دراسة: الدوافع الأمريكية وراء إعلان ترامب بشأن القدس
تاريخ النشر : 2018-03-04 10:25

مقــدمة:
لا شك أن إعلان الرئيس الأمريكي ترامب بشأن القدس واعتبارها عاصمة للاحتلال، ومن ثم اتخاذه قراراً بالعمل على نقل سفارة بلاده من "تل أبيب" إلى القدس لا يعتبر أقل خطراً أو مصيبةً من "إعلان بلفور" الذي منح اليهود وطناً قومياً في فلسطين قبل قرنٍ من الزمن.
وعلى الرغم من المكانة الخاصة للقدس لدى أصحاب الديانات السماوية الثلاث، وخاصة المسلمين؛ الذين تحتل القدس حشاشة القلب منهم فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم والسنة المشرفة فكانت جزءًا من عقيدة كل مسلم، وعلى الأخص للفلسطينيين منهم، والذين هم أصحاب الأرض الشرعيين.
وفي تحدي سافر للقانون الدولي، والمواثيق والمعاهدات الدولية، بل وللمنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، يأتي إعلان ترامب في صورة مستفزة وغير مقبولة من المجتمع العالمي الذي أكد على رفضها في كل من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
لذلك كان هناك ضرورة قصوى لمعرفة الدوافع وراء إعلان ترامب بشأن القدس، وتعتبر هذه الدوافع هي المشكلة التي ستناقشها هذه الورقة من خلال استخدام منهج تحليلي يناقش أبعاد المشكلة والتي نعتقد أنها ذات أبعاد ثلاثة تتمثل في النقاط التالية: ـ
البعد الأول: الدافع القانوني: والذي يناقش القانون الأمريكي الذي أصدره الكونغرس الأمريكي بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في العام 1995 وفرض على الرؤساء الأمريكيين تنفيذ ذلك الأمر، ولكن هل يستطيع هذا القانون تحدي القانون الدولي العام وقرارات المجتمع الدولي؟ 
البعد الثاني: الدافع السياسي: وهو يتعلق بطبيعة المجتمع السياسي الأمريكي الذي قام على إفناء الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا، والعلاقة المتجذرة مع اللوبي الصهيوني المسيطر في الولايات المتحدة وعلاقاته مع الحزبين داخل الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم تأثيره على الانتخابات الأمريكية، وكيف شكل ذلك دافعاً لقرار ترامب.
البعد الثالث: الدافع الديني فهو يناقش تأثير الكنيسة الإنجيلية التي يخضع لها العديد من المسؤولين الأمريكيين والذين يؤمنون بوجوب ظهور المخلص في صهيون.
وتبرز الخاتمة ما ستكون عليه نتائج الدراسة في هذه الورقة، علنا نوضح حقيقة هذه الدوافع وأثارها التي قد تغير شكل العالم الذي نعرفه اليوم.
والله ولي التوفيق،
27 / 1 / 2018. أحمد طه الغندور








تمهيـــد:
لابد لنا كي ندرك حقيقة الدوافع التي حثت الرئيس الأمريكي ترامب إلى القيام بإعلان القدس عاصمة للاحتلال واتخاذه قراراً بنقل سفارة بلاده إلى القدس، أن نسعى إلى سبر أغوار الفكر السياسي الأمريكي الذي يرسم السياسة الخاصة بالولايات الأمريكية المتحدة.
ولعل أفضل توصيف للفكر السياسي الأمريكي ما جاء في كتاب رقعة الشطرنج الكبرى لمؤلفه زبغنيو بريجنسكي ﻤﺴﺘﺸﺎﺭ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﺍﻷﻤﻴﺭﻛﻲ ﺠﻴﻤﻲ ﻛـﺎﺭﺘﺭ، في الفترة ١٩٧٧ـ ١٩٨١ ﻭﻴﻌﻤﻝ ﺤﺎﻟﻴﺎﹰ ﻤﺴﺘﺸﺎﺭﺍﹰ ﻓﻲ ﻤﺭﻛﺯ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ، حيث جاء فيه: " إن الهدف النهائي للسياسة الأمريكية ينبغي أن يكون رؤيوياً وغير مؤذ، وهو تشكيل جماعة دولية متعاونة حقاً، بموجب التوجهات بعيدة المدى، والمصالح الجوهرية للإنسانية. لكن من المهم، في الوقت نفسه، ألا يظهر أي متحد أوراسي، ـ بمعنى أوروبي وأسيوي ـ قادر على السيطرة على أوراسيا وبالتالي يكون قادراً على تحدي أمريكا". 
وأضاف الكاتب: " على مدى العقود المتعددة التالية، يمكن لهيكل فاعل من التعاون العالمي المستند إلى الحقائق الجيوبولوتيكية أن يظهر ويرتدي بالتدريج عبأه " الوصي " الحالي على العالم، الذي يضطلع في الوقت الحاضر بعبء المسؤولية عن استقرار العالم وسلامه. إن النجاح الجيواستراتيجي في هذا الأمر من شأنه أن يكون التركة اللائقة لدور أمريكا بصفتها القوة العظمى العالمية الأولى، والوحيدة، والأخيرة." 
ما سبق يوضح بشكل جلي ما تقوم به الإدارة الحالية للبيت الأبيض، فبعد الحديث عن العزم في الخوض في غمار العملية التفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإنجاز ما يُسمى " بصفقة القرن "، نجد أن هذه الإدارة بعد أن حققت تفاهمات سياسية معينة في المحيط العربي سارعت بالتنصل من دورها المحايد كراعي للسلام وبدأت في العديد من الإجراءات التي تفرض واقعاً جديداً لإنهاء القضية الفلسطينية، وفرض نتائجه على الفلسطينيين من خلال ما أصبح يُعرف " بالحل الإقليمي " والذي بدأت أولى خطواته بإعلان ترامب بشأن القدس، وما تلاه من إجراءات بخصوص تخفيض الدعم الخاص بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا " والعمل على توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات، وبذلك يمكن فرض الحل الذي تراه الإدارة الأمريكية مناسباً من وجهة نظرها ووفقاً للرغبات الصهيونية، دون أي اعتبار للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ومن هنا يتبين لنا أن هذه الخطوة التي شرع بها ترامب بإعلان القدس عاصمة للاحتلال لم تكون خطوة عشوائية غير مدروسة، بل هي جزء من مخطط كبير يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل تام، ومما يندى له الجبين من خلال تواطؤ بعض الأنظمة العربية التي تسارع إلى ممارسة ضغوط كبيرة على القيادة الفلسطينية، وبصمت البقية الباقية من الدول العربية الأخرى التي تحاول أن تنئ بنفسها عن غضب " الكاوبوي الأمريكي " أو " الوصي " كما وصفه بريجنسكي.
