الدقة و الموضوعية أهم خصائص بحث الدولة المارقة للمحقق الصرخي
تاريخ النشر : 2018-10-12 10:58

شهدت العصور الأولى للإسلام ظهور العديد من الحركات التطرفية التي اختارت لها الإرهاب و التكفير منهجاً ترفعها شعاراً لها حتى عدتها الطوائف الإسلامية بالمارقة عن الإسلام كمروق السهم من الرمية، فعاثت الفساد في البلاد، و العباد، فمنذ ذلك التاريخ، و هي تتخذ من العنف الطائفي، و التكفير بضاعة لها تسعى لفرضها على الآخرين، ولو بقوة السيف، و اليوم فلا زالت تتبع ذات المنهج فجاءت تحت مسمى داعش لإحياء هذا الخط الذي حذر منه النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) سابقاً الذي واصل تألقه في بحث الدولة المارقة لشيخ المحققين الصرخي الحسني الذي امتاز بخصائص عدة قلما نراها في البحوث التي أغنت الساحة العلمية بثرائها العلمي اليوم ، وهذا البحث القيم للمحقق الأستاذ قد أصبحت موضع اهتمام الباحثين، و مادة دسمة لمراكز الدراسات التاريخية، و دور العلم لما أحدثته من قفزة نوعية في العقل الإنساني، و صناعة القاعدة الثقافية عند الفرد المسلم، وهذا ما تطرق له الدكتور غسان البهادلي في بحثه الموسوم ( خصائص بحث الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول صلى الله عليه و آله و سلم ) حيث كشف عن خصائص التي تفرد به هذا البحث عن باقي البحوث التي شهدتها الساحة العلمية، وفي مقدمتها خاصية الهدف، فإن كل بحث مهما كان اتجاهه لابد، و أن يتضمن هدف منشود من وراء تأليفه، فهو من جهة يهدف إلى كشف حقيقة ما تحمله داعش من مفاهيم، و أفكار تخالف توجيهات ديننا الحنيف، و كذلك تبيان حقيقة الأيديولوجيات التي تحملها في جعبتها الفاسدة، و التي ساهمت في تأصيل التكفير، ومن جهة أخرى فقد أسهم في تقدم عجلة الإسلام إلى الأمام خاصة في قضاياه المصيرية منها أن اختيار النبي، أو الإمام يكون من قبل السماء، و بشكل حصري، وهذا يكشف حقيقة منهج شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يقر بمشروعية اختيار الأمام من قبل الغزاة و أعداء الإسلام، و المسلمين، وهذا ما يؤكد أن قضية الإمام هي حقيقة قرآنية بحتة ؛ لأنها من اختيار السماء، أما الخاصية الثانية هي قوة البحث التي يتحكم بها عاملي وجود الأساس النظري الذي يرتكز عليه البحث في تطور فرضيته، و هي تتعلق بماهية الأفكار التي يتمسك بها التكفيريون، وعلى أساسها يقتلون الناس، و يسبون النساء، و يسرقون الحقوق فهل هي أفكار النبي، و أهل بيته، و صحبه الكرام، و خلفائه الراشدين، أم هي أفكار أئمة المذاهب الأربعة، أم هي أفكار الشيخ ابن تيمية ؟ أما العامل الآخر هو وجود خطة بحثية مبنية على أسس البحث يسعى من وراءها لتحقيق هدف البحث، و بشكل سلس، في حين أن الخاصية الثالثة هي الدقة، و الثقة في تناول المصطلحات، و المفاهيم في الدراسة، ومنها دقة النتائج، و دقة الردود، و الدقة في إلزام المقابل الحجة، و اختيار المصادر، و المراجع، و تفسير وجهة نظر المقابل، وكشف اضطراب دعاة التكفير، و تناقض أقوالهم مع المرتكزات الأساسية القرآنية النبوية الشريفة، والنصوص الدينية، و أقوال أهل البيت، و الصحابة الكرام، و أئمة المذاهب الأربعة، أما الثقة فهي واضحة المعالم في الدراسة من حيث تطابق الدراسة مع النتائج الخارجية الفعلية التي توصل إليها البحث، أما الخاصية الرابعة فقد تركزت على موضوعية الدراسة، و فقد تمتعت بموضوعيتها في جميع مفاصلها كونها تعتمد على الأدلة، و القرائن، و الحقائق المحيطة بالمشكلة البحثية، ومن دون تيحزات، و لا أهواء، و لا مصالح شخصية، ولا طائفية، فتكون النتائج علمية موضوعية بغض النظر عن المؤثرات الخارجية، وهي تمثل النهج الرسالي الصحيح في التعامل مع البشر سواء كانوا مسلمين، أم غير مسلمين، ومن دون تكفير ولا إرهاب، ولا عنف، ولا تهجير، ولا مصادرة للحقوق، و الحريات، و لا الفكر، و المعتقد مع ضرورة احترام جميع الآراء، و جميع الأديان، و جميع المذاهب، و المعتقدات إضافة إلى التأكيد على الرجوع للعقل، و الحكمة، و الأخلاق الإنسانية في معاملة الآخرين إضافة إلى إلزام المقابل الحجة، و بتجرد تام، ومن دون أي ميول، و ذلك من خلال الرجوع إلى كتب دعاة التكفير أنفسهم، ومنها كتب الشيخ ابن تيمية، ومناقشتها، و للموضوعية تأثير بالغ على تعميم نتائج البحث، فكلما كان الباحث محايد، و ابتعد عن التمسك بوجهة نظره الشخصية مقابل الأدلة و القرائن، و المرتكزات العقلائية في بناء الأحكام، و تفسير النتائج كلما أتاح ذلك فرص أكبر بوضوح عدم تؤثر نتائج البحث بشخص الباحث، وهذا ما تميز به بحث الأستاذ المحقق ) حقيقة أن هذا البحث جدير بأن تطلع عليها الأجيال، و تهضم ما فيها من دراسات معمقة ذو فائدة لا تقدر بثمن، و حري بنا أن نكون في طليعة من ينهل من معينها الذي لا ينضب لنتسلح بسلاح العلم، و الفكر الرصين، ونكون على أتم الاستعداد لمواجهة الفكر بالفكر، و الدليل بالدليل لا بقوة السيف كما ذهب إليه الكثير فكانت النتائج سلبية عكس ما كان مرسوم لها .