الحراك الانتفاضي في الضفة الغربية بين مطرقة الاحتلال وسندان السلطة..ما العمل ؟؟

تابعنا على:   00:28 2018-12-15

عليان عليان

من يتتبع المشهد الشعبي الفلسطيني المقاوم، في الضفة والقطاع وفلسطين المحتلة عام 1948 من جهة ، ومن يتتبع العمليات الفدائية الجريئة في الضفة الغربية المقاومة ، عوفرا "1" وسرعة الرد على اغتيال الشهيدين أشرف نعالوة وصالح البرغوثي في عملية عوفرا "2" -تلك العملية التي قلبت فرح نتنياهو وتبجحه إلى مأتم- وما رافق ولا يزال يرافق هذه العمليات من حراك شعبي ملتهب في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية من جهة أخرى.
ومن يتتبع أيضاً تصعيد الكيان الصهيوني إجراءاته الاحتلالية ، يخرج بنتيجة أن فلسطين تعيش ارهاصات انتفاضة جديدة، تحاكي انتفاضتي الحجارة والأقصى ، تحاكي الانتفاضة الأولى في 8 ديسمبر 1987 من زاوية بعدها الشعبي المقاوم ،اعتماداً على آليات نضال شعبية" إضرابات ، مواجهات بالحجارة والمولوتوف ، مظاهرات ، عصيان مدني"، وتحاكي الانتفاضة الثانية التي جمعت بين البعدين العسكري المقاوم ، والبعد الشعبي .. يخرج بنتيجة أن الانتفاضة الثالثة- في حال حدوثها- ستجمع بين سمات الانتفاضتين الأولى والثانية، وإن كانت تتميز بتطور جديد، ألا وهو مسيرات العودة وكسر الحصار غير المسبوقة في قطاع غزة ، التي بدأت تشق طريقها لتنتقل إلى الضفة الغربية ، وبأن من يتقدم صفوفها هو الجيل الذي ولد بعد توقيع اتفاقات أوسلو 1993.
الإجراءات الاحتلالية في العامين الأخيرين وصلت الذروة ،من حيث تصعيد وتيرة الاستيطان وتصعيد إجراءات تهويد القدس، واقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى ، ودخول صفقة القرن التصفوية في السياق الإجرائي ، ممثلة بنقل السفارة الأمريكية للقدس ، وإعلان الولايات المتحدة عن خطة لتصفية وكالة الغوث ووقف تمويلها ، وتشريع الكنيست الصهيوني قانون القومية اليهودي العنصري ، والهجمة الاعتقالية الهائلة بمعدل (3000) حالة اعتقال شهرية للشبان العرب ، بعضهم يمكث في المعتقل إدارياً ، والبعض يحقق معه ويطلق سراحه ، والبعض يحكم عليه بعدد من السنوات...كل هذه العوامل شكلت سياقاً تراكمياً أوصل الأمور إلى نقطة التحول العليا في الأزمة، التي تنتظر صاعق التفجير وشرارة اللهيب.
وإذا كان دهس العمال العرب في قطاع غزة عام 1987 ، عند حاجز " بيت حانون- إيريتز " شكل صاعق التفجير وشرارة البدء للانتفاضة الأولى ، وإذا كان حادث اقتحام شارون للمسجد الأقصى بمثابة صاعق التفجير وشرارة البدء لانتفاضة الأقصى 2000م ، فإن اغتيال البطلين الشهيدين أشرف نعالوة " منفذ عملية (مستوطنة بركان) وصالح البرغوثي بطل عملية عوفرا (1) بات يمثل صاعق التفجير للانتفاضة الثالثة.
ما يجب الإشارة إليه هنا، أن الانتفاضة الراهنة التي تتبلور ملامحها هذه الأيام، تشكل أيضاً تتويجاً لهبات شعبية سابقة ، وأبرزها :
1-هبة الدهس والسكاكين التي أدمت الاحتلال عام 2015 ،وكانت مرشحة لأن تكون انتفاضة عارمة ، لولا إجهاضها من قبل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية - وفي الذاكرة تصريح مدير مخابرات السلطة، بأنه تمكن في العام المذكور من إجهاض ما يزيد عن عملية 200 عملية فدائية- ولولا خذلان معظم الفصائل لها ، وتعاملها معها أنها مجرد هبة عابرة .