إذن لا بد لنا الأن من مناقشة الدوافع التي قادت " ترامب " إلى اتخاذ هذه الخطوة الغير مسبوقة والتي تفوق في خطورتها " إعلان بلفور " كما سبق الإشارة.
ومن أجل معرفة حقيقة هذه الدوافع قمنا بتقسيمها إلى ثلاثة أبعاد وهي؛ البعد القانوني، والسياسي والديني، والتي نبدأ مناقشتها على الترتيب. 


البعد الأول: الدافع القانوني لإعلان ترامب: ـ
جاء إعلان ترامب حول اعتراف إدارته كون القدس عاصمة للاحتلال صبيحة يوم الأربعاء الموافق 6 / 12 / 2017 وحرص أن يصدر تعليماته بالعمل المباشر على نقل السفارة الأمريكية من " تل أبيب " إلى القدس، وبذلك يكون قد أعلن " قطيعة مع سبعة عقود من السياسة الأميركية نحو القدس وكان الكونغرس الأميركي قد تبنى بأغلبية كبيرة من الحزبين "قانون سفارة القدس" عام 1995 “ .
فما هو " قانون سفارة القدس " الصادر عن الكونغرس الأمريكي في العام 1995؟ وما هي دلالاته؟ وماهي الأثار المترتبة على هذا القانون؟
قانون أو تشريع سفارة القدس (Jerusalem Embassy Act) للعام 1995: ـ 
هذا التشريع أقرّه الكونغرس الأمريكي في دورته رقم 104 في 23 أكتوبر 1995، وفي عهد الرئيس بيل كلنتون حيث يُعبّر بصراحة عن رغبة الولايات المتحدة بنقل سفارتها لدى الاحتلال إلى القدس بدلاً من " تل أبيب "، والاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان الغاصب، وذلك في موعد أقصاه مايو 1999.
تم تفعيل التشريع في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 1995، بعد أن نال موافقة غالبيّة أعضاء الكونغرس الأمريكي. ولقد كانت نتائج التصويت 93 صوت مع التشريع مقابل 5 أصوات ضده في مجلس الشيوخ، بينما كانت النتائج 374 صوت مع التشريع مقابل 37 صوت ضده في مجلس النواب.
"ويزعم التشريع أن "إسرائيل" عملت على توحيد القدس بعد أن كانت مُقسّمة، كما يذكر أن القانون الدولي يكفل لكل دولة تحديد عاصمتها، وفي هذا السياق أعلنت "إسرائيل" منذ 1950 القدس عاصمة أبديّة لها، وجعلتها مقرًا لكل مؤسساتها الوزاريّة والإداريّة، وبينها مقر الرئيس والبرلمان والمحكمة العُليا، كما أنها مركز الديانة اليهوديّة، وتُعتبر مدينة مقدّسة بالنسبة لأعضاء ديانات أخرى. ولضمان تنفيذ القانون، فرض الكونغرس عقوبات على الجهات التنفيذيّة في حال فشلت في اتخاذ مثل هذه القرارات ضمن الموعد المذكور. 
وخلافاً للرؤساء الأمريكان السابقين، الذين استفادوا من " عذر التأجيل " للقرار كما بين القانون بالسماح للرئيس بتأجيل تطبيق القانون لفترة ستة أشهر لأكثر من مرة وفقاً لما يراه مناسباً بداعي حماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، إلا أن الرئيس الحالي قرر أن يتحدى العالم ويلجأ إلى تنفيذ القانون.
لكن من أجل أن يستوفي الموضوع حقه في البحث، علينا أن نسأل؛ هل كانت هناك خطوات تمهيدية أو أبعاد قانونية أخرى تم تناولها أو اتخاذها قبل إصدار قانون السفارة المشار إليه؟
من الواضح أن هناك خطوات أخرى سبقت إصدار التشريع المشار إليه أعلاه، ومما ورد نشره واشتهر في هذا الخصوص ما يلي: ـ
ـ على الرغم من خطوة الاحتلال ضم الجانب الشرقي من القدس سنة 1980، والتي لم يعترف بها العالم ومن ضمنهم الولايات المتحدة، لكنها أبقت على قنصليتها في القدس خلافاً لما قامت به الدول الأخرى من نقل قنصلياتها من القدس إلى "تل أبيب". 
ـ وقعت أمريكا مع "إسرائيل" في 19 يناير 1982، وتحديداً في اليوم الأخير لولاية الرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريغان، وثيقة خطيرة تتناول وضع القدس العربية المحتلة، وسميت هذه الوثيقة ـ"باتفاق إيجار وشراء الأرض"، إذ حصلت الحكومة الأمريكية بموجبها على قطعة أرض من أملاك الوقف الإسلامي والأملاك الفلسطينية الخاصة في منطقة غرب القدس المحتلة عام 1948 لبناء السفارة الأمريكية عليه.
ـ في العام 1990 أصدر الكونغرس الأمريكي قراراً بنقل السفارة من " تل أبيب " إلى القدس تقدم به زعيم الأغلبية من الجمهورين بوب دويل.
ـ صدور القانون الخاص بنقل السفارة أعقب توقيع اتفاقية "أوسلو" للسلام بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، والتي تمت برعاية أمريكية، والتي تنص في مضمونها على الالتزام بعدم المساس بوضع مدينة القدس، وتأجيل بحثها إلى ما يسمى بمفاوضات الحل النهائي.
ـ في العام 2002 وقع الرئيس الأمريكي جورج بوش الأبن قانوناً أقره مجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي ينص على أن "القدس الموحدة" عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.
ـ أما في فترة الرئيس أوباما، فقد قام الرئيس أكثر من مرة بإرجاء تنفيذ قرار نقل السفارة في محاولة لإبقاء على الدور الحيادي للولايات المتحدة في سبيل إحياء المسيرة السلمية.
إذن يتبين لنا الأن من خلال هذه الخلاصة، أنه كانت هناك خطوات تسبق القانون الحالي منذ الفترات الأولى للاحتلال، والتي لم يعطِ العرب والفلسطينيون لها بالاً بحجة أنها شأن داخلي أمريكي لا وزن على ساحة المجتمع الدولي وفي مواجهة القرارات الصادرة عن المؤسسات الدولية.
والسؤال الذي يجب أن يُطرح الأن على بساط البحث عن القيمة القانونية لهذا القانون الأمريكي وجملة قرارات الكونغرس التي سبقتها بالنسبة لفلسطين في ميزان القانون الدولي، هل لها من قيمة تُذكر؟
قانونياً، يمكن تصنيف هذا القانون والقرارات المتخذة من قبل الإدارة الأمريكية بأنها من قبيل القانون الداخلي أو الوطني، واختصاراً نقول " إن الغالبية العظمى من الفقه الحديث تسير على مبدأ سمو النظام القانوني الدولي، على الرغم من اختلافهم الفقهي النظري حول اساس إلزامه واولوية قواعده الاتفاقية والمتمثلة بالمعاهدات الدولية " على القانون الوطني.
