آراء تربوية حول توثيق العلاقة بين المدرسة والمجتمع المحلي

تابعنا على:   14:55 2018-11-21

إلهام أبو حجر

تمهيـــــــــــــــــــد:
لقد اخترت موضوع (المجتمع المحلي وعلاقته بالمدرسة وكيفية توثيق العلاقة بينهما) إيماناً مني بأهمية هذا الموضوع على مستوى العالم الإسلامي بعامة والعربي التي نهضت فيه الثورات بصفة خاصة، ونخص بالذكر فلسطين الحبيبة، إذ أن فلسطين وخاصة قطاع غزة في الوقت الراهن مقبلٌ على مرحلة حرجة من بناء وتشييد، فما أحوجنا إلى تكاثف الجهود على كل المستويات، وكل الجبهات لبناء وتعمير هذا الوطن المتهالك الذي خربته أيدي المفسدين طوال عقودٍ وعقود.
إن المدرسة هي مؤسسة تم انشاؤها بهدف تعليم الأطفال، بالإضافة لكون الالتحاق بها يمنح الطالب أفضل بداية ممكنة لحياته ويؤهله لمستقبل جيد ومثمر، فهي المؤسسة الأمنية التي أولاها المجتمع ثقته العالية في رعاية النشء وتربيتهم، وهي تلعب دوراً رائداً في تحسين البرامج والأنشطة التربوية.
وكما هو معروف لنا فإن المجتمع المحلي ما هو إلا عبارة عن مجموعة من الأفراد يعيشون في بيئة واحدة تجمعهم قيم وعادات وتقاليد واحدة، ولهم تخصصات مختلفة ومتكاملة ولكل منهم هدفه الخاص ضمن الإطار العام للأهداف وتطلعات المجتمع ويؤثرون ويتأثرون بالمدرسة الموجودة ضمن بيئتهم.

إن العلاقة الوثيقة ما بين المدرسة والمجتمع فكيف بنا أن ننهض بأنفسنا ومجتمعنا ومدرستنا وطلابنا وواقعنا أليمٌ يدمي القلوب، وتدمع له العيون، فدعونا ننظر إلى الواقع في قطاع غزة وبالتحديد منطقة الشمال العزة والكرامة.
حيث خروج الطلاب بشكل ملحوظ من المدارس ظناً منهم أنهم بذلك يدعمون القضية الفلسطينية، ويقتربون من طريق النصر والتحرير متناسيين أن طريق التحرير بالعلم والقيم يكون أقصر من طريق البندقية.

فما أسباب خروج الطلاب من المدارس بشكل مستمر؟
كلما اقترب موعدٌ أو مناسبة وطنية، أو حدث توتر على الصعيد السياسي هب جيل المستقبل من مضجعه تاركاً مقاعد الدراسة، خارجاً إلى الشارع ملقياً كل ما يجده أمامه من حجارة أو زجاج على المدارس، أو حتى إشعال الإطارات على أبوابها وبداخلها، المدارس التي هي منارة العلم، وصانعة المستقبل الواعد.
فلماذا كل هذا العنف الذي يحمله أطفالنا، ولماذا كل هذه الكراهية تجاه مدارسهم، إننا ندرك تماماً بأنهم غير واعين بأفعالهم الصبيانية التي نتجت عن طيش الشباب وظروف الحياة الصعبة التي يمرون بها
إن خروج الطلاب من المدرسة خطراً كبيراً على المسيرة التعليمية، وكذلك فيه هدم لجميع القيم النبيلة وإرهاق للمنظومة التربوية من جميع جوانبها.

