جريمة "داعش" ضد الشهداء
تاريخ النشر : 2016-10-20 02:28

الشهداء، هم الانبل والاكرم منا جميعا. هم شموع طريق التحرير والعودة. وحملة راية القضية والشعب. هم الرواد في التضحية بالذات دون السقوط في التمييز بين حساب "الانا" و"النحن". إرتقوا إلى أعلى درجات التماهي مع تطلعات وطموحات وأهداف الشعب. عطاءهم لا حدود له. لا مجال للمقاربة بين الشهادة ووحدات القياس. لان التضحية بالنفس أعظم من كل المقاربات والتوصيفات.

شهداء فلسطين ورموزها الابطال تتجلى عظمتهم في بلوغهم درجة النبوة والقداسة. نعم هم انبياء الثورة، وهنا النبوة بالمعنى المجازي للكلمة. وهم قديسوها لان درجة القداسة في الديانة المسيحية تمنح للانسان، الذي أعطى دون تردد حياته دفاعا عن قناعاته وديانته. هؤلاء الذين سطروا اروع واسطع الملاحم  في التاريخ الوطني، وكتبوا بدمهم الطاهر انقى وأَجل وأَبهى صفحات السجل الذهبي للشعب، تعرضت شواهد أضرحتهم للتدمير من قبل التكفيريين الدواعش في مقبرة الشهداء بمخيم اليرموك جنوب شرق العاصمة السورية، دمشق، الذي مازال (المخيم ) تحت سيطرتهم. وهو إعتداء فاضح وخطير يمس بابناء الشعب العربي الفلسطيني في اصقاع الدنيا كلها، باستثناء من والى تلك المجموعات المرتدة والعميلة، التي لاتمت للاسلام بصلة، ولا يربطها رابط بقيم وأخلاق الشعوب المتحضرة.

ان الجريمة، التي ارتكبها التكفيريون ضد  شواهد اضرحة رموز من قادة الثورة على رأسهم ابو جهاد، أمير الشهداء، وابو الوليد، سعد صايل، جنرال الثورة، وابو صبري، ممدوح صيدم، الذي توفي في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وثلاثتهم اعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح،وطلعت يعقوب ، امين عام جبهة التحرير الفلسطينية وغيرهم من القيادات والكوادر الوطنية وابناء الشعب، تتلازم مع جريمة دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، التي قامت بتجريف مقبرة "مأمن الله"، التي ضمت مقابر العديد من الصحابى والاولياء الصالحين المسلمين في القدس العاصمة، وحولتها إلى مخمرة ومنتزة بعنوان يتناقض مع تماما مع ما ارتكبته الدولة الاسرائيية من جرائم حرب وتمييز عنصري بشع، هو منتزة "التسامح".

كلا الجريمتين تعكس التكامل  بين الاصل والفصل، بين الدولة الاسرائيلية المنتجة للارهاب الدولاني المنظم وبين الاداة، التي تدعمها وتغذيها بمقومات البقاء، اي التنظيمات التكفيرية بمجملها "داعش" و"النصرة" و"اكناف بيت المقدس" وكل الجماعات المتفرعة من رحم جماعة الاخوان المسلمين. وبالتالي لم تكن الاعتداءات وليدة الصدفة او نوعا من العبث. بل هو استهداف مقصود وعن سابق تصميم وإصرار. وهو إستهداف لمكانة الصحابة والاولياء المسلمين ولرموز الثورة الشهداء في مخيم اليرموك. وهو ما يعكس الاستهتار بقيم واخلاق والمعايير الناظمة لابناء الشعب العربي الفلسطيني تجاه امواتهم وضحاياهم وشهدائهم. وهو تطاول على جزء من تاريخ العرب المسلمين في القدس العاصمة المحتلة وعلى تاريخ الشعب الفلسطيني ككل.

هذا وقد رفضت دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية نقل رفات الشهداء إلى فلسطين ليدفنوا فيها، إمعانا في الجريمة البشعة، التي إرتكبتها تجاه مقبرة "مأمن الله". ولخشيتها من رفات الشهداء، الذين أذاقوها مرارة المواجهة، ووجهوا لطمات وضربات قوية وهامة لجيش الموت الاسرائيلي والمؤسسة العسكرية عموما. ولهذا تخشى من مجرد وجود رفاتهم في ارض ابائهم، مع ان هذا يتناقض مع اتفاقيات اوسلو ومع خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. غير ان هذا لا يمنع القيادة وجهات الاختصاص للعمل على متابعة الجهود من اجل نقل رفاتهم إلى ارض الوطن.

ستبقى أضرحة شهداء الثورة قادة وكوادر واعضاء في انحاء الدنيا كلها، وحيث وفاهم الاجل ودفنوا مزارات وطنية لابناء الشعب العربي الفلسطيني وكل محبي السلام والحرية. ولن ينسى الشعب الشهداء، وسيبقوا خالدين خلود الارض والقضية.

[email protected]

[email protected]