ومن الواضح أن القضاء الدولي يقر هذا المبدأ قديماً وحديثاً، وقد تجسد ذلك في أكثر من صورة ، ومنها على سبيل المثال؛ ما تؤكده محكمة عدل الاتحاد الاوربي (محكمة لوكسمبورغ ) على نفاذ قانون الاتحاد (القانون الاوروبي ) والمعاهدات المنشئة له والقرارات التي تصدر من مختلف افرع الاتحاد في النظام القانوني الداخلي للدول الاعضاء فيها ولا تحتاج الى اتخاذ اجراءات قانونية معينة لتحويلها الى قواعد قانونية داخلية ومعنى هذا انها تسمو على كافة الانظمة القانونية الوطنية , وقد اكدت على ذلك ايضا المحكمة الدائمة للعدالة الدولية في قضية عرضت امامها بشان “معاملة المواطنين البولنديين ” في دانزغ عام 1932، وما خلصت اليه محكمة العدل الدولية في قضية ( Nottbohem ) عام 1955 بين ليختنشتاين وغواتيمالا، وقبولها بمبدأ تفوق القانون الدولي على القانون الوطني.
كذلك من المهم أن نشير إلى ظهور رأيا قانونياً أمريكياً يقول بأن: " قانون 1995 لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب لمدينة القدس، هو قانون غير دستوري وفقا لرأي مساعد النائب العام الأمريكي يُدعى والتر ديلينيغر، وهذا الرأي الرسمي منشور ضمن مجموعة آراء قانونية لمجلس المشورة القانوني، OPINIONS OF THE OFFICE OF LEGAL COUNSEL وتحديدا في المجلد التاسع عشر لعام 2002 في الصفحة 123، وهو مجلس تابع لوزارة العدل الأمريكية.
يقول هذا القانوني الأمريكي بأن قانون رقم 1322 لسنة 1995 هو تعد واضح على صلاحيات الرئيس بل سلب لها عملا بنصوص الدستور الأمريكي. فالدستور الأمريكي جعل العلاقات الخارجية لأمريكا من صلاحيات الرئيس الحصرية، وقد أيدت المحكمة العليا الأمريكية هذا التفسير القانوني.
بل رأى هذا الفقيه بأن إعمال هذا القانون يضر بالسياسة الخارجية الأمريكية، وأهدافها وصلاحيات السلطة التنفيذية، بل هو خارج عن الصلاحية التشريعية للكونجرس الأمريكي، لذا فهو غير دستوري". 
وكما ورد في المزاعم التي تستند إليها الولايات المتحدة في إصدار القانون، أن الاحتلال قام بضم القدس في العام 1980، والرد القانوني على ذلك من خلال ما أورده قرار مجلس الأمن في أغسطس من العام نفسه والذي " اعتبر كافة الإجراءات والاحكام التي اتخذها الاحتلال والتي تهدف إلى تغيير طابع ووضع مدينة القدس، باطلة وعديم الأثر القانوني ويلزم إلغاؤها على الفور" 
كما نود أن نضيف نظرة القانون الدولي لموقف الولايات المتحدة الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية في ضوء دعمها المعنوي والمادي الذي يأخذ أشكالاً عدة؛ مثل الدعم العسكري والبشري وغيره من الأشكال التي تقوم به أمريكا لضمن تفوق الاحتلال في المنطقة وبما يضر القضية الفلسطينية.
هذا الأمر ايضاً يتضح من خلاله مخالفة الولايات المتحدة الأمريكية لجملة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة وأهمها مجلس الأمن والجمعية وكذلك المنظمات الدولية المتخصصة مثل اليونسكو، فطالما خالفت الولايات المتحدة هذه القرارات بشكل عام وما يتعلق بالقدس بشكل خاص.
وقد أشار إلى ذلك الأستاذ الدكتور/ عبد العزير سرحان حينما بين " إن موقف الولايات المتحدة من أزمة الشرق الأوسط لا يتفق مع التزامات هذه الدولة طبقا لمبادئ وأهداف الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي العام، كما أن هذا الموقف يتعارض مع المبدأ الخامس من مبادئ الأمم المتحدة المنصوص عليها في المادة 3 و5 من ميثاقها" 
حيث ورد النص في المادتين على ما يلي: ـ
" 3. يفض جميع اعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والامن والعدل الدولي عرضة للخطر.
5. يقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون الى "الامم المتحدة" في اي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق، كما يمتنعون عن مساعدة اية دولة تتخذ الامم المتحدة ازاءها عمال من اعمال المنع او القمع." 
وهنا نجد أن هذه التصرفات من دولة دائمة العضوية في الأمم المتحدة وتملك حق النقض " الفيتو " هي تصرفات مدانة بكافة الأشكال، بل وعلى مستوى القضاء الدولي، فقد نُشر رأياً استشارياً لمحكمة العدل الدولية في المجلد السادس من مجلة الهدف: العدالة (objective: Justice) الصادر في 14 / 10 / 1971 عن مكتب الأمم المتحدة؛ حيث نص: " لقد تعرضت محكمة العدل الدولية في هذا الرأي الاستشاري للآثار القانونية التي تترتب على عاتق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمقتضى قرارات مجلس الأمن.
والنتيجة التي توصلت إليها المحكمة في هذا الصدد تُعد ذات أهمية لأنها تكشف عن مدى اخلال الولايات المتحدة الأمريكية بأحكام قرار مجلس الأمن 242/1967 الخاص بمشكلة الشرق الأوسط، لسلوكها المساند "لإسرائيل"، والهادف إلى التحلل مما جاء في قرار مجلس الأمن، وأن القرار الذي يصدره مجلس الأمن طبقاً لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، وبالتطبيق للمادتين 24، 25 من ميثاقها يكون ملزما لسائر الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حتى الدول التي لم توافق على القرار، وتصبح جميع الدول ملزمة بقبوله وتنفيذه ". 
وهنا نخلص إلى القول إنه فيما يخص الدافع القانوني بشأن قرار ترامب بنقل السفارة من " تل أبيب " إلى القدس هو دافع لا قيمة قانونية له في نظر القانون والقضاء الدوليين، مع التأكيد على أن جانب من الفقه القانوني الأمريكي يرى بهذا القرار مخالفة صريحة للدستور الأمريكي قام به الكونغرس ويطالب بإلغائه؛ مع التذكير هنا بأن إعلان القدس عاصمة للاحتلال هو أشد خرقاً للقانون الدولي لمخالفته للقرارات الدولية المؤكدة الصادرة عن الأمم المتحدة بما يخص القضية الفلسطينية كما بين قرار محكمة العدل الدولية السابق الإشارة إليه.
