أبغض الحلال عند الله الطلاق

تابعنا على:   16:11 2019-02-21

د. عز الدين حسين أبو صفية

تعتبر كلمة الطلاق من الكلمات المؤلمة والتي تحوى في عمقها معانى الهم والدمار لبنيان الأسرة ، مما ينعكس على البنيان المجتمعي ، فيصيبه بانتكاسات تنعكس على نظم الحياة وسكونها واستقرارها .

فكلمة الطلاق وهي مجردة هي كلمة مرعبة وعندما تصبح واقعاً في حياة الناس فهي تتسبب في تغير سلوكيات ومفاهيم وأحاسيس وعواطف وعلاقات لدي جميع الأفراد ممن تمسهم تلك الكلمة ويكونوا في مستوى دائرة شعاع تأثيرها ، إن كان الأبوين أو الأبناء أو الأصدقاء والأقارب وغيرهم ، الامر الذي يجعلهم غير راضين عن أتخاذ الأبوين لمثل هذا القرار القاسي الذي يترك الجميع في حالة توهان وحيرة ويتساءلوا لماذا أُتخذ ذاك القرار بالطلاق ، لماذا فشل الجميع برأب الصدع بين الزوجين لماذا لم يتمكن أحداً من الأهل والأصدقاء ورجال الإصلاح من تقريب وجهات النظر بين الزوجين والوصول بسفينة الحياة الزوجية إلى بر الأمان ؟
كل تلك الأسئلة لها عوامل الفشل التي تبدأ من خارج إطار الاسرة .. ودعونا نبدأ برفاق السوء من الأصحاب والأصدقاء ومن الاهل الذين يضخمون من مشكلة بسيطة تنشأ بين الزوجين فبدأوا بالنفخ بها لتضخيمها لتنفجر بوجه أصحابها ، وهذا سببه الغيرة وحسد المعيشة لنجاح الحياة الزوجية فلا يروق لهم ذلك كونهم يعانون من نفس المشكلة مع أزواجهم ، كما أن تسلط الأبوين أو أحداهما إن كانا أولياء أمر الزوج أو الزوجة ويبدأون بالتدخل في الشؤون الخاصة بالزوجين مثل ( الاكل والملابس والنوم والسهر وأسلوب تربية الأبناء وغيرها من تفاصيل الحياة اليومية ) مستخدمين لذلك أسلوب النقد اللاذع والتجريح وتحريض كل من الزوجين على الآخر ، وقد يلقى هذا التحريض تجاوباً من كلا الزوجين أو أحدهما خاصة عندما يكون المستوى التعليمي والثقافي والحياتي والبيئي أو الوعي فيه فارق واسع بين الزوجين ، كما أن هناك عوامل أخرى للتحريض على الطلاق نابعة من عادات وتقاليد بائدة ولكنها لا زالت تستخدم في الزواج بسبب حالة الفقر التي أصابت مجتمعنا ومعظم المجتمعات الأخرى وهو زواج البدل وزواج الاطفال لأتاحه الفرصة لاستلام بطاقات تموين وشؤون اجتماعية وكذلك فوارق العمر وزواج كبار السن ببنات لا يتجاوزن عمر الطفولة .
هذا وهناك أسباب وعوامل أخرى للطلاق كأن يكون الزوجين يعملان ويحصلان على رواتب شهرية منتظمة ويتوقف الرجل عن العمل لأسباب مختلفة كأن يُفصل من عمله أو ينتهي عقد عمله وتصبح الاسرة تعتمد على راتب الزوجة التي يضايقها ذلك خاصة عندما لا تكون لديها الانتماء الكافي اتجاه الأبناء والزوج وكل ما يهمها أن تعيش الحياة التي نشأت عليها من البذخ وعدم تحمل المسؤولية وهي تعتبر أن راتبها ملكها الشخصي وأن مسؤولية البيت ومصاريفه تقع على الزوج غير القادر لتأمين مصاريف البيت والأبناء خاصة عندما يكونوا في المدارس فتبدا المشادات الكلامية التي تتصاعد إلى حد الإهانات والاستفزازات التي قد تصل لحد الاعتداءات الجسدية فتصبح الحياة بين الزوجية مستحيلة فيقع الطلاق بينهما ..
هناك عوامل جديدة تواكب الاستخدام غير المتوازن لوسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها ومسمياتها عندما لا يقوم الزوج أو الزوجة بتنظيم أوقاتهما مما قد يتسبب في أهمال أو عدم تدارك حقوق كل منهما على الآخر فتُهمل مصالحهما واحتياج كل منهما للأخر من تحضير الطعام والملابس والزيارات والمجاملات الاجتماعية وكأن لكلٍ منهما عالمه الآخر وأصدقاء وصديقات يخفيهم كلٍ منهم عن الآخر ، وهناك كثير من الحالات و هذه الصداقات نتج عنها حالة حب أنفضح أمرها وتسببت في الطلاق ..
الأبناء هم الأكثر تضرراً من حالات الطلاق خاصة إذا ما مضى كل من الزوجين إلى غايته ورغباته فينهار البنيان الأسري بمفهومه السامي ويصبح الأبناء إن كانوا أطفالاً أو شباباً في حالة توهان وضياع تنعكس على حياتهم ومستقبلهم إن كان مستقبلهم الدراسي أو الاجتماعي حيث يصبحون أكثر إنطواءاً وعزلةً لتجنب الحديث مع الناس واستفزازاتهم ... خاصةإذا م أقدم الزوجان أو أحدهم على الزواج لملء الفراغ الذي تركه الطلاق في حياته ، و هنا تزداد الحياة داخل الأسرة سوءاً لوجود عناصر غريبة إن كان بدلاً عن الاب ، أو عن الأم ، أو وجود أخوة وأخوات منهما غير مرغوب بهم .

اخر الأخبار