اسمحوا لنا أن نحسب ساعات خروج الطلاب من المدرسة دون أي سبب سوى قلة الوعي لدى كل من (الطلاب وأولياء أمورهم) ففي العام الماضي 2017/2018 تعطلت الدراسة في (ثلاثة عشر مدرسة) عن الدوام ما يقارب 8 أيام، أما العام الحالي 2018/ 2019 (شهري سبتمبر + أكتوبر) فتعطلت الدراسة يومين، بينما يقضي الطالب 6ساعات دراسية يومياً، إذا فقد خسر الطالب ما يقارب 60 ساعة دراسية على مدار الفترة السابقة، عوضاً عن الأذى الذي يصيب المدارس والتخريب والعبث بمرافقها، لو أن هذه الساعات فقدت في الدول المتقدمة لأقامت الدنيا ولم تقعدها، وحاسبت وزير التربية والتعليم وغيره من المسئولين وكل من له صلة على هذه الساعات المهدورة.
أما نحن هنا يخرج الطلاب رغماً عن إدارة المدارس ومعلميها دون أدنى مسئولية من أحد سوى بعض المحاولات الخجلة من بعض أعضاء المجتمع المدرسي.
فإلى متى هذا التسيب والانفلات التربوي الذي يضر بنا وبمستقبل هذا البلد الحزين.
" أفيقوا يا أمة الإسلام لواقع طلابنا وشبابنا، فالوطن بحاجة إلى بناة للمستقبل"

ما أسباب حدوث تلك الظاهرة؟
إن خروج الطلاب من المدارس وسلوكهم السيئ تجاه مدارسهم يكاد ينحصر في الأسباب التالية:
-عدم وجود توعية شاملة ومستمرة للطلاب وتثقيفهم من قبل الأهل بأهمية الدراسة، وأهمية احترام المدرسة والمعلم والزملاء.
-الوضع السياسي الراهن الذي كان كفيلاً أن يصبغ سلوك الطلبة بصبغة العنف والتمرد الغير مسئول.
-البيئة الأسرية المفككة أو السيئة التي تؤثر على سبوك الطالب، بسبب إهماله وعدم تربيته بالشكل السليم.
-تدني المستوى المعيشي والاقتصادي لدى الطلبة وعدم القدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية.
-عدم وجود رادع قوي من قبل المسئولين تجاه تلك الأعمال.
-العادات القبلية السائدة في تلك المنطقة والتي لها تأثير سلبي على تربية الأبناء.
-الاستهتار بأهمية العملية التعليمية من قبل البعض، والتقليل من أثرها في رفعة الأمم ورقيها.


تصور مقترح للحد من هذه الظاهرة:
لابد من دراسة معمقة لوضع حلول عملية تحد من هذه الظاهرة السلبية وترفع من مستوى طلابنا وتزيد من وعيهم وثقافتهم وإليكم المقترحات التالية:
•ضرورة تكاثف الجهود من جميع المستويات تبدأ من أعلى الهرم إلى أدناه، والالتفاف حول قضيتنا العادلة بنظرة ثاقبة.
•توعية أولياء أمور الطلبة بخطورة الوضع الراهن وأثره على مستقبل أبنائهم.
•التنسيق مع جميع الجهات وعلى رأسها الشرطة لحماية المؤسسات التعليمية، وتحييدها سياسياً، واخراجها من دائرة العنف في المنطقة، والحد من خروج الطلبة من أثناء ساعات الدوام.
•محاسبة كل من يشارك في هذا العمل الوضيع الذي من شأنه تدمير أمم ومجتمعات بأكملها.
•التواصل الفاعل مع أعضاء المجالس المدرسية لوضع رؤية مشتركة تجاه هذا الواقع المؤلم، وتشكيل فرق من أولياء أمور الطلاب أنفسهم للتصدي لهذه الظاهرة.
•تحريم هذه الأعمال من قبل رجال الدين لما لها من تعارض مع ديننا الإسلامي الذي حثنا على أهمية العلم والتعليم واحترام المعلم.
•نشر الوعي بين الطلاب وذويهم لأهمية العلم والتعليم ودوره في رفعهم وتغيير أحوالهم المعيشية، وتفعيل دور المساجد والتأكيد على ذلك خلال الخطب والندوات.
•دراسة أوضاع الطلبة المشاركين في هذا العنف ومحاولة تلبية احتياجاتهم قدر المستطاع كي يتمكن الطالب من القدوم إلى المدرسة بجهورية عالية، وهمة قوية.
•تنمية دور المدرسة في المجتمع وتقوية مكانتها التربوية والثقافية والاجتماعية.
•تعزيز التعاون والتكامل بين المدرسة والمصالح الحكومية والأهلية المحلية ذات الصلة بما يعود على الطلاب بالخير في حاضرهم ومستقبلهم التعليمي والمهني.

اخر الأخبار