وهذا هو القول الفاصل بشأن الدافع القانوني لجريمة ترامب والتي ترقى إلى مصاف الجرائم الدولية يجب أن تحاسب عليها الإدارة الحالية للولايات المتحدة. وهذا يفتح المجال أمامنا لمناقشة الدافع الثاني وراء هذا القرار.



البعد الثاني: الدافع السياسي: ـ
ربما يجدر بنا قبل الحديث عن الدافع السياسي لقرار ترامب بشأن القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها، أن نُذكر بطبيعة السياسة الأمريكية؛ والتي يصفها البعض بالاستعمارية الأمريكية كما تُعرف باسم الإمبريالية الأمريكية (American imperialism) هو مصطلح يستخدم للإشارة إلى سياسة حكومة الولايات المتحدة في ممارسة الهيمنة على دول أخرى من خلال القوة العسكرية، الاقتصادية والسياسية. البعض ينكر وجود إمبريالية، والبعض الآخر يعتقد أنها ذات طابع جيد حسنة النية، والبعض الآخر يرى فيها قهر وتدهور للدول والشعوب المستهدفة .
هذه السياسة تجسدت منذ قيام الولايات المتحدة الأمريكية على أنقاض شعب وقبائل الهنود الحمر، وهو يشبه ما قام الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني، ولعل هذا يُفسر بداية طبيعة السياسة الأمريكية الداعمة للاحتلال.
وقد فسرت الاستراتيجية السياسية الأمريكية السابق الإشارة إليها كما بينها بريجنسكي في كتابه " رقعة الشطرنج الكبرى " إن الهدف النهائي للسياسة الأمريكية ينبغي أن " يُمكن لهيكل فاعل من التعاون العالمي المستند إلى الحقائق الجيوبولوتيكية أن يظهر ويرتدي بالتدريج عبأه " الوصي " الحالي على العالم، الذي يضطلع في الوقت الحاضر بعبء المسؤولية عن استقرار العالم وسلامه. إن النجاح الجيواستراتيجي في هذا الأمر من شأنه أن يكون التركة اللائقة لدور أمريكا بصفتها القوة العظمى العالمية الأولى، والوحيدة، والأخيرة ". 
وهذا هو عين ما تمارسه الولايات المتحدة الأن في منطقة الشرق الأوسط حيث تُمارس دور " الوصي " المشار إليه أعلاه في سبيل بسط نفوذها السياسي والسيطرة على الموارد الطبيعية في المنطقة كما ذكر ذلك " مايكل كلير " في كتابه الحرب على الموارد؛ حيث قال: " إن معظم الحرب على الموارد في المستقبل ستقع في العالم النامي ـ وخصوصا في البلدان التي تكون فيها الحكومة الوطنية ضعيفة أو فاسدة وحيث تتنافس القوى الفاعلة المحلية والخارجية على السلطة السياسية ". 
ومن الجدير ذكره أن إدارة ترامب الحالية قد نشرت كتابها حول " استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية " في ديسمبر من العام الماضي 2017 والتي تتمحور حول شعاره الشهير " أميركا أولا " 
وإذا أردنا أن نستعرض بعض الخطوط الرئيسية لهذه الاستراتيجية فيما يتعلق بالقدس وقضية فلسطين، فأننا نُشير لنقاط الأتية: 
ـ نجد أن ترامب قد شدد على أن " الولايات المتحدة مصممة على فرض السلام "عن طريق القوة" وتعزيز نفوذها والمبادئ الديمقراطية " .
ـ كما قال ترامب في تعليقه الرسمي على «استراتيجية الأمن القومي الأمريكي» للعام 2018، إن " الأمة التي لا تحمي رخاءها في الداخل، لا تستطيع حماية مصالحها في الخارج. والأمة التي ليست مستعدة للانتصار في حرب، هي أمة ليست قادرة على منع حرب ".
وأضاف: " إن الأمة التي لا تفخر بتاريخها، لا يمكن أن تكون واثقة من مستقبلها. والأمة التي ليست متأكدة من قيمها، لا يمكن أن تستجمع إرادة الدفاع عنه ".
" ولكن هذه اللغة المثالية لم تكن تخفي حقيقة المضامين الفعلية المعاكسة التي تتخذها سياسات الولايات المتحدة، سواء في الداخل على أصعدة خيانة القيم الأمريكية ذاتها، وانتهاك الحقوق المدنية للمواطن والإخلال بالممارسة الديمقراطية، أو في السياسة الخارجية وحروب التدخل العسكري ومحاباة أنظمة الاستبداد والتخلف.
كذلك فإن عبارات ترامب الفضفاضة لا تطمس وقائع السياسات التي تعتمدها الإدارة الراهنة وتتسبب في اختلال علاقة أمريكا مع العالم خارج المحيط، وفي عزلتها شبه التامة، كما في انفرادها مع "إسرائيل" في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة " .
أليس هذا ما تمارسه الأن إدارة ترامب في المنطقة العربية من أجل أن تفرض سياساتها بشأن الحل الإقليمي بالنسبة للقضية الفلسطينية بعيداً عن أصحاب القضية الشرعيين، وعبر بعض الزعامات العربية التي ارتضت القيام بهذا الدور المُهين نتيجة التخويف الأمريكي لهم بما تصوره عن " العدو الإيراني " وبالتالي سارع ترامب إلى اتخاذ قراره بشأن القدس دون أي اعتراض رسمي عربي يعادل خطورة هذا الإجراء.
أما في داخل الولايات المتحدة الأمريكية فإن مراكز الأبحاث قد تطرقت إلى القضية إذ يرى خبراء أن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، واعترافه بالقدس عاصمة "لإسرائيل" لم يأت فقط بسبب المباحثات الاستراتيجية حول السلام في الشرق الأوسط أو لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية إنما أيضا نتيجة لضغوط من قبل قطاعات دينية في الولايات المتحدة .
بينما يرى المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تقدير موقف صادر عنه إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة "لإسرائيل" جاء انتصارا لأنانيته واعتباراته السياسية الداخلية على حساب مقاربة عقلانية وواقعية للسياسة الخارجية .
ولعل ما يشرح الطبيعية الأنانية في قرارات ترامب، أنه اعتاد التعامل مع الضغوطات المثارة حول منصبه أو التغطية الإعلامية السلبية عن إدارته بقرارات مفاجئة مصممة على أساس وعوده الانتخابية لتعزيز شعبيته مجدداً.
وهذا الإطار، قال خبير السياسة الخارجية في الجامعة الأمريكية، جوردون أدامز، إن هذا القرار "له علاقة بالسياسة الداخلية وليس له صلة بالسلام في الشرق الأوسط، كما تعهد خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، العاصمة الأبدية "لإسرائيل"، على حد تعبيره، وهو الأمر الذي عول عليه الكثير من الجمهوريين. وأن "الرئيس يتحرك على أساس داعميه" ". 
