 1975. 
في هذا الكتاب الثاني يواصل روايته عن سنوات المنفي التي عاشها بعد خروجه من المعتقل قبل أسبوعين من اندلاع حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، حيث يقول في تقديمه للكتاب:
سنوات المنفى الــ 27 التي قضيتها خارج الوطن، كانت قاسية وزاخرة بالكثير من الأحداث والتطورات التي كادت تعصف بآمال وطموحات الشعب الفلسطيني في بناء كيانه الوطني المستقل على أرض وطنه فلسطين. 
كانت البدايات مع انطلاق حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة في أعقاب حرب حزيران 1967، قوية ومبشرة وباعثة للكثير من الآمال، والمبالغ فيها، أحيانا. ولكن نتيجة عوامل ذاتية وموضوعية سرعان ما انتكست هذه البدايات القوية، ولو إلى حين، بعد أحداث أيلول/سبتمبر الدامية عام 1970 في الأردن، واضطرار المقاتلين الفلسطينيين إلى مغادرة مواقعهم في الأردن، وإعادة تموضعهم في مواقع جديدة في جنوب لبنان، مواصلين كفاحهم من أجل حقهم المشروع في الحرية والاستقلال الوطني والعودة.
ويواصل الكاتب شهادته عن تجربة حركة المقاومة الفلسطينية في لبنان، بعد أن غادر إليها بعد خروجه من المعتقل بأشهر قليلة، ويقول: 
وفي لبنان حيث استعادت المقاومة الفلسطينية المسلحة زخمها وقوة فعلها، تعرضت لمحاولات من أطراف عربية ودولية من أجل تحجيمها، وتبهيت دورها في المعادلات السياسية التي ولدتها حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973 بنهاياتها غير الحاسمة، سياسيا وعسكريا. ومع نشوب الحرب الأهلية اللبنانية في نيسان/أبريل 1975، وجدت المقاومة الفلسطينية نفسها في خضم صراع طائفي لبناني بين القوى اليمينية اللبنانية المدعومة إسرائيليا، والحركة الوطنية اللبنانية بمختلف تشكيلاتها ومكوناتها. وشعرت المقاومة الفلسطينية أنها مستهدفة من هذه الحرب، مما اضطرها دفاعا عن وجودها وحقها في النضال ضد عدوها القومي إسرائيل، للدخول في صراعات عسكرية وسياسية، ضد أطراف يمينية لبنانية، وعربية متواطئة، حتى كانت المواجهة العسكرية الكبرى مع القوات الإسرائيلية عام 1982، عندما اجتاحت لبنان بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية. 
وبعد صمود بطولي طال حوالي ثلاثة أشهر، اضطرت القيادة الفلسطينية إلى الموافقة على مغادرة المقاتلين الفلسطينيين مواقعهم في لبنان، وإعادة تموضعهم في العديد من البلدان العربية، مما خلق واقعا جديدا وظروفا موضوعية جديدة، دفعت بانتقال مركز الثقل النضالي الوطني الفلسطيني إلى داخل الوطن الفلسطيني المحتل حيث الخزان البشري الفلسطيني الأكبر، والمنخرط في مواجهة يومية وميدانية مع الاحتلال الإسرائيلي. وبعد سنوات قليلة انفجرت الأوضاع في الداخل ضد الاحتلال الإسرائيلي في انتفاضة شاملة وقوية في 8/12/1987، مما خلق واقعا نضاليا جديدا مكن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية من أن تعود مجددا إلى المشهد السياسي العربي والدولي بقوة، بعد محاولات من أطراف عربية ودولية لتهميش دورها وحضورها السياسي. 
ويواصل الكاتب روايته في سرد ابرز الأحداث والتطورات السياسية التي أعقبت اندلاع الانتفاضة الوطنية الكبرى بما في ذلك عقد الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني وإعلان وثيقة الاستقلال والدولة وطرح مبادرة سلام فلسطينية بعقد مؤتمر دولي بمشاركة منظمة التحرير الفلسطينية بالاستناد إلى قراري مجلس الأمن رقم 242 و383، وما ولده ذلك من تداعيات سياسية حاولت القيادة الفلسطينية استثمارها للوصول إلى حل سياسي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يضمن حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال الوطني وقيام دولته الوطنية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس. ويقول الكاتب في تقديمه للكتاب بهذا الصدد: 
الحراك السياسي والديبلوماسي الذي بادرت إليه القيادة الفلسطينية لانتزاع حقها المشروع في الحرية والاستقلال الوطني للشعب الفلسطيني، استنادا الى الوقائع الجديدة التي ولدتها الانتفاضة الكبرى، لم يحقق النتائج المرجوة، حيث أن جملة من العوامل الذاتية والموضوعية التي طغت على المشهد السياسي في المنطقة والعالم بعد الانتفاضة (حرب الخليج الثانية وانهيار المعسكر الاشتراكي وغيرها من الأحداث)، دفعت القيادة الفلسطينية إلى التسرع في التعاطي مع خيارات سياسية صعبة ومؤلمة، غير واضحة المعالم والنهايات المحددة، ممثلة بما بات يُعرف باتفاق "أوسلو" الذي جرى توقيعه في واشنطن في 13/9/1993. 
