حل "التشريعي" الفلسطيني والانتخابات الفورية

تابعنا على:   13:19 2018-12-14

حافظ البرغوثي

أعاد تهديد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحل المجلس التشريعي الأسبوع الماضي، إذا لم ترضخ حركة حماس لاتفاق تنفيذ المصالحة، الجدل مجدداً حول ما إذا كان عباس مخولاً قانونياً بذلك. والواقع أنه بموجب القانون الأساسي الفلسطيني المعدل الذي أقيمت على أساسه السلطة الفلسطينية لا يستطيع أي كان حل المجلس لأن المجلس سيد نفسه وقد انتزع أبو عمار تأسيسه انتزاعاً لأنه غير منصوص عليه في اتفاق أوسلو. فالمجلس قانونياً سيد نفسه، لكن الجدل ما زال قائماً حول ما إذا كان المجلس الحالي يستحق البقاء أم انتهى مفعوله وصلاحيته قانونياً!
بعيداً عن النصوص القانونية، فإن النظم الديمقراطية عادة تنص دساتيرها على أن المجلس المنتخب يجب أن يكون فاعلاً وأن تكون مدته محددة، وفي هذه الحالة فإن المجلس التشريعي الفلسطيني فقد شرعيته لأنه معطل منذ انقلاب حركة حماس في غزة على حكومة الوحدة الوطنية التي شكلتها برئاسة إسماعيل هنية ضمن اتفاق مكة المكرمة. والحقيقة أنه لم يعد هناك ما هو قانوني في الحياة السياسية الفلسطينية منذ الانقلاب لا في غزة حيث تمارس حركة حماس الحكم حسب منطقها كسلطة تستحوذ على كل شيء ولا تقدم لمن تحكمهم أي خدمات بل تدفعهم ضرائب على خدمات يقدمها غيرها، ولا في الضفة حيث تمركزت كل السلطات بيد الرئاسة ومن ضمنها سلطة المجلس التشريعي في إصدار القوانين بمرسوم. لذلك فالحالة الديمقراطية الفلسطينية متوقفة منذ 2007 وهي رهن بحوارات واتفاقات المصالحة التي لا يبدو أنها ستنجح مطلقاً.
لكن هناك من يقول إن المجلس المركزي لمنظمة التحرير يستطيع بعد أن فوضه المجلس الوطني أن يحل «التشريعي» لأن من أنشأ يملك الصلاحية في الحل ومنظمة التحرير هي التي أنشأت السلطة الفلسطينية، والمجلس المركزي هو الوسيط بين الوطني واللجنة التنفيذية لكن هذا الطرح يستوجب حل كل الأطر الأخرى، أي السلطة ككل وهو طرح متطرف لا سند قانونياً له.
عموماً يبقى موضوع حل المجلس التشريعي عرضة للأخذ والرد قانونياً، لكن على الأرض، فإن المجلس يعتبر لاغياً وفاقداً لشرعيته والجدل حول حله أو عدم حله مضيعة للوقت حتى ولو طرح الأمر على المحكمة الدستورية فهي قادرة على إيجاد مخارج موضوعية وقانونية لحله. إن المجلس الحالي يعتبر غير شرعي ولا سند قانونياً يدعم بقاءه عملياً. فقد شهد قطاع غزة بالتحديد ثلاث حروب كارثية بعد الانقلاب ذهب ضحيتها أكثر من خمسة آلاف شهيد إضافة إلى تدمير أكثر من 30 ألف منزل وتدمير البنية التحتية والمزارع وخنق غزة اقتصادياً، عدا الجرحى والمعاقين، ومع ذلك ينتقد ناطقون من «حماس» حل المجلس بينما صرحوا بعد تشكيلهم حكومة بمفردهم بعد الانتخابات بأن حكومتهم آخر الحكومات وأن الانتخابات الأخيرة آخر الانتخابات. وحتى عندما حاول المصريون تطبيق اتفاق المصالحة العام الماضي وتسليم الصلاحيات لحكومة الوفاق التي شاركت «حماس» بتسمية أعضائها قالوا تركنا الحكومة وبقينا في الحكم، أي أن الإدارة التي شكلوها في غزة ستبقى تأتمر بأمرهم فقط. فالتوجه الأكيد لدى «حماس» حالياً هو أن يكونوا بديلاً للمشروع الوطني الفلسطيني بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويبحثون بواسطة قطر عن دولة غزة فقط وهدنة طويلة الأمد مع الاحتلال. لكن كل هذه الترهات لا تعفي السلطة الفلسطينية من التخاذل منذ البدء بشأن التعاطي مع الانقلاب وتركت الأمر بيد حمد بن جاسم الذي زار غزة قبل الانقلاب بأسبوعين وكأنه يمهد له، وتولى مهمة الوساطة بين الرئيس الفلسطيني وحركة حماس بعد الانقلاب طارحاً حلولاً لصالح «حماس».
من ناحية أخرى فإن حل المجلس التشريعي يجب أن تعقبه انتخابات رئاسية وتشريعية للعودة إلى الحياة الديمقراطية، وبالطبع ستعارض «حماس» الحل وكذلك الانتخابات دون مصالحة رغم أنها تعارض المصالحة فعلياً. وسبق لها أن وافقت على المصالحة بوساطة قطرية في الدوحة لكنها طلبت تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر واشترطت خوض الانتخابات التشريعية بقائمة مشتركة مع حركة فتح أي تقاسم المقاعد قبل الانتخابات لكنها تراجعت لاحقاً والجواب لدى أمير قطر الحالي الذي توسط واقترح.
والخلاصة: إن أي حل للتشريعي يجب أن تتلوه انتخابات شاملة بتاريخ محدد في الضفة مع حجز نسبة مقاعد لغزة وفقاً لعدد السكان، أما حل التشريعي وتركيز السلطات في يد الرئاسة فهذا أيضاً إجراء غير ديمقراطي ولا يمكن الركون إليه.

عن الخليج الإماراتية

اخر الأخبار