يوم الأسير الفلسطيني ومسيرة العودة
تاريخ النشر : 2018-04-17 01:13

للعلم هناك أكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني مقيدين ومقهورين ومبعدين عن أحب الناس إليهم، تُمنع عنهم الحرية وتُكبل أحلامهم قبل أجسادهم، وهل الإنسان إلا حرية يتنفسها وأحلام يعيشها واقعاً في قلبه قبل مكانه؟!

ستة آلاف أسير يسامون سوء العذاب، فكل واحد منهم هو نفسٌ بشريةٌ تتنفس تأكل تنام تتألم تتعذب في كل لحظة، فهم ليسوا أرقاماً صماء نرصدها ونوردها في تقاريرنا، فوراء كل أسير قصة وزوجة وأطفال وإخوة وأخوات يشتاقون للحظة يقضونها معه، وهناك آلاف القلوب المكوية لأمهاتٍ يتجرعن آلام الفراق والاشتياق مع شمس كل صباح، فكيف حال شعب يحمل هذا الهمَّ على ظهره ويحتمل هذه المعاناة الجماعية والفردية؟!

يوم الأسير وحده لا يكفي، إلا أنه صرخة تخرج من شعب تعود أن يكتم صرخاته ويخفي جراحاته، لأن مشواره طويل ونكبته متجددة وآلامه تشبه آلام المسيح عليه السلام، ووطنه كسفينة نوح يحمل فيها الناجين من غرق الشيطان الصهيوني اللئيم.
يومٌ واحدٌ لا يكفِ لنعبر عما بنا من هم تجاه أسرانا، وإنما هو هزةٌ لهذا المجتمع الدولي الظالم، النائم الساكت أمام قضايانا ومظلوميتنا وقسوتنا واقعنا ومعاناتنا المتجددة مع كل يوم، فيوم الأسير لغة يفهمها العالم الذي جعل لكل قضية يوماً، ونحن قضايانا نتجرعها مع كل نفس نتنفسه.
إن قضية الأسرى هي قضية إنسان، والإنسان هو الوطن وتحرير الأسرى هو تحريرٌ للوطن، وإن صَمتنا وسكتنا على ضيم أسرانا ومعتقلينا فنتحمل جميعنا المسؤولية، لهذا علينا استنفار كل طاقاتنا وجميع أيامنا ودقائقنا لجعلها يوماً للأسير ونصرة له.

علينا بنشر صورهم وأسماءهم وأسماء أبنائهم وأمهاتهم وتفاصيل حياتهم ليعرفها كل كائن على وجه هذا الكوكب وبجميع اللغات، إن قصتنا أيها الناس قصة إنسان يبحث عن وطن حتى وإن كانت زنزانة موت وألم، فعلى شعرائنا أن ينشدوا وجدان الأسير ولوعته، وعلى أدبائنا نشر قصصهم وحكاياتهم برواياتٍ إبداعيةٍ لنقشها في الضمير الإنساني، ومهمة مخرجينا وممثلينا أن يجسدوا لحظاتهم بأفلامٍ سينمائيةٍ محترفة، لتعبر عن جزءٍ من واقع معاناتهم المستمرة.
أعرف أن الاحتلال لن يسمع صراخنا إلا إن تذوق الألم نفسه، وإن تجرع جنوده معنى الأسر والتغييب، وهذا ما حدث في صفقة وفاء الأحرار حينما استجاب مُكرهاً لمطالب شعبنا ومقاومتنا، وعليه فإن جميع حملاتنا وإعلامنا وصراخنا وحديثنا سيفشل إن لم تتحرك البندقية، وإن لم نستطع أن نذيق الجندي الإسرائيلي ما يذوقه جمال أبو الهيجا وإبراهيم حامد وأحمد سعدات ومروان وعبد الله البرغوثي وحسن سلامة وإخوانهم الشجعان.

واليوم الأمل كل الامل بما تمتلكه المقاومة من أوراق وأسرى قادرة على أن تجبر الاحتلال الإسرائيلي على ان يفرج عن اسرانا من السجون، بصفقة تفرح كل بيت فلسطيني, كما أن مسيرات العودة المستعرة في غزة تحمل عبء وهم كل اسير في معتقلات الاحتلال, فعودة الانسان كعودة الأوطان.