حذار من "رسائل عبرية" مسمومة!

تابعنا على:   08:37 2018-11-18

كتب حسن عصفور/ تأكيدأ أن "الغزوة الغزية" أحدثت "إرباكا سياسيا" ملموسا لدي الكيان الإسرائيلي، خاصة بعد إستقالة وزير الجيش ليبرمان، وفتحه الباب لفرض حل الكنيست على طريق إجراء إنتخابات عامة، وبلا أدني شك فتلك مسألة سياسية يمكن لفصائل القطاع أن ترى فيها كل ما يحلو لها القول، لكن الجوهري دراسة ما هي مسببات تلك "الهزة" والى أين تقود.

ومتابعة لما تنشره وسائل الاعلام العبرية، وتصريحات لبعض ساسة وعسكريين مما أنهوا عملهم، يلاحظ أن هناك "تضخيما غير طبيعي" لنتائج تلك "الغزوة الغزية"، وصلت الى أن يصدر عسكري سابق بأنها أسوء ما حدث لإسرائيل بعد حرب أكتوبر 73، وقطعا لا يمكن لعاقل سياسي أي كان "هواه الفصائلي"، ان يرى في هذا الكلام سوى شكلا من أشكال الخزعبلات الإفتراضية، والتي لا أصل لها سوى خدمة التحريض العنصري ضد القطاع.

دون أي استخفاف بالضربات الصاروخية نحو بلدات جنوب الكيان، فهي لم تحدث يما يمكن وصفه بالهزة الجذرية خسائرا وتدميرا وقتلا، وتلك ليس سوى عملية احصائية لا غير، لكنها كانت ضربات أكثر دقة مما سبقها، وأحدث "صاروخ الجهاد" الجديد ما يمكن وصفه بالتطور الأبرز في هذه المرحلة.

ومع ذلك، فالتصريحات العبرية من اي جهة كانت بينها ناظم أساسي، تضخيم الى الحد الأقصى من نتائج الحدث، للنيل من نتنياهو وتحالفه، خاصة وأنه لا زال المفضل لدى الناخب الإسرائيلي، رغم كل ما ينشر عن فساده وأسرته والمقربين منه، لم تتمكن قوى معارضته أن تسجل تقدما يمكن حصاره، بل العكس تماما فـ"المعسكر الصهيوني" وقوته الرئيسية حزب العمل، الذي كان الحاكم بأمره يتراجع سريعا جدا في المشهد الإسرائيلي، ولذا جاءت غزوة غزة ومظهر وقف العدوان المفاجئ، الذي أدى لاستقالة ليبرمان، فرصة لكل خصوم نتنياهو لفتح باب المزيدات وصلت الى وصفه بأنه إنهزم أمام غزة.
كلام يرضي جدا، "غرور البعض" الفلسطيني، وخاصة في حماس ومحيطها السياسي ووسائله الاعلامية، لتصاب بحالة من "الهوس الانتصاري" دون تحديد، ولولا الخجل ربما لأعلنوا بداية معركة تحرير تل أبيب، رغم أنهم لا زالوا يبحثون كيف يمكن إدخال الوقود الى قطاع غزة!

من حق الفصائل الغزية وخاصة فصيلي الحسم العسكري، حماس والجهاد، أن تنتشي بما لها من قدرة عسكرية، وأنها باتت تمتلك سلاحا يمكنه أن يربك العدو، دون أن تذهب بعيدا، في تصديق كل ما يصلها عبر الاعلام العبري.

من المفارقات العجيبة في المشهدد الفلسطيني، أنه يعتاش على ما يصدر من داخل الكيان، دون أن تقف تلك القوى عند محطات تقيمية حقيقية للحدث الهام، ولم نسمع أو نقرأ عن "لقاء سياسي - أمني" لتقييم شامل للغزوة الغزية، ما لها وما عليها، وأين كان صوابا وأين كان خطأ يجب تقويمه، وبدلا من ذلك إنشغل الجميع بنشر تصريحات "الهزيمة الكبرى" للكيان، وكأننا على أبواب نصر مبين.

كان الأجدى بدلا من إعادة ترداد ما ينشر "عبريا"، أن يكون هناك رؤية جادة ومسؤولة للحدث، وأن لا تقف المسألة عند حدود "خطابات" نارية لها وعليها، لكنها تبقى خطابات معنوية لا قيمة لها في سياق التقييم العملي والمسؤول.

كان يجب أن تتساءل قيادة العمل في قطاع غزة، السياسية - الأمنية، عن مسببات تلك الحملة الاعلامية، وما هي الدوافع الحقيقية لها، وترى في جوهرها دعوات عنصرية للتطرف والعدوان، وأن الخيط الرئيسي لها، تحريض صريح على مزيد من الحرب والعدوان، وأن وقف اطلاق النار هو "الجريمة"، وهذا بذاته هو الخطر العملي الذي يتم تجاهله لصالح البحث عن "نصر" غالبه وهم لا أكثر.

المعركة في الكيان بين "معسكر الإرهاب" وليس غيره، معركة الدفع بشن حرب تدميرية شاملة، لا يجب أن تقف عند حدود، معركة تبحث الضغط نحو حملة إغتيالات جديدة.

بعضا من "التدقيق السياسي" ليس عيبا أو مسا بكرامة الفصائل، لكنه تقدير واحترام لمن يدفع ثمنا يوميا حصارا وقتلا وتدميرا.

ليت قيادات الفرح المستمر تقدم خطوة عملية ملموسة كانت نتيجة لذلك "النصر المبين"، بدلا من كل "الوعود التاريخية" بأنها سوف تعمل ولو حدث سيكون لنا قولا..

الطريق الى الصواب السياسي يجب أن يمر عبر تقييم حقيقي لنتائج المعركة بكل أبعادها، تحضيرا لما سيكون سلما أم حربا، تهدئة أم اشتعالا، حراك عملي وليس خطابات لغوية..

تلك البداية، وحاذروا فخ التصريحات العبرية فكلها تبحث عن خراب جديد!

ملاحظة:  أليس مثيرا أن لا تقرأ بيانا سياسيا مشتركا بين الفصائل في قطاع غزة عن ما حدث، خاصة مع افتخار السنوار بانجاز الغرفة العسكرية المشتركة..معقول سقط سهوا من ذاكرتهم التي باتت مشبعة بكلام غير الكلام!

تنويه خاص: لو صدق القول أن طالبا متفوقا تم فصله من كلية الشرطة في الضفة لإنتماء والديه للجبهة الشعبية، كما أعلنت والدته، فنحن هنا أمام جريمة وطنية وأخلاقية، يجب أن لا تمر صمتا!

اخر الأخبار