ويقول الكاتب في تعريفه بكتابه:
كتابي "سيرة وطن سيرة حياة" هو روايتي أو سيرتي الذاتية، والتي هي خليط من سيرة ذاتية وسيرة لحياة وطن وشعب، عن هذه المرحلة الهامة من تاريخ الشعب الفلسطيني ومسيرته النضالية، والتي جاوزت العقدين من السنوات (1973-1994). وهي مرحلة زاخرة بالأحداث والتطورات التي عشتها، شاهدا ومشاركا في بعض أحداثها وتطوراتها، سواء من موقعي كباحث وكاتب سياسي، أو من موقعي القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لحوالي عشر سنوات.
يشتمل الكتاب على عشرة فصول أو عشرة عناوين رئيسة، يندرج تحت كل منها عدد من العناوين الفرعية. 
تضمن الفصل الأول سردا مختصرا لبدايات انبعاث الوطنية الفلسطينية ونشوء منظمة التحرير الفلسطينية، وصيرورتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وذلك تمكينا للقارئ الذي لم يعش تلك المرحلة، استيعاب ما جرى خلالها، والعبور منها إلى الأحداث اللاحقة التي تبلورت وتكونت وفقا لها، الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي عشتها وشكلت جزءا هاما من حياتي وسيرتي الذاتية.
الفصل الثاني "خواتم مقدسية" هو روايتي لقصة حب جميلة عشتها خلال وجودي في المعتقل، آثرت أن أرويها بتفاصيلها، حيث كانت الأمل الذي ظل يشدني إلى الحياة، والمشعل الذي أضاء ليالي سجني الطويلة.
الفصول الأخرى (3_10) عبارة عن سرد مفصل لسيرتي الذاتية من منظور الأحداث التي عاشتها الثورة الفلسطينية بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر (الحرب المهدورة)، وتداعياتها العديدة على الوضع الفلسطيني والأوضاع في المنطقة بشكل عام. وذهابي إلى لبنان، حيث شهدت وعاصرت الحرب الأهلية في لبنان، وشاركت في الحوارات الفكرية والسياسية التي شهدتها تلك الفترة حول تطوير الفكر السياسي الفلسطيني وصولا إلى البرنامج السياسي المرحلي عام 1974، ومن ثم عملي في مركز الأبحاث الفلسطيني (1974-1978)، وإنجازي لعدد من الدراسات والأبحاث والكتب، منها كتابي حول "المرأة الفلسطينية والثورة" وانتمائي بعد استقالتي من المركز إلى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أوائل العام 1979. ثم الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان والمقاومة الفلسطينية عام 1982، وتداعياتها العديدة، ثم ما أعقبها بعد سنوات قليلة من اندلاع الانتفاضة الوطنية الكبرى في الأرض المحتلة أواخر العام 1987، والتي شكلت مرحلة جديدة وهامة من حياة الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وصولا إلى اتفاق أوسلو (13/9/1993) وعودتي إلى الوطن.
وينهي الكاتب روايته في هذا الكتاب بسرد تفصيلي لإجراءات عودته وعدد من الرفاق يوم 14/7/1994 كما سجلها في دفتر يومياته بعد يومين من عودته، وما ولدته في نفسه من مشاعر وإحباطات، ويختمها بقوله:
عدنا وفي وجدان كل منا حلم عاش معه وبه سنين طويلة، وكلما تعمقنا في أرض الوطن كان الحلم يخبو، ونحن نشاهد المستوطنات على طول الطريق. وأدركنا كم هي الهوة واسعة بين الحلم والواقع، بين وهج الحلم ومرارة الواقع، وشعرت كأننا دخلنا مصيدة أطبقت علينا جدرانها. ولكننا عدنا، ومن على أرض الوطن سنحاول أن نكمل المشوار. 
وفي النهاية يقول الكاتب: آمل أن يسعفني الزمن لتكون لي عودة أخرى، لسرد شهادتي وروايتي عن مرحلة "أوسلو، "البدايات والمسار الصعب".