يصارعون الموت .. في عيشة أقسى من الموت
تاريخ النشر : 2018-04-17 02:09

قضيتنا أصبحت في طور الهرم والشيخوخة ، إنساننا رخيص مهان ليس له قيمة، هل أنصفنا أسيرنا الفلسطيني الذي يقبع في غياهب سجون الاحتلال؟ هل أوفيناه حقه؟ هل قدمنا له الواجب المفروض أن يقدم لأسير الحق والحرية..؟!

الأسرى هم جرح فلسطين الذي ما زال ينزف، هم أملنا، وبارود الثورة .. هم الذين قدموا شبابهم ، وضحوا بحريتهم من أجل الدفاع عن حقوق الوطن وكرامته.

منذ اللحظة التي وطئت فيها أقدام المحتل الغاصب أرضنا ومقدساتنا، والشعب الفلسطيني يتعرض إلى مسلسل من الإذلال والإهانة، وقد شكلت سياسة الأسر والاعتقال محوراً رئيسياً لهذا المسلسل ، ومنذ ذلك الحين وأسرانا في السجون يتعرضون لعمليات التنكيل والابتزاز والحرمان والانتهاك الصارخ لإنسانيتهم ومنعهم من أدني حقوقهم المشروعة لهم كأسرى، وما هي إلا إهانة لكل فلسطيني رضي أن يعيش حراً يتمتع برغد العيش وإخوانه يقبعون خلف القضبان.

وما كانت ديمومة القمع هذه إلا ترجمة للحقد اليهودي والعجرفة الصهيونية والممارسة اللاانسانية بحق شعبنا .. وكشف باستمرار عن الوجه الكالح للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

إن قضية الأسرى والمعتقلين التي ما زالت بعيدة عن الحل الشامل، تشكل بوصلة قياس مدى رضى أو عدم رضى الجماهير عن أداء الحكومات وعن الجهود التفاوضية أو المقاومة الفلسطينية حيث إن العدو يتخذ من هذه القضية ورقة ضغط وابتزاز للحصول على تنازلات وفرض للمواقف،  فهي تلقي بظلال من اليقين على عدم مصداقية المحتل في احترام الحقوق الفلسطينية، او حقوق الإنسان.

إنها القضية التي تمس أكبر قطاع من جماهير الشعب والتي في غالبيتها ممن يضحون ويناضلون لأهداف شريفة بعيدة عن أية أغراض أو أهداف شخصية ، فهي قضية من أهم المبادئ والثوابت التي يجب أن يرتكز عليها أي مشروع تحرر وطني ، ويجب أن تكون مركز اهتمام كل حر وشريف ومبعث نشاط لكل ضمير حي.

إن حالة الأسرى في السجون الإسرائيلية تسير من سيء إلى أسوأ ، فمنهم من يوشك على الموت داخل السجون لتدهور حالتهم الصحية ، ومنهم من في حالة إعاقة تامة حيث لا يستطيعون القيام بمتطلباتهم إلا بمساعدة زملاءهم.

ورغم ذلك يأتي الترويج الإعلامي ليظهر وكأن الإفراج عن أسير فلسطيني هو منة من الاحتلال تعطيها متى تشاء وفي الظروف التي تشاء، أو ورقة رابحة لاستعطاف الشعب من قبل المجتهدين .

فماذا فعلنا لهذا الأسير في دروب الحياة ، لا يعرف هدفاً يسعى إليه ، لا كياناً كريماً يعول عليه، يغالب الموت ليعيش عيشة أقسى من الموت، يسعى إلى الحياة بأجسام فقدت نضارة الحياة ، كبل بالحديد وأرهن بالتعذيب ، وسيق إلى الموت مدرجاً بدمائه ، أو استبقى للذل يمتحن في دينه وكبريائه ، وقد تعرض أطفاله للتشريد ، وشيوخه للجوع والقهر والشوق.

إننا وإذ نقدر جهود كل اللجان والمؤسسات المتنوعة لدعم الأسير الفلسطيني وتبني قضاياه المختلفة، إلا أن التقصير موجود ، والجهود غير كافية لإنصاف هذا الجسر الذي نعبر من خلاله نحو الوطن.

أين أنتم يا زعماء ورؤساء أحزاب وقادة العالم الإسلامي والعربي .. أين أنتم يا قادة العمل الفدائي .. أين أنتم يا مشايخ وأئمة المسلمين في المعمورة .. أين أنتم يا أمناء الجامعة العربية (الفتية ..!!؟) أين خطواتكم على الطريق، فالمسألة لا تحتمل المشاورات والاتصالات المطولة، والاختلاف على نقاط شكلية وثانوية دون جدوى أو نتيجة، فلقد ضاقت القلوب والسكنية تسافر فينا وأنتم تغالبون الآلام وتنتظرون الآمال وتحرصون على مصالح بعيدة كل البعد عن المشروع الوطني،  اتخذوا الخطوات الجادة لإحياء أسرى نبذهم الزمان والمكان وأرغموا أن يذوقوا في مرارة المأساة حلاوة الرحيق المختوم.

إن الإفراج عن الأسرى جميعاً مطلباً إنسانياً عادلاً ، ولا تنازل عنه ولا يسقط بالتقادم مهما كانت الظروف والضغوطات، ولن يكون هناك سلام ما دام أسير واحد يقبع في سجون الاحتلال .

إننا في أرجاء الوطن، ننحني إجلالاً وإكراماً لجميع معتقلينا الذي يعيشون ظروفاً قاسية، ونخلد الذين استشهدوا أثناء الاعتقال ونحيي بكل فخر كل واحد منهم مهما كان انتمائه السياسي والفكري.

فمهما قدمنا لهم وكتبنا عنهم فسنبقى مقصرين أمام العطاء العظيم الذي منحوه لهذا الوطن فكل الاحترام لكم يا معتقلينا الأشاوس.

وصبراً على ظلمة السجن وقسوة السجان فإنها ضريبة الكرامة قد اختاركم الله لدفعها عن أمتكم وشعبكم ، واعلموا أن  الليل وإن طال فإن الفجر آت وأن الغد لكم وأن الأيام دول ..