حقبة ما بعد خاشقجى

تابعنا على:   14:47 2018-10-22

أحمد عبد التواب

حادثة مقتل جمال خاشقجى فى القنصلية السعودية فى اسطنبول، ثم نجاح الأجهزة التركية فى جمع الأدلة الثبوتية، ثم الحملة الدولية غير المسبوقة، ثم إقرار السعودية بصحة الواقعة، حتى مع الاختلاف فى تفاصيل كثيرة عما توصلت إليه تركيا، مع نتائج أخرى لا تزال تتفاعل، كل هذا ينقل كثيرا من الدول العربية إلى حقبة جديدة مختلفة، أهم ملامحها أنه صار للتدخلات الأجنبية المباشرة والعلنية فى الشئون المحلية لبعض الدول شرعية عملية يصعب التصدى لها بحجة السيادة الوطنية كما كان يحدث قبلا. وأيضا، لم يعد من السهل وصم المواطنين الذين يرحبون بالتدخل الأجنبى بالخيانة، ما دام أن أنظمة هذه الدول لا تنصت لمطالب مواطنيها ولكنها ترضخ لنفس المطالب إذا جاءت من الخارج!

وفى كل الأحوال، فإنه ينبغى التفريق، من ناحية، بين دور بعض المؤسسات الحقوقية فى الغرب التى يخلص نشطاؤها فى رسالتهم، والتى لا تفيد عملياً إلا إذا تماست شعاراتها مع مصالح النظم القوية، ومن ناحية أخرى، الحكومات الغربية التى لا يصح الاطمئنان إلى نواياها ولا الانزلاق فى أوهام أنها مشغولة حقاً بالإصلاحات التى تطالب بها النخب العربية لشعوبها، لأن هذه الحكومات تهتم فقط بما يلبى مصالحها الآنية والمستقبلية. وأما فى الحقبة الجديدة، فقد صار من حق الغرب أن يسعد لأن آلية جديدة لصالحه أتيحت دون أن يبذل مجهودا. وأما تركيا، فيبدو حتى الآن أنها أيضا أجادت الاستفادة إلى حد كبير مما حدث، بإنجاز أهداف متعددة، منها تذويب بعض الجمود مع أمريكا بالتعاون فى قضية تهمها، وكذلك مع أوروبا. وأما إيران الصامتة فقد كسبت كثيراً بإضعاف أقوى منافسيها فى الإقليم.

وأما الصحفيون العرب، فمن الممكن أن تتحسن أوضاعهم، بعد نجاح الحملات المكثفة تحت شعار التصدى لعدوان جسيم على أحد الزملاء، مما يجعل على الكثير من الدول العربية أن تبادر من الآن لتطبيع علاقاتها مع الصحفيين والإعلاميين، وإلا فإن الحقبة الجديدة قد تفرض عليها أن تقوم بالمطلوب تحت ضغط تجلت بعض مؤشراته فى واقعة خاشقجى.

عن الأهرام

اخر الأخبار