فيما يرى المحلل أرون ديفيد ميلر، الذي كان يقدم مشورات لإدارة بيل كلينتون في عملية السلام خلال التسعينيات ويعمل الآن في مركز "ويلسون سنتر" للدراسات، أن "القرار يأتي نتيجة تضافر عدة عوامل منها شعور ترامب بالإحباط من تأجيله مجددا تطبيق القانون (بخصوص القدس) وعدم تنفيذ وعده الانتخابي، ورغبته الحاسمة لاتخاذ إجراء لم يقدم عليه سابقوه مطلقا". ويتطلع الرئيس الأمريكي من وراء اعتماد هذا الإجراء إلى احتواء ناخبيه من "الإنجيليين الذين يدعمون "إسرائيل" دائما". كما أن القرار "موجه أيضا إلى الممولين لحملته الانتخابية، مثل رجل الأعمال اليهودي، شيلدون أديلسون، الذين لا يتمتعون بمرونة فيما يتعلق بالإصرار على ضرورة دعم الولايات المتحدة "لإسرائيل" وليس الفلسطينيين". 
فقد وجدت إدارة الرئيس ترامب الفرصة السانِحة لوضع هذا الهدف موضع التنفيذ والسير قدماً نحو نقل السفارة إلى القدس بدلاً من تل أبيب. وذلك بتنفيذ أجندة الحملة الانتخابية لترامب بهدف زيادة شعبيّته لدى الناخِب الأميركي بعد أن تدنّت تلك الشعبية إلى أدنى مستوى لها منذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.
فالقرار يأتي في إطار حشد المؤيّدين لسياسات ترامب وخلق قاعدة جماهيرية مسانِدة له في مواجهة الضغوط الداخلية التي تعترض سياسته وتوجّهاته، إذ تتواجد جماعات ضغط قوية في الولايات المتحدة الأميركية، يحاول ترامب استمالة عطفها وتحويلها إلى مُناصرِة لسياساته الداخلية، علاوة على أن القرار يأتي تحقيقاً لرغبات المحافظين من الجمهوريين البروتستانت الذين يشكّلون 25% من القاعدة السياسية لترامب.
" إضافة إلى إرضاء اللوبي الصهيوني في أميركا ففي آذار/ مارس 2016، ألقى ترامب خطاباً أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية -الإسرائيلية "إيباك"، تعهّد فيه بنقل السفارة الأميركية إلى "العاصمة الأبدية للشعب اليهودي". وبعد ذلك الخطاب انحاز الملياردير اليهودي، شيلدون أديلسون، مالِك الكازينوهات الشهير (الذي أُطلِق اسمه على حيٍ في القدس الشرقية بعد الاحتلال مباشرةً)، والداعِم للجمهوريين، إلى دعم حملة ترامب للرئاسة، وتبرّع بمبلغ عشرين مليون دولار إلى إحدى اللجان السياسية الانتخابية المؤيّدة لترامب، ثم تبرّع مرةً أخرى بقيمة مليون ونصف المليون دولار لتنظيم مؤتمر الحزب الجمهوري الذي أعلن ترامب رسمياً مرشّحاً رئاسياً له ". 
نخلص من ذلك، أن جل ما يمكن قراءته كدافع سياسي لقرار ترامب إعلان القدس عاصمة للاحتلال، ونقل السفارة من " تل أبيب " إلى القدس ينبع من أنانية شخصية لترامب تنعكس من رغبته في زيادة شعبيته داخل الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل التراجع الواضح في مؤشرات قبوله جماهيرياً، وبالتالي هو يسعى لتوطيد هذه الشعبية من خلال شبكة أمان يقدمها له اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى جماعات اليمين المتطرف من أتباع الكنيسة الصهيونية المسيحية. 
لكن السؤال الأهم؛ هل سيكون لقرار ترامب هذا ارتدادات من الناحية السياسية؟
نعم إن البعض يرى أن للقرار الذي اتّخذه الرئيس ترامب في حال المضيّ بتطبيقه ربما تظهر تأثير ارتداداته في أميركا منها:
1. التراجُع الاستراتيجي للدور الأميركي في الصراع الفلسطيني-الصهيوني، لاسيما بعد الصيرورة الإقليمية والدولية الرافضة للقرار، ودعت خمس دول حليفة للولايات المتحدة (بريطانيا وفرنسا وألمانيا والسويد وإيطاليا) إدارة ترامب إلى طرح اقتراحات تفصيلية للتوصّل إلى تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، إضافة إلى تعاظم الدور الروسي في المنطقة بعد حسم الحرب في سوريا.
2. يعزل هذا الاعتراف الولايات المتحدة الأميركية دولياً، ويحوّلها إلى دولة لا تُقيم وزناً للقانون الدولي ولا لقرارات مجلس الأمن، التي أجمعت على اعتبار القدس الشرقية أرضاً محتلة، ورفضت على مدى عقود الاعتراف بضمّها إلى "إسرائيل" (في إشارة إلى قرار مجلس الأمن إعلان الاحتلال " القدس العاصمة الموحّدة " سنة 1980). وظهرت العزلة الأميركية بوضوح خلال الاجتماع الأخير الذي عقده مجلس الأمن لمناقشة الاعتراف الأميركي، حيث كانت المندوبة الأميركية نيكي هايلي وحيدة في موقفها المُدافِع عن قرار ترامب، وفي حملتها على المنظمة الدولية بتهمة "انحيازها" ضد إسرائيل.
3. تعرّض المصالح الأميركية للمخاطر الأمنية مثل السفارات، ومكاتب التمثيل، خاصة في ظل حال اليأس والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيّئة، والصراعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات.
4. تدهور علاقات الولايات المتحدة الأميركية مع دول الاتحاد الأوروبي، ويظهر ذلك جلياً بعد تصريحات رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك.
إن قرار ترامب في ذكرى مئوية إعلان وعد بلفور، لم يكن فقط نتاج أنانيّته المُفرطة في تحقيق انتصارات لحظية، وإنما جاء نتاج تدهور حال بعض الأنظمة العربية، التي باتت تسعى إلى التطبيع وقبول الكيان الإسرائيلي كأمر واقع في المنطقة العربية. وقد يفرض على الجانب الفلسطيني حيال هذا الإعلان رسم خطّة وطنية قوامها عدم الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، رفض فكرة التسوية على حدود عام 1967 والمطالبة بتحرير الأراضي المحتلة عام 1948. وذلك عبر استثمار حال الاصطفاف العربي والإسلامي حول رفض قرار ترامب. 
