أولاً بإسمكم جميعاً نبارك لدولة رئيس الوزراء الدكتور محمد إشتية برئاسة مجلس الوزراء الفلسطيني. 

يتسم شعبنا الفلسطيني بصفة غاية في الجمال ، انها صفة الانتماء ، الانتماء للكل ، لكل فلسطين ، او الانتماء للجزء ، للقرية او المدينة الذي وُلد ونشأ وترعرع الفلسطيني بين ربوعها ، فعندما تبوء الدكتور سلام فياض منصب رئيس وزراء فلسطين في منتصف العام ٢٠٠٧ ، افتخرت فلسطين به على وجه العموم وافتخرت مدينة طولكرم به على وجه الخصوص ، وسمعنا مقولة يرددها الفلسطينيون بشكل عام ومعتاد ( ابن بلدنا )، ورددتها طولكرم ( ابن بلدنا ) ، وعندما فاز الدكتور رامي الحمدالله برئاسة الوزراء رددتها طولكرم كذلك ثانيةً ( ابن بلدنا ) ، طولكرم تفوز للمرة الثانية برئاسة الوزراء ، راعنا ان نقسم النصيب المناطقي لرئاسة وزراء حكومة فلسطين ونسلط الضوء على مدينة طولكرم صاحبة الجلالة ، حيث ان شعبنا الفلسطيني بجمعه ومجموعه ينتمي الى كل ذرة تراب في فلسطين من اقصاها الى اقصاها ، ولعل هذا التقرير يعطي نوعاً من الافتخار بمدينة طولكرم الفلسطينية الباسلة ويسلط الضوء على هذه المدينة التي تنجب العباقرة على مر التاريخ .

أول رئيس وزراء لأول حكومة فلسطينية هو الرئيس محمود عباس من شهر مارس ٢٠٠٣ الى شهر اكتوبر من نفس السنة ، أي بما مجموعه ٨ اشهر من نصيب مدينة رام الله ، أي بما نسبته ٦% من المجموع الزمني في رئاسة الحكومة .

ابوعلاء قريع شغل منصب رئيس وزراء فلسطين من شهر اكتوبر ٢٠٠٣ الى شهر مارس ٢٠٠٦ ، أي بما مجموعه ٣٠ شهراً من نصيب مدينة القدس ، أي بما نسبته ٢٣% من المجموع الزمني في رئاسة الحكومة.

إسماعيل هنية شغل منصب رئاسة الحكومة الفلسطينية من شهر ابريل ٢٠٠٦ الى شهر يونيو ٢٠٠٧ ، أي بما مجموعه ١٥ شهراً من نصيب مدينة غزة ، أي بما نسبته ١١% من المجموع الزمني في رئاسة الحكومة.

سلام فياض شغل منصب رئاسة الحكومة الفلسطينية من شهر يونيو ٢٠٠٧ الى شهر يونيو ٢٠١٣ ، أي بما مجموعه ٧٢ شهراً من نصيب مدينة طولكرم ، أي بما نسبته ٥٧% من المجموع الزمني في رئاسة الحكومة

رامي الحمدالله شغل منصب رئاسة الحكومة الفلسطينية من شهر يونيو ٢٠١٣ وحتى اليوم ، من نصيب مدينة طولكرم.
محمد إشتية تسلم منصب رئاسة الحكومة الفلسطينية من اليوم ، من نصيب مدينة نابلس على رأس الحكومة.

إذناً وامام هذه الارقام والنسب ، تصنف مدينة طولكرم بانها صاحبة الجلالة في رئاسة الحكومات الفلسطينية المتعاقبة.
ولكن من هي مدينة طولكرم صاحبة الميدالية الذهبية ؟
كان قضاء بني صعب في العقد الأول من القرن العشرين يضم مدينتي طولكرم وقلقيلية إضافة إلى 44 قرية. وفي أواخر العهد البريطاني صار القضاء يحمل اسم طولكرم وكان يتألف من مدينة واحدة هي طولكرم بينما أضيفت قلقيلية إلى قرى أخرى بلغ مجموعها 70 قرية من أهمها: ( عنبتا, قلنسوة, بلعا ,ذنابة,دير الغصون, شويكة, عتيل , علار,قاقون, زيتا, جت, كفر, النزلات, باقة, قافون, الطيبة, الطيرة,جيوس, عزون, كفر اللبد, كفر قاسم, وهي القرية المعروفة التي ارتكبت فيها القوات الصهيونية مجزرة رهيبة يوم 29 من أكتوبر عام 1956 وراح ضحيتها 47 شهيدا فلسطينيا من بينهم 17 إمرأة( .
وظلت طولكرم مدينة صغيرة مساحة وسكاناً حتى الثلاثينات من القرن الماضي ، وكانت عاصمة بني صعب عام 1892 من قبل العثمانيين، وساعد خط سكة الحديد الممتد من الساحل غرباً نحو الداخل وسوريا شرقاً على نمو المدينة وتطورها حيث ان أهل القضاء مشهورن بنشاطهم الدؤوب.

وقد بقي هذا القضاء ينعم بالطمأنينة وهدأة البال حتى اغتصاب فلسطين عام 1948 فبرغم أن طولكرم بقيت في أيدي السلطات العربية الأردنية حتى عام 1967 وبعد هذا التاريخ أمسى كل القضاء وكل فلسطين تحت السيطرة الصهيونية. ومنذ عام 1977 عمدت هذه السلطات إلى تهويد القسم الغربي من القضاء وزرعه بالمستعمرات الصهيونية وهو الذي يشتمل على أخصب أراضي المنطقة وأكثرها جودة , وأيسرها اتصالا .
اشتهرت طولكرم وقضاؤها بأنها أحد أكثر المدن الفلسطينية حبا وتشجيعا للعلم وقد طلب أبناء طولكرم العلم في جميع بقاع الأرض فظهر منهم عدد من الشعراء والأدباء والعلماء ومن أهمهم على سبيل المثال : العالم الجليل الشيخ سعيد الكرمي , والشاعر الفحل حسن الكرمي (أبو سلمى), والشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود ) والد الطيب عبدالرحيم أمين عام الرئاسة الفلسطينية ( , والشاعر المرحوم جمال توفيق محمود, ورجل القانون المعروف الدكتور محمد خليل عميد كلية الحقوق سابقا في الجامعة الأمريكية في بيروت, وعالم الرياضيات والفيزياء المعروف الدكتور حلمي مارة الذي شارك في مؤتمر عالمي للذرة عام 1946, والمؤرخ الدكتور محمد زايد عميد كلية التاريخ في الجامعة الأمريكية ببيروت سابقا وغيرهم وغيرهم.

والمتتبع لمسيرة التعليم في هذه المنطقة يدرك بأنها قد بدأت مبكرة جدا. فلم ينتظر المواطنون وقتئذ افتتاح مدارس حكومية من قبل الدولة العثمانية. بل عمد الغيارى منهم إلى إنشاء بعض المدارس الابتدائية والكتاتيب وتكليف بعض أكفاء المتعلمين من أبناء البلدة أيضا إلى التدريس بها كما فعل المرحوم الشيخ خليل سعيد الكرمي.
أول مدرسة تأسست في طولكرم هي مدرسة طولكرم الابتدائية تأسست عام 1885م ، وفي نهاية الانتداب البريطاني كان يوجد في طولكرم مدرستين للبنين، واحدة ابتدائية والأخرى قانونية، بالإضافة إلى مدرسة ابتدائية للبنات و مدرسة الخضوري الزراعية .
إذاً فمدينة طولكرم صاحبة الجلالة!