2- هبة القدس في يوليو / تموز 2017 رداً على نصب العدو بوابات الكترونية على مداخل المسجد الأقصى ، والهبات اللاحقة بعد الإعلان عن صفقة القرن، وقيام الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها للقدس واعترافها بأن القدس عاصمة موحدة وأبدية للكيان الصهيوني.
3- الدور المؤازر للمقاومة في قطاع غزة وفي الضفة الغربية من قبل أبناء شعبنا في مناطق 1948 ، والذي تمثل في مظاهرات الدعم والتأييد التي انطلقت أكثر من مرة من مدينة حيفا بمشاركة قوى وحزاب لجنة المتابعة العربية .
إن تفعيل الحراك الانتفاضي الشعبي الملتهب في الضفة الغربية ، المقترن بمسيرات العودة غير المسبوقة ، وبالانتصار الحاسم الذي حققته المقاومة في قطاع غزة ، يقتضي من فصائل المقاومة الفلسطينية والمؤسسات الشعبية الفلسطينية، أن تبادر إلى تشكيل لجان شعبية في كافة أحياء مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية ، وتوفير كل سبل الدعم لها ، وإلى تشكيل قيادة وطنية موحدة ببرنامج سياسي موحد ، يستهدف قبر اتفاقات وسلو وصفقة القرن ودحر الاحتلال والاستيطان ، قيادة وطنية موحدة، تتجاوز الثغرات التي شابت دورها ودور الفصائل في انتفاضتي الحجارة والأقصى التي نذكر منها – على سبيل المثال لا الحصر-: ميل بعض القوى للتفرد والهيمنة ،واستمرار أمراض الفئوية والعصبية التنظيمية ، التعامل مع اللجان الشعبية بعقلية فصائلية، وأن البرامج التنظيمية للفصائل لم تساير الحس الجماهيري ، ولم تتلاءم مع الارتقاء السريع الذي طرأ على الاستعداد الجماهيري للتضحية .
كما يتوجب على القيادة الموحدة – في حال تشكلها- أن لا تسمح باستثمارها من قبل أرباب نهج التسوية ، الذين قبروا الانتفاضة الأولى باتفاقات أوسلو ، وقبروا انتفاضة الأقصى بخطة ميتشيل وخارطة الطريق.
وأخيراً ما يجب الإشارة إليه هنا أن الخطر الذي يتهدد الحراك الشعبي الانتفاضي ، يكمن في دور السلطة الفلسطينية ونهج التنسيق الأمني ، فالسلطة أعلنت أكثر من مرة على لسان رئيسها " بأنها لن تسمح باندلاع انتفاضة جديدة " " وأن التنسيق الأمني مقدس " ناهيك أنها لم تمتثل لقرارات المجلس المركزي بشأن إلغاء التنسيق الأمني ، وإلغاء اتفاقات أوسلو واستحقاقاتها وإلغاء اتفاق باريس الاقتصادي.
ولعل تتبع موقف السلطة الفلسطينية ، إثر عمليتي عوفرا البطوليتين ،يكتشف حقيقة موقف السلطة من الانتفاضة ، فمكتب الرئاسة أصدر بياناً يدين العنف من الجانبين ، مساوياً المقاومة ضد الاحتلال بجرائم الاحتلال .
كما أن التصريح الذي أدلى به مدير الشرطة الفلسطينية اللواء حازم عطا الله لإذاعة جيش العدو" جالي تساهل" يوم الجمعة 14-12-2018 ،يكشف حقيقة تواطؤ أجهزة أمن السلطة ضد المقاومة ، فقد جاء في التصريح ما يلي : " تواجد الجيش الإسرائيلي في محافظة رام الله، تم بالتنسيق معنا، ودخولهم لداخل المدن يتم ضمن اتفاقات موقعة بيننا وبينهم، ويخدم المصلحة العامة بين الجانبين ، وسنعمل على توفير الأمن ، ولن ندخر جهداً في كشف منفذ عملية سلواد ، وتسليمه إلى الجانب الإسرائيلي لتجنب الصدامات".
ولعل القمع المنفلت من عقاله من قبل الشرطة الفلسطينية ، لمسيرة الخليل اليوم الجمعة 14-12 – 2018 ، "نصرةً للأقصى" ،يؤشر إلى قرار حاسم من قبل أجهزة أمن السلطة بعدم تحول الحراك الشعبي الملتهب في الضفة الغربية، إلى انتفاضة تقبر اتفاقات أوسلو والتنسيق الأمني وصفقة القرن التصفوية .
ويبقى السؤال هنا : ما هو دور فصائل المقاومة في لجم نهج التنسيق الأمني المناهض للمقاومة وللانتفاضة ؟ سؤال برسم الإجابة لدى الفصائل وكافة القوى الحية في شعبنا.
انتهى

اخر الأخبار