هكذا نُنهي النقاش في البعد الثاني لقرار ترامب بشأن القدس المتعلق بالدافع السياسي والذي عكس لنا مدى الأنانية التي تُبرزها شخصية ترامب دون مبالاة لما يتركه هذا الإعلان من أثر بالغ في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.
بات المجال متاحاً لنا للحديث عن البعد الثالث في جملة الدوافع المؤثرة في قرار ترامب، ونقصد هنا الدافع الديني الذي نناقشه في المبحث القادم.




البعد الثالث: الدافع الديني: ـ
لا بد لنا قبل الحديث عن الدافع الديني وراء اتخاذ ترامب القرار المجحف بشأن القدس، علينا أن ننظر في عيون الفلسطينيين لعلنا نستطيع أن ندرك القيمة الحقيقية للقدس في أعينهم وفي قلوبهم وضمائرهم، فما هي القدس بالنسبة لهم؟ وكيف يُعرفونها للعالم؟
يقول قائلهم: " القدسُ مدينةٌ فلسطينيةٌ عريقةٌ عتيقةُ البنيان، إسلامية الهوية، فمنذ أن أنشئت كان الإسلام أساس بنياها، فكان المسجد الأقصى من صنع أبينا آدم ، وأكمل عليه جد العرب إبراهيم – عليه السلام-، وفيها أقام نبي الله داود - عليه السلام - مملكته التي عرفت بمملكة بني إسرائيل، و بالقرب منها تاه بنو إسرائيل في الارض أربعين عامًا، وعلى مشارفها فاضت روح كليم الله فاستجاب الله دعوته وأماته فيها، وبين أزقتها مشى المسيح وخلفه تلاميذه يطأون طريق الآلام، وعلى ترابها وُضِعت صخرةٌ فوق صخرة فبُنِيت كنيسة القيامة في عهد قسطنطين، وتوالت السنون وتوالى على بيت المقدس كثيرٌ من الخلق، من عربٍ وعجم، من أبيضٍ وأسود، من صالحٍ وطالح ، من نورٍ خافتٍ و وظلامٍ دامس، فكلٌ منهم ترك أثرًا فيها ثم مضى " .
هكذا يعبر أهل القدس وأهل فلسطين عن عاصمتهم بكل الود والتقدير لأنبياء الله جميعاً منذ آدم إلى محمد ـ عليهم الصلاة والسلام ـ دون تفريق بين نبي وآخر ودون المساس بمكانة المدينة المقدسة قلوب المؤمنين من أصحاب الديانات السماوية الثلاث، فكل إنسان من هؤلاء يدعي حقاً دينياً في هذه المدينة، ولهم بذلك حق العبادة كما كفلها الرعيل الأول من المسلمين، ولكن الادعاء بحق تاريخي مزور فيها؛ لم يستطع الاحتلال اثباته بأي شكل من الأشكال؛ والذي لو صدق ما منحهم الحق بالعدوان والاحتلال، لأن هذا ما لا يقره القانون الدولي كسبب من أسباب اكتساب السيادة على الأقاليم .
فالقدس وفقاً للقانون الدولي هي ملك لأهلها من الفلسطينيين، وهم وحدهم أصحاب السيادة عليها دون غيرهم من البشر، ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار الاحتلال العسكري سبباً لكسب الشرعية؛ فلا الاحتلال بقراراته الغير شرعية، ولا ترامب الذي لا يملك أي صفة في القدس يستطيعان تقرير مصير القدس، مع ذلك دعنا نتعرف على هذا الدافع الديني لدى الرئيس الأمريكي ترامب إن كان لديه مثل هذا الدافع، وما هي العقيدة التي يتبعها ترامب؟ وما هي كنيسته؟ وما علاقته أو علاقة هذه الكنيسة بالصهيونية المسيحية؟ وما لذلك كله من أثر على القرار الذي جرى اتخاذه.
العقيدة الدينية للرئيس الأمريكي ترامب: 
كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن بعض التصريحات للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، التي تظهر الديانة التي يعتنقها بعد توليه لمنصب رئيس الجمهورية، وقال ترامب إن الكثير من الناس لا يعلمون أنه "بروتستانتي"، مشيرا إلى أنه يعتقد أن الدين شيء رائع، ودينه رائع". وأضاف موضحًا " أن الوظائف ذات المسؤولية الكبيرة توجب الحاجة للرب أكثر من أي وقت مضى".
وختمت "سي إن إن" التصريحات المختارة لترامب بحديث سابق له إبان حملته الانتخابية، يقول فيها إنه سيكون خير من يمثل المسيحيين في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .
وبما أن ترامب قد أوضح أنه "بروتستانتي"، إذن علينا أن نتعرف على طبيعة "الكنيسة البروتستانتية "وشكل الإيمان الذي يحمله ترامب ومدى تأثيره في شخصيته وقراراته. 
الكنيسة البروتستانتية: ـ
البروتستانتية هي أحد مذاهب وأشكال الإيمان في الدين المسيحي. تعود أصول المذهب إلى الحركة الإصلاحية التي قامت في القرن السادس عشر هدفها إصلاح الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا الغربية. وهي اليوم واحدة من الانقسامات الرئيسية في العالم المسيحي جنبًا إلى جنب الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية. وتعتبر الكنيسة الأنجليكانية في بعض الأحيان كنيسة مستقلة من البروتستانتية.
أبرز مقومات فكر البروتستانت اللاهوتي هي أنّ الحصول على الخلاص أو غفران الخطايا هو هديّة مجانيّة ونعمة الله من خلال الإيمان بيسوع المسيح مخلصًا، وتعارض سلطة الكهنوت الخاص باعتبار أن جميع المسيحيين يتمتعون بدرجة الكهنوت المقدسة .
ولعل من أهم كنائس البروتستانت؛ الكنيسة الإنجليكية أو الأنجليكانية؛ وهي تعتبر نفسها جزء من الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية، كما وان البعض منهم يعتبرون كنيستهم كاثوليكية وتم إصلاحها.
ولكن كثير من الانجليكانيين يهتمون بالهوية الذاتية ويعتبرونها تمثل مزيج من الاثنين، ويتواصلون مع رئيس اساقفة كانتربري، والإنجليكانية هي من أكبر الطوائف المسيحية في العالم، وفيها حوالي 73 مليون عضو .
ولكي نكون على فهم أكبر حول ما الذي يتغلل في فهم هذه الكنيسة من أبعاد تتعلق بالقدس تحديداً؛ علينا أن نعرف أكثر عن مصطلح " الصهيونية المسيحية " والذي ينتشر بين الكثير من أفراد الإدارة الأمريكية الجديدة، إضافة إلى الكونغرس وعالم السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية؛ فما الذي يعنيه هذا المصطلح؟
الصهيونية المسيحية: ـ
هو الاسم الذي يطلق عادة على معتقد جماعة من المسيحيين المنحدرين غالباً من الكنائس البروتستانتية الأصولية والتي تؤمن بأن قيام "دولة إسرائيل" عام 1948 كان ضرورة حتمية لأنها تتمم نبوءات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وتشكل المقدمة لمجيء المسيح الثاني إلى الأرض كملكٍ منتصر، ويعتقد الصهاينة المسيحيون أنه من واجبهم الدفاع عن الشعب اليهودي بشكل عام وعن الدولة العبرية بشكل خاص، ويعارضون أي نقد أو معارضة "لإسرائيل" خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يشكلون جزءاً من اللوبي المؤيد "لإسرائيل" .
وتقول هذه النظرة بعودة «المخلّص» إلى عالمنا، لتخليصه من الشرور، حين تكتمل جملة شروط هي: قيام دولة "إسرائيل" أوّلاً؛ ونجاحها في احتلال كامل أرض التوراة، أي معظم المشرق؛ وإعادة بناء الهيكل الثالث في موقع، وعلى أنقاض، قبّة الصخرة والمسجد الأقصى؛ وأخيراً، اصطفاف الكفرة أجمعين ضدّ "إسرائيل" في موقعة ختامية سوف يشهدها وادي أرماغيدون ـ مرج ابن عامر ـ حيث سيكون أمام اليهود واحد من خيارين: إمّا الاحتراق والفناء، أو الاهتداء إلى المسيحية، الأمر الذي سيمهّد لعودة المسيح المخلّص .
ويشهد بهذا الكلام أيضا كتاب صدر في الولايات المتحدة الأمريكية تحت عنوان "قدوم مملكة (تنامي النزعة القومية المسيحية في الولايات المتحدة) " للكاتب "ميشيل غولدبرج" وقد صدر في 2006، وفيه يرصد الكاتب مدى تغلل هذه الظاهرة في أوساط الحزب الجمهوري تحديداً منذ الرئيس ريغان. 
في ظل ما قدمنا من قراءة لهذا البعد أو الدافع الديني بقي لنا أن ننظر ما يقول أهل الديانات السماوية وخاصة اليهودية والمسيحية في الشرق لما تنادي به " الصهيونية المسيحية " في ادعاءاتها التي سبق ذكرها، ولعل ما ورد حديثا من أقوال على لسان مشاركين في مؤتمر " نصرة القدس " والذي عقد الشهر الماضي في قاهرة المُعز بدعوة كريمة من الأزهر الشريف خير دليل أو خير رد على ما تدعيه " الصهيونية المسيحية " وترامب وزمرته السياسية. 
ونبدأ هنا بما قاله الكاثوليكوس أرام الأول، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبييت كيليكيا،" إن السلام لا يمكن أن يتحقق في ظل ما يطلق عليه المصالح السياسية وإنما يتحقق بالعدالة الدولية وإعطاء الحقوق لأصحابها، مؤكدًا على أن المجتمع الدولي مذنب في حق القضية الفلسطينية، فالقوة لا يمكن أن تدمر الحقوق والشرعية الدولية للفلسطينيين. وأضاف أرام الأول، أن القدس لها دلالة عميقة في الديانة المسيحية لأن بها الكنيسة الرومانية، إضافة إلى أنها مدينة الأنبياء، وتمثل التواجد السلمي للأديان، مشددًا على أهمية توحد مطالبنا التي تؤكد على طبيعة القدس وتاريخها الحقيقي الذي طالبت بها الديانات الثلاث" .
أما البابا فرانسس الثاني، بابا الفاتيكان، في رسالة بعث بها إلى مؤتمر الأزهر فقد شدَّد على أنه يجب الحفاظ على هُويَّة مدينة القدس وعلى دعوتها الفريدة كمكان سلام، وعلى قيمتها العالمية، مما يفسح المجال لبزوغ مستقبل من المصالحة ومن الأمل للمنطقة بأسرها .
أما الحاخام اليهودي مير هيرش زعيم حركة ناطوري كارتا اليهودية ـ والذي أورد كلمته كاملة كما وردت في المؤتمر لأهميتها ـ فقد قال: إننا كممثلين عن الشعب اليهودي الأصلي، نود توضيح عدة نقاط مهمة، وهى أن العلاقات بين الشعب العربي واليهود كانت ولا تزال علاقات سلام وود وحب، والتي سادت بينهم على الدوام، تؤكد حقيقة أنه تقريبًا في كل الدول العربية عاش مئات الآلاف من اليهود طوال مئات الأعوام، وسط احترام وتقدير متبادل، وجدير بالذكر أنه قبل الهجرة الصهيونية المكثفة منذ عشرينيات القرن العشرين والتي هدفت إلى سلب الحكم من الفلسطينيين، وحتى حينها لم يجد العرب ضرورة لتنظيم حركات قومية عسكرية ضد اليهود، الذين لم يجدوا كذلك في اليهود الذين قدموا في الهجرات السابقة خطرًا أو متسلطين، وإنما يهود قدموا ليعيشوا معهم في سلام وأمان تحت السلطان الإسلامي. وأعلن خلال كلمته بالجلسة الثانية للمؤتمر أنه ليس هناك ثمة حقوق لهؤلاء الصهاينة وقادتهم في تمثيل الشعب اليهودي، أو التحدث باسمه، وأن لفظة "إسرائيل" التي يستعملونها ليست إلا تزييفًا مشينًا، وليس هناك ثمة ارتباط بين هؤلاء الصهاينة وقادتهم بالشعب اليهودي وشريعته، وليسوا يهودًا على الإطلاق، ومن هنا نلتمس: من قادة العالم الإسلامي ألا يلقبوا هؤلاء الصهاينة بالإسرائيليين أو اليهود؛ لأنهم يمحنونهم شرعية، فينبغي أن ينعتوهم بالصهاينة "المحتلين"، وأن يعلنوا أنهم ليسوا يهودًا على الإطلاق، ولا يرتبطون بالشعب اليهودي ولا بتوراته. وشدد على أنه ليس لهؤلاء الصهاينة ثمة حقوق سيادة ولو على ذرة تراب من كل أراضي فلسطين، وأن سيطرتهم على فلسطين بقوة السلاح تناقض أحكام التوراة بصورة مطلقة، ولا سيما أن تلك السيطرة قد جاءت على حساب هؤلاء السكان القدماء المسلمين، سكان تلك الأرض المقدسة منذ ما يقارب من 1500 عام. وأردف: قسمًا بالله قد حُرِم بصورة كبيرة على اليهود إقامة أي حكم سواء في فلسطين أو في أي مكان آخر بالعالم، حتى لو منحتهم الأمم المتحدة تفويضًا بذلك، ووفق أوامر التوراة نحن نذعن وبإخلاص لتلك الأنظمة التي تمنحنا المأوى والملاذ، ونتضرع من أجل سلامة تلك الحكومات التي تأوينا، كما أنه ليس هناك ثمة ارتباط عمومًا بين تلك السيطرة البربرية لهؤلاء الصهاينة على الفلسطينيين وعلى الشعب الفلسطيني وبين الشعب اليهودي الأصيل الذي يرفض بصورة مطلقة كل حقيقة للوجود الصهيوني على هذه الأراضي. وأضاف: نحن نشارك في هذا المؤتمر الكريم من أجل عرض الموقف اليهودي الأصلي بشأن قضية القدس التاريخية، وكما هو معلوم أن القدس كانت تحت حكم المسلمين ما يقارب من 1500 عامٍ، وقد حُررت القدس بعد أن احتلت من قبل الصليبيين سنة 1099، والذين سيطروا على المدينة ما يقارب من 88 سنة، على يد القائد الحربي الجليل صلاح الدين الأيوبي في 2 أكتوبر 1187، ويتحتم الإشارة إلى أن العلاقات بين اليهود والمسلمين كانت متميزة. فضلًا عن ذلك، من المهم أن نقتبس نصين من نتائج المؤتمر البريطاني الذي انعقد في 1931م بشأن حائط البراق، وناقش تلك القضية على مدار ما يقرب من شهر خلال الفترة الممتدة من 23 يونيو حتى 19 يوليو، وأجرى حينئذٍ 24 جلسة، وأستمع إلى 52 شهادة من أبناء الطوائف اليهودية المختلفة، ثم صدرت قرارات "مؤتمر حائط البراق" المعنونة "بكلمة الملك" "جورج الخامس" في اجتماع حائط البراق في فناء قصر باكنجهام في 19 مايو 1931 ونحن نقتبس بندين من تلك القرارات: ـ
البند الأول: يرتبط حق السيادة والتملك على حائط البراق بالمسلمين فقط، لأنه جزء لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف، الذي يعد ملكًا للوقف (الإسلامي).
البند الثاني: للمسلمين حق السيادة على الباحة المجاورة لحائط البراق، وعلى الحي المجاور المماثل أمام الحائط، والذي يطلق عليه "حي المغاربة"، وقد خصصت تلك الأملاك للوقف الإسلامي وفق الشريعة الإسلامية، والتي جعلت من أجل الصدقة. وأكد على الرغم من أن المفتي الشيخ الوجيه الحاج أمين الحسيني رفض تلك القرارات، فقد رأيت من الصواب اقتباس ذلك البندين، وتابع: وهنا يجب الاقتباس من خطاب الحاخام زاينفيليد رحمه الله، الذي كان الحاخام الرئيس لليهودية الحريدية الأرثوذوكسية المعادية للصهيونية، الذي راسل إخوانه المسلمين في 1929م. وأقتبس التالي: "لا يرغب اليهود بأي شكل، بسط أيديهم على ما لا يملكون، وبالتأكيد فهم لا يرغبون في الإضرار بحقوق المسلمين في الأماكن المملوكة لهم، والتي يولونها الاحترام والقداسة، وبخاصة لا أساس للشائعات بأن اليهود يرغبون في امتلاك المسجد الأقصى، بل على العكس، فمنذ دخول الشعب اليهودي إلى المنفى، من المحظور على أي يهودي أن تطأ قدمه ساحة الأقصى" . 
ولعل خير ما يمكن أن نبرزه هنا للتعبير عن عقلية الإدارة الأمريكية الحالية ما جاء على لسان مستشارة سابقة لترامب إذ قالت: "، إن مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي هو في الحقيقة أسوأ من ترامب نفسه، وأنه يعتقد أن المسيح يكلمه!، وأنها ترى أن إدارة مايك بنس ستكون في الواقع أسوأ من إدارة ترامب!" 
يتضح لنا أن ما تدعيه "الصهيونية المسيحية" بإحياء صهيون على أنقاض المجلس الأقصى والاستيلاء على القدس وفلسطين من أجل عودة " المسيح المخلص " وأن على اليهود التحول إلى المسيحية؛ وإلا فإن مصيرهم الحرق أو الفناء، كما سبق ذكره، فإن ذلك كله يتناقض مع فهم من أبناء الكنائس الكبيرة من الطوائف الكاثوليكية والأرثوذكسية؛ بل حتى اليهود من أبناء ناطوري كارتا، أي يخالف ما ورد النص عليه في العهدين القديم والجديد مما يشكك في وجاهة الادعاء بالبعد أو الدافع الديني لقرار ترامب وإدارته بإعلان القدس عاصمة للاحتلال والعمل على نقل سفارتهم من " تل أبيب " إلى القدس، وينهي بذلك النقاش في هذه الدوافع التي يمكن أن يعلن ترامب أو إدارته كذريعة لتبرير جريمته التي لا تغتفر ولن تمر.

الخـاتمـــة والتوصيــات: ـ
إن الورقة التي بين أيدينا سعت وبشكل جاد ومحايد لمناقشة قرار الرئيس الأمريكي ترامب الذي اتخذه بخصوص القدس، وإعلانها عاصمة لهذا الاحتلال؛ ولم يقف عند هذا الحد من الإعلان بل شفعه بقرار يقضي بنقل سفارة بلده من " تل أبيب " إلى القدس.
وعمل الباحث في هذه الورقة على مناقشة الدوافع أو الأبعاد التي تقف خلف هذا الإعلان وهي تتمثل في أبعاد ثلاثة؛ قانوني، وسياسي وديني.
أما بشأن الدافع القانوني لقرار ترامب بنقل السفارة من " تل أبيب " إلى القدس هو دافع لا قيمة قانونية له في نظر القانون والقضاء الدوليين، بل أن جانب من الفقه القانوني الأمريكي يرى بهذا القرار مخالفة صريحة للدستور الأمريكي قام به الكونغرس ويطالب بإلغائه؛ مع التذكير هنا بأن إعلان القدس عاصمة للاحتلال هو أشد خرقاً للقانون الدولي لمخالفته للقرارات الدولية المؤكدة الصادرة عن الأمم المتحدة بما يخص القضية الفلسطينية كما بين قرار محكمة العدل الدولية السابق الإشارة إليه.
ونذكر بأن الدافع القانوني لجريمة ترامب يرقى إلى مصاف الجرائم الدولية التي يجب أن تحاسب عليها الإدارة الحالية للولايات المتحدة.
أما يمكن استخلاصه من الدافع السياسي لقرار ترامب فهو يعبر عن أنانية شخصية لترامب تنعكس من رغبته في زيادة شعبيته داخل الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل التراجع الواضح في مؤشرات قبوله جماهيرياً، وبالتالي هو يسعى لتوطيد هذه الشعبية من خلال شبكة أمان يقدمها له اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى جماعات اليمين المتطرف من أتباع الكنيسة الصهيونية